• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الخطبة الأولى

روى أبوجعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري في دلائل الإمامة ص 30 نجف بأسانيده المتعددة لما أجمع أبوبكر على منع فاطمة عليهاالسلام من فدك و صرف عاملها عنها لاثت خمارها و أقبلت في لمة من حفدتها و نساء قومها تطأ أذيالها ما تخرم من مشية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حتى دخلت على أبي بكر و قد حفل حوله المهاجرون والأنصار فنيطت دونها ملاأة فأنّت أنة أجهش لها القوم بالبكاء ثم أمهلت حتى إذا هدأت فورتهم و سكنت روعتهم افتتحت الكلام فقالت: أبتدء بالحمد لمن هو أولى بالحمد والمجد والطول الحمد للّه على ما أنعم و له الشكر و على ما ألهم والثناء على ما قدم من عموم نعم ابتداها، و سبوغ آلاء أسداها، و احسان منن والاها، جم عن الإحصاء عددها، و نأى عن المجارات أمدها، و تفاوت عن الإدراك أبدها، استدعى الشكور بافضالها، و استحمد الخلايق بأجزالها، و أمر بالندب إلى أمثالها.

و أشهد أن لا إله إلا اللّه كلمة جعل الإخلاص تأويلها، و ضمن القلوب موصولها، و أبان في الفكر معقولها، الممتنع عن الأبصار رؤيته، و عن الألسن صفته، و عن الأوهام الإحاطة به.
ابتدع الأشياء لا عن شي ء كان قبله، و أنشأها بلا احتذاء مثله وضعها لغير فائدة زادته إظهاراً لقدرته، و تعبداً لبريته، و اعزازاً لأهل دعوته، ثم جعل الثواب على طاعته، و وضع العقاب على معصيته، ذيادة لعباده عن نقمته، و حياشة لهم إلى جنته.

و أشهد أن أبي محمداً عبده و رسوله، اختاره قبل أن يبتعثه، و سماه قبل أن يستنخبه، إذا الخلايق في الغيب مكنونة، و بسد الأوهام مصونة، بنهاية العدم مقرونة، علماً منم اللّه في غامض الاُمور و إحاطة من وراء حادثة الدهور، و معرفة بموقع المقدور، ابتعثه اللّه اتماماً لعلمه، و عزيمة على إمضاء حكمه، فرأى الاُمم فرقاً في أديانها عكفاً على نيرانها، عابدة لأوثانها، منكرة للّه مع عرفانها، فأنار اللّه بمحمد ظلمها، و فرج عن القلوب شبهها، و جلا عن الأبصار غممها و عن الأنفس عممها
[العمه التحيّر.]

ثم قبضه اللّه إليه قبض رأفة و رحمة و اختيار، و رغبة لمحمد عن تعب هذه الدار، موضوعاً عنه أعباء الأوزار، محفوفاً بالملائكة الأبرار، و رضوان الرب الغفار، و مجاورة الملك الجبار، أمينه على الوحي، وصفيه و رضيه، و خيرته من خلقه و نجيه، فعليه الصلاة والسلام و رحمة اللّه و بركاته.

ثم التفتت إلى أهل المسجد فقالت للمهاجرين والأنصار:

و أنتم عباد اللّه نصب أمره و نهيه، و حملة دينه و وحيه، و اُمناء اللّه على أنفسكم، و بلغاؤه إلى الاُمم، زعيم اللّه فيكم، و عهد قدمه إليكم، و بقية استخلفها عليكم، كتاب اللّه بينة بصائره و آية منكشفة سرائره و برهانه، متجلية ظواهره، مديم للبرية استماعه، قائد إلى الرضوان أتباعه، مؤد إلى النجاة أشياعه، فيه تبيان حجج اللّه المنيرة و مواعظه المكررة، و عزائمه المفسرة، و محارمه المحذرة، و أحكامه الكافية، و بيناته الجالية، و فضائله المندوبة، و رخصه الموهوبة و رحمته المرجوة، و شرائعه المكتوبة.

ففرض اللّه عليكم الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم من الكبر، والزكاة تزييداً في الرزق، والصيام اثباتاً للإخلاص والحج تشييداً للدين، والعدل تسكيناً للقلوب و تمكيناً للدين و طاعتنا نظاماً للملّة، و امامتنا لماً للفرقة، والجهاد عزاً للإسلام، والصبر معونة على الإستجابة، و الأمر بالمعروف مصلحة للعامة، والنهي عن المنكر تنزيهاً للدين، والبر بالوالدين وقاية من السخط، و صلة الأرحام منماة للعدد و زيادة في العمر، والقصاص حقناً للدماء، والوفاء بالعهود تعرضاً للمغفرة، و وفاء المكيال والميزان تغييراً للبخس والتطفيف و اجتناب قذف المحصنة حجاباً عن اللعنة، والتناهي عن شرب الخمور تنزيهاً عن الرجس، و مجانبة السرقة إيجاباً للعفة، و أكل مال اليتيم و الإستيثار به إجارة من الظلم، والنهي عن الزنا تحصناً عن المقت، والعدل في الأحكام ايناساً للرعية، و ترك الجور في الحكم إثباتاً للوعيد، والنهي عن الشرك إخلاصاً له تعالى بالربوبية.

فاتّقوا اللّه حقّ تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون، و لا تتولّوا مدبرين و أطيعوه فيما أمركم و نهاكم فانما يخشى اللّه من عباده العلماء، فأحمدوا اللّه الذي بنوره و عظمته ابتغى من في السماوات و من في الأرض إليه الوسيلة، فنحن وسيلته في خلقه، و نحن آل رسوله، و نحن حجة غيبه، و ورثة أنبيائه.

ثم قالت عليهاالسلام:

أنا فاطمة و أبي محمد أقولها عوداً على بدء، و ما أقولها إذ أقول سرفاً و لا شططاً، لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، إن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم، و أخا ابن عمي دون رجالكم، بلغ النذارة، صادعاً بالرسالة، ناكباً عن سنن المشركين، ضارباً لاثباجهم، أخذاً بأكظامهم، داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يجذ الأصنام و ينكت الهام حتى انهزم الجمع و ولّوا الدبر، و حتى تفرى الليل عن صبحه، و أسفر الحق عن محضه، و نطق زعيم الدين، و هدأت فورة الكفر، و خرست شقاشق الشيطان، و فهتم بكلمة الإخلاص (مع النفر البيض الخماص الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً)

[ما بين القوسين من كشف الغمة.] و كنتم على شفا حفرة من النار تعبدون الأصنام، و تستقسمون بالأزلام، مذقة الشارب، و نهزة الطامع، و قبسة العجلان، و موطأ الأقدام، تشربون الرنق، و تقتاتون القد، أذلة خاشعين،تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم (بأبي) صلّى اللّه عليه و آله بعد اللتيا والتي، و بعد ما مني بهم الرجال و ذؤبان العرب، كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها اللّه، و كلما نجم قرن الضلالة، أو فغرت فاغرة للمشركين قذف أخاه في لهواتها، فلا ينكفأ حتى يطأ صماخها بأخمصه، و يخمد لهبها بحده، مكدوداً في ذات اللّه، قريباً من رسول اللّه، سيداً في أولياء اللّه، و أنتم في بلهنية آمنوا وادعون فرحون، تتركفون الأخبار، و تنكصون عند النزال على الأعقاب حتى أقام اللّه (بمحمد) صلّى اللّه عليه و آله عمود الدين.

و لما اختار له اللّه عزّ و جل دار أنبيائه، و مأوى أصفيائه، ظهرت حسيكة النفاق، و سمل جلباب الدين، و أخلق ثوبه، و نحل عظمه و أودت رمته، و ظهر نابغ و نبغ خامل، و نطق كاظم و هدر فينق الباطل، يخطر في عرصاتكم، و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخاً بكم، (فوجدكم لدعائه مستجيبين، و للغرة ملاحظين و استنهضكم فوجدكم خفافاً و أحمشكم فوجدكم غضاباً فوسمتم)

[ما بين القوسين من كشف الغمة.] غير ابلكم، و أوردتموهم غير شربكم، بداراً زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و ان جهنم لمحيطة بالكافرين هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، فهيهات منكم و أين بكم و أنّي تؤفكون، و كتاب اللّه بين أظهركم، زواجره لائحة، و أوامره لامحة، و دلائله واضحة، و أعلامه بينة، و قد خالفتموه رغبة عنه، فبئس للظالمين بدلاً (ثم لم تبرحوا) الاريث ان تسكن تفرتها، و يسلس قيادها، تسرون حسواً في ارتغاء و نصبر منكم على مثل حز المدى.
(ثم أنتم تزعمون)

[هذا والجملة السابقة من كشف الغمة.] ان لا إرث لنا أفحكم الجاهلية تبغون و من أحسن من اللّه حكماً لقوم يوقنون، و من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين.

إيهاً معشر المسلمين أأبتزّ إرث أبي يا أبي قحافة أبي اللّه أن ترث أباك و لا أرث أبي، لقد جئت شيئاً فريّاً، جرأة منكم على قطيعة الرحم و نكث العهد، فعلى عمد تركتم كتاب اللّه بين أظهركم و نبذتموه إذ يقول: و ورث سليمان داود، و فيما اقتص من خبر يحيى و زكريا إذ يقول: ربّ هب لي من لدنك ولياً يرثني و يرث من آل يعقوب واجعله ربّ رضياًً و قال عز و جل: يوصيكم اللّه في أولادكم للذكر مثل حظّ الاُنثيين، و قال تعالى: إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين.

و زعمتم أن لا حظّ لي و لا أرث من أبي أفخصّكم اللّه بآية أخرج أبي منها! أم تقولون أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا و أبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم بخصوص القرآن و عمومه أعلم ممّن جاء به قد نكموها مرحولة مزمومة، تلقاكم يوم حشركم، فنعم حكم اللّه، و نعم الخصم (محمد) صلّى اللّه عليه و آله، والموعد القيامة، و عمّا قليل تؤفكون و عند الساعة ما تخسرون، و لكل نبأ مستقر و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحلّ عليه عذاب مقيم.

ثم التفتت إلى قبر أبيها و تمثّلت بأبيات صفية بنت عبدالمطلب
[في الطرائف لابن طاووس ص 75 انها تمثلت بقول صفية بنت اثاثة و سماها ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 4 ص 79 والاربلي في كشف الغمة ص 146 هند بنت اثاثة و في ج 2 ص 17 من شرح النهج لابن أبي الحديد قال: لما تخلف علي عن البيعة و اشتد أبوبكر و عمر خرجت اُم مسطح بن اثاثة و وقفت على قبر النبي صلّى اللّه عليه و آله و نادت يا رسول اللّه:

قد كانت بعدك أبناء و هنبثة- لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الأرض وابلها- واختل قومك فاشهدهم و لا تغب
و قد اختلفوا في عدد الأبيات ففي الشافي ص 231 و شرح النهج الحديدي انها ثلاثة و في الطرائف أربعة و في بلاغات النساء بيتان و في أمالى الشيخ المفيد ص 25 و احتجاج الطبرسي ثمانية و في اللمعة البيضاء شرح خطبة الزهراء ص 356 أربعة عشر و في مناقب ابن شهر آشوب ج 1 ص 382 ستة كما انهم اختلفوا في كيفية روايتها.]:

 

قد كان بعدك أبناء و هنبثة انا فقدناك فقد الأرض وابلها أبدت رجال لنا فحوى صدورهم تهجمتنا رجال و استخف بنا قد كنت للخلق نوراً يستضاء به و كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغاب عنا فكل الخير محتجب
لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب واجتث أهلك مذغيبت و اغتصبوا لما نأيت و حالت بيننا الكثب دهر فقد أدركوا منا الذي طلبوا عليك تنزل من ذي العزة الكتب فغاب عنا فكل الخير محتجب فغاب عنا فكل الخير محتجب
(فكثر بكاء الحاضرين).

  


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page