• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تذييل: فيه فوائد مهمه

تذييل: فيه فوائد مهمه

الفائدة الاولى
الاولى: ان الحب الغزير اذا خرج عن حد العاده المتعارفه كان في

غالب الناس موجبا للتعدى عن محض الحق والصفح عن المواساه و صرف الهوى نحو المحبوب، فان من عشق شيئا اعشى بصره و امرض قلبه الا من عصمه الله بمنه و فضله، لكن ما ذكر من حب النبى (صلى الله عليه و آله) لابنته و اولادها لما كان لله و من الله تعالى كان موجبا لصرفهم الى الله و قطعهم عن ملاذ الدنيا و تحمل المشاق و توجيههم الى مواساه الفقراء بالبر والاحسان و ان لم يكن على الوجوب و الالزام، فقد ورد

[ رواه الصدوق (عليه الرحمه) في الامالى باسناده عن محمد بن قيس، و نحوه في مكارم الاخلاق عن الباقر (عليه السلام) في ذيل الحديث المتقدم آنفا، و ذكر فيه السوارين و ستر الباب فقط، و ان ذلك انما صنعتها من غنيمه اصابها على (عليه السلام) فكان دفعها اليها، و انه بعد ما دفعتها الى النبى (صلى الله عليه و آله) جعلها قطعا و قسمها بين اهل الصفه حيث لم يكن لهم منازل و لا اموال و لاثوب يستترون به، و نحوهما في سنن ابى داود و مسند احمد في ذيل ما تقدم عنهما من حديث ثوبان، و رواه في البحار عن امالى الصدوق في باب مناقبها، و عن مكارم الاخلاق في باب سيرها و مكارم الاخلاقها.] ان النبى (صلى الله عليه و آله) خرج مره في سفر، فصنعت فاطمه (سلام الله عليها) مستكين

[ المسكه بالتحريك هو السوار والخلخال.] من ورق و قلاده و قرطين و سترا على باب البيت لقدوم ابيها و زوجها، فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه و آله) دخل عليها فخرج وقد عرف الغضب في وجهه، فظنت فاطمه انه انما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما راى من المستكين والقلاده والقرطين والستر، فنزعتها و بعثت الى رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليجعلها في سبيل الله، فلما اتاه قال: فعلت فداها ابوها ثلاث مرات ليست الدنيا من محمد و لا من آل محمد، و لو كانت الدنيا تعدل عندالله من الخير جناح بعوضه ما سقى منها

كافرا شربه ماء.

و في خبر آخر

[ رواه في مكارم الاخلاق بعد الحديث المتقدم مرسلا عن الامام الكاظم (عليه السلام) و رواه الصدوق في اماليه باسناده عنه (عليه السلام) عن آبائه عن على (عليه السلام) و زاد في آخره ان النبى (صلى الله عليه و آله) قال: اشتد غضب الله و غضبى على من اهرق دمى و آذانى في عترتى، و رواه في البحار عن مكارم الاخلاق، و مناقب ابن شهر آشوب عن على ( عليه السلام) في باب سيرها و مكارم اخلاقها، و عن الامالى كشف الغمه في باب مناقبها و فضائلها.] ان النبى (صلى الله عليه و آله) دخل على ابنته فاطمه، فراى في عنقها قلاده، فاعرض عنها فقطعتها و رمت بها، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): ان منى يا فاطمه، ثم جاء سائل فناولته القلاده.

و روى الصدوق (عليه الرحمه) في كتابه العيون باسانيده الثلاثه عن الامام الرضا (عليه السلام) عن على بن الحسين (عليهماالسلام) عن اسماء بنت عميس قالت: كنت عند فاطمه (عليهاالسلام) فدخل عليها رسول الله (صلى الله عليه و آله) و في عنقها قلاده من ذهب كان اشتراها لها على بن ابى طالب من في ء فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا فاطمه لا يقول الناس ان فاطمه بنت محمد تلبس لبس الجبابره، فقطعتها و باعتها و اشترت بها رقبه فاعتقتها، فسر بذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و نحوه في مستدرك الحاكم ج 3 ص 152 و 153 باسناده عن ثوبان و قال في كلا الموضعين: صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه.

و ورد ايضا

[ رواه الصدوق في كتاب الفقيه مرسلا عن اميرالمؤمنين (عليه السلام) في كتاب العلل باسناده عن ابى الورد بن ثمامه عنه (عليه السلام) كما في البحار باب سيرها و مكارمها، و رواه البخارى في باب مناقب على (عليه السلام) باسناده عن ابن ابى ليلى باختصار و اختلاف في بعض مضمونه، و نحوه عن صحيح مسلم في كتاب الذكر والدعاء، و رواه ابو داود في سننه في باب التسبيح عند النوم من كتاب الادب باسنادين احدهما مثل ما في البخارى، و ثانيهما مثل ما في علل الصدوق مع اختصار في آخره، و ما هو المذكور في المتن ماخوذ من جميع ذلك بتلخيص لعدم مدخليه الزائد في المقصود.] في عده اخبار ان فاطمه (عليهاالسلام) كانت

تستقى

[ لعله كان استقائها من بئر بيتها، او من الخارج حينما خرج على (عليه السلام) الى سفر، و ذلك لان المستفاد من سائر الاخبار ان النبى (صلى الله عليه و آله) قضى لهما ان تكون خدمه ما دون الباب لفاطمه و ما خلفه لعلى (عليه السلام).] بالقربه في بيت زوجها حتى اثر في صدرها و تطحن بالرحى حتى مجلت

[ قيل: اى ثخن جلدها و قيل: جرحت و صار تحت جلدها ماء اصفر يقال له بالفارسيه آبله، و قوله دكنت اى تغيرت بالدخان او الرماد.] يداها، و تكسح البيت و توقد النار حتى اغبرت و دكنت ثيابها، فاصابها من ذلك شديد، وقد اتى النبى (صلى الله عليه و آله) رقيق و خدم من الاسارى، فارادت فاطمه ان تسال اباها جاريه تستعين بها لشوونها فاستحيت، فجائها النبى (صلى الله عليه و آله) فذكر على (عليه السلام) حاجتها، فقال النبى (صلى الله عليه و آله): اعلمكما ما هو خير لكما من الخادم اذا اخذتما منامكما فكبرا

[ هذا الذكر هو المعروف بتسبيح الزهراء (سلام الله عليها) الذى ورد في فضائله و بركاته اخبار كثيره سيما في تعقيب الصلاه، لكنها اختلفت في ترتيبها، ففى بعضها تاخير التكبير، و في آخر تاخير التسبيح، والمسئله محل كلام في بحث تعقيب. الصلاه، و قال شيخنا البهائى (عليه الرحمه) في مفتاح الفلاح: اتفق الاصحاب على الابتداء بالتكبير، و اختلفوا في ترتيب الاخيرين، والمشهور الذى عليه العمل تقديم التحميد.] اربعا و ثلاثين تكبيره و سبحا ثلاثا و ثلاثين تسبيحه واحمدا ثلاثا و ثلاثين تحميده، فقالت فاطمه: رضيت عن الله و رسوله.

و روى ابن شهرآشوب في مناقبه انه لما ذكرت حالها لرسول الله (صلى الله عليه و آله) بكى و قال: يا فاطمه والذى بعثنى بالحق ان في المسجد اربعمائه رجل ما لهم طعام و لاثياب، و لولا خشيتى خصله لا عطيتك ما سالت يا فاطمه انى لا اريد ان ينفك اجرك الى الجاريه و انى اخاف ان يخصمك على بن ابى طالب يوم القيامه بين يدى الله (عز و جل) اذا طلب حقه منك، ثم علمها صلاه التسبيح فقال اميرالمؤمنين: مضيت تريدين من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الدنيا، فاعطانا الله ثواب الاخره.

و روى ايضا في المناقب عن تفسير الثعلبى عن جعفر بن محمد (عليهماالسلام) و عن تفسير القشيرى عن حابر الانصارى انه راى النبى (صلى الله عليه و آله) فاطمه و عليها كساء من اجله

[ كانه من الجل، و عن كنز العمال من اوبار الابل، و في شواهد التنزيل من جلد الابل.] الابل و هى تطحن بيديها و ترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا بتناه تعجلى مراره الدنيا بحلاوه الاخره، فقالت: يا رسول الله الحمد لله على نعمائه و الشكر لله على آلائه، فانزل الله: «و لسوف يعطيك ربك فترضى» و نحوه في شواهد التنزيل للحاكم الحسكانى عند هذه الايه باسناده عن جعفر بن محمد عن ابيه (عليهماالسلام) عن جابر، و في الدر المنثور للسيوطى عن جماعه عنه.

اقول: لقد كان في وسع النبى (صلى الله عليه و آله) شرعا و عرفا و اخلاقا ان يعطى ابنته الكريمه واحدا من تلك الرقيق والخدم اذ كانوا اسارى من غنائم الفتح الاسلامى، وقد جعل الله تعالى خمسها حقا خالصا لرسوله و ذوى قرباه، على ان مثل ذلك كان من نوائبه و هو اولى بالمومنين

من انفسهم فكيف باموالهم، فكان من حقه شرعا و عرفان ان يخفف بشى ء منها عن كريمته بعض ما كانت فيه من ضيق العيش و مراره الدنيا، و كذا كان في وسعه ان ياخذ لاولادها مرضعه من اهل المدينه، او ممن حولها باجره، او بلا اجره حيث ان الناس كانوا يتفاخرون بخدمه اهل بيت نبيهم اذ كانوا اعز اليهم من اولادهم، كما فعلوا ذلك في حق ولده الاخر ابراهيم، فان امه القبطيه كانت قليله اللبن فاخذوه منها لارضاعه كما ذكره المترجمون

[ روى في الاستيعاب و اسد الغابه في اوائلهما في ترجمه ابراهيم عن الزبير بن بكار انه تنافست الانصار فيمن يرضعه و احبوا ان يفرغوا امه ماريه للنبى (صلى الله عليه و آله) لما علموا من هواه فيها حتى فوضه النبى (صلى الله عليه و آله) الى ام برده بنت المنذر بن زيد الانصارى، فكانت ترضعه بلبن ابنها...] في احواله، لكن اراد بابى هو و امى ان تكون بضعه الطاهره مثالا كاملا لشخصه العظيم في الزهد عن الدنيا و تحمل مشاقها و رفض ملاذها، بل في كل ما يمكن ان تكون هى بشخصها الخاص مثالا له من الاخلاص لله تعالى والتبتل اليه بالعباده، كما يقتضيه قوله (صلى الله عليه و آله) لها في بعض الاخبار المتقدمه انت منى، فانه ليس المراد بذلك تولدها منه لوضوحه وانتفاء الحكمه في بيانه، فلا محاله كان المراد به ما ذكرنا مضافا الى كونه الظاهر من سياق هذا الخبر.

و اما ما هو المعروف من انه كانت لفاطمه خادمه اسمها فضه قد وهبها النبى (صلى الله عليه و آله) لها، فهذا انما كان اخيرا بعد ما كثر اولادها و زادت كلفتها على ما قبل، و كثرت الفتوح والمغانم، و سلط الله رسوله على من شاء من خيبر و بنى قريظه و بنى النضير و غيرهم، و استرسلت الدنيا للمسلمين، فارتفع الفقر والعناء عن اهل الصفه و ضعفاء المدينه، اذ كان الرسول (صلى الله عليه و آله) يعطيهم من تلك الاموال،

فصاروا في سعه و فضل من الله، فمن سعه الله و فضله على المسلمين في ذاك الوقت وسع النبى (صلى الله عليه و آله) ايضا على ابنته، كما ورد

[ رواه في الكافي في باب كفايه العيال والتوسع عليهم من كتاب الزكاه باسناده عن الامام الصادق (عليه السلام) عن النبى (صلى الله عليه و آله و سلم).] عنه انه قال: ان المومن ياخذ بادب الله تعالى اذا وسع الله عليه اتسع واذا امسك عنه امسك.

كما انه (صلى الله عليه و آله) قد نحلها ايضا فدكا في ذاك الوقت عوضا عما كان عليه من مهر امها خديجه، على ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين الراوندى في كتابه الخرائج

[ رواه في ضمن حديث فدك في الباب الاول من معجزات النبى (صلى الله عليه و آله) من اوائل الكتاب و رواه عنه و عن مناقب ابن شهر آشوب في البحار في كتاب الفتن باب نزول الايات في امر فدك.] و ذلك لانه كان من اخلاقه الكريمه مكافاه كل من احسن اليه او اسدى اليه معروفا و لو بعد حين، و هذا الخلق منه كان معروفا في سيرته، و كان (صلى الله عليه و آله) مقيدا بذلك مهتما به حتى انه ربما كان

[ في الاصابه في ترجمه امامه بنت حمزه و سلمه بن ابى سلمه ان النبى (صلى الله عليه و آله) زوج امامه من سلمه و قال حين زوجها هل جزيت سلمه، و ذلك لان سلمه هو الذى زوج امها من رسول الله (صلى الله عليه و آله).] يذكر لصاحبه انه مكافاه و جزاء، و ربما كانت مكافاته اجل من حق صاحبه بكثير، مثل ما صنعه

[ ذكره في الاصابه في ترجمه سيرين من الجزء الرابع، و اشار اليه في ترجمه صفوان.] لحسان بن ثابت حيث انه كان بينه و بين صفوان بن المعطل منازعه في ضرب فسال النبى (صلى الله عليه و آله) حسانا ان يهب له حقه على صفوان ففعل، فعوضه (صلى الله عليه و آله) منه ان وهب له حائطا من نخل و اخت

جاريته القبطيه التى اهدتها اليه ملك مصر و اسمها سيرين و كانت فارهه عديمه النظير، و غير ذلك

[ مثل ما رواه في الاستيعاب في ترجمه ابراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه و آله) انه لما ولد بشره ابو رافع بولادته فوهب له عبدا، و انه اعطى ام برده مرضعه ابراهيم قطعه من نخل.] مما هو مذكور كثيرا في احواله و تراجم اصحابه. و ممن احسن اليه و كانت له حقوق عنده خديجه (رضى الله عنها) حيث انها واسته بنفسها و مالها، فلما تزوج بها النبى (صلى الله عليه و آله) و كان مهرها عند العرب جليلا في ذاك الوقت جعلت

[ كما روى ذلك في الكافي باب خطب النكاح من كتاب النكاح.] هى مهرها عليه في مالها اكراما له و رغبه فيه، ثم بذلت له سائر اموالها لاجل الاسلام، فكان النبى (صلى الله عليه و آله) يكافي ء صنايعها بعد وفاتها بما قدر عليه، فكان يذكرها كثيرا بالاستغفار لها و حسن الثناء عليها، و يكرم صدائقها اذا دخلن عليه، و يهدى اليهن الطعام، و وهب لابنتها العزيزه فدكا عوضا عما اكرمته من جعل مهرها في مالها، وقد كان فدك ملكا خالصا له اذ سلطه الله عليه و لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب فامتثل بهذه النحله قول الله تعالى: «و آت ذا القربى حقه» كما ورد في اخبار الخاصه والعامه تفسير الايه بذلك.

[ رواه في تفسير البرهان والبحار في الباب المذكور آنفا من كتاب الفتن و شواهد التنزيل والدر المنثور للسيوطى باسانيد عن الامام ابى الحسن الكاظم والرضا و جعفر بن محمد (عليهم السلام) و ابى سعيد الخدرى و غيرهم.]

الفائدة الثانيه
الفائده الثانيه: حديث فاطمه بضعه منى... من الاحاديث المشهوره المستفيضه، و هو مروى عن النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) باسانيد كثيره من طرق الشعيه والسنه، و قد رواه جماعه من الصحابه منهم على بن ابى

طالب (عليه السلام) كما رواه على بن عيسى الاربلى في كشف الغمه

[ في باب فضائل فاطمه، و رواه عنه في البحار في باب مناقبها، و في الوسائل في كتاب النكاح باب استحباب حبس المراه في بيتها.] قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: اى شى ء خير للنساء؟ فعيينا بذلك كلنا حتى تفرقنا، فرجعت الى فاطمه فاخبرتها الذى قال لنا رسول الله (صلى الله عليه و آله) وليس احد منا علمه و لا عرفه فقالت: ولكنى اعرفه خير للنساء ان لا يرين الرجال، و لايراهن الرجال الى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقلت: يا رسول الله سالتنا اى شى ء خير للنساء و خير لهن ان لايرين الرجال و لايراهن الرجال قال: من اخبرك فلم تعلمه وانت عندى؟ قلت: فاطمه، فاعجب ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قال: ان فاطمه بضعه منى. و نحوه عن ابى نعيم في حليته عن سعيد بن المسيب عن على (عليه السلام) و عن كنز العمال عن الحسن البصرى عنه (عليه السلام) كما في كتاب فضائل الخمسه، و رواه الخوارزمى في مقتله باسناده عن سعيد بن المسيب الا انه اختصر الحديث، و في آخره انما فاطمه بضعه منى و نحوه في مجمع الزوائد ج 9.

و روى في البحار

[ رواه و كذا الخبر التالى في آخر باب سيرها و مكارمها ج 43 و في كتاب النكاح منه باب من يحل النظر اليه و من لايحل ج 104 و باب احوال الرجال و النساء ج 103 وقد اورد في مقدمه البحار سند النوادر.] عن نوادر الراوندى باسناده عن الامام موسى بن جعفر عن آبائه عن على (عليهم السلام) قال: استاذن اعمى على فاطمه فحجبته فقال لها رسول الله (صلى الله عليه و آله): لم حجبتيه و هو لايراك؟ فقالت: ان لم يكن يرانى فانى اراه و هو يشم الريح، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): اشهد انك بعضعه منى.

و فيه ايضا بهذا الاسناد قال سئل رسول الله (صلى الله عليه و آله) اصحابه عن المراه ما هى؟ قالوا عوره، قال: فمتى تكون ادنى من ربها؟ فلم يدروا، فلما سمعت فاطمه (عليهاالسلام) ذلك قالت: ادنى ما تكون من ربها ان تلزم قعر بيتها، فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ان فاطمه بعضه منى و رواهما ابن المغازلى الشافعى من مناقبه بهذا الاسناد.

و في كشف الغمه و مناقب الخوارزمى

[ رواه فيهما في باب تزويجه (عليه السلام) بفاطمه، و رواه في البحار عن كشف الغمه في باب تزويجها.] عنه (عليه السلام) قال في حديث تزوجه بفاطمه: ثم صاح بى رسول الله (صلى الله عليه و آله) يا على فقلت: لبيك يا رسول الله، فقال: ادخل بيتك والطف بزوجتك و ارفق بها، فان فاطمه بضعه من يولمنى ما يولمها و يسرنى ما يسرها، قال على (عليه السلام): فوالله ما اغضبتها و لا اكرهتها على امر حتى قبضها الله (عز و جل) و لااغضبتنى و لاعصت لى امرا، ولقد كنت انظر اليها فتنكشف عنى الهموم والاحزان... وقد تقدم في حديث القلاده انه قال النبى (صلى الله عليه و آله) لفاطمه: انت منى، فان هذا ايضا في معنى البضعه و هو مروى عن على (عليه السلام) كما مر في ذيله.

و منهم: انس بن مالك، حكاه في فضائل الخمسه عن ابى نعيم في حليته في حديث مثل الحديث المتقدم آنفا عنه عن سعيد بن المسيب.

و منهم: ابن عباس كما تقدم في اوائل هذا الباب في حديثين عن امالى الصدوق باسناده عنه، و روى الصدوق (عليه الرحمه) ايضا في معانى الاخبار

[ ص 303 من طبع مكتبه الصدوق، و رواه عنه في البحار في باب مناقبها.] باب معنى الشجنه باسناده عن ابن عباس عن النبى (صلى الله

عليه و آله) انه قال: ان فاطمه شجنه منى يوذينى ما آذاها و يسرنى ما يسرها، و ان الله تعالى لغضب فاطمه و يرضى لرضاها. والشجنه مثلثه الشين هو الغصن المشتبك او العروق المشتبكه، كما في لسان العرب، و يظهر من موارد استعمالها في اللغه ان الاتصال والالتفاف ماخوذ في مادتها، كما صرح بذلك ابن فارس في معجم مقائيس اللغه.

و منهم: سعد بن ابى وقاص، كما في البحار في باب مناقبها عن مجالس المفيد و امالى الطوسى بالاسناد، و عن مناقب ابن شهرآشوب مرسلا عنه، و لفظه سمعت النبى (صلى الله عليه و آله) يقول: فاطمه بضعه منى من سرها فقد سرنى و من سائها فقد سائنى، فاطمه اعز البريه على.

و منهم: جابر بن عبدالله الانصارى، كما في مناقب ابن شهرآشوب في باب حب النبى (صلى الله عليه و آله) اياها، والبحار في الجزء 36 باب نصوص الرسول على الائمه (عليهم السلام) عن كتاب كفايه الاثر للعالم الجليل على بن محمد الخزاز باسناده عنه في حديث عند وفاه النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) و ياتى له حديث آخر عن جابر في بحث آيه التطهير.

و روى الاربلى في كشف الغمه عن جابر قال: دخلت فاطمه (عليهاالسلام) على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو في سكرات الموت، فانكبت عليه تبكى، ففتح عينه وافاق، ثم قال (صلى الله عليه و آله): يا بنى انت المظلومه بعدى، وانت المستضعفه بعدى، فمن آذاك فقد آذانى، و من غاظك فقد غاظنى، و من سرك فقد سرنى، و من برك فقد برنى، و من جفاك فقد جفانى، و من وصلك فقد وصلنى، و من قطعك فقد قطعنى، و من انصفك فقد انصفنى، و من ظلمك فقد ظلمنى لانك منى و انا منك، و انت بضعه منى و روحى التى بين جنبى...

و منهم: ابو ذر الغفارى (رضى الله عنه) كما في البحار عن كفايه

الاثر مسندا في الجزء 36 الحديث 110 من الباب المذكور، و هو ايضا كحديث جابر ذكره النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) عند وفاته، و قد ورد فيهما امور لابد للمسلم من معرفتها.

و منهم: عمرو بن حزم الانصارى

[ صحابى شهد الخندق و ما بعدها، و استعمله النبى (صلى الله عليه و آله) على نجران، و روى عنه كتابا كتبه له فيه الفرائض والزكاه والديات، و روى لمعاويه و عمرو بن العاص حديث يقتل عمارا الفئه الباغيه، وقد كلم معاويه لكلام شديد في امر بيعته ليزيد لعنه الله روى عنه ابنه محمد و غيره، ترجمه في اسد الغابه والاصابه و غيرهما.] ، فروى الشيخ الطوسى (عليه الرحمه) في تلخيص الشافي انه لما رد عمر بن عبدالعزيز فدكا على ولد فاطمه (رضى الله عنها) عاتبه جماعه على فعله، فقال لهم: انكم جهلتم و علمت و نسيتم و ذكرت، ان ابابكر

[ ترجمه ابن حجر في تهذيب التهذيب، و ذكر ان ابابكر اسمه و انه من محدثى اهل المدينه وثقاتهم، و كان من اهل العباده والصلاه والعلم بالقضاء، وقد ولاه عمر بن عبدالعزيز على المدينه، و كتب اليه ان يكتب اليه ان يكتب له من العلم، ولم يكن بالمدينه انصارى امير غيره، روى عن جماعه منهم ابوه محمد، و روى عنه جماعه.] بن محمد بن عمرو بن حزم حدثنى عن ابيه عن جده ان رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: فاطمه بضعه منى يسخطنى ما اسخطها و يرضينى ما ارضاها الى آخر ما قال.

و روى ابن حجر في الصواعق انه دخل عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط (عليه السلام) على عمر بن عبدالعزيز و هو حديث السن و له و فره، فرفع عمر مجلسه واقبل عليه فلامه قومه، فقال: ان الثقه حدثنى حتى كانى اسمعه من في رسول الله (صلى الله عليه و آله): انما فاطمه بضعه منى يسرنى ما سرها، وانا اعلم ان فاطمه (عليهاالسلام) لو كانت حيه لسرها ما فعلت بابنها.

و روى ابن شهر آشوب في المناقب ان سهل بن عبدالله جاء الى عمر بن عبدالعزيز ، فقال: ان قومك يقولون انك توثر عليهم ولد فاطمه، فقال عمر: سمعت الثقه من الصحابه ان النبى (صلى الله عليه و آله) قال: فاطمه بضعه منى يرضينى ما ارضاها و يسخطنى ما اسخطها، فوالله انى لحقيق ان اطلب رضا رسول الله (صلى الله عليه و آله) و لايخفي ان مراده بالثقه من الصحابه في هذا الخبر غير عمرو بن حزم المذكور في الخبر الاول، فانه مات سنه خمسين او اقل ولم يدركه عمر بن عبدالعزيز.

و روى الشيخ الثقه الجليل عبدالله بن جعفر الحميرى في كتابه قرب الاسناد عن ابى جعفر الباقر (عليه السلام) قال: لما ولى عمر بن عبدالعزيز اعطانا عطايا عظيمه، فدخل عليه اخوه و قال له: ان بنى اميه لا ترضى عنك بان تفضل بنى فاطمه عليهم، فقال: افضلهم لانى سمعت حتى لا ابالى ان اسمع او لا اسمع ان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) كان يقول: ان فاطمه شجنه منى يسرنى ما اسرها و يسوئنى ما سائها، فانا ابتغى سرور رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) واتقى مسائته. قوله حتى لاابالى يعنى سمعت ذلك كثيرا بحيث لا احتاج ان اسمع بعد ذلك و لا ابالى ان لااسمع، كما في البحار باب احوال اصحاب الامام الباقر (عليه السلام) من مجلد تاريخه الجزء 46 و مر معنى الشجنه آنفا.

و منهم: ابوبكر و عمر بن الخطاب حين دخلا على فاطمه في مرضها باذن على (عليه السلام) لعيادتها والاعتذار منها، كما روى الصدوق (عليه الرحمه) في كتاب العلل

[ الباب 149 العله التى دفنت فاطمه بالليل باسناده عن الامام الصادق (عليه السلام) و رواه عنه في البحار باب ما وقع عليها من الظلم ج 43 و رواه ايضا باختصار عن كفايه الاثر في ذيل الحديث المشار اليه آنفا عن جابر، ولكن ابهم فيه اسم الرجلين فلم يصرح باسمهما، و مثله في كتاب دلائل الامامه للطبرى في خبر وفاتها.] عن الامام الصادق (عليه السلام) في حديث

طويل ياتى صدره قريبا انه بعد ما دخلا عليها و كانت عندها جماعه النساء قالت لهما: انشدكما بالله اتذكران ان رسول الله (صلى الله عليه و آله) استخرجكما في جوف الليل لشى ء كان من امر على (عليه السلام) فقالا: اللهم نعم. فقالت: انشدكما بالله هل سمعتما النبى (صلى الله عليه و آله) يقول: فاطمه بضعه منى و انا منها من آذاها فقد آذانى، و من آذانى فقد آذى الله، و من آذاها بعد موتى فكان كمن آذاها في حياتى. قالا: اللهم نعم. فقالت: الحمد لله الى آخر ما قالت في ايذائهما لها و عدم رضاها عنهما و نحوه في كتاب سليم بن قيس الكوفي في اواخره.

و روى ابن قتيبه في كتابه الامامه والسياسه

[ في اوائله عند الكلام في بيعه على (عليه السلام) لابى بكر.] انها قالت لهما: نشدتكم الله الم تسمعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول: رضا فاطمه من رضاى، و سخط فاطمه من سخطى، فمن احب فاطمه ابنتى فقد احبنى، و من ارضى فاطمه فقد ارضانى، و من اسخط فاطمه فقد اسخطنى، قال نعم سمعناه من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) قالت: فانى اشهد الله و ملائكته انكما اسخطتمانى و ما ارضيتمانى، الى آخر ما جرى لابى بكر من فزعه الشديد من قولها و بكائه و استقاله بيعته.

و منهم: المسور بن مخرمه القرشى الزهرى، و حديثه في ذلك هو المشهور بين العامه في كتبهم، و قد رواه اصحاب الاصول السته

[ رواه البحارى في صحيحه في ابواب مناقب فاطمه و مناقب قرابه النبى (صلى الله عليه و آله) و ذكر اصهار النبى (صلى الله عليه و آله) من كتاب بدء الخلق، و في باب ذب الرجل عن ابنته من كتاب النكاح، و باب ما ذكر من درع النبى (صلى الله عليه و آله) من كتاب الجهاد، و رواه مسلم بطرق و الفاظ مختلفه في باب فضائل فاطمه (عليهاالسلام) من كتاب الفضائل، والترمذى في جامعه، والحاكم في مستدركه في باب ما جاء في فضل فاطمه، و ابن ماجه في سننه باب الغيره من كتاب النكاح، و ابو داود في باب ما يكره ان يجمع بين النساء، والنسائى في خصائصه، و ابن حنبل في مسنده في احاديث المسور، والخوارزمى في مقتله و غيرهم.]

و غيرهم عنه بطرق متعدده كما نشير اليها.

و منهم: عبدالله بن الزبير كما في جامع الترمذى و مستدرك الحاكم.

[ رواه فيهما في باب مناقب فاطمه (عليهاسلام الله) من كتاب الفضائل.]

هذا ما وقفت عليه من اسماء من روى الحديث المذكور من الصحابه، و لعله يقف المتتبع على روايه غيرهم ايضا، فيثبت بذلك قطعا صحه الحديث واستفاضته، بل لايبعد دعوى تواتره كما يثبت به ايضا انه قاله النبى (صلى الله عليه و آله) مكررا في وقائع مختلفه.

و ينبغى الكلام هنا فيما تضمنه حديث المسور في بعض طرقه

[ و في طريق آخر روى عنه مجرد قول النبى (صلى الله عليه و آله) فاطمه بضعه منى فمن اغضبها اغضبنى او نحوه، كما في البخارى و مسلم باب مناقب فاطمه، و في طريق ثالث ان الحسن بن الحسن المثنى خطب الى المسور بنته فرده معتذرا بانه قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) فاطمه بضعه منى... و ان عندك من بناتها و لو زوجتك لقبضها. رواه الحاكم في باب فضائل فاطمه من المستدرك ج 3 ص 158 و ابن حنبل في المسند في احاديث المسور، و في طريق رابع ما ياتى هنا من استيذان بنى هشام اقرباء ابى جهل من النبى (صلى الله عليه و آله) ان ينكحوا بنته عليا (عليه السلام).] و حديث عبدالله بن الزبير من خطبه على (عليه السلام) لبنت ابى جهل اللعين على فاطمه (عليهاالسلام) في حياه رسول الله (صلى الله عليه و آله).

فنقول: روى البخارى في باب ذكر اصهار النبى (صلى الله عليه و آله) و مسلم في باب فضائل فاطمه (عليهاسلام الله) باسنادهما عن المسور

قال: ان عليا خطب بنت ابى جهل، فسمعت بذلك فاطمه فاتت رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقالت: يزعم قومك انك لاتغضب لبناتك، و هذا على ناكح بنت ابى جهل، فقام رسول الله (صلى الله عليه و آله) فسمعته حين تشهد

[ يعنى بعد اتمام الصلاه، او بعد قول الشهاده في اول كلامه (صلى الله عليه و آله و سلم) و في لفظ آخر لمسلم فسمعته و هو يخطب الناس على منبره.] يقول: اما بعد انكحت اباالعاص بن الربيع فحدثنى و صدقنى و ان فاطمه بضعه منى و انى اكره ان يسوئها، والله لاتجتمع بنت رسول الله و بنت عدو الله عند رجل واحد، فترك على (عليه السلام) الخطبه. و في نقل آخر

[ رواه البخارى في كتاب الجهاد باب ما ذكر من درع النبى (صلى الله عليه و آله) و مسلم في باب فضائل فاطمه (عليهاالسلام) و ابو داود و ابن ماجه في سننهما في الموضع المشار اليه آنفا من كتاب النكاح.] عنه انه قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ان فاطمه منى وانى اتخوف ان تفتن في دينها، قال: ثم ذكر صهرا له من بنى عبد شمس (يعنى اباالعاص) فاثنى عليه في مصاهرته اياه فاحسن

[ يعنى احسن النبى (صلى الله عليه و آله) في ثنائه على ابى العاص، و كانه اراد الراوى ان ثنائه عليه كان اكثر مما رواه في هذا الحديث، و قوله وعدنى فاوفي لى اشاره الى ما وقع له في بدر حيث اطلقه النبى (صلى الله عليه و آله) واشترط عليه ان يرد زوجته زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) الى المدينه ففعل، و لايخفي ما في ظاهر الخبر من التعريض بعلى (عليه السلام) و انه على خلاف ذلك.] قال: حدثنى فصدقنى ووعدنى فاوفي لى، وانى لست احرم حلالا و لا احل حراما ولكن و الله لا تجتمع بنت رسول الله و بنت عدوا الله مكانا واحدا.

واما حديث عبدالله بن الزبير فهو مختصر من هذا الحديث.

و هذه القضيه منكره و مكذوبه عند اهل العلم من الاماميه، وقد ورد

تكذيبها صريحا في اخبار ائمتهم، ففى امالى الصدوق (عليه الرحمه)

[ رواه في المجلس 22 عن ابيه عن على بن محمد بن قتيبه عن حمدان بن سليمان عن نوح بن شعيب عن محمد بن اسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبه عن علقمه بن محمد الحضرمى عن الامام الصادق (عليه السلام) و رواه في البحار عن الامالى في باب العداله من كتاب الايمان والكفر الجزء 70 و لايخفي ان سند الخبر قوى.] باسناده عن الامام الصادق (عليه السلام) قال في حديث يا علقمه: ان رضا الناس لايملك، والسنتهم لا تضبط، و كيف تسلمون مما لم يسلم منه انبياء الله و رسله و حجج الله، الم ينسبوا يوسف (عليه السلام) الى انه هم بالزنا الى ان قال: الم ينسبوا سيد الاوصياء الى انه اراد ان يتزوج ابنه ابى جهل على فاطمه (عليهاالسلام) و ان رسول الله شكاه على المنبر الى المسلمين فقال: ان عليا يريد ان يتزوج ابنه عدو الله على ابنه نبى الله الا ان فاطمه بضعه منى، فمن آذاها فقد آذانى، و من سرها فقد سرنى، و من غاظها فقد غاظنى.

و روى الصدوق ايضا في كتاب العلل

[ في الباب المتقدم ذكره آنفا في حديث ابى بكر و عمر.] عن الصادق (عليه السلام) قال في حديث: جاء شقى من الاشقياء الى فاطمه بنت رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال لها: اما علمت ان عليا قد خطب بنت ابى جهل فقالت: حقا ما تقول؟ فقال: حقا ما اقول ثلاث مرات، فدخلها من الغيره ما لا تمسك نفسها، و ذلك ان الله تعالى كتب على النساء غيره الى ان قال: ثم تحولت فاطمه الى حجره ابيها، فجاء على فدخل حجرته فلم ير فاطمه، فاشتد لذلك غمه و عظم عليه ولم يعلم القصه ما هى، فاستحيى ان يدعوها من منزل ابيها، فخرج الى المسجد يصلى فيه ما شاء الله، ثم جمع شيئا من كثيب المسجد واتكى عليه، فلما راى النبى (صلى الله عليه و آله) ما بفاطمه

من الحزن دخل المسجد، فلم يزل يصلى و كلما صلى ركعتين دعا الله ان يذهب ما بفاطمه من الحزن، فلما راى انه لا يهنئها النوم قال لها: قوم با بنيه فانتهى الى على (عليه السلام) و هو نائم، فقال: قم يا ابا تراب ادع لى ابابكر من داره و عمر من مجلسه و طلحه، فاستخرجهما واجتمعوا عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا على اما علمت ان فاطمه بضعه منى و انا منها، فمن آذاها فقد آذانى، و من آذاها بعد موتى كان كمن آذاها في حياتى قال على: بلى يا رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال: فما دعاك الى ما صنعت، فقال على: والذى بعثك بالحق ما كان مما بلغها شى ء ولا حدثت بها نفسى، فقال النبى (صلى الله عليه و آله): صدقت و صدقت ففرحت فاطمه. الخبر و هو طويل اخذنا موضع الحاجه و تقدم آنفا شطر منه و لعل احضار من ذكر لتشديد الانكار عليهم في هذا الافك.

و قال المحقق الشريف السيد المرتضى (رحمه الله) و هو من اجل علماء الاماميه في رسالته القيمه المعروفه بتنزيه الانبياء في فصل عصمه على (عليه السلام) بعد نقل الخبر المذكور عن العامه: ان هذا خبر باطل موضوع غير معروف، وانما ذكره الكرابيسى

[ هو الحسين بن يزيد البغدادى صاحب الامام الشافعى واشهرهم بانتياب مجلسه واحفظهم لمذهبه، له تصانيف في اصول الفقه و فروعه و غير ذلك، و من تصانيفه كتاب الامامه، و فيه غمز على على (عليه السلام) كما عن فهرست ابن النديم.] للطعن به على اميرالمؤمنين (عليه السلام) معارضا به لبعض ما يذكره شيعته من الاخبار في اعدائه، و هذا الرجل مشهور بالعداوه لاهل البيت (عليهم السلام) والمناصبه لهم والازراء على فضائلهم و مآثرهم.

على ان هذا الخبر قد تضمن ان النبى (صلى الله عليه و آله) قد ذم هذا

الفعل و خطب بانكاره على المنبر، و معلوم انه لو كان اميرالمؤمنين (عليه السلام) فعل ذلك لما كان فعل محظورا في الشريعه، لان نكاح الاربع حلال على لسان النبى (صلى الله عليه و آله) والمباح لاينكره الرسول و لايصرح بذمه و يتاذيه به، وقد رفعه الله تعالى عن هذه المنزله و اعلاه عن كل منقصه، مع انه لو كان نافرا بقلبه من ذلك الفعل لم يكن ينكره بلسانه و لم يعلن به على المنبر على رووس الاشهاد، و ان بلغ من ايلامه كل مبلغ، لان ما وصفه الله تعالى به من الاختصاص بالحلم والكظم و جميل الاخلاق و كريم الاداب ينافي ذلك و يحيل من نسبته اليه، على ان اكثر ما يفعله سائر الناس في مثل هذا الامر اذا ثقل عليه ان يعاتب سرا و يتكلم في العدول عنه خفيا على وجه جميل وقول لطيف، و هذا المامون العباسى الذى لاقياس بينه و بين الرسول (صلى الله عليه و آله) قد انكح بنته ابا جعفر الجواد (عليه السلام) فلما ذهب بها ابو جعفر الى المدينه ورد كتابها الى المامون بانه قد تزوج او تسرى عليها، فقال المامون: انا ما انكحناه لنحظر عليه ما اباحه الله تعالى، والمامون اولى بالامتعاض

[ امتعض من الامر غضب وشق عليه.] من غيره بنته، فوالله ان الطعن على النبى (صلى الله عليه و آله) بما تضمنه هذا الخبر الخبيث اعظم من الطعن به على اميرالمؤمنين (عليه السلام) على انه لاخلاف بين اهل النقل ان الله

[ النصوص الوارده في ذلك من طرق الخاصه والعامه كثيره، و ياتى تفصيلها في الباب العاشر.] تعالى هو الذى اختار اميرالمؤمنين (عليه السلام) لنكاح سيده النساء (صلوات الله و سلامه عليها) و ان النبى (صلى الله عليه و آله) رد عنها جله اصحابه وقد خطبوها و قال (صلى الله عليه و آله): لم ازوج فاطمه عليا حتى زوجها الله تعالى اياه في سمائه، و نحن نعلم ان الله

سبحانه لايختار لها من بين الخلائق من يغيرها و يوذيها، فهذا من ادل دليل على كذب هذا الخبر.

على ان الشى ء يحمل على نظائره، وقد علم كل من سمع الخبار انه لم يعهد من اميرالمؤمنين (عليه السلام) خلاف على الرسول (صلى الله عليه و آله) و لا كان قط ما يكرهه في اختلاف الاحوال و تقلب الازمان و طول الصحبه، و لاعاتبه على شى ء من افعاله مع ان احدا من اصحابه لم يخل من عتاب على هفوه و نكير على زله، فكيف خرق بهذا الفعل عادته و فارق سجيته و سنته لولا تخرص الاعداء و تعديهم، على ان اعدائه (عليه السلام) في زمانه من بنى اميه وشيعتهم لم يجعلوا ذلك فرصه منتهزه للطعن عليه و عنوانا لما يتخرصونه من العيوب والقروف، فهذا دليل آخر على ان الخبر باطل موضوع.

انتهى كلام السيد (قدس سره) باختصار يسير و توضيح قليل، و هو متين جدا و حقيق بالتصديق، وقد تبعه الشيخ الطوسى (عليه الرحمه) في كل ما ذكر، فذكره بتمامه في كتاب تلخيص الشافي.

و حكى ابن ابى الحديد في شرح نهج البلاغه

[ ج 1 ص 358 طبعه مصر الاولى في اربع مجلدات الخطبه 57.] عند قوله (عليه السلام) سيظهر عليكم رجل رحب البلعوم... عن شيخه ابى جعفر الاسكافي ان معاويه وضع قوما من الصحابه وقوما من التابعين على روايه اخبار قبيحه في على (عليه السلام) تقتضى الطعن فيه والبرائه منه، و جعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلقوا ما ارضاه منهم ابوهريره و عمرو بن العاص و المغيره بن شعبه، الى ان قال: و اما ابو هريره فروى

الحديث الذى معناه ان عليا خطب ابنه ابى جهل في حياه الرسول (صلى الله عليه و آله) فاسخطه فخطب على المنبر و قال لا تجتمع ابنه ولى الله و ابنته عدو الله ان فاطمه بضعه منى يوذينى ما يوذيها، فان كان على يريد ابنه ابى جهل فليفارق ابنتى و ليفعل ما يريد او كلاما هذا معناه، والحديث مشهور من روايه الكرابيسى. انتهى كلام الاسكافي و ذيله ابن ابى الحديد بكلامه.

اقول: اما روايه الحديث عن ابى هريره، فلم نعثر عليها ولعلها كانت في كتاب الكرابيسى، و اما كلام هولاء الاعلام اعنى المرتضى والشيخ الطوسى و ابى جعفر الاسكافي فظاهرها انهم لم يعثروا على روايه الحديث عن المسور و عبدالله بن الزبير في صحاح الجمهور و مسانيدهم، او لعلهم عثروا عليها لكن لم يعتنوا بها وقاسوها على روايه الكرابيسى في القدح والرد، و على كل حال ففيما حققه الشريف المرتضى في الكلام المتقدم كفايه لبطلان الحديث و فساده من المسور و ابن الزبير و من غيرهما ايضا لو كان لغيرهما حديث في هذا المعنى

[ كما روى نحوه في مستدرك الحاكم ج 3 ص 158 و 159 باسناده عن سويد بن غفله و ابى حنظله رجل من اهل مكه لكنهما غير صحابى، فيكون حدثهما مرسلا كما ذكره الذهبى تلخيصه فان صح عنهما فقد اخذاه من جاهل او جاهل.]

و نزيد على ما ذكره الشريف (رضى الله عنه) ان عليا (عليه السلام) كان نفس الرسول (صلى الله عليه و آله) بنص القرآن في آيه التباهل

[ كما ياتى بيانه في الباب الثامن عند الكلام في الايه.] كما نص عليه المفسرون، وقد آخى الرسول

[ كما في النصوص والتاريخ و تاتى الاشاره الى بعضها في اواخر هذا الباب.] (صلى الله عليه و آله) بينه و بين نفسه مرتين و قال له غير مره: انت معنى بمنزله هارون من موسى، و غير ذلك مما كان بينهما من الاختصاص الشديد والتواصل العجيب، فلا يكاد معذلك

ان يفعل امرا منافيا لاحترام النبى (صلى الله عليه و آله) و بضعته لاسيما وقد علم ان النبى (صلى الله عليه و آله) لم يتزوج على خديجه في حياتها احتراما لها، فهل كان جاهلا بان تزوج امراه موجب لانقباض زوجته بالطبع البشرى و مناف لاحترامها و هو امر طبيعى يعلمه كل احد بعد ما يرى الغيره والمخالفات بين الضرائر حتى ازواج النبى (صلى الله عليه و آله) على ان فاطمه الزهراء (سلام الله عليها) و ان كانت معصومه منزهه عن الغيره الموذيه لضرتها و لو كانت بنت ابى جهل، لكن بنت ابى جهل لم تكن كذلك بالنسبه اليها، فلا محاله تكون سببا لايذائها بعدما ترى من الاكرام الكثير لها من ابيها و زوجها، اضف الى ذلك ما ورد عن اميرالمؤمنين على (عليه السلام) كما مر في اول هذه الفائده في حديث تزوجها انه قال: فو الله ما اغضبتها و لا اكرهتها على امر حتى قبضها الله، و لا اغضبتنى و لا عصت لى امرا.

وان تعجب فعجب ما في حديث المسور بالصوره المذكوره من ان النبى (صلى الله عليه و آله) اثنى في كلامه على ابى العاص بن الربيع في مصاهرته له، واحسن في الثناء عليه و قال: انه حدثنى فصدقنى و وعدنى فوفي لى، فان ظاهره التعريض بعلى بن ابى طالب (عليه السلام) و تفضيل ابى العاص عليه، و فيه ما لايخفي من الزور والجزاف المنزه عما دونهما الرسول (صلى الله عليه و آله) اليس على (عليه السلام) اول من آمن به، و ضحى بنفسه في سبيله، و صدقه في جميع اقواله

[ قال على (عليه السلام) في الخطبه 190 (القاصعه) من نهج البلاغه: و قد علمتم موضعى من رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالقرابه القريبه و المنزله الخصيصه، وضعنى في حجره وانا ولد يضمنى الى صدره و يكنفنى الى فراشه و يمسنى جسده و يشمنى عرفه، و كان يمضغ الشى ء ثم يلقمنيه، و ما وجد لى كذبه في قول ولا خطله في فعل... يرفع لى في كل يوم من اخلاقه علما الخ.

و قال (عليه السلام) في الخطبه 195: ولقد علم المستحفظون من اصحاب محمد (صلى الله عليه و آله) انى لم ارد على الله و لا على رسوله ساعه قط ولقد واسيته بنفسى في المواطن التى تنكص فيها الابطال و تتاخر فيها الاقدام نجده اكرمنى الله بها. و غير ذلك من كلماته (عليه السلام) في تفانيه للرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) و ابتعاده عن الرغبه الى ما يسوئه و لو يسيرا.] و وفي له بكل ما لديه

ام هل يجوز بنظر العقل ان يفضل الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) اباالعاص عليه او يقايسه به و يجعله في عدله مع سوابقه في الايمان والهجره والجهاد لمحض ان اباالعاص حدثه فصدقه حينا و وعده في ابنته زينب بعد وقعه بدر ان يرسلها اليه فوفي به مع انه لم يسلم الا قبيل فتح مكه، و كان في بدر مع الاعداء والمشركين فاسره المسلمون، ثم اطلقوه بدون الفداء بشفاعه النبى (صلى الله عليه و آله) فرجع الى مكه مع المشركين، كما هو مذكور في التراجم والتاريخ

[ كما في الاستيعاب والاصابه و اسد الغابه و شرح ابن ابى الحديد في شرح واقعه بدر ج 3 ص 359 و فيها التصريح بانه اقام بمكه على شركه الى قبيل الفتح.]

اضف الى ذلك ان الراوى للخبر عن المسور بتلك الصوره المبتذله في جميع ما رايته في صحاحهم

[ راجع المصادر التى ذكرناها في مواردها المشار اليها و مسند احمد في حديث المسور ج 4 ص 326 و اسد الغابه في ترجمته.] و مسانيدهم امام العتره الطاهره زين العابدين و سيدالساجدين على بن الحسين (عليهماالسلام) و هذا الامام اعرف بسيره جده مع جدته من المسور، فقد كان جميع اهل اليت لاسيما ائمتهم (عليهم السلام) انما عرفوا عليا مفاديا للنبى (صلى الله عليه و آله) و بضعته الطاهره حق الفداء، و مراعيا لحرمتهما و رضاهما كمال الرعايه، كما يعلم ذلك كل من الم بشى ء من اخبارهم التى اصدروها في شان

على (عليه السلام) من اختصاصه الشديد بالنبى (صلى الله عليه و آله) فكيف يروون في حقه ما لا يليق بشانه ويحط من كرامته و قدره.

على ان المسور كان صبيا صغيرا في زمان الحديث، فقد ولد بمكه بعد الهجره بسنتين، واسلم ابوه مخرمه بن نوفل القرشى عام الفتح، و كان من المولفه قلوبهم، ثم قدم بالمسور في ذاك العالم الى المدينه و له ست سنين كما نص بذلك اهل التراجم

[ اورده ابن قتيبه في المعارف في فصل التابعين قال: كان يعدل بالصحابه و ليس منهم و كانه لصغره.] و ذكر ابن حجر في الاصابه والتهذيب ان اهل التاريخ مطبقون على ذلك و قضيه الخطبه المزعومه على ما قيل كانت بعدالفتح و اسلام بنى هاشم فكان للمسور حين ذاك ست او سبع سنين، كما صرح بذلك ايضا ابن حجر، فمثل هذا الرجل لايكون بحسب العاده والمتعارف حافظا و ضابطا لتلحديث عن النبى (صلى اله عليه و آله و سلم) و ما في بعض طرق الحديث من قوله «وانا يومئذ محتلم» مخالف لهذا الاتفاق، و لذا احتمل ابن حجر في التهذيب و حكاه عن بعض في الاصابه ان يكون المراد به العقل و ضبط الحديث من الحلم بالكسر لا بالضم.

قلت: معنى الاحتلام عرفا هو البلوغ، فيكون هذا بنفسه موهنا آخر للخبر.

والراوى له بتلك الصوره عن على بن الحسين (عليهماالسلام) في جميع ما راينا من طرقه محمد بن شهاب الزهرى

[ هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله بن شهاب من بنى زهره بن كلاب.] و قد ذكر ابن ابى الحديد

[ في شرح النهج ج 1 ص 370 طبعه مصر في الخطبه 57.] انه كان من النحرفين عن على بن ابى طالب (عليه السلام) و انه كان ينال منه، وعده الششيخ الطوسى في رجاله من اصحاب على بن

الحسين (عليهماالسلام) و قال: عدو، و ذكره محمد بن جرير الطبرى في كتابه المسترشد في الامامه عند ذكره لرواه العامه و قال: انه كان مع هشام بن عبدالملك يلعن (نعوذ بالله) و على بن ابى طالب (صلوات الله عليه) و قال ابن قتيبه في المعارف في فصل التابعين: انه لم يزل مع عبدالله بن مروان، ثم مع هشام بن عبدالملك، و كان يزيد بن عبدالملك استقضاه، و ذكر ايضا ان ابا جده عبدالله بن شهاب شهد مع المشركين بدرا و احدا، و كان من الذين تعاقدوا يوم احد لئن راوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليقتلنه او ليقتلن دونه، و كان ابوه مسلم بن عبيدالله مع ابن الزبير.

قلت: فعلى هذا يكون معاداته لعلى (عليه السلام) من الشنشه الاخزميه، فيمكن ان يكون بلاء الخبر في اصله او في نسبته الى روايه على بن الحسين (عليهماالسلام) من المسور بهذه الصوره المبتذله الفاسده من هذا الرجل.

على انه قد روى الخبر ايضا عن المسور في كتب الجمهور

[ صحيح البخارى باب ذب الرجل عن ابنته من كتاب النكاح، و صحيح مسلم و جامع الترمذى و سنن ابى داود و ابن ماجه في الموارد التى ذكرناها اول الكلام.] بصوره اخرى و هى انه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول و هو على المنبر: ان بنى هشام بن المغيره (يعنى اخوه ابى جهل) استاذنونى ان ينكحوا ابنتهم على بن ابى طالب، فلا آذن ثم لا آذن ثم لاآذن الا ان يريد ابن ابى طالب ان يطلق ابنتى و ينكح ابنتهم، فانما ابنتى بضعه منى يريبنى ما رابها و يوذينى ما آذاها. و هذا على تقدير صحته لايقدح في على (عليه السلام) اصلا، اذ لا ذكر فيه لخطبته لها، فلعله كان استدعاءا من بنى هشام ليحصلوا لانفسهم فخرا بمصاهره على (عليه السلام) او بمكافئه ابنتهم

لبنت النبى (صلى الله عليه و آله) او ليحطوا بزعمهم من الاختصاص الشديد و المحبه الكثيره الذى كان بين النبى و صهره، او لغير ذلك من الاغراض الفاسده، لكن لما لم يكن لهم سبيل الى انفاذه اذ لم يكن على (عليه السلام) يقبل ذلك منهم ابتداءا استاذنوا النبى (صلى الله عليه و آله) بزعم انه ياذن فيه لحبه لعلى، لكن لما كان (صلى الله عليه و آله) يعلم باغراضهم و يعلم بعدم رضاء على (عليه السلام) به لم ياذن فيه الا على شرط لايمكن حصوله ابدا و هو تطليق ابنته.

واما حديث عبدالله بن الزبير ففيه ايضا مضافا الى ما تقدم من ادله اختلاقه ان ابن الزبير كان من اشد اعداء على (عليه السلام) في حياته و بعد شهادته. قال ابن ابى الحديد

[ في شرح النهج ج 1 ص 358 طبعه مصر في الخطبه 57.] : كان عبدالله بن الزبير يبغض عليا و ينال من عرضه، و روى انه قال لعبدالله بن عباس: انى لاكتم بغضكم اهل هذا البيت اربعين سنه، وانه خطب يوما فنال من على، فبلغ ذلك ابنه محمد بن لحنفيه، فجاء اليه و هو يخطب فوضع له كرسى فقطع عليه خطبته، و قال: يا معشر العرب شاهت الوجوه اينتقص على و انتم حضور، ان عليا كان يد الله على اعدائه، و صاعقه من امره ارسله على الكافرين، فقتلهم بكفرهم فشنووه وابغضوه و اضمروا له السيف والحسد و ابن عمه (صلى الله عليه و آله) حى، فلما نقله الله الى جواره اظهرت له رجال احقادها و شفت اضغانها، فمنهم من ابتزه حقه، و منهم من ائتمر به ليقتله و منهم من شتمه و قذفه بالاباطيل.

و حسبك من ابن الزبير قول

[ في نهج البلاغه كلمه 453 من فضل الحكم، و رواه في الاستيعاب في ترجمه ابن الزبير بحذف كلمه المشوم.] على (عليه السلام): ما زال الزبير منا

اهل البيت حتى نشا ابنه المشوم عبدالله، و غير ذلك مما ورد في شانه

[ كمخالفته لبيعه على (عليه السلام) كما في امالى الطوسى ج 2 ص 340 و منعه خالته عائشه عن الانصراف لما نبحتها كلاب حواب و منه اباه عن اعتزال الحرب في الجمل.]

على انه ايضا كان صبيا في زمان الحديث ولم يكن سنه قابلا لتحمله، فقد ذكر في الاستيعاب في ترجمه المسور انه كان اكبر من المسور باربعه اشهر.

فحاصل الكلام ان حديث خطبه على (عليه السلام) لبنت ابى جهل (عليه اللعنه) على فاطمه الزهراء (سلام الله عليها) مجعول مختلق قد رفعته السن النصب والعداء بعد شهاده على (عليه السلام) فهى اما لا اصل لها اصلا، وانما كانت سعايه من مبغضيه و حاسديه ليفرقوا

[ كما ارادوا التفريق بينهما في غير ذلك مرارا منها بعد ما بعثه النبى (صلى الله عليه و آله) الى اليمن فاصطفي لنفسه جاريه من خمس المغنم واصاب منها، فاتخذوه سبيلا لاسقاطه عن عين الرسول (صلى الله عليه و آله) لمكان ابنته فاطمه، فتعاقدوا على ان يشكوه اليه، و كتب به خالد بن الوليد، فلما ذكروه له قال (صلى الله عليه و آله) مغضبا: ما تريدون من على ان عليا منى و انا منه و هو ولى كل مومن بعدى، و الحديث مشهور و مروى بالفاظ مختلفه، رواه ابن حنبل في مسنده من حديث عمران بن حصين و في مواضع من حديث بريده الاسلمى و رواه الحكام في باب فضائل على (عليه السلام) من مستدركه، و كذا الترمذى في جامعه، و ابن حجر في صواعقه ص 103 و ابن ابى الحديد في شرحه ج 2 ص 430 و غير ذلك، وقد جمع بعض الفاظها المحقق شرف الدين في المراجعه 36 من مراجعاته، والمجلسى في البحار باب 61 و 67 من مجلد احوال اميرالمؤمنين (عليه السلام) و الفيروزآبادى في فضائل الخمسه ج 2 الباب 46 من فضائله (عليه السلام) و لايخفي انه يستفاد من هذا الحديث ايضا فساد ما في حديث المسور لانه لما سمع النبى (صلى الله عليه و آله) ذلك في على لم تاخذه الغيره لبضعته بل غضب على المبغضين له الساعين اليه، وردهم بان لعلى من ذلك المال اكثر من الجاريه.]

بزعمهم بينه و بين الرسول (صلى الله عليه و آله) كما تقدم التصريح بذلك في حديث العلل، او كان اصلها استدعاءا من بنى هشام للعله التى ذكرناها في الحديث الاخر للمسور، ولكن لما كان الغالب في التزويج خطبه الرجل للمراه دون اقرباء المراه للجرل توهم بعض انه كان سبب استيذان بنى هشام خطبه على ( عليه السلام) لها، فتقوله الجاهلون ثم رفعه المبغضون باضافه اشياء اخر عليه حتى ادى ذلك الى شنائه بعض الناصبين، و قدحهم في على (عليه السلام) كما صدر ذلك عن مروان

[ في تاريخ بغداد ج 13 مروان بن سليمان بن يحيى بن ابى حفصه كان ابوحفصه مولى مروان بن الحكم اعتقه يوم الدار يعنى يوم حصر عثمان، لانه ابلى له بلاءا حسنا و اسمه يزيد و قيل: انه كان يهوديا طبيبا اسلم على يد عثمان بن عفان الى ان قال: قدم مروان بن ابى حفصه بغداد و مدح المهدى و الرشيد و كان يتقرب اليه بهجاء العلويه، ثم حكى ان ذلك منه لم يكن الا لحب المال.] بن ابى حفصه، حيث انشد قصيده في مدح هارون الرشيد و ذكر فيها اولاد فاطمه، فذمهم و بالغ في قدح اميرالمؤمنين (عليه السلام) و ذكر منه هذه القضيه حيث قال كما في شرح ابن ابى الحديد الجزء 1 ص 359 طبعه مصر:

·                                 على ابوكم كان افضل منكم و ساء رسول الله اذ ساء بنته فذم رسول الله صهر ابيكم على منبر بالنطق ذى الصادع الفصل

·                                 اباه ذوو الشورى و كانوا ذوى الفضل بخطبته بنت اللعين ابى جهل على منبر بالنطق ذى الصادع الفصل على منبر بالنطق ذى الصادع الفصل

و لسيدنا المغفور له آيه الله السيد مهدى بحر العلوم (تغمده الله برحمته) قصيده في مدح اميرالمؤمنين (عليه السلام) و ذم ناصبيه تناهز

ثلاثماثه بيت انشدها لمعارضه هذه القصيده الخبيثه على قافيتها والجواب عن اسطورتها فقال في ذلك:

و زوجه المختار بضعته و ما++

لها غيره في الناس من كفو عدل

فاكرم بزوجين الاله ارتضاهما

[ تقدم الاستدلال بذلك في كلام السيد المرتضى] ++

جليلين جلا عن شبيه و عن مثل

لذلك ما هم الوصى بخطبه++

حياه البتول الطهر فاقده المثل

بذا اخبر المختار والصدق قوله

[ اشاره الى ما تقدم في حديث العلل من قوله (صلى الله عليه و آله) صدقت] ++

ابو حسن ذاك المصدق في النقل

فاضحى بريئا والرسول مبرء++

وقد ابطلت دعواكم ريه الحبل

[ كانه مثل يضرب به لمن نقض قوله و دعواه بامر ثابت قوى يقال روى الحبل اذا فتله بشده، وقد ورد هذا المصرع في شعر ابن ابى حفصه بعد الابيات المذكوره.]

بذلك فاعلم جهل قوم تحدثوا++

بخطبته بنت اللعين ابى جهل

نعم رغبت مخزوم فيه و حاولت++

بذلك فضلا لواجيبت الى الفضل

[ اشاره الى ما ذكرناه في حديث المسور بالصوره الثانيه.]

فلما ابى الطهر الوصى ولم يجب++

رمته بما رامت و مالت الى العذل

و ساعدها الرجسان فيه و حاولا++

اثاره بغضاء من الحقد في الأهل

الى آخر القصيده و هى مذكوره

[ و ان اردت تمامها فراجع تحفه العالم في شرح خطبه المعالم للعلامه الجليل السيد جعفر آل بحر العلوم (رحمه الله) ج 1 ص 248 من طبعته الثانيه بطهران.] في ترجمه السيد المغفور له في مقدمه كتابه الفوائد الرجاليه، و هو مطبوع في النجف الاشرف.

ولا يخفي ما في شعره هذا من لطف البيان والاستدلال لنفي القضيه ببعض ما تقدم، لكن لم نعلم مراده من الرجسين المساعدين، فلعله يقال ان

مراده عبدالله بن الزبير والمسور بن مخرمه، و ذلك لروايه الحديث عنهما كما تقدم، و تقدم في شان ابن الزبير ما ظهر منه مقدار معاداته لعلى (عليه السلام) كما انه ورد في شان المسور ايضا في اثناء الكتب والاخبار ما يظهر منه انحرافه عنه (عليه السلام) ففى الاستيعاب في ترجمته انه كان في الشورى مع خاله عبدالرحمن بن عوف مقبلا و مدبرا، و ذكر فيه و في غيره انه بعد قتل عثمان انتقل الى مكه و سكن بها، فكانه لم يكن مع على (عليه السلام ) في حروبه، بل في روايه

[ رواها الشيخ الطوسى في اماليه في الجزء الثانى ص 339 في حديث بيعته.] انه بعد ما بويع على (عليه السلام) بالخلافه بعد عثمان ثم خالفه جماعه كان المسور مع الذين خالفوه كالزبير وابنه و مروان، و ذكر في الاصابه و غيرها انه بمكه كان مع ابن الزبير، فلما كان الحصار الاول اصابه حجر من المنجيق فمات به، و عن تاريخ بغداد

[ كما في قاموس الرجال لبعض المعاصرين، و روى عبدالرزاق الصنعانى في المصنف ج 11 باب من اذل السلطان حديثا مضمونه ان المسور كان يطعن اولا على معاويه، فوفد عليه حينا فتكلم معه معاويه حتى خصمه، فكان المسور بعد ذلك اذا ذكر معاويه دعا له بخير.] انه كان اخيرا لايذكر معاويه الا استغفر له.

لكن قد يعارض ذلك بانه ذكرفي اسد الغابه انه كان في الشورى مع خاله عبدالرحمن، و كان هواه مع على (عليه السلام) و ذكره الشيخ الطوسى في رجاله في اصحاب على (عليه السلام) و قال: كان

[ هذا غير معهود و لا مذكور في سائر التواريخ كما انكره بعض المترجمين، و لايبعد كونه اشتباها بغيره او من سهو القلم او النسخه.] رسوله الى معاويه، و روى

[ حكاه المعاصر الشيخ محمد باقر القرشى في كتاب حياه الحسين (عليه السلام) الجزء 3 عن تاريخ ابن عساكر من مصورات مكتبه الامام اميرالمؤمنين (عليه السلام) في النجف الاشرف.] انه لما اراد الامام الحسين بن على (عليهماالسلام)

التوجه من مكه الى العراق، كتب المسور اليه اياك ان تغتر بكتب اهل العراق و يقول لك ابن الزبير الحق بهم فانهم ناصروك... فلما قرا الامام كتابه اثنى على عواطفه و قال لرسوله: استخير الله في ذلك، فلعله ان صح جميع ذلك كان الرجل متلونا ضعيفا شان اكثر العامه، والله العالم.

الفائدة الثالثه
الفائده الثالثه: البضعه بالفتح وقد تكسر بمعنى القطعه من الشى ء الا ان الاكثر استعمالها في اللحم، يقال بضع اللحم اى قطع منه قطعه، و نحوها الحذيه والحذوه بالحاء المهمله المسكوره والذال المعجمه، فانها ايضا بمعنى القطعه من اللحم، كما في لسان العرب قال: و منه الحديث انما فاطمه حذيه منى يقبضنى ما يقبضها. و نحوهما المضغه بضم الميم في قوله (صلى الله عليه و آله) فاطمه مضغه منى فمن آذاها فقد آذانى، او يقبضنى ما قبضها و يبسطنى ما بسطها او نحو ذلك.

فحاصل معنى الحديث في هذه العبارات ان فاطمه كجزء من بدن النبى (صلى الله عليه و آله) في الحرمه والكمال. اما في الحرمه، فلما رتب عليه ان من آذاها فقد آذانى، و من سرها فقد سرنى. واما في الكمال، فلما تقدم انه لما سمع النبى (صلى الله عليه و آله) قولها القويم في احتجابها عن الاعمى و فيما هو خير للمراه قال: ان فاطمه بضعه منى، و مقتضى الحديث حرمه ايذائها في كل امر من الامور، لان ظاهره العموم، و هذا لايتم الا بالحكم بعصمتها، لانه اذا حرم ايذائها في امر يعلم منه ان الحق في هذا الامر في جانبها، والا لم يحرم ايذاء احد في غير حقه، مثلا لو ادعت لنفسها فدكا عن ابيها ارثا لو نحله، او ادعت علما بشى ء من احكام الله تعالى، فردت عن قولها و دعواها فتاذت به وسخطت كان مقتضى عموم الحديث حرمه ردها عن ذلك، فحينئذ اما ان يكون الحق في جانبها و انها لاتكذب و لاتخطا فيه، او انه يحرم ردها و ان كانت كاذبه او مخطئه،

و لاريب في بطلان الثانى عقلا و شرعا، لان احكام الله تعالى على جميع الامه على حد سواء، فتعين الاول، و هذا هو العصمه، و سياتى الكلام انشاء الله تعالى في ذلك في فصل عصمتها بمزيد البيان.

والمستفاد من الحديث ايضا حرمه ايذائها في الامور التى تباح لسائر الناس بالنسبه الى غيرها، و ذلك مثل ان يصاحب الانسان مومنا و كان ذلك سببا لتاذى مومن آخر لاجل هنات و هفوات كانت بينهما في مال او عرض، فان مثل مباح شرعا سيما اذا كان تركه سببا لتاذى المومن الاول، لكن مقتضى عموم الحديث انه اذا كان سببا لتاذى الزهراء (سلام الله عليها) فهو حرام لكونه سببا لتاذى النبى (صلى الله عليه و آله) و لذا يصح ان يقال ان مقتضاه حرمه تزويج امراه اخرى عليها لعلى (عليه السلام) سواء كانت بنت ابى جهل او غيرها، و سواء قلنا بصحه ما في حديث المسور من قضيه الخطبه المزعومه و منع الرسول (صلى الله عليه و آله) ام لاحيث قد صدر الحديث عن النبى (صلى الله عليه و آله) لعلى (عليه السلام) مرارا منها عند تزويجها منه كما تقدم، و لاجل ذلك قد ورد في اخبارنا

[ رواه الطوسى (عليه الرحمه) في اماليه ج 1 ص 42 طبعه النجف باسناده عن الامام الصادق (عليه السلام) و رواه المجلسى عنه في البحار في باب كيفيه معاشرتها، و في آخر الخبر ذكر الراوى قلت: فكيف؟ قال (عليه السلام): لانها طاهره لاتحيض.

اقول: لعل المراد انه كيف كان على (عليه السلام) يصبر عليها و هى امراه تعتل كسائر النساء، فاجاب (عليه السلام) بانها كانت طاهره، واحتمل في البحار ان يكون المعنى ان جلالتها منعت من ذلك، فعبر عنه ببعض الصفات المختصه بها، والله العالم.] ان الله تعالى حرم على على (عليه السلام) النساء ما دامت فاطمه حيه، والغرض من ذلك هو التقدير والمثال، والا فشان على (عليه السلام) في مراعاته لحرمه الرسول و بضعته كان ارفع من ان يسوئهما

و يكدر خاطرهما بذلك سواء حرم عليه ام لا.

واستدل بالحديث ايضا على افضليته الزهراء (سلام الله عليها) على غيرها من سيدات النساء، وهن مريم بنت عمران و آسيه بنت مزاحم و خديجه (رضى الله تعالى عنهن) فان نبينا (صلى الله عليه و آله) كان افضل من جميع الناس، فطبعا كانت بضعته ايضا مثله في الفضل وافضل من غيرها، و تمام الكلام في ذلك ياتى انشاء الله تعالى عند البحث عن تفضيلها من السنه.

الفائده الرابعه
الفائده الرابعه: روى العامه

[ رواه الترمذى في جامعه باب مناقب عائشه باسناده عن عمرو بن العاص و انس بن مالك والبخارى و مسلم في صحيحيهما باب مناقب ابى بكر باسنادهما عن عمرو بن العاص، و ابن ماجه في مقدمه سننه باسناده عن انس.] في احاديثهم عن عمرو بن العاص و انس بن مالك انه قيل لرسول الله (صلى الله عليه و آله): اى الناس احب اليك؟ قال: عائشه: قيل: من الرجال؟ قال: ابوها. ولا ينبغى الريب في ان هذا موضوع في ايام بنى اميه من اشياعهم و دجاجيلهم ليعارضوا به ما ثبت عنه (صلى الله عليه و آله) في فضل على و فاطمه على ما اقتضته سياستهم و دعايتهم ضد اهل البيت (عليهم السلام) فقد كثر في دولتهم وضع هذا النحو من الحديث في الفضائل المزعومه كما اخبر النبى (صلى الله عليه و آله) بكثره الكذابه عليه في حياته و بعد وفاته

[ روى شيخنا الطبرسى في كتاب الاحتجاج عن الامام ابى جعفر الجواد (عليه السلام) انه قال في مناظرته ليحيى بن اكثم القاضى، بمحضر المامون العباسى و جماعه كثيره من الاعيان انه قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) في حجه الوداع: قد كثرت على الكذابه و ستكثر بعدى، فمن كذب على متعمدا فليتبوا مقعده من النار، فاذا اتاكم الحديث عنى فاعرضوه على كتاب الله و سنتى، فما وافق كتاب الله و سنتى فخذوا به و ما خالف كتاب الله و سنتى فلا تاخذوا به، ثم ابطل الامام (عليه السلام) بذلك عده احاديث ارسلها يحيى في فضائل ابى بكر و عمر.

و روى ابن حنبل في مسنده باسانيده عن كعب بن عجره والنعمان بن بشير و حذيفه بن اليمان و ابو سعيد الخدرى عنه (صلى الله عليه و آله) واللفظ للاول انه قال: سيكون بعدى امراء يكذبون و يظلمون، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم و اعانهم على ظلمهم فليس منى و لست منه وليس بوارد على الحوض الخبر، و نحوه في مستدرك الحاكم ج 1 ص 78 و 79 باسانيده عن كعب و خباب و جابر بن عبدالله عنه (صلى الله عليه و آله و سلم).]

و قال الامام اميرالمؤمنين (عليه السلام)

[ كما في نهج البلاغه في الخطبه 208 و نحوه في الكافي كتاب العلم باب اختلاف الحديث، و خصال الصدوق في ابواب الاربعه و زاد فيهما بعد قوله (عليه السلام) خطيبا فقال: ايها الناس قد كثرت على الكذابه و بعد قوله من النار: ثم كذب عليه من بعده.] في جواب من ساله عما في ايدى الناس من الاخبار المختلفه: ان في ايدى الناس حقا و باطلا و صدقا و كذبا، الى ان قال: ولقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) على عهده حتى قام خطيبا، فقال: من كذب على متعمدا فليتبوا مقعده من النار، وانما اتاك بالحديث اربعه رجال ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للايمان متصنع بالاسلام و لايتاثم و لايتحرج يكذب على رسول الله (صلى الله عليه و آله) متعمدا، فلو علم الناس انه منافق كاذب لم يقبلوا منه و لم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا صاحب رسول الله (صلى الله عليه و آله) رآه و سمع منه ولقف عنه فياخذون بقوله، وقد اخبرك الله عن المنافقين بما اخبرك و وصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده فتقربوا الى ائمه الضلاله والدعاه الى النار بالزور والبهتان، فولوهم الاعمال و جعلوهم حكاما على رقاب الناس و اكلوا بهم الدنيا، وانما الناس مع الملوك والدنيا الا من عصم الله... و ذكر ابن ابى الحديد في شرحه لهذا الكلام امورا

كثيره في اسباب وضع الحديث في فضائل الصحابه في ايام معاويه فمما ذكر فيه ان معاويه كتب الى عماله في الافاق: ان انظروا من قبلكم من شيعه عثمان و اهل ولايته الذين يروون فضائله فقربوهم و اكرموهم و اكتبوا لى بكل ما يروون، ثم كتب اليهم: ان الحديث في عثمان قد كثر فادعوا الناس الى الروايه في فضائل الصحابه والخلفاء الاولين، و لا تتركوا خبرا يرويه احد من المسلمين في ابى تراب الا واتونى بمناقض له في الصحابه، فرويت في فضائل الصحابه اخبار كثيره مفتعله... و تقدم في هذا الباب عند البحث عن حديث المسور كلام اخر لابن ابى الحديد عن شيخه الاسكافي في ان معاويه وضع قوما من الصحابه وقوما من التابعين على روايه اخبار قبيحه في على (عليه السلام) و جعل لهم عليه جعلا يرغب فيه فاختلقوا ما ارضاه منهم ابو هريره و عمروبن العاص والمغيره بن شعبه.

و مما يدل على بطلان الحديث المذكور مضافا الى ما تقدم في هذا الباب و غيره من النصوص المتواتره في فضل على و فاطمه و شده اختصاصهما بالنبى (صلى الله عليه و آله) حبا و كرامه وجوه.

احدها: ما ورد من التصريح في اخبار مستفيضه عن جمع من الصحابه حتى عن عائشه بان احب الناس الى رسول الله (صلى الله عليه و آله) على و فاطمه فقد رواه الترمذى في جامعه باب فضل فاطمه والحاكم في مستدركه باب مناقبها من الجزء الثالث و ابن عبدالبر في استيعابه في ترجمتها باسانيدهم عن عائشه

[ رواه عن عائشه جميع بن عمير التيمى وقد حسن الترمذى حديثه هذا و رواه في المستدرك عنه باسنادين ذكر في احدهما انه قال دخلت مع امى على عائشه فسمعتها من وراء الحجاب و هى تسئلها عن على (عليه السلام) فقالت تسئلنى عن رجل و الله ما اعلم رجلا احب الى رسول الله (صلى الله عليه و آله ) منه و لا في الارض امراه احب اليه من امراته ثم قال الحاكم هذا حديث صحيح و لم يخرجه الشيخان.

اقول: جميع بالجيم المضمومه هو من بنى تيم بن ثعلبه ترجمه ابن حجر في تهذيبه و حكى عن جماعه تصديقه و اتهام الذهبى له من جهه ان بنائه على تضعيف من نسب اليه التشيع او روى حديثا في تفضيل اهل البيت (عليهم السلام) و ياتى تمام حديثه هذا عن عائشه في بحث ايه التطهير، و هذا الحديث منهما انما كان بعد وقعه الجمل و رجوعها الى المدينه، كما صرح به في عده من الفاظه، وقد وقعت عائشه بعد تلك الوقعه في ارتباك عظيم و تحسر شديد حتى تمنت ان لو ثكلت بعشره اولاد و لم تخرج اليها حيث قد رجعت خائبه خاسره و مصابه بقتل طلحه والزبير من اقربائها و بلوم النساء لها، فلذا قد لهجت في بعض تلك الاوقات بما كان لعلى و فاطمه (عليهماالسلام) من المنزله العظيمه اظهارا للندامه و موافقه للناس فيما يرونه في شانهما، كما روت لهما حديث الكساء و اختصاصهما بنزول آيه التطهير.] و بريده الاسلمى.

و روى المحب الطبرى في ذخائر العقبى عن اسامه بن زيد انه قالوا: يا رسول الله من احب اليك؟ قال: فاطمه. و نحوها في البحار عن امالى الطوسى و مناقب ابن شهر آشوب، و روى الحاكم ايضا باسناده عن عمر بن الخطاب انه دخل على فاطمه فقال: و الله ما رايت احدا احب الى رسوله الله (صلى الله عليه و آله) منك الخبر. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين و لم يخرجاه.

الثانى: ان الراوى للحديث المذكور انما هو عمرو بن العاص وانس بن مالك، و حال الاول في معاداته الشديده لاميرالمؤمنين (عليه السلام) و اقامه الحروب الداميه عليه بصفين و سبه على المنابر مشهوره متواتره لا يجهلها احد و لاينكرها الا مكابر.

وقد ورد في كتاب

[ في الصفحه 172 طبعه النجف و هذا الكتاب فيه مطالب جليله في قضيه السقيفه و غيرها، و ذكر المجلسى (عليه الرحمه) في مقدمه البحار انه في غايه الاشتهار و انه طعن فيه جماعه و ان الحق انه من الاصول المعتبره.] سليم بن قيس الكوفي انه وضع هذا الحديث

لمعاويه بالشام حيث قال: بعثنى رسول الله (صلى الله عليه و آله) على جيشه

[ اى في غزوه ذات السلاسل و كانت سنه سبع من الهجره وقد بعثه النبى (صلى الله عليه و آله) اولا في ثلاثمائه ثم الحق بهم اباعبيده بن الجراح في ماتين فيهم ابوبكر و عمر، و روى نصر بن مزاحم في كتاب صفين ان عمرا بن العاص رفع في صفين شقه خميصه سوداء في راس رمح فقال ناس هذا لواء عقده له رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعنى: في الغزوه المذكوره، فبلغ ذلك عليا، فقال: انما اخرج رسول الله (صلى الله عليه و آله) هذه الشقه و قال: من ياخذها بما فيها، فقال عمرو: ما فيها؟ فقال: ان لاتقاتل به مسلما و لاتقربه من كافر، فاخذها فوالله قربه من المشركين و قاتل به اليوم المسلمين، والله ما اسلموا ولكن استسلموا و اسروا الكفر فلما وجدوا عليه اعوانا رجعوا الى عدوانهم الا انهم لم يدعوا الصلاه.] فيهم ابوبكر و عمر، فظننت انه انما بعثنى لكرامتى عليه فلما قدمت قلت: يا رسول الله اى الناس احب اليك، فقال: عائشه، قلت: من الرجال؟ قال: ابوها، ايها الناس و هذا على يطعن على ابى بكر و عمر و عثمان، فبلغ ذلك عليا (عليه السلام) فقام و قال: العجب لطغام اهل الشام حيث يقبلون قول عمرو و يصدقونه وقد بلغ من حديثه و كذبه و قله و رعه ان يكذب على رسول الله (صلى الله عليه و آله) الى ان قال: والله ما اراد بقوله في عائشه و ابيها الا رضا معاويه ولقد استرضاه بسخط الله تعالى.

اقول: واعجب من هذا بكثير ان البخارى و مسلم و من حذا حذوهما من رواه العامه الذين يزعمون لانفسهم بث العلم و نشر صحاح السنن يخرجون في صحاحهم احاديث عن عمرو بن العاص بعد ما اشتهر عنه في الافاق من الرذائل والاحداث في صفين و بعدها من قتل المسلمين و تامير معاويه و محاربه الامام الحق الذى جعله الله تعالى نفس رسوله لمباهله اهل الكتاب و جعله الرسول (صلى الله عليه و آله) اخاه و بمنزله هارون من موسى.

و حسبنا في شان عمرو انه كان امام الفئه الباغيه بنص قول النبى

[ قال ابن عبدالبر في الاستيعاب و ابن حجر في الاصابه انه تواترت الاثار عن النبى (صلى الله عليه و آله) ان عمارا تقتله الفئه الباغيه، ثم قال في الاستيعاب: و هذا من اخباره بالغيب و اعلام نبوته و هو من اصح الاحاديث انتهى.] (صلى الله عليه و آله و سلم) لعمار تقتلك الفئه الباغيه. و قال اميرالمؤمنين (عليه السلام) كما في الخطبه 82 من النهج: عجبا لابن النابغه يزعم لاهل الشام ان في دعابه و انى رجل تلعابه، لقد قال باطلا و نطق آثما، اما و شر القول الكذب انه ليقول فيكذب و يعد فيخلف الى آخر ما ذكر من معايبه.

و اما انس بن مالك، فهو ايضا ضعيف عند الاماميه، لما ورد

[ رواه الخاصه والعامه، كشيخنا المفيد في ارشاده في اواخر فضائل اميرالمؤمنين (عليه السلام) عن طلحه بن عميره على ما في نسخه الارشاد لكن صوابه عن طلحه يعنى ابن مصرف عن عميره بن سعد الهمدانى، كما صرح بذلك في غيره، و رواه الكشى في رجاله في ترجمه البراء بن عازب عن زر بن حبيش، والبلاذرى في انساب الاشراف في ترجمه اميرالمؤمنين (عليه السلام) باسناده عن ابى وائل شقيق بن سلمه، و قال ابن ابى الحديد في شرح الخطبه 57: ذكر جماعه من شيوخنا ان عده من الصحابه والتابعين والمحدثين كانوا منحرفين عن على (عليه السلام) و منهم من كتم مناقبه و اعان اعدائه ميلا مع الدنيا وايثارا للعاجله، فمنهم انس بن مالك، ثم ذكر القصه، و ذكرها ايضا في شرح الكلام 311 من حكم النهج، وان شئت المزيد فراجع كتاب الغدير الجزء 1 و ذيل احقاق الحق الجزء 6 في اخبار المناشده و الجزء 8 باب استجابه دعا، اميرالمؤمنين (عليه السلام) و بحار الانوار الجزء 37 من طبعه طهران الاسلاميه باب اخبار الغدير والجزء 38 باب خبر الطير والجزء 41 باب استجابه دعواته (عليه السلام) ص 204 و ما بعدها متعددا، والجزء 60 باب فضل الانسان، لكن المذكور في بعضها ان دعاء اميرالمؤمنين على انس كان لاجل ان انسا رده (عليه السلام) عن الدخول على النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) في قضيه الطير المشوى حيث دعا بقوله اللهم اثنتى باحب خلقك اليك ياكل معى من هذا الطير، فسمعه انس و كان حاجبا له في ذاك اليوم واحب ان يكون الداخل رجلا من قومه، و في خبر انه كان لاجل انه كتم الشهاده بهذه القضيه في الشورى، و ذكر السيد الرضى (رضى الله تعالى عنه) في الحكم 311 من النهج انه لاجل ان الامام (عليه السلام) بعثه يوم الجمل الى طلحه والزبير يذكرهما ما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فاعتذر بالنسيان الا ان المشهور هو الاول كما في شرح ابن ابى الحديد، و يمكن صحه غيره ايضا و تاخر استجابه دعائه (عليه السلام) والله العالم.]

مستفيضا من كتمانه الشهاده لاميرالمؤمنين (عليه السلام) بقول النبى (صلى الله عليه و آله) في غدير خم من كنت مولاه فعلى مولاه، و ذلك بعدما جمع اميرالمؤمنين (عليه السلام) الناس في رحبه الكوفه، و قال: انشد الله رجلا سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول يوم غدير خم ما قال الا قام و شهد، فقام له جمع من الصحابه

[ النصوص في عددهم مختلفه، ففى بعضها اثنا عشر صحابيا، و في آخر كما في مسند ابن حنبل ج 1 ص 119 من احاديث على (عليه السلام) عن عبدالرحمن بن ابى ليلى اثنا عشر بدريا و في ج 4 ص 370 من احاديث زيد بن ارقم ثلاثون من الناس يعنى الصحابه، و فيه ايضا عن ابى نعيم و هو بعض رواته انه قام ناس كثير فشهدوا ان النبى (صلى الله عليه و آله) اخذ بيد على (عليه السلام) و قال للناس: اتعلمون انى اولى بالمومنين من انفسهم؟ قالوا: نعم، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه، فالمستفاد من الجميع انهم كانوا ثلاثين او اكثر فيهم اثنا عشر بدريا، و لاينافيه ما في اخبار اخر من انهم كانوا اقل لجواز انه اخبر كل احد من رواه القضيه بما رآه من الشهود.

و على كل حال فاصل قضيه المناشده من اميرالمؤمنين (عليه السلام) في رحبه الكوفه و شهاده جمع من الصحابه له من القضايا المشهوره المسلمه التى رواها اهل التاريخ عن جماعه من اصحاب (عليه السلام) فراجع الغدير و ذيل احقاق الحق فيما اشرنا اليه منهما، والمراجعات في المراجعه 56 والبحار ج 37 باب اخبار الغدير، و كانت القضيه بعد ورود اميرالمؤمنين (عليه السلام) الكوفه من الجمل قبل وقعه صفين، فاتم بذلك حجته على الناس في ولايته و وجوب طاعته عن الله و رسوله و لزوم اتباعه في قتال المخالفين.] و شهدوا بانهم سمعوا ذلك منه

فقال (عليه السلام) لانس: ما يمنعك ان تشهد وقد سمعت ما سمعوا: فقال: يا اميرالمؤمنين كبرت و نسيت، فقال (عليه السلام): اللهم ان كان كاذبا فاضربه ببياض لا تواريه العمامه، فاصابه البرص حتى روى بين عينيه.

و روى شيخنا الصدوق (عليه الرحمه) في كتاب الخصال عن الامام الصادق (عليه السلام): قال: ثلاثه يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه و آله) ابوهريره و انس بن مالك و امراه.

و حكى ابن ابى الحديد في شرح الخطبه 57 ج 1 ص 360 طبعه مصر عن شيخه الاسكافي عن ابى يوسف قال: قلت لابى حنيفه: الخبر يجى ء عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) يخالف قياسنا ما تصنع به؟ قال: اذا جائت به الرواه الثقاه عملنا به و تركنا الراى فقلت: ما تقول في روايه ابى بكر و عمر؟ فقال: ناهيك بهما، فقلت: على و عثمان قال كذلك فلما رآنى اعد الصحابه قال: والصحابه كلهم عدول ما عدا رجالا ثم عد منهم اباهريره و انس بن مالك.

قلت: و ربما يشهد له اكثار انس للحديث عن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) كما صرح باكثاره في الاصابه و اسد الغابه و غيرهما اذ من المعلوم ان تحمل الحديث بحقه والتحفظ عليه بتمامه لايجتمع غالبا مع اكثاره، و لذا ورد النهى عنه عن النبى (صلى الله عليه و آله) كما في اخبار اهل السنه

[ في مقدمه سنن ابن ماجه باب التغليظ في الكذب على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و مقدمه سنن الدارمى باب اتقاء الحديث عنه باسنادهما عن ابى قتاده عن النبى (صلى الله عليه و آله) يقول على المنبر اياكم و كثره الحديث عنى، فمن قال فليقل حقا او صدقا، وقد ورد ايضا عن بعض الصحابه انهم كانوا يتشددون في نقل الحديث كما عن زيد بن ارقم، راجع كتاب الاضواء لابى ريه و غيره مما كتب في علوم الحديث.]

على ان الراوى للحديث المذكور عن انس حميد الطويل، والراوى له عن حميد هو المعتمر بن سليمان، و كلاهما بصرى والبصريون متهمون بالانحراف عن على (عليه السلام) كما حكاه ابن ابى الحديد في شرح تلك الخطبه عن شيخه الاسكافي والثقفي صاحب الغارات، و ذلك لما كان في نفوسهم من احقاد يوم الجمل و كانت فيهم اماره اعدائه زياد بن ابيه و ابنه عبيدالله

[ روى الثقفي في الغارات ج 2 باب من فارق عليا (عليه السلام) عن ابى غسان البصرى قال: بنى عبيدالله بن زياد (لعنه الله) مساجد بالبصره تقوم على بغض على (عليه السلام) والوقيعه فيه مسجد بنى عدى و مسجد بنى مجاشع...] و سمره بن جندب عليهم لعائن الله، فكانوا يسعون فيهم بالنصب و معاداته و هذا طبعا يوثر في نفوسهم، لان الناس على دين ملوكهم غالبا الا من عصم الله كما مر قريبا عن اميرالمؤمنين (عليه السلام).

اضف الى ذلك ما قيل كما في تهذيب التهذيب: ان المعتمر بن سليمان كان سى ء الحفظ و حميد الطويل كان مذلسا ياخذ الحديث عن ثابت البنانى و يسنده الى انس بن مالك، فلعله انما اخذ الحديث المذكور عن ابى عثمان النهدى

[ هو عبدالرحمن بن مل بالميم المثلثه واللام المشدده من رواه العامه، ترجمه ابن حجر في التهذيب، فذكر انه سكن الكوفه، ثم تحول الى البصره بعد قتل الحسين (عليه السلام) و مات حدود سنه الماه و له ماه و ثلاثون او ماه و اربعون سنه، و روى عن جماعه من الصحابه منهم عمرو بن العاص، و روى عنه جماعه منهم حميد الطويل.] ثم اسنده الى انس، و ذلك لان ابا عثمان هو الذى روى هذا الحديث عن عمرو بن العاص، كما تجده في صحيح البخارى و مسلم واحد طريقى الترمذى. وقد كان هذا الرجل معاصرا لانس بن مالك و ساكنا معه في البصره مده طويله حيث ان انسا كان كذلك، فيمكن ان يكون حميد الطويل و هو ايضا كان في البصره انما

سمع هذا الحديث من ابى عثمان و اسنده الى انس تدليسا، والتدليس في اصطلاح اهل الرجال ان يسمع الحديث من احد و يسنده الى غيره مسامحه، و هو من آفات الحديث قد ابتلى به احاديث الخاصه والعامه كثيرا، فعلى هذا يكون المرجع في هذا الحديث عمرو بن العاص الذى قد عرفت حاله و حال حديثه المذكور.

الثالث: ان الحديث اذا كان مخالفا للكتاب والسنن القطعيه فهو زخرف باطل، و قد امر النبى (صلى الله عليه و آله و سلم)

[ ارسل شيخنا المحقق الحلى في اول كتابه المعتبر عن النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) ستكثر بعدى القاله على، فاذا جائكم عنى حديث فاعرضوه على كتاب الله العزيز، فان وافقه فاعملوا به والا فردوه. والنصوص بذلك من طرق الاماميه عن الائمه الطاهرين (عليهم السلام) كثيره مستفيضه، منها: ما تقدم في اول هذه الفائده عن الامام الجواد (عليه السلام) وقد رواه عن النبى (صلى الله عليه و آله) عند المامون و يحيى بن اكثم القاضى و جماعه، فراجع البحار كتاب العلم باب علل اختلاف الاخبار و هو جزئه الثانى من طبعه الاسلاميه ص 219.] بعرض الحديث عليهما و طرد ما خالفهما، وقد انزل الله تعالى في ذم عائشه و صاحبتها حفصه قوله: «ان تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما»

[ لم يختلف احد في ان الايه خطاب لعائشه و حفصه على طريقه الالفتات، كما صرح به في التفاسير و وردت به النصوص من العامه والخاصه، ففى بعضها كما في تفسير الطبرى و صحيح البخارى ان ابن عباس سال عنها عمر بن الخطاب فقال: هما عائشه و حفصه، و ذكر في ذلك كلاما طويلا.] اى زاغت

[ في الطبرى باسناده عن ابن عباس قول الله تعالى «فقد صغت قلوبكما» يقول: زاغت قلوبكما يقول: فقد اثمت قلوبكما. و فيه باسناده عن مجاهد قال: كنا نرى ان قوله تعالى «فقد صغت قلوبكما» شى ء هين حتى سمعت قرائه ابن مسعود: «ان تتوبا الى الله فقد زاغت قلوبكما».

اقول: لعل ابن مسعود انما قرا كذلك تفسيرا لا تلاوه، كما قد روى مثله في غير هذه الايه كثيرا مثل قرائه انس بن مالك و اصوب قيلا في قوله تعالى: «و اقوم قيلا» و قرائه علقمه بن قيس فخاطبها من تحتها في «فناداها من تحتها» و قرائه ابى بن كعب و سعد بن ابى وقاص: «وان كان رجل يورث كلاله او امراه و له اخ او اخت من ام» بزياده من ام كما في الكشاف عنهما، و حكاه شيخنا في ارث الجواهر عن ابن مسعود، و قرائه ابن مسعود ايضا و غيره واقيموا الحج والعمره الى البيت في «واتموا الحج والعمره» كما في الدر المنثور.] عن

الحق والصواب من طاعه الرسول (صلى الله عليه و آله) و حسن معاشرته بالمحافظه على سره و ترك ايذائه، ثم قال لهما: «وان تظاهرا عليه» اى تتعاونا على ايذائه والبقاء على فعل ما يسوئه: «فان الله هو مولاه و جبرئيل و صالح المومنين والملائكه بعد ذلك ظهير» يعنى: لايضره كيد كما ولا سوء معاشرتكما له، لان مولاه هو الله يتولى اموره، ثم بعد ذلك يظاهره جبريل و صالح المومنين و بعد ذلك يظاهره الملائكه.

و على كل فقد امرهما بالتوبه لزيغ قلوبهما عن الحق وليس ذلك الا لعصيانهما و تفريطهما فيما هو الواجب عليهما من حق النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) والا لم تستحقا هذا التكليف والعتاب والتهديد الاتى.

والمستفاد من كلمات المفسرين من العامه ان عصيانهما له انما كان بما اشار اليه في اول السوره، و هو ان رسول الله (صلى الله عليه و آله) حرم على نفسه ما احل الله له و هو العسل، او ماريه القبطيه على اختلاف في ذلك بين اخبارهم في سبب نزولها، فالقى النبى (صلى الله عليه و آله) ذلك سرا مع سر آخر الى حفصه فافشته حفصه لعائشه، فاظهرتا السرور بما فعله النبى (صلى الله عليه و آله) من التحريم المذكور، لان هواهما كان في ذلك

والحال انه كان الواجب على حفصه ان لاتفشى سر النبى (صلى الله عليه و آله) و كان الواجب عليهما ايضا ان لاتظهرا السرور بتحريمه، بل تحبان ما احبه و تكرهان ما كرهه، كما هو مقتضى حسن المعاشره معه، و لم يكن تحريمه لشى ء من العسل او ماريه لكراهته لهما في نفسه بل كان لمرضاه الزوجين حيث كانتا مصرتين لهذا التحريم، فبذلك قد صغت قلوبهما و وجب عليهما التوبه الى الله تعالى و ان لا تتظاهرا عليه بترك التوبه والبقاء على شانهما.

لكن الظاهر من لحن الايه بهذا النحو من العتاب ثم التعريض بهما للطلاق في الايه الاخرى ثم ضرب المثل لهما بامراتى نوح و لوط (عليهماالسلام) و انهما لم يغنيا عنهما من الله شيئا ان الخطب كان اعظم و ايذائهما له اكثر، و يوديه الخبر الطويل المروى في صحيح البخارى في كتاب التفسير سوره التحريم و تفسير الخازن عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب حيث ان مفاده انهما قد تظاهرتا.

وقد ورد ايضا في اخبار كثيره ان عائشه كانت تغضب النبى (صلى الله عليه و آله) و توذيه بغيرتها على ازواجه المومنات سيما على سيدتهن خديجه الكبرى التى توفيت من قبل، فكان النبى (صلى الله عليه و آله) يذكرها كثيرا بخير و يثنى عليها كثيرا، و يطلب لها الرحمه من الله تعالى، و يكرم صدائقها لما تحملت في الاسلام من الايمان بالله و رسوله والبلاء العظيم بنفسها و مالها.

فعن عائشه قالت

[ صحيح مسلم باب فضائل خديجه و نحوها في البخارى و طبقات ابن سعد.] : ما غرت على امراه لرسول الله (صلى الله عليه و آله) كما غرت على خديجه لكثره ذكره اياها و ما رايتها قط. و في خبر.

آخر

[ صحيح مسلم الباب المذكور و قولها خديجه انكار لقوله هذا و لكثره ثنائه عليها.] قالت: و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) اذا ذبح الشاه يقول: ارسلوا بها الى اصدقاء خديجه قالت: فاغضبته يوما و قلت خديجه فقال (صلى الله عليه و آله): انى قد رزقت حبها.

و روى ايضا عنها قالت

[ رواه كذلك في مسند ابن حنبل ج 6 ص 154 و نحوه في ص 150 و رواه في الاستيعاب في ترجمه خديجه، الا انه قالت: فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال: لا والله ما ابدلنى الله خيرا منها آمنت بى اذ كفر الناس...] : ذكر رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوما خديجه فاطنب في الثناء عليها، فادركنى ما يدرك النساء من الغيره فقلت: لقد اعقبك الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، فتيغر وجه رسول الله (صلى الله عليه و آله) تغيرا لم اره تغير عند شى ء قط الا عند نزول الوحى او عند المخيله حتى يعلم رحمه او عذاب.

و مثل ذلك ما ورد انها كانت تكسر بمحضر النبى (صلى الله عليه و آله) اوانى ازواجه اذا اتت واحده منهن بطعام اليه، فقد فعلت ذلك مره باناء ام سلمه، كما في سنن النسائى باب الغيره من كتاب عشره النساء ج 7 و اخرى باناء حفصه كما في المسند ج 6 ص 111 و ثالثه باناء صفيه كما فيه ص 277 و في سنن النسائى ايضا، وقد ذكر في المسند انها قالت: فنظر الى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فعرفت الغضب في وجهه فقلت: اعوذ برسول الله ان يلعننى اليوم الخبر.

الى غير ذلك من افعالها غير لمرضيه، و سوء ادبها و معاشرتها مع النبى (صلى الله عليه و آله) كرفع صوتها عليه، و مخاصمتها له الى ابيها ابى بكر، و مد رجليها قدامه في قبلته حينما يصلى، واحتيالها مع حفصه في اعتزاله عن زوجته اسماء بنت النعمان قبل ان يدخل بها، و احتيالهما ليمتنع

عن شرب العسل عند زوجته ام سلمه او زينب بقوله كذبا اجد من فيك ريح مغافير.

و من اراد تفصيل ذلك و غيرها والاشاره الى مداركها فليراجع كتاب احاديث عائشه للسيد العسكرى، و كتاب السبعه من السلف للسيد الفيروزآبادى، و كتاب المراجعات في المراجعه 76 و ما بعدها، و كتاب النص والاجتهاد في طبعته الثانيه للسيد المحقق المتتبع شرف الدين، و غير ذلك من كتب الاماميه، فقد ذكروا في ذلك اخبارا كثيره من كتب اهل السنه، و ما ورد فيه من اخبار الاماميه اكثر و اصرح.

و من اشنع ما ثبت في ذلك عن عائشه غيرتها و فريتها على جاريه النبى (صلى الله عليه و آله) المومنه ماريه القبطيه حيث اعطاها الله تعالى جمالا رائقا و وهب لها من النبى (صلى الله عليه و آله) غلاما زكيا، فلم تملك عنها عائشه نفسها حتى اتهمتها مع المنافقين في ولدها بما يجب ان يكرم عنه النبى (صلى الله عليه و آله) و تنزه عنه ساحته.

و حاصل القضيه انه لما كتب النبى (صلى الله عليه و آله) الى المقوقس ملك الاسكندريه يدعوه الى الاسلام وارسل كتابه مع حاطب بن ابى بلتعه اكرم المقوقس كتابه و رسوله، ثم اهدى اليه مع حاطب هذه الجاريه و اختها سيرين و اشياء اخر، و بعث مع ماريه عبدا اسود اسمه مابور كان اخا ماريه

[ ورد في بعض التراجم انه كان اخاها، كما في الاصابه في ترجمه ماريه، و عن طبقات ابن سعد في ترجمه ابراهيم، و في آخر انه كان ابن عمها كما في اسد الغابه في ترجمه مابور، واحتمل ابن حجر في الاصابه في ترجمه مابور انه كان اخاها لامها فلا منافاه.] او ابن عمها و كان شيخنا مجبوبا ليخدمها و بعث معهم جماعه من اهل بلده لمحافظتهم الى الحجاز، فعرض حاطب الاسلام على ماريه فاسلمت

هى واختها، فلمّا وصلوا الى المدينه قبل النبى (صلى اللّه عليه و آله) تلك الهدايا، فهوهب سيرين لحسّان بن ثابت، واتّخذ ماريه لنفسه جاريه، و كان (صلى اللّه عليه و آله) يكرمها و يقسم لها كازواجه و ضرب عليها الحجاب.

قالت عائشه كما في ترجمه ماريه من الاصابه: ما غرت على امراه الا دون ما غرت على ماريه وذلك انها كانت جميله جعده، فاعجب بها رسول الله (صلى اللّه عليه و آله) و كان انزلها اول ما قدم بها في بيت لحارثه بن النعمان فكانت جارتنا، فكان عامه الليل والنهار عندها حتى يعنى او عناها فجزعت فحولها الى العاليه و كان يختلف اليها هناك، فكان ذلك اشد علينا انتهى كلام عائشه بلفظه على ما في الاصابه.

فلما ولدت لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ابنه الكريم ابراهيم، و كان اشبه الناس به، و كان (صلى الله عليه و آله) يحبه كثيرا اشتدت غيره عائشه عليها اذ لم يكن لها ولد منه، ثم المنافقون من اعدائه فرصه للافتراء عليه فقال اهل الافلك والزور منهم: انه لحاجته الى الولد و رغبته فيه ادعى ولد غيره يعنى ان ابراهيم ولد لمابور (نعوذ بالله من الرذاله) فرفع ذلك الى النبى (صلى الله عليه و آله) و كان ابراهيم يغذى بلبن الضان اذ كانت امه قليله اللبن.

قالت عائشه كما في مستدرك الحاكم ج 4 ص 39: دخل النبى (صلى الله عليه و آله) على بابنه ابراهيم ذات يوم فقال: كيف ترين؟ فقلت: من غذى بلبن الضان يحسن لحمه قال: ولا الشبه قالت: فحملنى ما يحمل النساء من الغيره ان قلت ما رايت شبها ارادت بذلك تاييد افك الآفكين لقولها فحملنى ما يحمل النساء من الغيره فلما طالت عليه الالسنه و قوى الافتراء قال (صلى الله عليه و آله) لعلى (عليه السلام): اذهب الى مابور واقتله فقال على (عليه السلام): اكون كالسكه المحماه او الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فقال النبى (صلى الله عليه و آله): بل الشاهد يرى ما لا يرى

الغائب، فجاء على (عليه السلام) فوجده مجبوبا ممسوحا، فرجع الى النبى (صلى الله عليه و آله) فاخبره، فقال (صلى الله عليه و آله): الحمدلله الذى صرف عنا السوء. و ان اردت تفصيل القضيه فراجع طبقات ابن سعد والاصابه والاستيعاب واسد الغابه في ترجمه ابراهيم وامه ماريه ومابور و حاطب بن ابى بلتعه، و مستدرك الحاكم والبحار باب عدد اولاد النبى (صلى الله عليه و آله) من المجلد السادس من الطبعه القديمه و هو في الجزء 22 من الطبعه الجديده و غير ذلك.

و حاصل البحث انه بعد ملاحظه ما ذكرنا في شان ام المومنين عائشه والتامل فيه ورعايه الانصاف هل يمكن ان يعترف القلب حقيقه بان تكون عائشه محبوبه للنبى (صلى الله عليه و آله) اصلا فضلا عن ان تكون احب النساء اليه؟ كلا والله العظيم.

اضف الى ذلك ان النبى (صلى الله عليه و آله) اخبرها منذرا بانها تخرج بعده من بيتها على جمل ادبب، فتهتك سترها و حرمته فتحارب عليا اخاه و وصيه ويقتل دونها الوف من المسلمين، فكيف تكون مع ذلك احب اليه وقد جعل (صلى الله عليه و آله) حرب على حربه، كما تقدم عن النصوص الصحيحه حتى بالنسبه الى بضعته المرضيه التى انزل الله تعالى في شانها ما انزل من آيات نذكر بعضها في التالى و نوه النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) بفضائلها المتكثره و خصائصها المتظافره.

ام كيف يكون ابوها ابوبكر احب الرجال اليه حتى بالنسبه الى على (عليه السلام) مع ان عليا كان بمنزله نفس النبى (صلى الله عليه و آله) كما في آيه المباهله و جعله النبى (صلى الله عليه و آله) اخاه مرتين

[ وذلك حينما آخى بين اصحابه مره في مكه بين المسلمين الاولين قبل الهجره، واخرى بعد الهجره بخمسه اشهر في المدينه بين المهاجرين والانصار، ففى كلتيهما اصطفي منهم لنفسه عليا، و قال له في كل مره: انت اخى في الدنيا والآخره، كما ذكره في الاستيعاب في ترجمته، والسيره الحلبيه ج 2 ص 20 و 91 و غيرهما، وقد ذكر المحقق شرف الدين في المراجعه 32 من مراجعاته تحقيقا لطيفا حول القضيه ينبغى ان يراجعه اهله فيعرف انه كيف فضل الله و رسوله عليا على جميع الصحابه.] و بمنزله

هارون من موسى، وانه (صلى الله عليه و آله) في يوم خيبر اعطى رايته ابابكر فتقدم بها ولكن رجع خائبا، ثم دفعها الى عمر فرجع كذلك، ثم قال (صلى الله عليه و آله) كما في الاستيعاب

[ رواه في الاستيعاب في ترجمه على (على السلام) عن سعد بن ابى وقاص و سهل بن سعد وابى هريره و بريده الاسلمى وابى سعيد الخدرى و عبدالله بن عمر و عمران بن حصين و سلمه بن الاكوع كلهم بمعنى واحد، و نحوه في خصال الصدوق و مناقب الخوارزمى باسنادهما عن ابى الطفيل عامر بن واثله في حديث الشورى حيث احتج اميرالمؤمنين (عليه السلام) به في فضائله على اهل الشورى فاعترفوا له بذلك جميعا، و في بعض الاخبار زياده لفظ كرار غير فرار، كما في تاريخ اليعقوبى، و مجمع البيان في تفسير سوره الفتح، و امالى شيخنا الطوسى (عليه الرحمه) في حديث الشورى ج 2 ص 160 عن ابى ذر الغفارى (رضى الله عنه).

اقول: ولا هميه قصه خيبر و فتحها على يد على (عليه السلام) و قول النبى ( صلى الله عليه و آله) في شانه و ظهور المعجزه له الف شيخنا المحدث المتتبع قوام الدين القمى الوشنوى (حفظه الله) رساله جمع فيها ما اورده اهل السنه في كتبهم من التاريخ والفضائل مما يقرب من ستين كتابا عن اكثر من عشرين صحابيا، وقد ورد قول النبى (صلى الله عليه و آله) في بعضها بنقيصه من اللفظ المذكور، لكن اكثرها متفقه على لفظه يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله.] و غيره: لاعطين الرايه غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله ليس بفرار يفتح الله على يديه فدعا بعلى (عليه السلام) و هو ارمد، فتفل في عينيه واعطاه الرايه ففتح الله عليه، فان الظاهر من هذا الكلام في ذاك المقام هو التعريض بصاحبيه وانهما

ليسا بهذه الصفات.

هذا وقد شط بنا القلم وطال الكلام في هذا الباب حتى صار بحمد الله كرساله مستقله، وذلك لسعه جوانبه واستدعاء كل جانب منه الى التحقيق لئلا يشذ منه شى ء دخيل فيه، و تعرضنا ايضا في اثنائها لمطالب اخر مفيده في البحث او لمحض الاستطراد، سيما في هذه الفائده الاخيره التى بحثنا فيها عن شى ء من احوال ام المومنين عائشه، حيث ان اخواننا اهل السنه قد بالغوا في رفع شانها بمالا تقول به عائشه لنفسها، حتى ان ابن حزم الاندلسى ذكر في كتابه الفصل عند التكلم في وجوه الفضل بين الصحابه من جزئه الرابع ان افضل الامه بعد نبيها (صلى الله عليه و آله) عائشه معتمدا فيه على وجوه بارده منها الحديثان المذكوران في فضلها عن انس و عمرو بن العاص، و ذكر نحوه ايضا في رسالته في المفاضله بين الصحابه.

و هذا الرجل كان من اهل النظر والاستدالال كما يظهر من كتابه المحلى في الفقه، فربما يفتى فيه بما يراه حقا وان كان مخالفا لجميع سلفه، كتحريم القياس في احكام الشرع، لكن كان لهايضا نوادر و آراء سخيفه مبنيه على اعوجاج السليقه. و ذكر ابن خلكان في وفياته ان جده كان من موالى يزيد بن ابى سفيان، فينبغى ان يقال له ما كتبه اميرالمؤمنين (عليه السلام) الى معاويه، كما في نهج البلاغه في المكتوب 28: و زعمت ان افضل الناس في الاسلام فلان و فلان، فذكرت امرا ان تم اعتزلك كلمه، وان نقص لم يلحقك ثلمته، و ما انت والفاضل والمفضول والسائس والمسوس، و ما للطلقاء وابناء الطلقاء، والتمييز بين المهاجرين الاولين و ترتيب درجاتهم و تعريف طبقاتهم الى آخره. وان شئت العثور على بعض نوادره و ما قيل في شانه فراجع الفصول المهمه لشرف الدين في الفصل العاشر منه، و كتاب

الغدير

[ فمما حكى عنه ان قاتل اميرالمؤمنين (عليه السلام) و قاتل عمار بن ياسر (رضى الله عنه) معذوران لخطائهما في الاجتهاد على خلاف الضروره والنصوص الكثيره الثابته عن النبى (صلى الله عليه و آله) في عظم ذلك.] لشيخنا الامينى (رحمهما الله) في الجزء الاول والثالث، والحمد لله رب العالمين.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page