• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مشرعون جدد، أو أنبياء صغار

وطبيعي بعد ذلك كله.. وبعد أن كانت السياسة تقضي بتقليص نسبة الاحترام للنبي (صلى الله عليه وآله)، والعمل على علو نجم قوم، ورفعة شأنهم، وأقول نجم آخرين، والحط منهم.. وبعد أن مست الحاجة إلى المزيد من الأحكام الإسلامية، والتعاليم الدينية ـ كان من الطبيعي ـ أن تعتبر أقوال الصحابة، ولا سيما الخليفتين الأول، والثاني ـ سنة كسنة النبي، بل وفوق سنة النبي (صلى الله عليه وآله).. وقد ساعد الحكام أنفسهم ـ لمقاصد مختلفة ـ على هذا الامر. وكنموذج مما يدل على ذلك، وعلى خطط الحكام في هذا المجال، نشير إلى قول البعض: «أنا زميل محمد» بالإضافة إلى ما يلي:
1 ـ «قال الشهاب الهيثمي في شرح الهمزية على قول البوصيري عن الصحابة: «كلهم في أحكامه ذو اجتهاد: أي صواب..» (1).
2 ـ وقال الشافعي: «لا يكون لك أن تقول إلا عن أصل، أو قياس على أصل. والأصل كتاب، أو سنة، أو قول بعض أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو إجماع الناس» (2).
3 ـ وقال البعض عن الشافعية: «والعجب! منهم من يستجيز مخالفة الشافعي لنص له آخر في مسألة بخلافه، ثم لا يرون مخالفته لأجل نص رسول الله (صلى الله عليه وآله)» (3).
4 ـ ويقول أبو زهرة بالنسبة لفتاوى الصحابة: «.. وجدنا مالكاً يأخذ بفتواهم على أنها من السنة، ويوازن بينها وبين الأخبار المروية، إن تعارض الخبر مع فتوى صحابي. وهذا ينسحب على كل حديث عنه (صلى الله عليه وآله)، حتى ولو كان صحيحاً» (4).
ولا بأس بمراجعة كلمات الشوكاني في هذا المجال أيضاً (5).
5 ـ بل إننا نجد بعض المؤلفين في الأصول، قد عقد باباً في كتابه، لكون قول الصحابي فيما يمكن فيه الرأي ملحق بالنسبة لغيره، أي لغير الصحابي.. بالسنة. وقيل: إن ذلك خاص بقول الشيخين: أبي بكر، وعمر (6).
6 ـ وحينما أُخبِرَ عمر بقضاء النبي (صلى الله عليه وآله) في المرأة التي قتلت أخرى بعمود: «كبّر. وأخذ عمر بذلك، وقال: لو لم أسمع بهذا لقلت فيه» (7).
7 ـ ثم هو يصر على رأيه فيمن تحيض بعد الأفاضة، رغم إخبارهم إياه بقول النبي (صلى الله عليه وآله) فيها (8).
8 ـ وفي قصة التكنية بأبي عيسى، نرى عمر لا يتزحزح عن موقفه، رغم إخبارهم إياه: بأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد أذن لهم بذلك، وتصديق عمر لهم.. لكنه عده ذنباً مغفوراً له (صلى الله عليه وآله) (9).
9 ـ وقال عمر بن عبد العزيز: «ألا إن، ما سنه أبو بكر وعمر، فهو دين نأخذ به، وندعو إليه». وزاد المتقي الهندي: «وما سن سواهما فإنا نرجيه» (10).
وذكر في كنز العمال: أن فتوى عمر تصير سنة.
10 ـ وفي حادثة أخرى: نجد عمر لا يرتدع عن مخالفته للنبي (صلى الله عليه وآله)، حتى يستدل عليه ذلك الرجل بقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة) (11).
11 ـ وقد رووا: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين» (12).
وبهذا استدل الشافعي على حجية قول أبي بكر وعمر.
مع أن المقصود بالخلفاء الراشدين هو الأئمة الإثنا عشر، (عليهم السلام) لكن هذا اللقب سرق منهم (ع).
12 ـ وعثمان بن عفان يقول: «إن السنة سنة رسول الله، وسنة صاحبيه» (13).
13 ـ كما أن عبد الرحمن بن عوف يعرض على أمير المؤمنين: أن يبايعه على العمل بسنة النبي (صلى الله عليه وآله)، وسنة الشيخين أبي بكر وعمر، فيأبى (عليه السلام) ذلك، ويقبل عثمان، فيفوز بالأمر (14).
14 ـ وخطب عثمان حينما بويع، فقال: «إن لكم عليّ بعد كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى عليه وآله ثلاثاً: إتباع من كان قبلي فيما اجتمعتم عليه، وسننتم، وسنّ سنة أهل الخير فيما لم تسنّوا عن ملأ» (15).
15 ـ وبعد.. فإن الأمويين يصرون على معاوية: أن يصلي بهم صلاة عثمان بن عفان في منى تماماً، ويرفضون الاستمرار على صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، رغم اعترافهم بذلك..
وعثمان نفسه يصر على رأيه في مقابل سنة النبي (صلى الله عليه وآله)، رغم اعترافه بأن ذلك رأي رآه (16).
وقد عرض عثمان على أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يصلي بالناس في منى، فلم يقبل (عليه السلام) إلا أن يصلي بهم صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فيأبى عثمان ذلك، ويأبى هو القبول: «وقد استمر الأمراء على صلاة عثمان فيما بعد ذلك» (17)!.
16 ـ بل إننا لنجد ربيعة بن شداد لا يرضى بأن يبايع أمير المؤمنين (عليه السلام). على كتاب الله وسنة رسوله، وقال:
على سنة أبي بكر وعمر. فقال له علي (عليه السلام): «ويلك، لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسوله لم يكونا على شيء الخ..» (18).
17 ـ وحتى معاوية فإنه يصر على رأيه، ويرفض الحكم النبوي بشكل صريح (19).
18 ـ وحينما ينكر أبو الدرداء على معاوية بعض قبائحه، ويذكر بنهي النبي (صلى الله عليه وآله) عنها، نجده يقول: أما أنا فلا أرى به بأساً (20).
19 ـ وقد كتب ابن الزبير إلى قاضيه يأمره بأن يعمل بفتوى أبي بكر في الجد، فيجعله أباً لأن النبي صلى عليه وآله قال:
لو كنت متخذاً خليلاً دون ربي لاتخذت أبا بكر إلى أن قال: «وأحق ما أخذناه قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه» (21).
20 ـ كما أن عطاء قد استدل بقضاء النبي (صلى الله عليه وآله) في العُمْرَى، فاعترض عليه رجل ـ وقد صرحت بعض النصوص بأنه: الزهري!! ـ بقوله: «لكن عبد الملك بن مروان لم يقض بهذا» أو قال: «إن الخلفاء لا يقضون بذلك» فقال: بل قضى بها عبد الملك في بني فلان (22)..
21 ـ واعترض البعض على مروان: بانه أخرج المنبر، ولم يكن يخرج، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة، وجلس في الخطبة.
فقال له مروان: «إن تلك السنة قد تركت» (23).
22 ـ بل لقد بلغ بهم الأمر: أن ادعى البعض: أن من خالف الحجاج فقد
23 ـ وعن ابن عباس: السنة سنتان: من نبي، أو من إمام عادل (24).
24 ـ وقضية إمضاء عمر للطلاق ثلاثاً، لأنهم استعجلوا ذلك تدل على أنه كان يرى أن لهم الحق في ذلك (25).
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه (26).
هذا كله.. عدا عن ادعائهم:
نزول الوحي على الخلفاء،
وأفضلية الخليفة على الرسول.
ونزول الوحي على الحجاج، والخلفاء وغير ذلك..
ولقد صدق أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما قال في كتابه للأشتر: «فإن هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى، وتطلب به الدنيا» (27).
____________
(1) التراتيب الإدارية ج 2 ص 366.
(2) مناقب الشافعي ج 1 ص 367، وراجع ص 450.
(3) مجموعة المسائل المنيرية ص 32.
(4) ابن حنبل لأبي زهرة ص 251/255 ومالك، لأبي زهرة ص 290.
(5) ابن حنبل لأبي زهرة ص 254/255 عن إرشاد الفحول للشوكاني ص 214.
(6) فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت المطبوع مع المستصفى ج 2 ص 186 وراجع التراتيب الإدارية ج 2 ص 366/367.
(7) المصنف لعبد الرزاق ج 10 ص 57.
(8) الغدير ج 6 ص 111/112 عن عدة مصادر.
(9) راجع: سنن أبي داود ج 4 ص 291 وسنن البيهقي ج 9 ص 310 وتيسير الوصول ط الهند ج 1 ص 25 والنهية لابن الأثير ج 1 ص 283 والإصابة ج 3 ص 388 والغدير ج 6 ص 319/310 عنهم وعن الأسماء والكنى للدولابي ج 1 ص 85.
(10) كنز العمال ج 1 ص 332 عن ابن عساكر وكشف الغمة للشعراني ج 1 ص 6 والنص له..
وفي رسالة عمر بن عبد العزيز لأبي بكر، ومحمد بن عمرو بن حزم: «اكتب إلي بما ثبت عندك من الحديث عن رسول الله، وبحديث عمر، فإني الخ» سنن الدارمي ج 1 ص 126. لكن في تقييد العلم ص 105 و 106 وهوامش: «أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن» وهي امرأة أنصارية أكثر ما تروى عن عائشة.
وراجع: السنة قبل التدوين ص 328 ـ 333، وتاريخ السنة المشرفة ص 226 و227 وتاريخ الخلفاء ص 241 والجزء الأول من كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم.
(11) المصنف لعبد الرزاق ج 2 ص 382.
(12) راجع: الثقات لابن حبان ج 1 ص 4 وحياة الصحابة ج 1 ص 12، وعن كشف الغمة للشعراني ج 1 ص 6.
(13) سنن البيهقي ج 3 ص 144، والغدير ج 8 ص 100 عنه.
ولتراجع رواية صالح بن كيسان والزهري في تقييد العلم ص 106/107 وفي هامشه عن العديد من المصادر وطبقات ابن سعد ج 2 ص 135.
(14) راجع قصة الشورى في أي كتاب تاريخي شئت..
(15) حياة الصحابة ج 3 ص 505 عن تاريخ الطبري ج 3 ص 446.
(16) راجع البداية والنهاية ج 3 ص 154 وحياة الصحابة ج 3 ص 507/508 عن كنز العمال ج 4 ص 239 عن ابن عساكر والبيهقي، والغدير ج 8 ص 101/102 عن المصادر التالية: أنساب الأشراف ج 5 ص 39 والطبري ج 5 ص 56 حوادث سنة 29، والكامل لابن الأثير ج 3 ص 42 والبداية والنهاية جح 7 ص 154، وتاريخ ابن خلدون ج 2 ص 386.
(17) راجع: الكافي ج 4 ص 518/519 والوسائل ج 5 ص 500/501 وحاشية ابن التركماني ذيل سنن البيهقي ج 3 ص 144/145 والغدير ج 8 ص 100 عنه وعن المحلى ج 4 ص 270 وليراجع الغدير ج 8 ص 98 ـ 116.
(18) بهج الصباغة ج 12 ص 203.
(19) راجع: المصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 201.
(20) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج 5 ص 130 والموطأ المطبوع مع تنوير الحوالك ج 2 ص 135، وسنن البيهقي ج 5 ص 280 وسنن النسائي ج 7 ص 277، واختلاف الحديث للشافعي بهامش الأم ج 7 ص 23 والغدير ج 10 ص 184 عن بعض من تقدم.
(21) مسند أحمد بن حنبل ج 4 ص 4 وراجع ص 5.
(22) المصنف لعبد الرزاق ج 9 ص 188 وسنن البيهقي ج 6 ص 174.
(23) لسان الميزان ج 6 ص 89.
(24) كنز العمال ج 1 ص 160.
(25) راجع: تفسير القرآن العظيم (الخاتمة)، ج 4 ص 22 والغدير ج 6 ص 178 ـ 183 عن مصادر كثيرة.
(26) راجع أيضاً المصنف لعبد الرزاق ج 11 ص 258/259 و ج 88 و 475/476 وطبقات ابن سعد ج 2 قسم 2 ص 134 ـ 136.
(27) راجع عهد الأشتر في نهج البلاغة، بشرح عبده ج 3 ص 105 وعهد الاشتر موجود في كثير من المصادر.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page