• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الإمام الحسن (عليه السلام) في الشورى

وحينما طعن عمر بن الخطاب، ورتب قضية الشورى على النحو المعروف، قال للمرشحين: «واحضروا معكم من شيوخ الأنصار، وليس لهم من أمركم شيء، وأحضروا معكم الحسن بن علي، وعبد الله ين عباس، فإن لهما قرابة، وأرجو لكم البركة في حضورهما. وليس لهما من أمركم شيء. ويحضر ابني عبد الله مستشاراً، وليس له من الأمر شيء..» فحضر هؤلاء (1).
ويبدو: أن هذه أول مشاركة سياسية فعلية معترف بها، بعد وفاة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، أي بعد بيعة الرضوان، وبعد استشهاد الزهراء صلوات الله وسلامه عليها بهما في قضية فدك، على النحو الذي تقدم.
ويلاحظ هنا: أنه قد اكتفى بذكر الإمام الحسن (عليه السلام)، ولم يذكر الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، ولعل ما كان قد جرى بينهما، وقول الحسين له: انزل عن منبر أبي، لم يغرب عن ذهن الخليفة بعد.
ولكنه قد ذكر عبد الله بن عباس، الذي كان عمر يقربه، ويهتم بشأنه، ولعل ذلك كان مكافأة لأبيه العباس، الذي لم يتعرض لحكمهم وسلطانهم، إن لم نقل: إنه قد ساهم في تخفيف حدة التوتر في أحيان كثيرة فيما بينهم وبين علي (عليه السلام)، كما جرى في قصة البيعة لأبي بكر، ثم في قصة زواج عمر نفسه بأم كلثوم بنت أمير المؤمنين.. كما أنه لم يساهم في قتل القرشيين في بدر ولا في غيرها.
بالإضافة إلى أن عمر يريد أن يوجد قرناء للإمام الحسن (عليه السلام)، ويوحي بأنه كما له هو (عليه السلام) امتياز من نوع ما، كذلك فإن غيره لا يفقد هذه الامتيازات بالكلية، بل له منها أيضاً نصيب، كما للإمام الحسن عليه الصلاة والسلام.
ثم.. هناك الدور الذي رصده لولده عبد الله الذي كان يرى في والده المثل الأعلى الذي لا بد أن يحتذى، وتنفذ أوامره، وينتهي إلى رغباته وآرائه، ولا يجوز تجاوزها..
وكان عمر يدرك طبعاً مدى تأثير شخصيته وهيمنته على ولده، ويثق بأن ولده سيجهد في تنفيذ المهمة التي يوكلها إليه..
ولكن لا بد من التخفيف من التساؤلات التي ربما تطرح حول سر اختصاص ولده بهذا الدور دون سواه، فكانت هذه التغطية التي لا تضر، والتي يؤمن معها غائلة طغيان الشكوك والتفسيرات، التي لايرغب في أن ينتهي الناس إليها في ظروف كهذه..
ومن الجهة الثالثة.. فإن بأشراك الحسن (عليه السلام) وابن عباس، على النحو الذي ذكره من رجائه البركة في حضورهما.. يكون قد أضفى صفة الورع والتقوى على خطته تلك، وتمكن من إبعاد أو التخفيف من شكوك المشككين، واتهاماتهم..
هذا باختصار.. ما يمكن لنا أن نستوحيه ونستجليه من الحادثة المتقدمة في عجالة كهذه..
ولكن موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) في الشورى، ومناشداته بمواقفه وبفضائله، وبأقوال النبي صلى عليه وآله فيه، قد أفسدت كل تدبير، وأكدت تلك الشكوك، وأذكتها..
وأما بالنسبة لقبول الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام للحضور في الشورى، فهو كحضور علي (عليه السلام) فيها.. فكما أن أمير المؤمنين قد أشترك فيها من أجل أن يضع علامة استفهام على رأي عمر الذي كان قد أظهره ـ وهو الذي كان رأيه كالشرع المتبع ـ في أن النبوة والخلافة لا تجتمعان في بيت واحد أبداً، بالإضافة إلى أنه من أجل أن لا ينسى الناس قضيتهم..
كذلك فإن حضور الإمام الحسن (عليه السلام) في هذه المناسبة إنما يعني انتزاع اعتراف من عمر بأنه ممن يحق لهم المشاركة السياسية، حتى في أعظم وأخطر قضية تواجهها الأمة.. كما أن نفس أن يرى الناس مشاركته هذه، وأن يتمكن في المستقبل من إظهار رأيه في القضايا المصيرية، ولو لم يُقبل منه.. وأن يرى الناس أن من الممكن قول كلمة «لا».. وأن يسمع الطواغيت هذه الكلمة، ولا يمكنهم ردها، بحجة: أنها صدرت من هاشمي، وقد قبل عمر ـ وهو الذي لا يمكنهم إلا قبول كل ما يصدر عنه ـ مشاركة الهاشميين في القضايا السياسية والمصيرية الكبرى، وحتى في هذه القضية بالذات..
نعم إن كل ذلك، يكفي مبرراً ودليلاً لرجحان، بل ولحتمية مشاركة الإمام الحسن في قضية الشورى واستجابته لرغبة عمر في هذا المجال..
كما أنه يكون قد انتزع اعترافاً من عمر بن الخطاب، بأنه ذلك الرجل الذي لا بد أن ينظر إليه الناس نظرة تقديس، وأن يتعاملوا معه على هذا المستوى.. ولم يكن ذلك إلا نتيجة لما سمعه عمر ورآه، هو وغيره من الصحابة، من أقوال ومواقف النبي الأكرم بالنسبة إليه، ولأخيه الحسين السبط عليهما الصلاة والسلام.
وعليه.. فكل من يعاملهما على غير هذا الاساس، حتى ولو كان قد نصبه عمر وأعطاه ثقته، ومنحه حبه وتكريمه، فإنه يكون متعدياً وظالماً.. وحتى مخالفاً لخط ورأي، نظرة ذلك الذي يصول على الناس ويجول بعلاقته وارتباطه به.
نعم.. وقد رأينا الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام يذكر: ان الذي دعاه للدخول في ولاية العهد، هو نفس الذي دعا أمير المؤمنين للدخول في الشورى (2).
وقد أوضحنا ذلك في كتابنا: الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) فليراجعه من أراد.
____________
(1) الإمامة والسياسة ج 1 ص 24 و 25.
(2) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 364 ومعادن الحكمة ص 192 وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 140 والبحار ج 49 ص 140 و 141، والحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) ص 306. عنهم.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page