• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مشاهير الرواة في حديث السنة : عبدالله بن الزبير

أثنى عليه علماء العامة في كثير من كتبهم ووصفوه بمحامد عظيمة ومحاسن فخيمة وعدّه جماعة منهم من مصاديق الخلفاء الاثني عشر الذين ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه يكون الدين بهم عزيزاً.
ونقلوا من كثرة صلاته وعباداته أشياء ، منها : انه قسم الدهر على ثلاث ليال : فليلة هو قائم حتى الصباح ، وليلة هو راكع حتى الصباح ، وليلة هو ساجد حتى الصباح.
ومنها : انه كان يواصل الصوم سبعاً ، يصوم يوم الجمعة فلا يفطر الاّ يوم الجمعة الاخر ، ويصوم بالمدينة فلا يفطر الاّ بمكة ، ويصوم بمكة فلا يفطر الاّ بالمدينة.
قالوا ولقد قام يوماً إلى الصلاة فمرّ حجر من حجارة المنجنيق بلبنة مطبوخة من شرفات المسجد فمرت بين لحيته وصدره فوالله ما خشع لها بصره ، ولا قرائته ، ولاركع دون الركوع الذي كان يركع.
ولقد كان اذا دخل في الصلاة خرج من كل شيء اليها ، ولقد كان يركع في الصلاة فيقع الزحم على ظهره ويسجد فكأنه مطروح ، إلى غير ذلك كثيرة.
وهو أيضاً لا يقصر في المطاعن عن أخويه المتقدمين بل يربوا عليهما بكثير بل لا يمكن استيفاء جميع ما فيه في هذه الرسالة على بعضها.
وهو على ما نص عليه عمر بن الخطاب الذي يزعم علماء القوم انه كان مسدداً ، يقع في الخارج كلّما ، يجري على لسانه وينزل الوحي على طبق رأيه : كان شيطاناً كاملاً ، ففي محاضرات الراغب الاصبهاني : « مرّ عمر رضي الله عنه بصبيان يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير فعدا ، ووقف عبدالله بن الزبير ، فقال له عمر : ما لك لا تذهب مع الصبيان ؟ فقال : يا أمير المؤمنين لم أجن اليك فاخافك ، ولم يكن في الطريق ضيق فاوسعه لك ، فقال عمر : اي شيطان يكون هذا » (1).
والراغب هذا من أجلة علماء القوم ، نقل السيوطي في بغية الوعاة عن الزركشي : أن فخرالدين الرازي ، عدّ الراغب من أئمة السنة ، وقرنه بالغزالي ، وقال : هذه فائدة حسنة ، قال : وكنت أظنه معتزلياً فتحقق عندي خلافه بهذا الكلام (2).
ثم ان ابن الزبير الحد بمكة وعليه نصف عذاب العالم بمقتضى رواياتهم.
ففي كنز العمال : يلحد رجل من قريش بمكة يقال له عبدالله عليه شطر عذاب العالم.
وعن ابن عمر انه سيلحد في الحرم رجل لو توزع ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت (3).
وعن ابن عمر : يحلّها و تحلّ به رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتا (4).
وعن ابن عمر أيضاً : يلحد بمكة كبش أي سيّد من قريش اسمه عبدالله عليه مثل أوزار نصف الناس (5).
وعن عثمان يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم (6).
وعن عثمان ورجال المحدثين ثقات ، وذكر العلامة محمد بن علي الحكيم الترمذي من أعيان العامة الذي قالوا فيه انه من الاوتاد الاربعة ومدائحه معلومة من فيض القدير للمناوي ، ذكر في كتاب نوادر الاصول :
حدّثنا ابراهيم بن المستمر الهذلي قال : حدّثني عبدالرحمن بن سليمان قال : سمعت أبي يذكر عن أبيه قال : صحبت ابن عمر من مكة إلى المدينة فقال النافع لا تمرّ بي على المصلوب ، يعني ابن الزبير فما فجئه في جوف الليل الاّ ان صك محمد جذعه فجلس فمسح عينيه ثم قال : يرحمك الله يا أبا خبيب ان كنت وان كنت ، ولقد سمعت أباك الزبير يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من يعمل سوء يجز به في الدنيا أو في الاخرة ، فان يك هذا بذاك فهه ، فهه (7).
قال أبو عبدالله : فأما في التنزيل فقد احمله فقال : ( من يعمل سوءاً يجز به ) (8) ، دخل فيه البر والفاجر ، والولي والعدو ، والمؤمن والكافر ، ثم يقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في هذا الحديث بين الموطنين ، فقال : يجزيه في الدنيا أو في الاخرة ، وكأنه أخبر بانه يجزي بذلك السوء في أحد الموطنين ، إما في الدنيا وإما في الاخرة.
وليس يجمع عليك الجزاء في الموطنين ، ألا ترى إن ابن عمر قال : فان يك هذا بذاك فهه به ، معناه انه قاتل في حرم الله وأحدث حدثاً عظيماً فيها حتى أحرق البيت ، ورمى الحجر الأسود بالمنجنيق ، فانصدع حتى صبب بالفصه ، فهو إلى يومنا كذلك وسمع للبيت آمين.
وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم فتح مكة أنها لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحلّ بعدي وانما احلت بي ساعة من نهار ، حرمت يوم خلقت السموات والارض.
ولما رأى ابن عمر فعله ثم رآه مقتولاً مصلوباً ، ذكر قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من يعمل سوء يجزبه ، ثم قال : ان يك هذا القتل بذلك الذي فعله فهه به ، أي ، ان كان جوزي بذلك السوء ، السوء من هذا القتل والصلب.
وروى العلامة السيوطي في جمع الجوامع عن اسحاق بن سعيد عن أبيه قال : أتى عبدالله بن عمر عبدالله بن الزبير ، فقال : يابن الزبير ايّاك والالحاد في حرم الله تعالى ، فاني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول سيلحد فيه رجل من قريش لو أن ذنوبه توزن بذنوب الثقلين لرجحت عليه فانظر لا يكون.
ومن ظريف الأمر أن البخاري أيضاً أورد في صحيحه ، ما يدل على ان ابن الزبير أحلّ حرم الله ، وهذه ألفاظه في كتاب التفسير :
حدّثني عبدالله بن محمد قال : حدّثني يحيى بن معين ، قال حدّثنا حجاج ، قال ابن جريج ، قال ابن أبي مليكة ، وكان بينهما شيء فغدوت على ابن عباس فقلت : أتريد أن تقاتل ابن الزبير فتحل حرم الله ؟
فقال : معاذ الله ، ان الله كتب ابن الزبير وبني أميّة محلين ، واني والله لا أحلُّه أبداً (9).
وفي فتح الباري للعسقلاني : ان الضمير في قوله : « بينهما » راجع إلى ابن عباس وابن الزبير قال : قوله : « محلّين » أي أنهم كانوا يحلّون القتال في الحرم ، وإنّما نسب ابن الزبير إلى ذلك ، وان كان بنو أمية هم الذين ابتدأوه في القتال وحصروه.
وإنّما بدأ منه أولاً دفعهم عن نفسه لإنّه بعد أن ردّهم الله عنه ، حصر بني هاشم ليبايعوه فسرّع فيما يؤذن بإباحة القتال ، وكان الناس يسمّون ابن الزبير المحلّ لذلك (10).
ومن عجيب الأمر ما في هذه الرواية من ان ابن عباس يرى ابن الزبير أهلاً للخلافة لشرف نسبه مع أنه قد وقع منه بالنسبة إلى ابن عباس ما وقع كما سيأتي ، ومع انه قد طعن فيه في صدر الرواية بما نقلنا وفي ذيله بكلام آخر لم ننقله.
ومع ان جماعة منهم ذكروا انه قال : كانت في ابن الزبير ضلال لا تصلح معها للخلافة.
ومن اطلع على بعض ما وقع بين ابن عباس وابن الزبير من مشاجرات والمذاكرات جزم بان هذه الجملة التي لم نوردها موضوعة على ابن عباس.
ومن شنائع أحواله انه كان يقاتل على الدنيا وتحمل وزر جميع من قاتل وقتل معه ، والأخبار الواردة في ذم التكالب على الدنيا وطلب الرياسة الباطلة ومقاتلة الناس عليها مما لا يمكن احصاؤها.
روى البخاري في كتاب الفتن عن أبي المنهال قال : لما كان ابن زياد ومروان بالشام ووثب ابن الزبير بمكة ووثب القراء بالبصرة ، فانطلقت مع أبي إلى ابي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره وهو جالس في ظل عُلِّيَّة له من قصب ، فجلسنا إليه فأنشأ أبي يستطعمه الحديث ، فقال : يا أبا برزة ألا ترى ما وقع فيه الناس ؟ فأول شيء سمعته تكلّم به : إني إحتسبت عند الله أني أصبحت ساخطاً على أحياء قريش ، إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة ، وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى بلغ بكم ما ترون ، وهذه الدنيا التي أفسدت بينكم ، ان ذاك الذي بالشام والله إن يقاتل إلاّ على الدنيا ، وان هؤلاء الذين بين أظهركم والله إن يقاتلون إلاّ على الدنيا ، وإن ذاك الذي بمكّة والله إن يقاتل إلاّ على الدنيا (11).
وفي فتح الباري : في معنى « ان ذاك الذي بمكة » زاد يزيد بن ذريع يعني ابن الزبير.
والحاكم في المستدرك أيضاً أورد هذه الرواية ، وفي فتح الباري في معنى قول أبي برزة : اني احتسبت عند الله ، ان معناه انه يطلب بسخطه على الطوائف المذكورين من الله أجراً على ذلك لان الحب في الله والبغض في الله من الايمان (12).
فثبت بنص ابن حجر ، ان البغض على ابن الزبير بغض في الله ، وان السخط عليه يوجب الغفران ، وان حبه كما هو شعار السنّية خروج عن الإيمان.
وقال ابن الملقن في شرحه : وأما قول أبي برزة : « واحتسابه سخطه على أخبار قريش عند الله تعالى » فكأنه قال : الّلهم لا أرضى ما يصنع قريش من القتال على الخلافة ، فاعلم ذلك من نيتي واني أسخط أفعالهم واستباحتهم للدماء والاموال ، فأراد ان يحتسب ما يعتقده من انكار القتال في الإسلام عند الله وذخراً ، فانّه لم يقدر من التعبير عليهم الاّ بالقول والنية التي بها يأجر الله عباده.
وروى الحاكم في المستدرك باسناده ، عن نافع عن ابن عمر ، انه قال لرجل سأله عن القتال مع الحجاج ، أو مع ابن الزبير ، فقال له ابن عمر : مع أي الفريقين قاتلت فقتلت ففي لظى ، قال وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (13).
ومن قبائحه التي لا تحصى الدفاتر الطوال ، لوازم شناعتها انه كان ينقص أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وجميع بني هاشم ، واغرى أباه الزبير على قتاله ، وأغرى عائشة على وقعة الجمل ، وأهانها ، وخوّفها ، بقوله :
أدركنا علي; وحلف يميناً كاذبة وسنّ سنّة شهادة الزور ، وهي أول شهادة زور وقعت في الاسلام على ما نصّ عليه علماؤهم ، وقاتل أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) وسبه وشتمه واسقط ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الخطبة في الجمعة وغيرها ، ولا يشك جاهل فضلاً عن عالم في كفر من وُصف ببعض هذه الصفات فضلاً عن جميعها ، وضلالته وانهماكه في خسارته وشقاوته.
وأدلة الكبرى وان كانت بيّنة مبيّنة مشروحة ومبسوطة ، إلاّ ونحن نأتي بجملة من الأخبار الواردة من طرق القوم ثم نعطف على بيان الصغرى.
وحقيقة هذا الطعن تنحل إلى مطاعن لاتحصى ، يليق أن يفرد كلّ منها بفصل وباب.
فنقول : يدل عليها مضافاً إلى ما سبق ، مما يدل على أن معصية علي معصية الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وطاعته طاعته ، ومفارقته مفارقته ، وانه باب حطة من خرج عنه كان كافراً.
وما أورده البدخشاني من عظماء أهل السنة في مفتاح النجاة قال : أخرج مسلم والترمذي والنسائي عن زر بن حبيش ، قال : سمعت علياً ( عليه السَّلام ) يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنه لعهد النبي الأميّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إليّ أنه لايحبني إلاّ مؤمن ولايبغضني الاّ منافق (14).
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « لا يحب علياً منافق ولا يبغض علياً مؤمن » (15).
وفي رواية ابن أبي شيبة : لا يبغض علياً الاّ مؤمن ولا يحبه منافق (16) ، وعند الطبراني في الكبير عنها : لا يحب علياً الاّ مؤمن ولايبغض علياً الاّ منافق.
وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري والبزار والطبراني في الاوسط عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قالا : « كنّا نعرف المنافقين ببغضهم علياً » (17).
وأخرج الطبراني في الكبير عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي : « محبك محبي ومبغضك مبغضي » (18).
قال وأخرج الطبراني في الكبير عن أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض علياً فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله (19).
قال : وأخرج أبو يعلى والبزار عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « من آذى علياً فقد آذاني ».
قال : وأخرج ابن عدي عن جابر رضي الله عنه : ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي : يا علي لو أن أمتي أبغضوك لأكبهم الله على مناخرهم في النار (20).
وأخرج الديلمي عن الحسين رضي الله عنه عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : لو أن عبداً عبد الله مثل ما قام نوح في قومه ، وكان له مثل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله ، ومُدّ في عمره حتى يحج ألف عام على قدميه ، ثم قتل بين الصفاء والمروة مظلوماً ، ثم لم يوالك يا علي لم يشم رائحة الجنّة ولم يدخلها (21).
وأخرج ابن مردويه عن عطية بن سعد قال : دخلنا على جابر بن عبدالله رضي الله عنه وهو شيخ كبير فقلنا : أخبرنا عن هذا الرجل ـ علي بن أبي طالب ـ فرفع حاجبيه ثم قال : ذاك من خير البشر ، فقيل له : ما تقول في رجل يبغض علياً ؟ قال : ما يبغض علياً الاّ كافر (22).
وأخرج عن سالم بن أبي الجعد ، قال : تذاكروا فضل علي عند جابر بن عبدالله فقال : وتشكون فيه ؟ فقال بعض القوم : انه أحدث ، قال : وما يشك فيه الاّ كافر ، أو منافق.
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى وابن عدي والحاكم وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن علي كرم الله وجهه ، قال : دعاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ان فيك مثلاً من عيسى أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه ، وأحبه النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به ، ألا وانه يهلك فيَّ اثنان محب مفرط يفرطني بما ليس في ومبغض يحمله شنآني على ان باهتني (23).
وروى البخاري في كتاب الايمان من صحيحه ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : سباب المسلم فسق وقتاله كفر ، ورواه في كتاب الفتن وفي كتاب الادب أيضاً (24).
وروى الحاكم في المسستدرك عن أبي عبدالله الجدلي ، قال : دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فقالت لي أيسب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيكم ؟ فقلت : معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها ، قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : من سبّ علياً فقد سبني (25). هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (26).
وقد رواه أبوبكر بن عثمان البجلي عن أبي اسحاق بزيادة الفاظ ، قال : سمعت أبا عبدالله الجدلي يقول : حججت وأنا غلام فمررت بالمدينة واذا الناس عنق واحد فاتبعتهم فدخلوا على أم سلمة زوجة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسمعتها يقول : يا شبث (27) بن ربعي فاجابها رجل جلف جاف لبيك يا أمّتاه ، قالت : يسبّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ناديكم ؟ قال : وأنى ذلك ؟ قالت : فعلي بن أبي طالب ، قال : انا لنقول أشياء نريد عرض الدنيا ، قالت : فاني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : من سبّ علياً فقد سبني ، ومن سبني فقد سبّ الله تعالى (28).
وفي المستدرك أيضاً ، عن أبي مليكة قال : جاء رجل من أهل الشام فسبّ علياً عند ابن عباس ، فحصبه ابن عباس فقال : يا عدوّ الله آذيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة وأعدّ لهم عذاباً مهيناً ) (29) ، لو كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حياً لآذيته ، قال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (30).
ولنكتف بهذا المقدار فان الكلام في ذلك يطول جدّاً.
ولنذكر بعض ما صدر من هذا الشقي مما يعلم منه انطباق جميع أخبار الذم واللعن والطرد عليه.
فنقول : ذكر علاّمتهم المحدّث ابن عبد البر في الاستيعاب قال علي بن أبي طالب : ما زال الزبير يعدّ منا أهل البيت حتى نشأ عبدالله.
وذكر ابن الاثير الجزري في كتاب أسد الغابة : وكان علي رضي الله عنه يقول : ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ له عبدالله (31)
وذكر سبط ابن الجوزي في التذكرة : وفي رواية ، أن علياً لما التقى بالزبير ، قال له : كنا نعدك في خيار بني عبدالمطلب حتى بلغ ابنك السوء ففرّق بيننا (32).
قال ابن أبي الحديد في أواخر شرحه : روى المسعودي عن سعيد بن جبير ان ابن عباس دخل على ابن الزبير فقال له ابن الزبير : إلى مَ تؤتيني وتعنفي ؟ قال ابن عباس : اني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : بئس المرء المسلم ليشبع ويجوع جاره ، وأنت ذلك الرجل ، فقال ابن الزبير لاكتم بغضكم أهل البيت منذ أربعين سنة !
وتشاجرا فخرج من مكة فاقام بالطائف حتى مات.
قال وقطع عبدالله بن الزبير في الخطبة ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جُمَعاً كثيرة فاستعظم الناس ذلك فقال : اني لا أرغب عن ذكره ، ولكن له أهيل سوء ، اذا ذكرته اطلعوا أعناقهم فأنا أحب ان اكْبِتهم.
قال : لما كاشف عبدالله بن الزبير بني هاشم وأظهر بغضهم ، وعابهم وهمّ بما همّ به في أمرهم ، ولم يذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في خطبته ، لا يوم الجمعة ولا غيرها ، عاتبه على ذلك قوم من خاصّتة ، وتشاءموا بذلك منه ، وخافوا عاقبته.
فقال : والله ما تركت ذلك علانية الاّ وأنا أقوله سراً وأكثر منه ؛ لكني رأيت بني هاشم اذا سمعوا ذكره اشرأبّوا وأحمرّت ألوانهم ، وطالت رقابهم والله ما كنت لآتي لهم سروراً وأنا أقدر عليه ، والله لقد هممت ان أحظر لهم حظيرة ثم أضرمها عليهم ناراً !!
فاني لا أقتل منهم إلاّ آثماً كفّاراً سحّاراً ، لا إنماهم (33) الله ، ولا بارك عليهم ، بيت سوء ، لا أول لهم ولا آخر ، والله ما ترك نبي الله فيهم خيراً ، استفرع نبي الله صدقهم فهم أكذب الناس.
فقام اليه محمد بن سعد بن أبي وقاص فقال : وفّقك الله يا أمير المؤمنين ! أنا أول من أعانك في أمرهم ، فقام عبدالله بن صفوان بن أمية الجمحي ، فقال : والله ما قلت صواباً ، ولا هممت برشد ، أرهط رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تعيب ، وإياهم تقتل ، والعرب حولك ! والله لو قتلت عدّتهم أهل بيت من الترك مسلمين ما سوّغه الله لك ، والله لو لم ينصرهم الناس منك لنصرهم الله بنصره.
فقال : اجلس أبا صفوان فلست بناموس (34).
فبلغ الخبر عبدالله بن العباس ، فخرج مغضباً ومعه ابنه حتى أتى المسجد فقصد المنبر فحمد الله فاثنى عليه ، وصلّى على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثم قال : أيها الناس ان ابن الزبير يزعم أن لا أول لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولا آخر ، فيا عجباً كل العجب لافترائه ولكذبه ! والله ان أول من أخذ الإيلاف ، وحمى عيرات قريش لهاشم ، وإنّ أول من سقى بمكة عذباً ، وجعل باب الكعبة ذهباً لعبدالمطلب ، والله لقد نشأت ناشئتنا مع ناشئة قريش ، وإن كنا لقالتهم اذا قالوا ، وخطباءهم اذا خطبوا ، وما عُدّ مجد كمجد أولنا ، ولا كان في قريش مجدٌ لغيرنا ; لأنّها في كفر ماحق ، ودين فاسق ، وضلّة وضلالة ، في عشواء (35)  عمياء ، حتى اختار الله تعالى لها نوراً ، وبعث لها سراجاً فانتجبه طيباً من طيّبين ، لايسبّه بمسّبة ، ولايبغي عليه غائلة ، فكان أحدنا وولدنا ، وعمّنا وابن عمنا ، ثم ان أسبق السابقين إليه منا وابن عمّنا (36) ثم تلاه في السبق ، ثم أهلنا ولحمتنا واحداً بعد واحد.
ثم إنّا لخير الناس بعده وأكرمهم أدباً ، أشرفهم حسباً ، وأقربهم منه رحماً.
واعجباً كل العجب لابن الزبير ! يعيب بني هاشم ، وانما شَرُف هو وأبوه وجدّه بمصاهرتهم ; أما والله انه لمسلوب قريش ، ومتى كان العوّام بن خويلد يطمع في صفيّة بنت عبدالمطلب ! قيل للبغل : من أبوك يا بغل ؟ فقال : خالي الفرس ، ثم نزل.

___________
1. محاضرات الراغب 1 : 56.
2. بغية الوعاة 2 : 297 رقم 2015 وقد اختلفوا في اسم الراغب ، وقد ذكره السيوطي في بغية الوعاة المفضل بن محمد ، والذهبي في السير الحسين بن محمد بن المفضل.
3. مسند أحمد 2 : 219 ، سير أعلام النبلاء 3 : 376.
4. المصدر السابق.
5. المصدر السابق.
6. المصدر السابق.
7. تاريخ مدينة دمشق 28 : 240.
8. النساء : 123.
9. صحيح البخاري كتاب التفسير باب ، ثاني اثنين اذهمافي الغار ... التوبة : 40 ، رقم 4665.
10. فتح الباري 8 : 262.
11. صحيح البخارى كتاب الفتن باب 21 ، رقم 7112.
12. فتح الباري 13 : 62 كتاب الفتن.
13. المستدرك 4 : 171.
14. مسند أحمد 6 : 292 ، صحيح مسلم 1 : 86 رقم 78 ، سنن الترمذي 5 : 643 رقم 3736 ، سنن النسائي 8 : 116 و 117 ، سنن ابن ماجة 1 : 42 رقم 114 ، المعجم الأوسط 3 : 89 رقم 2177 ، مصابيح السنة 4 : 171 رقم 4763 ، مسند أبي يعلى 1 : 250 رقم 291 ، تاريخ بغداد 14 : 426 ، حلية الأولياء 4 : 185 ، فتح الباري 7 : 57 ، عارضة الأحوذي 13 : 177 ، الإستيعاب 3 : 37 ، صفة الصفوة 1 : 312.
15. مسند أحمد 1 : 84 ، سنن النسائي كتاب الايمان ، 8 : 117 ، رقم 19 و 131 ، سنن الترمذي 5 : 306.
16. جامع الأصول 9 : 473 ، تيسير الوصول 3 : 272 ، الرياض النضرة 2 : 214.
17. سنن الترمذي 5 : 635 رقم 3717 ،
18. المستدرك 3 : 130 ، مجمع الزوائد : 9 / 132 ، تاريخ مدينة دمشق 42 : 269 ـ 280.
19. المستدرك 3 : 141 رقم 4648 ، كشف الأستار 3 : 201 ، مجمع الزوائد 9 : 135 ، ذخائر العقبى : 65 ، تاريخ الخلفاء : 173 ، كنز العمال 12 : 202 ، تاريخ مدينة دمشق 42 : 271.
20. تاريخ مدينة دمشق 42 : 298.
21. فردوس الأخبار 3 : 409 ـ 410 رقم 5141.
22. مسند أحمد 4 : 438 ، سنن الترمذي 5 : 635 رقم 3727 ، المعجم الكبير 23 : 380 رقم 901 ، مسند أبي يعلى 12 : 6904 ، تحفة الاشراف 13 : 64 رقم 18295 ، تاريخ مدينة دمشق 42 : 268 ـ 300 ، كفاية الطالب : 69 ، مطالب السؤول : 87.
23. مسند أحمد 1 : 160 ، المستدرك 3 : 123 ، الرياض النضرة 2 : 217 ، كفاية الطالب : 196 ، تاريخ مدينة دمشق 42 : 293 ـ 296.
24. صحيح البخاري كتاب الايمان باب : خوف المؤمن من أن يحبط عمله رقم 48 و كتاب الأدب باب ما ينهى عنه من السباب رقم 6044 وكتاب الفتن باب : لاترجعوا بعدي كفاراً رقم 7076.
25. مسند أحمد 10 : 228 رقم 26810 ، جامع الصغير 6 : 147 رقم 8736 المطبوع على متن فيض القدير للمناوي تاريخ مدينة دمشق 42 : 266.
26. المستدرك 3 : 121 وفي طبعة 3 : 131 رقم 4616.
27. وفي المستدرك « شبيب ».
28. فيض القدير 6 : 147 ، المستدرك 3 : 121.
29. الأحزاب : 57.
30. المستدرك 3 : 121 وفي طبعة 3 : 131 رقم 4618.
31. أسد الغابة 3 : 243 رقم 2947 ، الإستيعاب 3 : 906 رقم 1535.
32. تذكرة الخواص : 71.
33. لا أكثر عددهم.
34. الناموس : الحاذق.
35. وهو سوء البصر بالليل والنهار.
36. علي بن أبي طالب.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page