كما ذكرنا بأن أول من دفن بالبقيع هو الصحابي المعروف عثمان بن مظعون وذلك في السنة الخامسة للهجرة[1]، ، حيث قام الرسول صلى الله عليه وآله نفسه بعملية الدفن وعن ذلك يقول صاحب (وفاء الوفاء) انه «لما مات عثمان بن مظعون ودفن أمر النبي صلى الله عليه وآله رجلاً أن يأتي بحجر فلم يستطع حمله فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وحسر علي ذراعيه (قال الراوي) كأني أنظر إلي بياض ذراعي رسول الله صلى الله عليه وآله حين حسر عنهما ثم حمله فوضعه عند رأسه وقال أتعلم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي»[2].
وورد عنه في تاريخ إبن شبة[3]:
«هو عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمع بن عمرو إبن هصيبص بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الجمعي، يكنىٰ أبا السائب أسلم قديماً وكان إسلامه بعد ثلاثة عشرة رجلاً، وهاجر إلي الحبشة هو وإبنه الهجرة الأولي، ثم هاجر إلي المدينة، وشهد بدراً، وكان من أشد النّاس إجتهاداً في العبادة يصوم النهار ويقوم الليل، ويجتنب الشهوات ويعتزل النساء، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وآله في التبتل والاختصاء فنهاه عن ذلك، وهو ممن حرم الخمر علي نفسه وقال: لاأشرب شراباً يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدني مني».
وبعده دفن إبراهيم إبن الرسول صلى الله عليه وآله، فقد روىٰ أبو غسان عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبيه لما توفي إبراهيم إبن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن يدفن عند عثمان بن مظعون فرغب النّاس في البقيع وقطعوا الشجر فاختارت كل قبيلة ناحية[4].
وقد دفن بالبقيع فاطمة الزهراء عليه السلام وأربعة من أئمة أهل البيت عليه السلام، نعرض هنا المختصر عن حياتهم قبل أن نذكر عدداً من المدفونين في البقيع:
1 / فاطمة الزهراء عليه السلام:
أبوها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله.
أمها خديجة بنت خويلد.
ولدت بعد مبعث الرسول صلى الله عليه وآله بخمس سنين، في العشرين من جمادي الآخرة..
وقد قال الرسول صلى الله عليه وآله فيها: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبي»..
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فاطمة بضعة مني يسرني ما يسرها ويغضبني ما يغضبها».
من أولادها: الحسن المجتبي، والحسين السبط، والمحسن السقط، وزينب الكبرىٰ، وأم كلثوم.
توفيت عليه السلام وهي في الثامن عشر من عمرها، وتعددت الأقوال في مدة بقائها بعد أبيها هل هي أربعون يوماً أوخمسة وسبعون أو خمسة وتسعون أو أكثر من ذلك...
وإتفق علي ان عمرها بعد أبيها لم يكن أكثر من ثمانية أشهر ولا بأقل من أربعين يوماً[5].
ودفنت في البقيع ولم يشيعها أحد غير الإمام علي عليه السلام حسب ما أوصت به.
2 / الإمام الحسن بن علي الزكي عليه السلام:
ولد في ليلة النصف من رمضان المبارك في السنة الثالثة من الهجرة..
هو سبط الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الذي قال فيه وفي أخيه (الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة).
وعن سعيد بن جبير عن إبن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربىٰ) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟
قال: علي وفاطمة والحسن والحسين .
وروىٰ أحمد بن حنبل ـ إمام المذهب ـ بسنده عن أبي هريرة قال: فجاء النبي صلى الله عليه وآله فجلس بفناء بيت فاطمة عليه السلام (إلىٰ أن قال) فجاء الحسن عليه السلام يشتد حتىٰ عانقه وقبله وقال: اللهم أحبه وأحب من يحبه[6].
وروى الحمويني بسنده عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: ان النبي صلى الله عليه وآله أخذ بيد الحسن والحسين رضي الله عنهما فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأُمهما كان معي في درجتي يوم القيامة .
وقد روي انه حج خمساً وعشرين حجة ماشياً، وكان إذا توضأ إرتعدت مفاصله، وإصفر لونه، فقيل له في ذلك، فقال: حق علىٰ من وقف بين يدي رب العرش ان يصفر لونه، وترتعد مفاصله [7].
ومن كلماته القصار عليه السلام:
ـ المزاح يأكل الهيبة، وقد أكثر من الهيبة الصامت.
ـ الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود.
ـ لا أدب لمن لا عقل له، ولا مروءة لمن لا همة له، ولا حياء لمن لا دين له، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل، وبالعقل تدرك الداران جميعاً، ومن حرم العقل حرمهما جميعاً[8].
ـ ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد.
___________________________
[1] . دايرة معارف فارسي ـ به سرپرستي غلامحسين مصاحب ـ الجزء الأول ـ ص 435.
[2] . كشف الإرتياب ـ ص 304.
[3] . تاريخ المدينة المنورة ـ إبن شبة ـ ص 100.
[4] . كشف الإرتياب ـ ص 297.
[5] . موسوعة العتبات المقدسة ـ الجزء الأول ـ ص 167 ـ 168.
[6] . المصدر السابق ـ ص 108.
[7] . المصدر السابق ـ ص 113.
[8] . المصدر السابق ـ ص 130.
المدفونون في البقيع
- الزيارات: 5289