إعلموا ـ رحمكم الله ـ أن غسل الجنابة فريضة من فرائض الله جل وعز وأنه ليس من الغسل فرض غيره (1).
وباقي الغسل سنة واجبة، ومنها سنة مسنونة، إلاّ أن بعضها ألزم من بعض وأوجب من بعض.
فإذا اردت الغسل من الجنابة، فاجتهد أن تبول حتى تخرج فضلة المني في إحليلك، وإن جهدت ولم تقدر على البول فلا شيء عليك وتنظف موضع الأذى منك، وتغسل يديك إلى المفصل ثلاثاً قبل ان تدخلها الإناء، وتسمي بذكر الله قبل إدخال يدك إلى الإناء، وتصب على رأسك ثلاث أكف، وعلى جانبك الأيمن مثل ذلك، وعلى جانبك الأيسر مثل ذلك، وعلى صدرك ثلاث أكف وعلى الظهر مثل ذلك، وإن كان الصب بالإناء جاز الإكتفاء بهذا المقدار والإستظهار فيه إذا أمكن (2).
وقد يروى: تصب على الصدر من مد العنق، ثم تمسح سائر بدنك (3) بيديك، وتذكر الله فإنه من ذكر الله على غسله وعند وضوئه طهر جسده كلّه، ومن لم يذكر الله طهر من جسده ما أصاب الماء (4).
وقد نروي: أن يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ـ ويروى ـ: مرة مرة يجزيه، وقال:الأفضل الثلاثة، وإن لم يفعل فغسله تام (5).
ويجزي من الغسل عند عوز الماء الكثير ما يجزي من الدهن (6)، وليس في غسل الجنابة وضوء، والوضوء في كل غسل ماخلا غسل الجنابة، لأن غسل الجنابة فريضة مجزية عن الفرض الثاني، ولا يجزيه سائر الغسل عن الوضوء لأن الغسل سنة والوضوء فريضة، ولا يجزي سنة عن فرض، وغسل الجنابة والوضوء فريضتان فإذا اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما (7).
وإذا اغتسلت بغير جنابة فابدأ بالوضوء ثم اغتسل (8)، ولا يجزيك الغسل عن الوضوء (9) فإن اغتسلت ونسيت الوضوء فتوضأ وأعد الصلاة.
والغسل ثلاثة وعشرون: من الجنابة، والاحرام، وغسل الميت، ومن غسل الميت، وغسل الجمعة، وغسل دخول المدينة، وغسل دخول الحرم، وغسل دخول مكة، وغسل زيارة البيت، ويوم عرفة، وخمس ليال من شهر رمضان: أول ليلة منه، وليلة سبع عشرة، وليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، ودخول البيت، والعيدين، وليلة النصف من شعبان، وغسل الزيارات، وغسل الاستخارة، وغسل طلب الحوائج من الله تبارك وتعالى، وغسل يوم غدير خم (10).
الفرض من ذلك غسل الجنابة، والواجب غسل الميت، وغسل الإحرام، والباقي سنة (11).
وقد يجزي غسل واحد من الجنابة، ومن الجمعة، ومن العيدين، والإحرام (12).
وقد روي: أن الغسل أربعة عشر وجهاً:
ثلاث منها غسل واجب مفروض، متى ما نسيه ثم ذكره بعد الوقت اغتسل، وإن لم يجد الماء تيمم، ثم إن وجدت الماء فعليك الإعادة.
وأحد عشر غسلاً سنة: غسل العيدين، والجمعة ويوم عرفة، ودخول مكة، دخول المدينة، وزيارة البيت، وثلاث ليال في شهر رمضان: ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، ومتى ما نسي بعضها أو اضطر أو به علة يمنع من الغسل، فلا إعادة عليه.
وأدنى ما يكفيك ويجزيك من الماء ما تبل به جسدك مثل الدهن (13).
وقد اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله وبعض نسائه بصاع من ماء (14).
وروي: أنه يستحب غسل ليلة إحدى وعشرين، لأنها الليلة التي رفع فيها عيسى ابي مريم صلوات الله عليه، ودفن أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهي عندهم ليلة القدر (15).
وليلة ثلاث وعشرين هي الليلة التي ترجى فيها، وكان أبوعبدالله عليه السلام يقول: « إذا صام الرجل ثلاثة وعشرين من شهر رمضان، جاز له أن يذهب يجيئ في أسفاره » (16).
وليلة تسع عشرة من شهر رمضان، هي الليلة التي ضرب فيها جدنا أميرالمؤمنين صلوات الله عليه، ويستحب فيها الغسل (17).
وميز شعرك بأناملك عند غسل الجنابة، فإنه نروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « تحت كل شعرة جنابة »، فبلّغ الماء تحتها في اُصول الشعر كلّها وخلل اُذنيك بإصبعك، وانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلاّ وتدخل تحتها الماء (18).
وإن كانت عليك نعل وعلمت أن الماء قد جرى تحت رجليك فلا تغسلهما، وإن لم يجر الماء تحتهما فاغسلهما.
وإن اغتسلت في حفيرة وجرى الماء تحت رجليك فلا تغسلهما، ( وإن كان رجلاك مستنقعتين في الماء فاغسلهما ) (19،20).
وإن عرقت في ثوبك، وأنت جنب وكانت الجنابة من الحلال فتجوز الصلاة فيه، وإن كانت حراماً فلا تجوز الصلاة فيه حتى تغتسل (21).
وإذا أردت أن تأكل على جنابتك فاغسل يديك، وتمضمض واستنشق، ثم كل واشرب إلى أن تغتسل، فإن أكلت أو شربت قبل ذلك أخاف عليك البرص، ولا تعد الى ذلك (22).
وإن كان عليك خاتم فحوله عند الغسل، وإن كان عليك دملج (23) وعلمت أن الماء لا يدخل تحته فانزعه (24).
ولا بأس أن تنام على جنابتك بعد أن تتوضأ وضوء الصلاة (25).
وإن أجنبت في يوم أو ليلة مراراً أجزاك غسل واحد،إلاّ أن تكون أجنبت بعد الغسل أو احتلمت، وإن احتلمت فلا تجامع حتى تغتسل من الإحتلام (26).
ولا بأس بذكر الله وقراءة القرآن وأنت جنب، إلاّ العزائم التي تسجد فيها، وهي: ( الم تنزيل )
، و(حم السجدة )، و( النجم )، وسورة ( اقرأ بسم ربك ) (27).
ولا تمس القرآن إذ كنت جنباً أو كنت على غير وضوء، ومسّ الأوراق (28).
وان خرج من إحليلك شيء بعد الغسل، وقد كنت بلت قبل أن تغتسل فلا تعد الغسل، وإن لم تكن بلت فأعد الغسل (29).
ولا بأس بتبعيض الغسل: تغسل يديك وفرجك ورأسك، وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة، ثم تغسل إن أردت ذلك. فإن أحدثت حدثاً من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك ـ من قبل أن تغسل جسدك ـ فأعد الغسل من أوله، فإذا بدأت بغسل جسدك قبل الرأس، فأعد الغسل على جسداك بعد غسل الرأس (30).
ولا تدخل المسجد وأنت جنب، ولا الحائض إلاّ مجتازين ولهما أن يأخذ منه وليس لهما أن يضعا فيه شيئاً، لأن ما فيه لا يقدران على أخذه من غيره وهما قادران على وضع ما معهما في غيره (31).
وإذا احتلمت في مسجد من المساجد فاخرج منه واغتسل، إلاّ أن تكون احتلمت في مسجد الحرام أوفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنك إذا احتلمت في أحد هذين المسجدين فتيمم ثم اخرج، ولا تمر عليهما مجتازاً إلاّ وأنت متيمم (32).
وإن اغتسلت من ماء في وهدة (33)، وخشيت أن يرجع ما تصب عليك، أخذت كفاً فصببت على رأسك،وعلى جانبيك كفاً كفاً، ثم امسح بيدك وتدلك بدنك (34).
وإن اغتسلت من ماء الحمام ولم يكن معك ما تغرف به ويداك قذرتان
فاضرب يدك في الماء وقل: بسم الله، وهذا مما قال الله تبارك وتعالى: ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) (35).
وإن اجتمع مسلم مع ذمي ( في الحمام ) (36) اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمي (37).
وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري، إذا كانت له مادة (38).
وإياك والتمشط في الحمام، فإنه يورث الوباء في الشعر (39).
وإياك والسواك في الحمام، فإنه يورث الوباء في الأسنان (40).
وإياك أن تدلك رأسك ووجهك بالمئزر (41) الذي في وسطك، فإنه يذهب بماء الوجه (42).
وإياك أن تغسل رأسك بالطين، فإنه يسمج الوجه (43).
وإياك أن تدلك تحت قدميك بالخزف، فإنه يورث البرص (44).
وإياك أن تضجع في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين (45).
واياك والإستلقاء فإنه يورث الدبيلة (46،47).
ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم تُرد به الصوت (48)، اذا كان عليك مئزر.
وإياك أن تدخل الحمام بغير مئزر فإنه من الإيمان (49)، وغض بصرك عن عورة الناس، واستر عورتك من أن ينظر اليه فإنه روي أن الناظر والمنظور إليه ملعون، وبالله العصمة (50).
____________
(1) ورد في الفقيه 1: 44|172، والمقنع: 12، والهداية: 19، والتهذيب 1: 110|287 و114|302.
(2) أورد الصدوق مؤداه في الفقيه 1: 46 عن رسالة أبيه، والمقنع: 12، والهداية: 20، والكافي 3: 43|1 و2 و3، والتهذيب 1: 131|363 و132|365 و133|368 و145|411 و412.
(3) ورد مؤداه في التهذيب 1: 132|364.
(4) ورد مؤداه في الفقيه 1: 31|102، والمقنع: 7، والتهذيب 1: 358|1074 و1076.
(5) ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، وعلل الشرائع: 287|2، والتهذيب 1: 148|422، 131|362.
(6) ورد مؤداه في التهذيب 1: 137|384 و138|385.
(7) ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، والهداية: 19 و20، والفقرة الاُولى من هذه القطعة « وليس في غسل الجنابة وضوء » ورد مؤداها في التهذيب 1: 139|389 و390 و392 و142|402 و403 وورد مؤدى الفقرة الثانية « والوضوء من كل غسل ما خلا غسل الجنابة » في الكافي 3: 45|13، والتهذيب 1: 139|391.
(8) الهداية: 20، وورد مؤداه في الكافي 3: 45|13، والتهذيب 1: 142|401.
(9) الهداية: 20.
(10) ورد مؤداه في الفقيه 1: 44|172، والهداية: 19، والكافي 3: 40|1 و2، والتهذيب 1: 104|270.
(11) ورد مؤداه في الفقيه 1: 45|176.
(12) ورد مؤداه في الهداية: 20، والتهذيب 1: 107|279.
(13) ورد مؤداه في الكافي 3: 21|1، والتهذيب 1: 137|384، من « وأدنى ما يكفيك ».
(14) ورد مؤداه في التهذيب 1: 378، والكافي 3: 22|5.
(15) ورد مؤداه في الفقيه 1: 45|176، والكافي 3: 40|2، والتهذيب 1: 114|302.
(16) ورد مؤداه في التهذيب 4: 216|626.
(17) ورد مؤداه في الفقيه 2: 100|446.
(18) الفقيه 1: 46، المقنع: 12، والهداية: 20، باختلاف يسير، وأما الحديث النبوي: « إن تحت كل شعرة جنابة » في الحدائق 3: 89 عن سنن ابن ماجة 1:196|597.
(19) ما بين القوسين ليس في نسخة « ض ».
(20) ورد باختلاف في الألفاظ من « وان كان عليك... » في الفقيه 1: 19|53، والكافي 3: 44|10 و11، والتهذيب 1: 132|366 و133|367.
(21) المقنع 14 عن رسالة أبيه.
(22) ورد مؤداه في الفقيه 1: 46، والمقنع: 13، والهداية: 20، والكافي 3: 50.
(23) الدملج: المعضد، وهو حلي يلبس في العضد انظر « القاموس المحيط ـ دملج ـ 1: 189 ».
(24) ورد مؤداه في الفقيه 1: 31|19، والمقنع: 6، والكافي 3: 44|6.
(25) ورد مؤداه في الفقيه 1: 47|180، والكافي 3: 51|10.
(26) الفقيه 1: 48، والهداية: 20.
(27) الفقيه 1: 48، والهداية: 20، والمقنع: 13.
(28) الهداية: 20، وورد مؤداه في المقنع: 13، والتهذيب 1: 127|344.
(29) المقنع: 13، والهداية: 21، وورد مؤداه في الفقيه 1: 47|186، والتهذيب 1: 144|406 و407 و408 والكافي 3: 49|1 و2 و4.
(30) أورده الصدوق في الفقيه 1: 49، عن رسالة والده.
(31) الفقيه 1: 48|191، والهداية: 21.
(32) الهداية: 21، وورد مؤداه في التهذيب 1: 407|1280، والكافي 3: 73|14.
(33) الوهدة: الأرض المنخفظة، « القاموس المحيط ـ وهد ـ 1|347 ».
(34) المقنع: 14، والفقيه 1: 11.
(35) المقنع: 13، والآية في سورة الحج 22: 78.
(36) ليس في نسخة « ش ».
(37) المقنع: 13 باختلاف في الألفاظ.
(38) ورد مؤداه في التهذيب 1: 378|1168 و1170.
(39) المقنع: 14 ـ عن رسالة والده.
(40) الفقيه 1: 64|243، وفي المقنع عن رسالة والده: 14.
(41) في نسخة « ض » « بمئزرك ».
(42) المقنع: 14 عن رسالة أبيه، وفي الفقيه باختلاف يسير 1: 64|243.
(43) الفقيه 1: 64|243، وفي المقنع عن رسالة أبيه: 14.
(44) المقنع: 14 عن رسالة أبيه، وفي الفقيه باختلاف يسير 1: 64|243.
(45) الفقيه: 1: 64|243، وفي المقنع عن رسالة أبيه: 14، مكارم الاخلاق: 53.
(46) في نسخة « ش »: « الدمبلة »، والدبيلَة: الطاعون وخراج ودمل يظهر في الجوف ويقتل صاحبه غالباً « مجمع البحرين ـ دبل ـ 5: 369 ».
(47) المقنع: 14 عن رسالة والده.
(48) المقنع: 14 عن رسالة والده.
(49) المقنع: 14 عن رسالة والده.
(50) تحف العقول: 11.

أضف تعليق