• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التعليقة رقم: 1 - زوجات الحسن (عليه السلام)

لقد تحدث المؤرخون عن زوجات الحسن (عليه السلام) وأكثروا ومال أكثرهم إلى المبالغة في تعدادهن مبالغة لا تعتمد على أساس معقول، فقال بعضهم أنهن يتراوحن بين الستين والسبعين، وقال البعض الآخر بأنه تزوج بأكثر من مائتين وخمسين امرأة وأن أباه كان يتضجر من ذلك، ووقف بعضهم منه موقفاً يتسم بالاعتدال والتجرد فقال بأن تعدد الزوجات كان شائعاً ومألوفاً بين المسلمين ولم يكن أكثر زواجاً من غيره، وقلّ من مات من أعيان المسلمين عن أقل من أربع زوجات، أما رواية السبعين والتسعين وغيرها من الروايات التي تصفه بأنه مطلاق وأن والده كان يقول: لا تزوجوا ولدي الحسن فإنه مطلاق فلا مصدر لها إلا المدائني وأمثاله من الكذبة كما يبدو من أسانيدها.
والمدائني والواقدي وغيرهما من المؤرخين القدامى قد كتبوا التاريخ في ظل الحكومات التي كانت تناهض أهل البيت وتعمل بكل ما لديها من الوسائل على تشويه واقعهم وانتقامهم، ولم يكن حكام الدولة العباسية بأقل سوءاً وتعصباً من أسلافهم الأمويين، فقد شاركوهم في وضع الأحاديث التي تسيء إلى العلويين، وكانوا يحقدون على الحسنيين ن بصورة خاصة لأن أكثر الثائرين على الظلم كانوا من أولاد الحسن وأحفاده.
ولما قبض المنصور على عبد الله بن الحسن أحد الحسنيين الثائرين على الظلم والجور خطب في حشدٍ كبير من الناس ونال من علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومن الإمام الحسن (عليه السلام) وجميع الطالبين، وكما ممّا قاله: (إن ولد أبي طالب تركناهم والذي لا إله غيره والخلافة ولم تتعرض لهم لا بقليل ولا كثير فقام فيها علي بن أبي طالب فما أفلح وحكم الحكمين فاختلفت عليه الأمة وافترقت الكلمة، ثم وثب عليه شيعته وأنصاره وثقاته فقتلوه، وقام من بعده الحسن بن علي (عليه السلام) فوالله ما كان برجل، لقد عرضت عليه الأموال فقبلها ودس إليه معاوية أني جاعلك ولي عهدي فخلعه وانسلخ له ممّا كان فيه وسلمه إليه، وأقبل على النساء يتزوج اليوم واحدة ويطلق غداً أخرى، فلم يزل كذلك حتى مات على فراشه.
وفي المجلد الأول من صبح الأعشى أن المنصور كتب إلى النفس الزكية الحسني كتاباً جاء فيه: (وأفضى أمر جدك إلى الحسن فباعها لمعاوية بخرق ودراهم ولحق بالحجاز واسلم شيعته بيد معاوية فدفع الأمر إلى غير أهله وأخذ مالاً من غير حلّة فإن كان لكم فيها شيء فقد بعتموه وأخذتم ثمنه إلى غير ذلك ممّا كان العباسيون يلصقونه بالحسن (عليه السلام) رداً على الانتفاضات الشعبية التي قادوها رداً على جورهم وطغيانهم. وكما ذكرنا فرواية السبعين رواها المدائني كما جاء في شرح النهج ورواية التسعين رواها الشبلنجي في نور الأبصار، ورواية المائتين وخمسين والثلاثمائة رواها المجلسي عن قوت القلوب لأبي طالب المالكي المتوفى سنة 380هـ.
وجاء في الكتاب المذكور كما يروي القرشي عنه في المجلد الثاني من كتابه الحسن بن علي أن الحسن تزوج مائتين وخمسين امرأة وقيل ثلاثمائة وأن عليّاً كان يتضجر من ذلك حياء من أهلهن إذا طلقهن، وكان يقول: (إن حسناً مطلاق فلا تزوجوه، فقال له رجل من همدان: والله يا أمير المؤمنين لننكحنه ما شاء فمن أحب أمسك ومن كره فارق فسر بذلك أمير المؤمنين وأنشأ يقول:

لو كنت بواباً على باب جنة         لقلت لهمدان ادخلوا بسلام)

ومضى في قوت القلوب يقول: وهذا أحد ما كان الحسن يشبه فيه جده رسول الله، وهو يشبهه في الخلق، وقد قال له جده: أشبهت خلقي وخُلقي، وقال: حسن مني وحسين من علي، واضاف إلى ذلك أن الحسن كان ربما عقد على أربع وطلق أربعاً.
وعلى ما يبدو أن الذين ألصقوا بالحسن كثرة الزواج والطلاق هؤلاء الثلاثة المدائني والشبلنجي وأبو طالب المكي في قوت القلوب، وعنهم أخذ المؤرخون والكتاب من السنة والشيعة والمستشرقون، أما علي بن عبد الله البصري المعروف بالمدائني والمعاصر للعباسيين فهو من المتهمين بالكذب في الحديث.
وجاء في ميزان الاعتدال للذهبي أن مسلماً في صحيحه قد امتنع عن الرواية عنه، وأن ابن عدي قد ضعفه، وقال له الأصمعي: والله لتتركن الإسلام وراء ظهرك، وكان من خاصة أبي إسحاق الموصلي، وقد تبعه لثرائه، ويروي عن عوانة بن الحكم المتوفى سنة 158 هـ والمعروف بولائه لعثمان والأمويين.
ونص ابن حجر في لسان الميزان أن عوانة كان يضع الأخبار لبني أمية، وجاء في معجم الأدباء انه كان مولى لسمرة بن حبيب الأموي، أما صاحب لسان الميزان فقد قال: أنه كان مولى لعبد الرحمن بن سمرة ابن حبيب الأموي، هذا بالإضافة إلى أن أكثر رواياته من المراسيل، كل ذلك ممّا يبعث على الاطمئنان بأن رواية السبعين التي لم يروها غير المدائني من موضوعاته لمصلحة أعداء العلويين.
أما رواية التسعين فقد أرسلها الشبلنجي في كتابه نور الأبصار ولم ينسبها لأحد، والشبلنجي في كتابه المذكور لم يتحر الصحيح في مورياته وأخباره كما يبدو ذلك للمتشبع فيه، والمرسل إذا لم يكن مدعوماً بشاهد من الخارج أو الداخل للاستدلال، في حين أن الشواهد والقرائن ترجح بأنه من صنع الحاقدين على أهل البيت.
وأما رواية المكي في قوت القلوب فهي أقرب إلى الأساطير من غيرها لأنها لم ترد على لسان أحد من الرواة وأبو طالب المكي كان مصاباً بالهستيريا، كما نص على ذلك معاصروه وحينما وفد على بغداد وجد البغداديون في حديثه هذياناً (ليس على المخلوق اضر من الخالق). ويبيح استماع الغناء ولما عاتبه عبد الصمد بن علي أنشد:

فيا ليل كم فيك من متعة         ويا صبح ليتك لم تقرب

ومن شذوذه كما جاء في البداية والنهاية لابن كثير، والكنى والألقاب للقمي: (أنه أوصى أحد أصحابه إن غفر الله له إن ينثر على جنازته لوزاً وسكراً وجعل العلامة على ذلك أن يقبض على يد صديقه ساعة الاحتضار، فقبض على يده في تلك الساعة ونفذ صديقه ما أوصاه به).
وقد روى في البحار كما جاء في كتاب القرشي انه لما توفي الحسن (عليه السلام) خرجت جمهرة من النساء حافيات حاسرات وهن يقلن: نحن زوجات الحسن، على أن بعض المغفلين من الشيعة قد تقبلوا هذه المرويات ظناً منهم أن ذلك فضيلة للحسن ودليل على ثقة الناس به، كما يظهر ذلك من الشيخ راضي آل ياسين في كتابه صلح الحسن، وقد أشار في كتابه المذكور إلى انه كان يحلل المطلقات ثلاثاً لأزواجهن، ولا يثق الأزواج بغيره في هذه المهمة، فأساء إلى الإمام الحسن وإلى أهل البيت (عليهم السلام) من حيث لا يقصد، وفي الوقت ذاته أتاح لبعض الجهلة من الشيعة والحاقدين من غيرهم أن يتناولوه بالنقد والتجريح وأن يلصقوا به ما لا يرضاه لنفسه كرام الناس فضلاً عن سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله وأشبه الناس به خلقاً وخلقاً كما أجمع على ذلك الرواة والمحدثون.
على أن المدائني نفسه الذي ادعى أنه تزوج بسبعين، قد أحصى له عشر نساء لا غير وعدهن بأسمائهن كما جاء في المجلد الرابع من شرح وزواجه من عشر نساء ليس بغريب في ذلك العصر لأن الزواج كان مألوفاً ومتعارفاً بين الصحابة والتابعين، وقد مات كل من الزبير وعبد الرحمن بن عوف وطلحة عن أربع زوجات عدا مطلقاتهم كما نص على ذلك أكثر المؤرخين(1).
__________________
1 - راجع كتاب (سيرة الأئمة الإثني عشر) الجزء الأول، ص617.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page