• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فدك .. عبر التاريخ

غير أنّ ( فدك ) لم تذهب إلى ( خزينة الدولة ) إلاّ لفترة قصيرة .. ثمّ سلّمها عمر لأبناء فاطمة ، ثمّ انتزعها عثمان ليعطيها لصهره مروان بن الحكم ، ثمّ عادت لعليّ في خلافته ـ وكانت له معها موقف حكيم ! وجاء معاوية فانتزعها من أصحابها ، ولم يردّها إلى خزينة الدولة ، بل قسّمها بين أقرباءه ثلاثة أقسام : فثلث لمروان ، وثلث لعمر بن عثمان ، وثلث لولده يزيد ( قاتل الحسين بن علي (ع) ) وهكذا بقيت في كفّ الأمويين حتّى خلقت لمروان وحده .. ثمّ ورثها عمر بن عبد العزيز فردّها على أولاد فاطمة ، ثمّ اضطرّ تحت ضغط أعوانه إلى توزيع غلّتها عليهم فقط ، واستبقاء الأصل في يده ، ثمّ انتزعها يزيد بن عيد الملك لنفسه ، وبقيت في يد المروانيّين حتى زالت دولتهم ، وعلى زمن العباسيين .. ردّها أبو العبّاس السفّاح إلى أبناء فاطمة ( عبد الله بن الحسن بن الحسن ) ثمّ انتزعها أبو جعفر المنصور ، ثمّ ردّها ولده المهدي بن المنصور إلى أبناء فاطمة ، ثمّ انتزعها ولده موسى بن المهدي ..
وبقيت في يد العبّاسيين حتّى عام 210 فردّها المأمون على أبناء فاطمة ، وكتب بذلك كتاباً ضمنّه أدلّة امتلاك فاطمة لفدك (1) .. ثمّ انتزعها المتوكّل ووهبها لابن عمر البازيار ، وكان فيها إحدى عشرة نخلة غرسها النبي (ص) بيده الكريمة ، فوجّه البازيار رجلاً يقال له ( بشران ) فصرّم تلك النخيل ، ثمّ عاد ففلج !! ولا يذكر التاريخ شيئاً عن فدك بعدما صارت في يد البازيار المعادي للنبي وآله (عليهم السلام) .
وهكذا كلّما كان الحكم يميل ( للإنصاف ) لأهل البيت كان يعيد فدكاً إلى أبناء فاطمة ، وكلّما جنح للظلم اغتصبها من جديد ، ولكّن حقّ فاطمة في فدك صار أظهر من الشمس في رابعة النهار ، وأصبح حديث ( نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث ) مثل ( قميص عثمان ) في التاريخ ، يستمرّ من وراءه طلاّب الحكم ليُقصوا عن الخلافة أهلها الحقيقيين ، وكفى بـ ( فدك ) شهادة على صدق وطهارة وحقّ منهج ، وقف على رأسه أهل البيت : عليّ وفاطمة والحسن والحسين .. الحماة الحقيقيّون للرسالة .
ومن المفارقات الطريفة : أنّ الذين استلبوا الخلافة في سقيفة بني ساعدة من ( أهل البيت ) كانوا يشعرون بالضعف ؛ لأنّه كان ينقصهم قوّة الحقّ في خلافتهم ، فراحوا يرمّمون ذلك النقص بقوّة المال المغتصب ، والسيف المشتهر .. أمّا عليّ أمير المؤمنين (ع) والذي كان أزهد النّاس في الدنيا ، وأحرصهم على الرسالة فما كان ليشعر بشيء من الضعف في خلافته ، حتّى يغطّيه بالمال ، فلا نقص ( الإجماع الجماهيري ) وقد تدافعت نحوه كالسيل وكأنّها تعتذر عن تقصيرها القديم .. ولا نقص ( النصّ الجلي ) .
وقد صرّح الرسول الأكرم في غدير خمّ ، وغير غدير خمّ ، بخلافته له من بعده ، ولا نقص ( القرابة ) إلى الرسول وهو بن عمّه وزوج سيّدة نساء أهل الجنّة ( فاطمة ) ، ولا ( الجهاد ) والأسبقيّة إلى الإسلام ، وقد كان الأوّل في كلّ تلك المناقب ؛ لذلك فإنّه ما أن امتلك السلطة حتّى رفض أن يستفيد من ( فدك ) شخصيّاً ، وكان ينفق جميع عائداتها على الفقراء ؛ ليدلّل على أنّ مطالبة أهل البيت ( بفدك ) لم يكن لأجل الدنيا ، وأنّ الذين اغتصبوها منهم ما فعلو ذلك .. للآخرة !
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1 ـ كتب المأمون العبّاسي الرسالة التالية إلى واليه على المدينة قثم بن جعفر : ( أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين بمكانه من دين الله وخلافة رسوله ( صلّى الله عليه وسلّم ) والقرابة به أولى مَن استنّ سنّته ، وسلّم لمَن منحه منحة ، وتصدّق عليه بصدقة منحته وصدقته ، وبالله توفيق أمير المؤمنين وعصمته ، وإليه في العمل بما يقرّه إليه رغبته ، وقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلّم ) أعطى فاطمة بنت رسول الله وتصدّق بها عليها ، وكان ذلك أمراً ظاهراً معروفاً لا اختلاف فيه بين آل رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ولم تزل تدعي منه ما هو أولى به من صدق عليه ، فرأى أمير المؤمنين أن يردّها إلى ورثتها ، ويسلّمها إليهم تقرّباً إلى الله تعالى ، بإقامة حقّه وعدله ، والى رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) بتنفيذ أمره وصدقته فأمر بإثبات ذلك في دواوينه والكتّاب إلى عمّاله ، فلئن كان ينادي في كلّ موسم بعد أن قبض نبيّه ( صلّى الله عليه وسلم ) أن يذكر كلّ من كانت له صدقة أو هبة أو عدّة ذلك ، فيقبل قوله وتنفّذ عدّته ، إنّ فاطمة ( رضي الله عنها ) لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) لها ، وقد كتب أمير المؤمنين إلى المبارك الطبري مولى أمير المؤمنين بأمره ، بردّ فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ) بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة إليها ، وما فيها من الرقيق والغلاّت وغير ذلك ، وتسليمها إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، لتولية أمير المؤمنين إيّاها القيام بها لأهلها . فاعلم ذلك من رأي أمير المؤمنين ، وما ألهمه الله من طاعته ، ووفّقه له من التقرّب إليه ، وإلى رسوله ( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وأعلمه من قبلك وعامل محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله بما كنت تعامل به المبارك الطبري ، وأعنهما على ما فيه عمارتها ومصلحتها ، ووفور غلاّتها إن شاء الله ، والسلام . ( راجع ص 28 كتاب فدك ) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page