وقد حاول البعض توجيه ذلك على أساس: أنه (عليه السلام) يريد أن يرى اتساع نفوذ الإسلام، حيث إن في هذه الفتوحات خدمة للدين، ونشراً للإسلام، فدخل (عليه السلام) ميدان الجهاد «والجهاد باب من أبواب الجنة» وألقى الستار على ما يكنه في نفسه من الاستياء على ضياع حق أبيه.. وذلك لأن أهل البيت (عليهم السلام) ما كان همهم إلا الإسلام والتضحية في سبيله (1).
وعلى حد تعبير الحسني: «وليس بغريب على علي بن أبي طالب وبنيه أن يجندوا كل إمكانياتهم وطاقاتهم في سبيل نشر الإسلام، وإعلاء كلمته. وأذا كانوا يطالبون بحقهم في الخلافة فذاك لأجل الإسلام ونشر تعاليمه، فإذا اتجه الإسلام في طريقه، فليس لديهم ما يمنع من أن يكونوا جنوداً في سبيله، حتى ولو مسهم الجور والأذى وقد قال أمير المؤمنين أكثر من مرة: والله لأ سالمنَّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن جور إلا عليَّ خاصة» (2).
ويعلل رحمه الله تعالى عدم اشتراك الحسنين في المعارك الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب، بالرغم من أنها قد بلغت ذروتها في مختلف المناطق، والانتصارات يتلو بعضها بعضاً، والأموال والغنائم تتدفق على المدينة من هنا وهناك.. وبالرغم من أن الإمام الحسن (عليه السلام) كان في السنين الأخيرة من خلافة عمر قد أشرف على العشرين من عمره، وهو سن مناسب للاشتراك في الحروب، التي كان يتهافت المسلمون كهولاً وشباباً وشيوخاً على الاشتراك بها يعلل رحمه الله ذلك بقوله: «لعل السبب في ذلك يعود إلى انصراف أمير المؤمنين عن التدخل في شؤون الدولة والحياة السياسية، ومما لا شك فيه: أن عدم اشتراك الإمام في الحروب والغزوات لم يكن مرده إلى تقاعس الإمام، وحرصه على سلامة نفسه. بل كان كما يذهب أكثر الرواة والمؤرخين لأن عمر بن الخطاب قد فرض على الكثير من أعيان الصحابة ما يشبه الإقامة الجبرية لمصالح سياسية يعود خيرها إليه، وبقي الحسن السبط إلى جانب والده منصرفاً إلى خدمة الإسلام، ونشر تعاليمه، وحل ما يعترض المسلمين من المشاكل الصعاب» (3).
____________
(1) راجع: حياة الحسن (عليه السلام) للقرشي ج 1 ص 95 و 96 وسيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 وج 2 ص 16 ـ 18.
وكلمة علي (عليه السلام) الأخيرة في نهج البلاغة ج 1 ص 120/121 الخطبة رقم 71 ط عبده.
(2) سيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 ص 536 وراجع ص 317.
(3) سيرة الأئمة الاثني عشر ج 1 ص 534 وراجع صفحة 317.
التفسير والتوجيه
- الزيارات: 3420