• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الصفحة 376 الي 391


[ 376 ]
مغفرة ورزق كريم) الانفال: 74، وغير ذلك - في السماء لثابت مقضي مثل نطقكم وتكلمكم الذي هو حق لا ترتابون فيه. وجوز بعضهم أن يكون ضمير (إنه) راجعا إلى (ما توعدون) فقط أو إلى الرزق فقط أو الى الله أو الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو إلى القرآن أو إلى الدين في قوله: (وإن الدين لواقع) أو إلى اليوم في قوله: (أيان يوم الدين) أو الى جميع ما تقدم من أول السورة إلى ههنا، ولعل الاوجه رجوعه إلى ما ذكر في قوله: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) كما قدمنا. (كلام في تكافؤ الرزق والمرزوق) الرزق بمعنى ما يرتزق به هو ما يمد شيئا آخر في بقائه بانضمامه إليه أو لحوقه به بأي معنى كان كالغذاء الذى يمد الانسان في حياته وبقائه بصيرورته جزء من بدنه وكالزوج يمد زوجه في إرضاء غريزته وبقاء نسله وعلى هذا القياس. ومن البين: أن الاشياء المادية يرتزق بعضها ببعض كالانسان بالحيوان والنبات مثلا فما يلحق المرزوق في بقائه من أطوار الكينونة ومختلف الاحوال كما أنها أطوار من الكون لاحقة به منسوبة إليه كذلك هي بعينها أطوار من الكون لاحقة بالرزق منسوبة إليه وإن كان ربما تغيرت الاسماء فكما أن الانسان يصير بالتغذي ذا أجزاء جديدة في بدنه كذلك الغذاء يصير جزء جديد من بدنه اسمه كذا. ومن البين أيضا: أن القضاء محيط بالكون مستوعب للاشياء يتعين به ما يجري على كل شئ في نفسه وأطوار وجوده، وبعبارة أخرى سلسلة الحوادث بما لها من النظام الجاري مؤلفة من علل تامة ومعلولات ضرورية. ومن هنا يظهر أن الرزق والمرزوق متلازمان لا يتفارقان فلا معنى لموجود يطرء عليه طور جديد في وجوده بانضمام شئ أو لحوقه إلا مع وجود الشئ المنضم أو اللاحق المشترك معه في طوره ذلك فلا معنى لمرزوق مستمد في بقائه ولا رزق له، ولا معنى لرزق متحقق ولا مرزوق له كما لا معنى لزيادة الرزق على ما يحتاج إليه المرزوق، وكذا
________________________________________
[ 377 ]
لبقاء مرزوق من غير رزق فالرزق داخل في القضاء الالهي دخولا أوليا لا بالعرض ولا بالتبع وهو المعني بكون الرزق حقا. * * * قوله تعالى: (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين) إشارة إلى قصة دخول الملائكة المكرمين على إبراهيم عليه السلام وتبشيرهم له ولزوجه ثم إهلاكهم قوم لوط، وفيها آية على وحدانية الربوبية كما تقدمت الاشارة إليه. وفي قوله: (هل أتاك حديث) تفخيم لامر القصة و (المكرمين) - وهم الملائكة الداخلون على إبراهيم - صفة (ضيف) وإفراده لكونه في الاصل مصدرا لا يثنى ولا يجمع. قوله تعالى: (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون) الظرف متعلق بقوله في الاية السابقة: (حديث) و (سلاما) مقول القول والعامل فيه محذوف أي قالوا: نسلم عليك سلاما. وقوله: (قال سلام) قول ومقول و (سلام) مبتدأ محذوف الخبر والتقدير سلام عليكم، وفي إتيانه بالجواب جملة اسمية دالة على الثبوت تحية منه عليه السلام بما هو أحسن من تحيتهم بقولهم: سلاما فإنه جملة فعلية دالة على الحدوث. وقوله: (قوم منكرون) الظاهر أنه حكاية قول إبراهيم في نفسه، ومعناه أنه لما رآهم استنكرهم وحدث نفسه أن هؤلاء قوم منكرون، ولا ينافي ذلك ما وقع في قوله تعالى: (فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم) هود: 70 حيث ذكر نكره بعد تقريب العجل الحنيذ إليهم فإن ما في هذه السورة حديث نفسه به وما في سورة هود ظهوره في وجهه بحيث يشاهد منه ذلك. وهذا المعنى أوجه من قول جمع من المفسرين: إنه حكاية قوله عليه السلام لهم والتقدير أنتم قوم منكرون. قوله تعالى: (فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين) الروغ الذهاب على سبيل
________________________________________
[ 378 ]
الاحتيال على ما قاله الراغب وقال غيره: هو الذهاب إلى الشئ في خفية، والمعنى الاول يرجع الى الثاني. والمراد بالعجل السمين المشوي منه بدليل قوله: (ففر به إليهم) أو الفاء فصيحة والتقدير فجاء بعجل سمين فذبحه وشواه وقربه إليهم. قوله تعالى: (فقر به إليهم قال ألا تأكلون) عرض الاكل على الملائكة وهو يحسبهم بشرا. قوله تعالى: (فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف الخ) الفاء فصيحة والتقدير فلم يمدوا إليه أيديهم فلما رأى ذلك نكرهم وأوجس منهم خيفة، والايجاس الاحساس في الضمير والخيفة بناء نوع من الخوف أي أضمر منهم في نفسه نوعا من الخوف. وقوله: (قالوا لا تخف) جئ بالفصل لا بالعطف لانه في معنى جواب سؤال مقدر كأنه قيل: فماذا كان بعد ايجاس الخيفة فقيل: قالوا: لا تخفف وبشروه بغلام عليم فبدلوا خوفه أمنة وسرورا والمراد بغلام عليم إسماعيل أو إسحاق وقد تقدم الخلاف فيه. قوله تعالى: (فأقبلت إمرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم) في المجمع الصرة شدة الصياح وهو من صرير الباب ويقال للجماعة صرة أيضا. قال: والصك الضرب باعتماد شديد انتهى. والمعنى فأقبلت إمرأة إبراهيم عليه السلام - لما سمعت البشارة - في ضجة وصياح فلطمت وجهها وقالت: أنا عجوز عقيم فكيف ألد ؟ أو المعنى هل عجوز عقيم تلد غلاما ؟ وقيل: المراد بالصرة الجماعة وأنها جاءت إليهم في جماعة فصكت وجهها وقالت ما قالت، والمعنى الاول أوفق للسياق. قوله تعالى: (قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم) الاشارة بكذلك إلى ما بشروها به بما لها ولزوجها من حاضر الوضع هي عجوز عقيم وبعلها شيخ مسه الكبر فربها حكيم لا يريد ما يريد إلا بحكمة، عليم لا يخفى عليه وجه الامر. قوله تعالى: (قال فما خطبكم أيها المرسلون - إلى قوله - للمسرفين) الخطب
________________________________________
[ 379 ]
الامر الخطير الهام، والحجارة من الطين الطين المتحجر، والتسويم تعليم الشئ بمعنى جعله ذا علامة من السومة بمعنى العلامة. والمعنى: (قال) إبراهيم عليه السلام (فما خطبكم) والشأن الخطير الذي لكم (أيها المرسلون) من الملائكة (قالوا) أي الملائكة لابراهيم (إنا أرسلنا الى قوم مجرمين) وهم قوم لوط (لنرسل عليهم حجارة من طين طينا) متحجرا سماه الله سجيلا (مسومة) معلمة (عند ربك للمسرفين) تختص بهم لاهلاكهم، والظاهر أن اللام في المسرفين للعهد. قوله تعالى: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين - إلى قوله - العذاب الاليم) الفاء فصيحة وقد أوجز بحذف ما في القصة من ذهاب الملائكة إلى لوط و ورودهم عليه وهم القوم بهم حتى إذا أخرجوا آل لوط من القرية، وقد فصلت القصة في غير موضع من كلامه تعالى. فقوله: (فأخرجنا) الخ بيان إهلاكهم بمقدمته، وضمير (فيها) للقرية المفهومة من السياق، و (بيت من المسلمين) بيت لوط، وقوله: (وتركنا فيها آية) إشارة إلى إهلاكهم وجعل أرضهم عاليها سافلها، والمراد بالترك الابقاء كناية وقد بينت هذه الخصوصيات في سائر كلامه تعالى. والمعنى: فلما ذهبوا إلى لوط وكان من أمرهم ما كان (أخرجنا من كان فيها) في القرية (من المؤمنين فما وجدنا غير بيت) واحد (من المسلمين) وهم آل لوط (وتركنا فيها) في أرضهم بقلبها وإهلاكهم (آية) دالة على ربوبيتنا وبطلان الشركاء (للذين يخافون العذاب الاليم) من الناس. قوله تعالى: (وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين) عطف على قوله: (وتركنا فيها آية) والتقدير وفي موسى آية، والمراد بسلطان مبين الحجج الباهرة التي كانت معه من الايات المعجزة. قوله تعالى: (فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون) التولي الاعراض والباء في قوله: (بركنه) للمصاحبة، والمراد بركنه جنوده كما يؤيده الاية التالية، والمعنى: أعرض مع جنوده، وقيل: الباء للتعدية، والمعنى: جعل ركنه متولين معرضين. وقوله: (وقال ساحر أو مجنون) أي قال تارة هو مجنون كقوله: (إن رسولكم
________________________________________
[ 380 ]
الذي أرسل اليكم لمجنون) الشعراء: 27، وقال اخرى: هو ساحر كقوله: (إن هذا لساحر عليم) الشعراء: 34. قوله تعالى: (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم) النبذ طرح الشئ من غير أن يعتد به، واليم البحر، والمليم الاتي بما يلام عليه من ألام بمعنى أتى بما يلام عليه كأغرب إذا أتى بأمر غريب. والمعنى: فأخذناه وجنوده وهم ركنه وطرحناهم في البحر والحال أنه أتى من الكفر والجحود والطغيان بما يلام عليه، وإنما خص فرعون بالملامة مع أن الجميع يشاركونه فيها لانه إمامهم الذي قادهم إلى الهلاك، قال تعالى: (يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار) هود: 98. وفي الكلام من الايماء إلى عظمة القدرة وهول الاخذ وهوان أمر فرعون وجنوده ما لا يخفى. قوله تعالى: (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) عطف على ما تقدمه أي وفي عاد أيضا آية إذ أرسلنا عليهم أي أطلقنا عليهم الريح العقيم. والريح العقيم هي الريح التي عقمت وامتنعت من أن يأتي بفائدة مطلوبة من فوائد الرياح كتنشئة سحاب أو تلقيح شجر أو تذرية طعام أو نفع حيوان أو تصفية هواء كما قيل وإنما أثرها الاهلاك كما تشير إليه الاية التالية. قوله تعالى: (ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم) (ما تذر) أي ما تترك)، والرميم الشئ الهالك البالي كالعظم البالي السحيق، والمعنى ظاهر. قوله تعالى: (وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين - إلى قوله - منتصرين) عطف على ما تقدمه أي وفي ثمود أيضا آية إذ قيل لهم: تمتعوا حتى حين، والقائل نبيهم صالح عليه السلام إذ قال لهم: (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) هود: 65 قال لهم ذلك لما عقروا الناقة فأمهلهم ثلاثة أيام ليرجعوا فيها عن كفرهم وعتوهم لكن لم ينفعهم ذلك وحق عليهم كلمة العذاب. وقوله: (فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون) العتو - على ما ذكره الراغب - النبو عن الطاعة فينطبق على التمرد، والمراد بهذا العتو العتو عن
________________________________________
[ 381 ]
الامر والرجوع إلى الله أيام المهلة فلا يستشكل بأن عتوهم عن أمر الله كان مقدما على تمتعهم - كما يظهر من تفصيل القصة - والاية تدل على العكس. وقوله: (فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون) هذا لا ينافي ما في موضع آخر من ذكر الصيحة بدل الصاعقة كقوله: (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) هود: 67 لجواز تحققهما معا في عذابهم. وقوله: (فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين) لا يبعد أن يكون (استطاعوا) مضمنا معنى تمكنوا، و (من قيام) مفعوله أي ما تمكنوا من قيام من مجلسهم ليفروا من عذاب الله وهو كناية عن أنهم لم يمهلوا حتى بمقدار أن يقوموا من مجلسهم. وقوله: (وما كانوا منتصرين) عطف على (ما استطاعوا) أي ما كانوا منتصرين بنصرة غيرهم ليدفعوا بها العذاب عن أنفسهم، ومحصل الجملتين أنهم لم يقدروا على دفع العذاب عن أنفسهم لا بأنفسهم ولا بناصر ينصرهم. قوله تعالى: (وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين) عطف على القصص السابقة، و (قوم نوح) منصوب بفعل محذوف والتقدير وأهلكنا قوم نوح من قبل عاد وثمود إنهم كانوا فاسقين عن أمر الله. فهناك أمر ونهي كلف الناس بهما من قبل الله سبحانه وهو ربهم ورب كل شئ دعاهم الى الدين الحق بلسان رسله فما جاء به الانبياء عليه السلام حق من عند الله ومما جاؤا به الوعد بالبعث والجزاء. قوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) رجوع الى السياق السابق في قوله: (وفي الارض آيات للموقنين) الخ، والايد القدرة والنعمة، وعلى كل من المعنيين يتعين لقوله: (وإنا لموسعون) ما يناسبه من المعنى. فالمعنى على الاول: والسماء بنيناها بقدرة لا يوصف قدرها وإنا لذو واسعة في القدرة لا يعجزها شئ، وعلى الثاني: والسماء بنيناها مقارنا بناؤها لنعمة لا تقدر بقدر وإنا لذو واسعة وغنى لا تنفد خزائننا بالاعطاء والرزق نرزق من السماء من نشاء فنوسع الرزق كيف نشاء.
________________________________________
[ 382 ]
ومن المحتمل أن يكون (موسعون) من أوسع في النفقة أي كثرها فيكون المراد توسعة خلق السماء كما تميل إليه الابحاث الرياضية اليوم. قوله تعالى: (والارض فرشناها فنعم الماهدون) الفرش البسط وكذا المهد أي والارض بسطناها وسطحناها لتستقروا عليها وتسكنوها فنعم الباسطون نحن، وهذا الفرش والبسط لا ينافي كروية الارض. قوله تعالى: (ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) الزوجان المتقابلان يتم أحدهما بالاخر: فاعل ومنفعل كالذكر والانثى، وقيل: المراد مطلق المتقابلات كالذكر والانثى والسماء والارض والليل والنهار و البر والبحر والانس والجن وقيل: الذكر والانثى. وقوله: (لعلكم تذكرون) أي تتذكرون أن خالقها منزه عن الزوج والشريك واحد موحد. قوله تعالى: (ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إنى لكم منه نذير مبين) في الايتين تفريع على ما تقدم من الحجج على وحدانيته في الربوبية والالوهية، وفيها قصص عدة من الامم الماضين كفروا بالله ورسله فانتهى بهم ذلك إلى عذاب لاستئصال. فالمراد بالفرار إلى الله الانقطاع إليه من الكفر والعقاب الذي يستتبعه، بالايمان به تعالى وحده واتخاذه إلها معبودا لا شريك له. وقوله: (ولا تجعلوا مع الله إلها آخر) كالتفسير لقوله: (ففروا إلى الله) أي المراد بالايمان به الايمان به وحده لا شريك له في الالوهية والمعبودية. وقد كرر قوله: (إني لكم منه نذير مبين) لتأكيد الانذار، والايتان محكيتان عن لسان النبي صلى الله عليه واله وسلم. (بحث روائي) في تفسير القمي في قوله تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) قال: خلقك
________________________________________
[ 383 ]
سميعا بصيرا، تغضب مرة وترضى مرة، وتجوع مرة وتشبع مرة، وذلك كله من آيات الله. أقول: ونسبه في المجمع إلى الصادق عليه السلام. وفي التوحيد بإسناده إلى هشام بن سالم قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام فقيل له: بما عرفت ربك ؟ قال: بفسخ العزم ونقض الهم، عزمت ففسخ عزمي، وهممت فنقض همي. أقول: ورواه في الخصال عنه عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام. وفي الدر المنثور أخرج الخرائطي في مساوي الاخلاق عن علي بن أبي طالب (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) قال: سبيل الغائط والبول. أقول: الرواية كالروايتين السابقتين مسوقة لبيان بعض المصاديق من طرق المعرفة. وفيه أخرج ابن النقور والديلمي عن علي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في قوله: (وفي السماء رزقكم وما توعدون) قال: المطر. أقول: وروى نحوا منه القمي في تفسيره مرسلا ومضمرا. وفي إرشاد المفيد عن علي عليه السلام في حديث: اطلبوا الرزق فإنه مضمون لطالبه. وفي التوحيد بإسناده إلى أبي البختري قال: حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: يا علي: إن اليقين أن لا ترضى أحدا على سخط الله، ولا تحمدن أحدا على ما آتاك الله، ولا تذمن أحدا على ما لم يؤتك الله فإن الرزق لا يجره حرص حريص، ولا يصرفه كره كاره. الحديث... وفي المجمع (فأقبلت امرأته في صره) وقيل: في جماعة. عن الصادق عليه السلام وفي الدر المنثور أخرج الفاريابي وابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال: الريح العقيم النكباء. وفي التوحيد بإسناده إلى محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام فقلت: قول الله عز وجل (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) ؟ فقال: اليد في كلام العرب القوة والنعمة، قال الله: (واذكر عبدنا داود ذا الايد)، وقال: (والسماء
________________________________________
[ 384 ]
بنيناها بأيد) أي بقوة، وقال: (وأيدهم بروح منه) أي بقوة، ويقال: لفلان عندي يد بيضاء أي نعمة. وفي التوحيد بإسناده إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام خطبة طويلة وفيها: بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له، وبمضادته بين الاشياء عرف أن لا ضد له، وبمقارنته بين الاشياء عرف أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، واليبس بالبلل، والخشن باللين، والصرد بالحرور، مؤلفا بين متعادياتها، مفرقا بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها، وبتأليفها على مؤلفها وذلك قوله: (من كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون). ففرق بين قبل وبعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد له، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه. وفي المجمع في قوله تعالى: (ففروا إلى الله) وقيل: معناه حجوا. عن الصادق عليه السلام. أقول: (ورواه في الكافي وفي المعاني بالاسناد عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام. ولعله من التطبيق. * * * كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون - 52. أتواصوا به بل هم قوم طاغون - 53. فتول عنهم فما أنت بملوم - 54. وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين - 55. وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون - 56. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون - 57. إن الله هو الرزاق ذو القوة
________________________________________
[ 385 ]
المتين - 58. فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون - 59. فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون - 60. (بيان) مختتم السورة وفيه إرجاع الكلام إلى ما في مفتتحها من إنكارهم للبعث الموعود ومقابلتهم الرسالة بقول مختلف ثم إيعادهم باليوم الموعود. قوله تعالى: (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون) أي الامر كذلك، فقوله: (كذلك) كالتلخيص لما تقدم من إنكارهم واختلافهم في القول. وقوله: (ما أتى الذين من قبلهم) الخ، بيان للمشبه. قوله تعالى: (أتواصوا به بل هم قوم طاغون) التواصي إيصاء القوم بعضهم بعضا بأمر، وضمير (به) للقول، والاستفهام للتعجيب، والمعنى: هل وصى بعض هذه الامم بعضا - هل السابق وصى اللاحق ؟ - على هذا القول ؟ لا بل هم قوم طاغون يدعوهم إلى هذا القول طغيانهم. قوله تعالى: (فتول عنهم فما أنت بملوم) تفريع على طغيانهم واستكبارهم وإصرارهم على العناد واللجاج، فالمعنى: فإذا كان كذلك ولم يجيبوك إلا بمثل قولهم ساحر أو مجنون ولم يزدهم دعوتك إلا عنادا فأعرض عنهم ولا تجادلهم على الحق فما أنت بملوم فقد أريت المحجة وأتممت الحجة. قوله تعالى: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) تفريع على الامر بالتولي عنهم فهو أمر بالتذكير بعد النهي عن الجدال معهم، والمعنى: واستمر على التذكير والعظة فذكر كما كنت تذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين بخلاف الاحتجاج والجدال مع اولئك الطاغين فإنه لا ينفعهم شيئا ولا يزيدهم إلا طغيانا وكفرا.
________________________________________
[ 386 ]
قوله تعالى: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) فيه التفات من سياق التكلم بالغير إلى التكلم وحده لان الافعال المذكورة سابقا المنسوبة إليه تعالى كالخلق وإرسال الرسل وإنزال العذاب كل ذلك مما يقبل توسيط الوسائط كالملائكة وسائر الاسباب بخلاف الغرض من الخلق والايجاد فإنه أمر يختص بالله سبحانه لا يشاركه فيه أحد. وقوله: (إلا ليعبدون) استثناء من النفي لا ريب في ظهوره في أن للخلقة غرضا وأن الغرض العبادة بمعنى كونهم عابدين لله لا كونه معبودا فقد قال: ليعبدون لم يقل: لاعبد أو لاكون معبودا لهم. على أن الغرض كيفما كان أمر يستكمل به صاحب الغرض ويرتفع به حاجته والله سبحانه لا نقص فيه ولا حاجة له حتى يستكمل به ويرتفع به حاجته، ومن جهة اخرى الفعل الذي لا ينتهي إلى غرض لفاعله لغو سفهي ويستنتج منه أن له سبحانه في فعله غرضا هو ذاته لا غرض خارج منه، وأن لفعله غرضا يعود إلى نفس الفعل (1) وهو كمال للفعل لا لفاعله، فالعبادة غرض لخلقة الانسان وكمال عائد إليه هي وما يتبعها من الاثار كالرحمة والمغفرة وغير ذلك، ولو كان للعبادة غرض كالمعرفة الحاصلة بها والخلوص لله كان هو الغرض الاقصى والعبادة غرضا متوسطا. فان قلت: ما ذكرته من حمل اللام في (ليعبدون) على الغرض يعارضه قوله تعالى: (لا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) هود: 119، وقوله: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس) الاعراف: 179، فإن ظاهر الاية الاولى كون الغرض من الخلقة الاختلاف، وظاهر الثانية كون الغرض من خلق كثير من الجن والانس دخول جهنم فلا محيص عن رفع اليد من حمل اللام على الغرض وحملها على الغاية. قلت: أما الاية الاولى فالاشارة فيها إلى الرحمة دون الاختلاف، وأما الاية
________________________________________
(1) فالله تعال خلق الانسان ليثيبه والثواب عائد الى الانسان وهو المنتفع به والله غني عنه، وأما غرضه تعالى فهو ذاته التعالية وإنما خلقه لانه الله عز اسمه. منه. (*)
________________________________________
[ 387 ]
الثانية فاللام فيها للغرض لكنه غرض تبعي وبالقصد الثاني لا غرض أصلي وبالقصد الاول وقد تقدم إشباع الكلام في تفسير الايتين. فان قلت: لو كان اللام في (ليعبدون) للغرض كانت العبادة غرضه تعالى المراد من الخلقة، ومن المحال أن يتخلف مراده تعالى عن إرادته لكن من المعلوم المشاهد عيانا أن كثيرا منهم لا يعبدونه تعالى وهذا نعم الدليل على أن اللام في الاية ليست للغرض أو أنها للغرض لكن المراد بالعبادة العبادة التكوينية كما في قوله: (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) أسرى: 44. أو أن المراد بخلقهم للعبادة خلقهم على وجه صالح لان يعبدوا الله بجعلهم ذوي اختيار وعقل واستطاعة، وتنزيل الصلاحية والاستعداد منزلة الفعلية مجاز شائع كما يقال: خلق البقر للحرث، والدار للسكنى. قلت: الاشكال مبني على كون اللام في الجن والانس للاستغراق فيكون تخلف الغرض في بعض الافراد منافيا له وتخلفا من الغرض، والظاهر أن اللام فيهما للجنس دون الاستغراق فوجود العبادة في النوع في الجملة تحقق للغرض لا يضره تخلفه في بعض الافراد نعم لو ارتفعت العبادة عن جميع الافراد كان ذلك بطلانا للغرض، ولله سبحانه في النوع غرض كما أن له في الفرد غرضا. وأما حمل العبادة على العبادة التكوينية فيضعفه أنها شأن عامة المخلوقات لا موجب لتخصيصه بالجن والانس مضافا إلى أن السياق سياق توبيخ الكفار على ترك عبادة الله التشريعية وتهديدهم على إنكار البعث والحساب والجزاء وذلك متعلق بالعبادة التشريعية دون التكوينية. أما حمل العبادة على الصلوح والاستعداد بأن يكون الغرض من خلق الجن والانس كونهما بحيث يصلحان للعبادة ويستعدان لها أو لتعلق الامر والنهي العباديين فيضعفه أن من البين أن الصلوح والاستعداد إنما يتعلق به الطلب لاجل الفعلية التي يتعلق به الصلوح والاستعداد فلو كان الغرض المطلوب من خلقهما كونهما بحيث يصلحان للعبادة أو لتعلق الامر والنهي العباديين فقد تعلق الغرض أولا بفعلية عبادتهما ثم بالصلوح والاستعداد لمكان المقدمية.
________________________________________
[ 388 ]
ففي حمل العبادة على الصلوح والاستعداد اعتراف بكون الغرض من الخلق أولا وبالذات نفس العبادة ثم الصلوح والاستعداد فيعود الاشكال لو كان هناك إشكال. فالحق أن اللام في (الجن والانس) للجنس دون الاستغراق، و المراد بالعبادة نفسها دون الصلوح والاستعداد، ولو كان المراد هو الصلوح و الاستعداد للعبادة لكان ذلك غرضا أدنى مطلوبا لاجل غرض أعلى هو العبادة كما أن نفس العبادة بمعنى ما يأتي به العبد من الاعمال بالجوارح من قيام وركوع وسجود ونحوها غرض مطلوب لاجل غرض آخر هو المثول بين يدي رب العالمين بذلة العبودية وفقر المملوكية المحضة قبال العزة المطلقة والغنى المحض كما ربما استفيد من قوله تعالى: (قل ما يعبؤ بكم ربي لو لا دعاؤكم) الفرقان: 77، حيث بدل العبادة دعاء. فحقيقة العبادة نصب العبد نفسه في مقام الذلة و العبودية وتوجيه وجهه إلى مقام ربه، وهذا هو مراد من فسر العبادة بالمعرفة يعني المعرفة الحاصلة بالعبادة. فحقيقة العبادة هي الغرض الاقصى من الخلقة و هي أن ينقطع العبد عن نفسه وعن كل شئ ويذكر ربه. هذا ما يعطيه التدبر في قوله تعالى: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) ولعل تقديم الجن على الانس لسبق خلقهم على خلق الانس قال تعالى: (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) الحجر: 27، والعبادة هي غرض الفعل أي كمال عائد إليه لا إلى الفاعل على ما تقدم. ويظهر من القصر في الاية بالنفي والاستثناء أن لا عناية لله بمن لا يعبده كما يفيده أيضا قوله: (قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم). قوله تعالى: (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) الاطعام إعطاء الطعام ليطعم ويؤكل قال تعالى: (والذي هو يطعمني ويسقين) الشعراء: 79، وقال: (الذي أطعمهم من جوع) الايلاف: 4، فيكون ذكر الاطعام بعد الرزق من قبيل ذكر الخاص بعد العام لتعلق عناية خاصة به وهي أن التغذي أوسع حوائج الانسان وغيره وأخسها لكونه مسبوقا بالجوع وملحوقا بالدفع. وقيل: المراد بالرزق رزق العباد والمعنى: ما أريد منهم أن يرزقوا عبادي الذين أرزقهم وما أريد أن يطعموني نفسي.
________________________________________
[ 389 ]
وقيل: المراد بالاطعام تقديم الطعام إليه كما يقدم العبد الطعام إلى سيده والخادم إلى مخدومه فيكون المراد بالرزق تحصيل أصل الرزق وبالاطعام تقديم ما حصلوه والمعنى: ما أريد منهم رزقا يحصلونه لي فأرتزق به وما أريد منهم أن يقدموا إلى ما أرتزق به وأطعمه. قوله تعالى: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) تعليل لقوله: (ما أريد منهم من رزق) الخ، والالتفات في الاية من التكلم وحده إلى الغيبة لانهاء التعليل إلى اسم الجلالة الذي منه يبتدئ كل شئ واليه يرجع كأنه قال: ما أريد منهم رزقا لاني أنا الرزاق لاني أنا الله تبارك اسمه. والتعبير بالرزاق - اسم مبالغة - وكان الظاهر أن يقال: إن الله هو الرزاق للاشارة إلى أنه تعالى إذا كان رازقا وحده كان رزاقا لكثرة من يرزقه فالاية نظير قوله: (وما أنا بظلام للعبيد). وذو القوة من أسمائه تعالى بمعنى القوي لكنه أبلغ من القوي، والمتين أيضا من أسمائه تعالى بمعنى القوي. والتعبير بالاسماء الثلاثة للدلالة على انحصار الرزق فيه تعالى وأنه لا يأخذه ضعف في إيصال الرزق إلى المرتزقين على كثرتهم. قوله تعالى: (فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون) الذنوب النصيب، والاستعجال طلب العجلة والحث عليها، والاية متفرعة على قوله: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) بلازم معناه. والمعنى: فإذا كان هؤلاء الظالمون لا يعبدون الله ولا عناية له بهم ولا سعادة من قبله تشملهم فإن لهم نصيبا من العذاب مثل نصيب أصحابهم من الامم الماضية الهالكة فلا يطلبوا مني أن أعجل لهم العذاب ولا يقولوا متى هذا الوعد إن كنتم صادقين، وأيان يوم الدين. وفي الاية التفات من الغيبة إلى التكلم وحده وهو في الحقيقة رجوع من سياق الغيبة الذي في قوله: (إن الله هو الرزاق) الخ، إلى التكلم وحده الذي في قوله: (وما خلقت) الخ، لتفرع الكلام عليه.
________________________________________
[ 390 ]
قوله تعالي: (فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون) تفريع على قوله: (فإن للذين ظلموا ذنوبا) الخ، وتنبيه على أن هذا الذنوب محقق لهم يوم القيامة وإن أمكن أن يجعل لهم بعضه، وهو يوم ليس لهم فيه إلا الويل والهلاك وهو يومهم الموعود. وفي تبديل قوله في الاية السابقة للذين ظلموا من قوله في هذه الاية: (للذين كفروا) تنبيه على أن المراد بالظلم ظلم الكفر. (بحث روائي) في المجمع وروي بالاسناد عن مجاهد قال: خرج علي بن أبي طالب معتما مشتملا في قميصة فقال: لما نزلت (فتول عنهم فما أنت بملوم) لم يبق أحد منا إلا أيقن بالهلكة حين قيل للنبي: (فتول عنهم) فلما نزل و (ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) طابت نفوسنا، ومعناه: عظ بالقرآن من آمن من قومك فإن الذكرى تنفعهم. عن الكلبي. أقول: ورواه في الدر المنثورو روى أيضا ما في معناه عن ابن راهويه وابن مردويه عنه عليه السلام. وفي التوحيد بإسناده عن ابن أبي عمير قال: قلت لابي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اعملوا فكل ميسرلما خلق له ؟ فقال: إن الله عز وجل خلق الجن والانس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه وذلك قوله عز وجل: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) فيسر كلا لما خلق له فويل لمن استحب العمى على الهدى. وفي العلل بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسين بن علي عليه السلام على أصحابه فقال: إن الله عز وجل ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواء. وفيه بإسناده إلى أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) قال: خلقهم ليأمرهم بالعبادة.
________________________________________
[ 391 ]
أقول: وروى القمي في تفسيره مثله مرسلا ومضمرا، وقد مر في تفسير الاية ما يتضح به معنى هذه الروايات، وأن هناك أغراضا مترتبة: التكليف والعبادة والمعرفة. وفي تفسير العياشي عن يعقوب بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) قال: خلقهم للعبادة. قال: قلت: قوله: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) فقال: نزلت هذه بعد ذلك. أقول: أي نزلت (ولا يزالون) الخ، بعد (وما خلقت) الخ، يريد النسخ، وفي تفسير القمي: وفي حديث آخر هي منسوخة بقوله: (ولا يزالون مختلفين) و المراد بالنسخ البيان ورفع الابهام دون النسخ المصطلح، وكثيرا ما ورد بهذا المعنى في كلامهم عليه السلام كما أشرنا إليه في تفسير قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أ ننسها) الاية البقرة: 106. والمراد أن الغرض الاعلى هو الرحمة الخاصة المترتبة على العبادة وهي السعادة وفي العلل بإسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسين بن علي عليه السلام على أصحابه فقال: إن الله عز وجل ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواء. وفيه بإسناده إلى أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) قال: خلقهم ليأمرهم بالعبادة.
________________________________________
[ 391 ]
أقول: وروى القمي في تفسيره مثله مرسلا ومضمرا، وقد مر في تفسير الاية ما يتضح به معنى هذه الروايات، وأن هناك أغراضا مترتبة: التكليف والعبادة والمعرفة. وفي تفسير العياشي عن يعقوب بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله: (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) قال: خلقهم للعبادة. قال: قلت: قوله: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) فقال: نزلت هذه بعد ذلك. أقول: أي نزلت (ولا يزالون) الخ، بعد (وما خلقت) الخ، يريد النسخ، وفي تفسير القمي: وفي حديث آخر هي منسوخة بقوله: (ولا يزالون مختلفين) و المراد بالنسخ البيان ورفع الابهام دون النسخ المصطلح، وكثيرا ما ورد بهذا المعنى في كلامهم عليه السلام كما أشرنا إليه في تفسير قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أ ننسها) الاية البقرة: 106. والمراد أن الغرض الاعلى هو الرحمة الخاصة المترتبة على العبادة وهي السعادة الخاصة بالمعرفة. وفي التهذيب بإسناده إلى سدير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أي شئ على الرجل في طلب الرزق ؟ فقال: إذا فتحت بابك وبسطت بساطك فقد قضيت ما عليك. - تم والحمد لله -


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page