• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الصفحة 276 الي 300


[ 276 ]
اليمين إلى المؤمنين وفيهم المريد للتزوج بعد الجميع واحدا غير مختلف لاتحادهم في الدين واتحاد مصالحهم ومنافعهم كأنهم شخص واحد. وفي تقييد المحصنات وكذا الفتيات بالمؤمنات إشارة إلى عدم جواز تزوج غير المؤمنات من كتابية ومشركة ولهذا الكلام تتمة ستمر بك إن شاء الله العزيز في أوائل سورة المائدة. ومحصل معنى الآية أن من لم يقدر منكم على أن ينكح الحرائر المؤمنات لعدم قدرته على تحمل أثقال المهر والنفقة فله أن ينكح من الفتيات المؤمنات من غير ان يتحرج من فقدان القدرة على الحرائر ويعرض نفسه على خطرات الفحشاء ومعترض الشقاء. فالمراد بهذا النكاح هو النكاح الدائم والآية في سياق التنزل أي إن لم يمكنكم كذا فيمكنكم كذا وإنما قصر الكلام في صورة التنزل على بعض أفراد المنزل عنه أعني على النكاح الدائم الذي هو بعض أفراد النكاح الجائز لكون النكاح الدائم هو المتعارف المتعين بالطبع في نظر الانسان المريد تأسيس البيت وإيجاد النسل وتخليف الولد ونكاح المتعة تسهيل ديني خفف الله به عن عباده لمصلحة سد طريق الفحشاء وقطع منابت الفساد. وسوق الكلام على الجهة الغالبة أو المعروفة السابقة إلى الذهن وخاصة في مقام تشريع الاحكام والقوانين كثير شائع في القرآن الكريم كقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر: البقرة - 185 مع أن العذر لا ينحصر في المرض والسفر وقوله تعالى وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا: النساء - 43 والاعذار وقيود الكلام كما ترى مبنية على الغالب المعروف إلى غير ذلك من الآيات. هذا على ما ذكروه من حمل الآية على النكاح الدائم ولا يوجب ذلك من حيث اشتماله على معنى التنزل والتوسعة اختصاص الآية السابقة بالنكاح الدائم وكون قوله فما استمتعتم به منهن غير مسوق لبيان حكم نكاح المتعة كما توهمه بعضهم لان هذا التنزل والتوسعة واقع بطرفيه (المنزل عنه والمنزل إليه) في نفس هذه الآية أعني قوله:
________________________________________
[ 277 ]
فمن لم يجد منكم طولا الخ. على أن الآية بلفظها لا تأبى عن الحمل على مطلق النكاح الشامل للدائم والمنقطع كما سيتضح بالكلام على بقية فقراتها. قوله تعالى والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض لما كان الايمان المأخوذ في متعلق الحكم أمرا قلبيا لا سبيل إلى العلم بحقيقته بحسب الاسباب وربما أوهم تعليقا بالمتعذر أو المتعسر وأوجب تحرج المكلفين منه بين تعالى أنه هو العالم بإيمان عباده المؤمنين وهو كناية عن أنهم إنما كلفوا الجرى على الاسباب الظاهرية الدالة على الايمان كالشهادتين والدخول في جماعة المسلمين والاتيان بالوظائف العامة الدينية فظاهر الايمان هو الملاك دون باطنه. وفي هداية هؤلاء المكلفين غير المستطيعين إلى الازدواج بالاماء نقص وقصور آخر في الوقوع موقع التأثير والقبول وهو أن عامة الناس يرون لطبقة المملوكين من العبيد والاماء هوانا في الامر وخسة في الشأن ونوع ذلة وانكسار فيوجب ذلك انقباضهم وجماح نفوسهم من الاختلاط بهم والمعاشرة معهم وخاصة بالازدواج الذى هو اشتراك حيوى وامتزاج باللحم والدم. فأشار سبحانه بقوله بعضكم من بعض إلى حقيقة صريحة يندفع بالتأمل فيها هذا التوهم الفاسد فالرقيق إنسان كما أن الحر إنسان لا يتميزان في ما به يصير الانسان واجدا لشؤون الانسانية وإنما يفترقان بسلسلة من أحكام موضوعة يستقيم بها المجتمع الانساني في إنتاجه سعادة الناس ولا عبرة بهذه التميزات عند الله والذى به العبرة هو التقوى الذى به الكرامة عند الله فلا ينبغى للمؤمنين أن ينفعلوا عن أمثال هذه الخطرات الوهمية التى تبعدهم عن حقائق المعارف المتضمنة سعادتهم وفلاحهم فإن الخروج عن مستوى الطريق المستقيم وإن كان حقيرا في بادى أمره لكنه لا يزال يبعد الانسان من صراط الهداية حتى يورده أودية الهلكة. ومن هنا يظهر أن الترتيب الواقع في صدر الآية في صورة الاشتراط والتنزل أعنى قوله ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم إنما هو جرى في الكلام على مجرى الطبع والعادة وليس إلزاما للمؤمنين
________________________________________
[ 278 ]
على الترتيب بمعنى أن يتوقف جواز نكاح الامة على فقدان الاستطاعة على نكاح الحرة بل لكون الناس بحسب طباعهم سالكين هذا المسلك خاطبهم أن لو لم يقدروا على نكاح الحرائر فلهم أن يقدموا على نكاح الفتيات من غير انقباض ونبه مع ذلك على أن الحر والرق من نوع واحد بعض أفراده يرجع إلى بعض. ومن هنا يظهر أيضا فساد ما ذكره بعضهم في قوله تعالى في ذيل الآية وأن تصبروا خير لكم أن المعنى وصبركم عن نكاح الاماء مع العفة خير لكم من نكاحهن لما فيه من الذل والمهانة والابتذال هذا فإن قوله بعضكم من بعض ينافى ذلك قطعا. قوله تعالى فانكحوهن بإذن أهلهن إلى قوله أخدان المراد بالمحصنات العفائف فإن ذوات البعولة لا يقع عليهن نكاح والمراد بالمسافحات ما يقابل متخذات الاخدان والاخدان جمع خدن بكسر الخاء وهو الصديق يستوى فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع وإنما اتى به بصيغة الجمع للدلالة على الكثرة نصا فمن يأخذ صديقا للفحشاء لا يقنع بالواحد والاثنين فيه لان النفس لا تقف على حد إذا اطيعت فيما تهواه. وبالنظر إلى هذه المقابلة قال من قال إن المراد بالسفاح الزنا جهرا وباتخاذ الخدن الزنا سرا وقد كان اتخاذ الخدن متداولا عند العرب حتى عند الاحرار والحرائر لا يعاب به مع ذمهم زنا العلن لغير الاماء. فقوله فانكحوهن بإذن أهلهن إرشاد إلى نكاح الفتيات مشروطا بأن يكون بإذن مواليهن فإن زمام أمرهن إنما هو بيد الموالى لا غير وإنما عبر عنهم بقوله أهلهن جريا على ما يقتضيه قوله قبل بعضكم من بعض فالفتاة واحدة من أهل بيت مولاها ومولاها أهلها. والمراد بإتيانهن اجورهن بالمعروف توفيتهن مهور نكاحهن وإتيان الاجور إياهن إعطاؤها مواليهن وقد أرشد إلى الاعطاء بالمعروف عن غير بخس ومماطلة وإيذاء. قوله تعالى فإذا احصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب قرئ احصن بضم الهمزة بالبناء للمفعول وبفتح الهمزة بالبناء للفاعل وهو الارجح. الاحصان في الآية إن كان هو إحصان الازدواج كان أخذه في الشرط المجرد
________________________________________
[ 279 ]
كون مورد لكلام في ما تقدم ازدواجهن وذلك أن الامة تعذب نصف عذاب الحرة إذا زنت سواء كانت محصنة بالازدواج أو لا من غير أن يؤثر الاحصان فيها شيئا زائدا. وأما إذا كان إحصان الاسلام كما قيل ويؤيده قراءة فتح الهمزة تم المعنى من غير مؤونة زائدة وكان عليهن إذا زنين نصف عذاب الحرائر سواء كن ذوات بعولة أو لا والمراد بالعذاب هو الجلد دون الرجم لان الرجم لا يقبل الانتصاف وهو الشاهد على أن المراد بالمحصنات الحرائر غير ذوات الازواج المذكورة في صدر الآية واللام للعهد فمعنى الآية بالجملة أن الفتيات المؤمنات إذا أتين بفاحشة وهو الزنا فعليهن نصف حد المحصنات غير ذوات الازواج وهو جلد خمسين سوطا. ومن الممكن أن يكون المراد بالاحصان إحصان العفة وتقريره أن الجوارى يومئذ لم يكن لهن الاشتغال بكل ما تهواه أنفسهن من الاعمال بما لهن من اتباع أوامر مواليهن وخاصة في الفاحشة والفجور وكانت الفاحشة فيهن لو اتفقت بأمر من مواليهن في سبيل الاستغلال بهن والاستدرار من عرضهن كما يشعر به النهى الوارد في قوله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا: النور - 33 فالتماسهن الفجور واشتغالهن بالفحشاء باتخاذها عادة ومكسبا كان فيما كان بأمر مواليهن من دون أن يسع لهن الاستنكاف والتمرد وإذا لم يكرههن الموالى على الفجور فالمؤمنات منهن على ظاهر تقوى الاسلام وعفة الايمان وحينئذ إن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب وهو قوله تعالى فإذا احصن فإن أتين بفاحشة الخ. ومن هنا يظهر أن لا مفهوم لهذه الشرطية على هذا المعنى وذلك أنهن إذا لم يحصن ولم يعففن كن مكرهات من قبل مواليهن مؤتمرات لامرهم كما لا مفهوم لقوله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا: النور - 33 حيث إنهن إن لم يردن التحصن لم يكن موضوع لاكراههن من قبل الموالى لرضاهن بذلك فافهم.
________________________________________
[ 280 ]
قوله تعالى ذلك لمن خشى العنت منكم العنت الجهد والشدة والهلاك وكأن المراد به الزنا الذى هو نتيجة وقوع الانسان في مشقة الشبق وجهد شهوة النكاح وفيه هلاك الانسان والاشارة على ما قيل إلى نكاح الجوارى المذكور في الآية وعليه فمعنى قوله وأن تصبروا خير لكم أن تصبروا عن نكاح الاماء أو عن الزنا خير لكم ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلى وجوب نكاح الاماء أو وجوب مطلق النكاح لو استفيد شئ منهما من سابق سياق الآية والله أعلم. وكيف كان فكون الصبر خيرا إن كان المراد هو الصبر عن نكاح الاماء إنما هو لما فيه من حقوق مواليهن وفي أولادهن على ما فصل في الفقه وإن كان المراد الصبر عن الزنا إنما هو لما في الصبر من تهذيب النفس وتهيئة ملكة التقوى فيها بترك اتباع هواها في الزنا من غير ازدواج أو معه والله غفور رحيم يمحو بمغفرته آثار خطرات السوء عن نفوس المتقين من عباده ويرحمهم برحمته. قوله تعالى يريد الله ليبين لكم إلى آخر الآية بيان وإشارة إلى غاية تشريع ما سبق من الاحكام في الآيات الثلاث والمصالح التى تترتب عليها إذا عمل بها فقوله يريد الله ليبين لكم أي أحكام دينه مما فيه صلاح دنياكم وعقباكم وما في ذلك من المعارف والحكم وعلى هذا فمعمول قوله يبين محذوف للدلالة على فخامة أمره وعظم شأنه ويمكن أن يكون قوله يبين لكم وقوله ويهديكم متنازعين في قوله سنن الذين. قوله تعالى ويهديكم سنن الذين من قبلكم أي طرق حياة السابقين من الانبياء والامم الصالحة الجارين في الحياة الدنيا على مرضاة الله الحائزين به سعادة الدنيا والآخرة والمراد بسننهم على هذا المعنى سننهم في الجملة لا سننهم بتفاصيلها وجميع خصوصياتها فلا يرد عليه أن من احكامهم ما تنسخه هذه الآيات بعينها كازدواج الاخوة بالاخوات في سنة آدم والجمع بين الاختين في سنة يعقوب عليه السلام وقد جمع عليه السلام بين الاختين ليا ام يهودا وراحيل ام يوسف على ما في بعض الاخبار هذا. وهنا معنى آخر قيل به وهو أن المراد الهداية إلى سنن جميع السابقين سواء كانوا على الحق أو على الباطل يعني أنا بينا لكم جميع السنن السابقة من حق وباطل لتكونوا على بصيرة فتأخذوا بالحق منها وتدعوا الباطل.
________________________________________
[ 281 ]
وهذا معنى لا بأس به غير أن الهداية في القرآن غير مستعمل في هذا المعنى وإنما استعمل فيما استعمل في الايصال إلى الحق أو إرادة الحق كقوله إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء: القصص - 56 وقوله إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا: الانسان - 3 والاوفق بمذاق القرآن أن يعبر عن أمثال هذه المعاني بلفظ التبيين والقصص ونحو ذلك. نعم لو جعل قوله يبين وقوله ويهديكم متنازعين في قوله سنن الذين من قبلكم وقوله ويتوب عليكم أيضا راجعا إليه وآل المعنى إلى أن الله يبين لكم سنن الذين من قبلكم ويهديكم إلى الحق منها ويتوب عليكم فيما ابتليتم به من باطلها كان له وجه فإن الآيات السابقة فيها ذكر من سنن السابقين والحق والباطل منها والتوبة على ما قد سلف من السنن الباطلة. قوله تعالى ويتوب عليكم والله عليم حكيم التوبة المذكورة هو رجوعه إلى عبده بالنعمة والرحمة وتشريع الشريعة وبيان الحقيقة والهداية إلى طريق الاستقامة كل ذلك توبة منه سبحانه كما أن قبول توبة العبد ورفع آثار المعصية توبة. وتذييل الكلام بقوله والله عليم حكيم ليكون راجعا إلى جميع فقرات الآية ولو كان المراد رجوعه إلى آخر الفقرات لكان الانسب ظاهرا أن يقال والله غفور رحيم. قوله تعالى والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين الخ كأن تكرار ذكر توبته للمؤمنين للدلالة على أن قوله ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما إنما يقابل من الفقرات الثلاث في الآية السابقة الفقرة الاخيرة فقط إذ لو ضم قوله ويريد الذين الخ إلى الآية السابقة من غير تكرار قوله والله يريد الخ أفاد المقابلة في معنى جميع الفقرات ولغى المعنى قطعا. والمراد بالميل العظيم هتك هذه الحدود الالهية المذكورة في الآيات بإتيان المحارم وإلغاء تأثير الانساب والاسباب واستباحة الزنا والمنع عن الاذأ بما سنه الله من السنة القويمة. قوله تعالى يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا كون الانسان
________________________________________
[ 282 ]
ضعيفا لما ركب الله فيه القوى الشهوية التي لا تزال تنازعه في ما تتعلق به من المشتهيات وتبعثه إلى غشيانها فمن الله عليهم بتشريع حلية ما تنكسر به سورة شهوتهم بتجويز النكاح بما يرتفع به غائلة الحرج حيث قال واحل لكم ما وراء ذلكم وهو النكاح وملك اليمين فهداهم بذلك سنن الذين من قبلهم وزادهم تخفيفا منه لهم لتشريع نكاح المتعة إذ ليس معه كلفة النكاح وما يستتبعه من أثقال الوظائف من صداق ونفقة وغير ذلك. وربما قيل إن المراد به إباحة نكاح الاماء عند الضرورة تخفيفا وفيه أن نكاح الاماء عند الضرورة كان معمولا به بينهم قبل الاسلام على كراهة وذم والذي ابتدعته هذه الآيات هو التسبب إلى نفى هذه الكراهة والنفرة ببيان أن الامة كالحرة إنسان لا تفاوت بينهما وأن الرقية لا توجب سقوط صاحبها عن لياقة المصاحبة والمعاشرة. وظاهر الآيات بما لا ينكر أن الخطاب فيها متوجه إلى المؤمنين من هذه الامة فالتخفيف المذكور في الآية تخفيف على هذه الامة والمراد به ما ذكرناه. وعلى هذا فتعليل التخفيف بقوله وخلق الانسان ضعيفا مع كونه وصفا مشتركا بين جميع الامم هذه الامة والذين من قبلهم وكون التخفيف مخصوصا بهذه الامة إنما هو من قبيل ذكر المقتضى العام والسكوت عما يتم به في تأثيره فكأنه قيل إنا خففنا عنكم لكون الضعف العام في نوع الانسان سببا مقتضيا للتخفيف لو لا المانع لكن لم تزل الموانع تمنع عن فعلية التخفيف وانبساط الرحمة في سائر الامم حتى وصلت النوبة اليكم فعمتكم الرحمة وظهرت فيكم آثاره فبرز حكم السبب المذكور وشرع فيكم حكم التخفيف وقد حرمت الامم السابقة من ذلك كما يدل عليه قوله ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا: البقرة - 286 وقوله هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج: الحج - 78. ومن هنا يظهر أن النكتة في هذا التعليل العام بيان ظهور تمام النعم الانسانية في هذه الامة
________________________________________
[ 283 ]
= بحث روائي = عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: الرضاع لحمة كلحمة النسب وفي الدر المنثور أخرج مالك و عبد الرزاق عن عائشة قالت ": كان فيما انزل من القرآن عشر رضعات معلومات - فنسخن بخمس معلومات - فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن أقول وروى فيه عنها ما يقرب منه بطرق اخرى وهى من روايات التحريف مطروحة بمخالفة الكتاب. وفيه أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريقين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نكح الرجل المرأة - فلا يحل له أن يتزوج امها دخل بالابنة أو لم يدخل - وإذا تزوج الام فلم يدخل بها - ثم طلقها فإن شاء تزوج الابنة أقول وهذا المعنى مروى من طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وهو مذهبهم وهو المستفاد من الكتاب كما مر في البيان المتقدم وقد روى من طرق أهل السنة عن علي عليه السلام: أن ام الزوجة لا بأس بنكاحها قبل الدخول بالبنت - وأنها بمنزلة الربيبة - وأن الربيبة إذا لم تكن في حجر زوج امها - لم تحرم عليه نكاحها وهذه امور يدفعها المروي عنهم عليهم السلام من طرق الشيعة. وفي الكافي بإسناده عن منصور بن حازم قال: كنت عند أبى عبد الله عليه السلام - فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة - فماتت قبل أن يدخل بها أ يتزوج بامها - فقال أبو عبد الله عليه السلام قد فعله رجل منا فلم ير به بأسا - فقلت جعلت فداك ما تفتخر الشيعة إلا بقضاء علي عليه السلام - في هذا في المشيخة (1) التي أفتاه ابن مسعود أنه لا بأس به بذلك
________________________________________
(1) لعل الصحيح: الشمخي لما في بعض أخبار أهل السنة أنه كان رجلا من بني شمخ أو الصحيح في الشمخية التي أفتى ابن مسعود.
________________________________________
[ 284 ]
ثم أتى عليا عليه السلام فسأله فقال له على عليه السلام - من أين يأخذها ؟ (1) فقال من قول الله عز وجل - وربائبكم اللاتى في حجوركم من نسائكم اللاتى دخلتم بهن - فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم - فقال على عليه السلام إن هذه مستثناة وهذه مرسلة - فقال أبو عبد الله عليه السلام للرجل - أما تسمع ما يروى هذا عن على عليه السلام ؟ فلما قمت ندمت وقلت أي شئ صنعت - يقول قد فعله رجل منا ولم ير به بأسا - وأقول أنا قضى على عليه السلام فيها فلقيته بعد ذلك وقلت جعلت فداك مسألة الرجل إنما كان الذى قلت كان زلة مني فما تقول فيها - فقال يا شيخ تخبرني أن عليا عليه السلام قضى فيها - وتسألني ما تقول فيها أقول وقصة قضائه عليه السلام في فتوى ابن مسعود على ما رواه في الدر المنثور عن سنن البيهقي وغيره: أن رجلا من بني شمخ تزوج امرأة ولم يدخل بها - ثم رأى امها فأعجبته - فاستفتي ابن مسعود فأمره أن يفارقها - ثم يتزوج امها ففعل وولدت له أولادا - ثم أتى ابن مسعود المدينة فقيل له لا تصلح - فلما رجع إلى الكوفة قال للرجل إنها عليك حرام ففارقها. لكن لم ينسب القول فيه إلى على عليه السلام بل ذكر أنه سأل عنه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي لفظ أنه سأل عنه عمر وفي بعض الروايات فاخبر أنه ليس كما قال وأن الشرط في الربائب. وفي الاستبصار بإسناده عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه: أن عليا عليه السلام كان يقول - الربائب عليكم حرام مع الامهات اللاتي دخلتم بهن - في الحجور وغير الحجور سواء - والامهات مبهمات دخل بالبنات أم لم يدخل - فحرموا وأبهموا ما أبهم الله أقول وقد عزى إليه عليه السلام في بعض الروايات من طرق أهل السنة اشتراط الحجور في حرمة الربائب لكن الروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام تدفعه وهو الموافق لما يستفاد من الآية كما تقدم. والمبهمات من البهمة وهي كون الشئ ذا لون واحد لا يختلط به لون آخر ولا
________________________________________
(1) نسخة الوافي: من أين اخذ بها.
________________________________________
[ 285 ]
يختلف في لونه سمى به من طبقات النساء المحرمة من كانت حرمة نكاحها مرسلة غير مشروطة وهي الامهات والبنات والاخوات والعمات والخالات وبنات الاخ وبنات الاخت وما كان من الرضاعة وامهات النساء وحلائل الابناء. وفيه بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل تكون له الجارية فيصيب منها - أ له أن ينكح ابنتها قال لا هي كما قال الله تعالى - وربائبكم اللاتى في حجوركم وفي تفسير العياشي عن أبي عون قال سمعت أبا صالح الحنفي قال قال علي عليه السلام ذات يوم: سلوني - فقال ابن الكوا أخبرني عن بنت الاخت من الرضاعة - وعن المملوكتين الاختين فقال إنك لذاهب في التيه سل عما يعنيك أو ينفعك - فقال ابن الكوا إنما نسألك عما لا نعلم - وأما ما نعلم فلا نسألك عنه - ثم قال أما الاختان المملوكتان أحلتهما آية وحرمتهما آية - ولا احله ولا احرمه - ولا أفعله أنا ولا واحد من أهل بيتي وفي التهذيب بإسناده عن معمر بن يحيى بن سالم قال: سألنا أبا جعفر عليه السلام - عما يروى الناس عن أمير المؤمنين عليه السلام عن أشياء - لم يكن يأمر بها ولا ينهى إلا نفسه وولده - فقلت كيف يكون ذلك - قال قد أحلتها آية وحرمتها آية اخرى - فقلنا الاول أن يكون إحديهما نسخت الاخرى - أم هما محكمتان ينبغى أن يعمل بهما - فقال قد بين لهم إذ نهى نفسه وولده - قلنا ما منعه أن يبين ذلك للناس - قال خشى أن لا يطاع - فلو أن أمير المؤمنين ثبتت قدماه أقام كتاب الله كله والحق كله أقول والرواية المنقولة عنه عليه السلام هي التى نقلت عنه عليه السلام من طرق أهل السنة كما رواه في الدر المنثورعن البيهقي وغيره عن على بن أبي طالب قال في الاختين المملوكتين أحلتهما آية وحرمتهما آية ولا آمر ولا أنهى ولا احل ولا احرم ولا أفعله أنا ولا أهل بيتى. وروى فيه أيضا عن قبيصة بن ذؤيب: أن رجلا سأله عليه السلام عن ذلك فقال لو كان إلى من الامر شئ - ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا وفي التهذيب بإسناده عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
________________________________________
[ 286 ]
إذا كانت عند الانسان الاختان المملوكتان فنكح إحداهما - ثم بدا له في الثانية فليس ينبغى له أن ينكح الاخرى - حتى تخرج الاولى من ملكه يهبها أو يبيعها - فإن وهبها لولده يجزيه وفي الكافي وتفسير العياشي عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله عز وجل - والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم - قال هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته - فيقول له اعتزل امرأتك ولا تقربها - ثم يحبسها عنه حتى تحيض ثم يمسها - فإذا حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح وفي تفسير العياشي عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام: في قول الله والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال - هن ذوات الازواج إلا ما ملكت أيمانكم - إن كنت زوجت أمتك غلامك نزعتها منه إذا شئت - فقلت أرأيت إن زوج غير غلامه - قال ليس له أن ينزع حتى تباع - فإن باعها صار بضعها في يد غيره فإن شاء المشتري فرق وإن شاء أقر. وفي الدر المنثور أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة عن فيروز الديلمي: أنه أدركه الاسلام وتحته اختان - فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلق أيتهما شئت. وفيه أخرج ابن عبد البر في الاستذكار عن أياس بن عامر قال: سألت علي بن أبي طالب فقلت إن لي اختين مما ملكت يميني اتخذت إحديهما سرية وولدت لي أولادا ثم رغبت في الاخرى فما أصنع ؟ قال تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الاخرى. ثم قال إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلا العدد أو قال إلا الاربع ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب. اقول ورواه بطرق أخر غير هذا الطريق عنه. وفي صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يجمع بين المرأة وعمتها - ولا بين المرأة وخالتها.
________________________________________
[ 287 ]
اقول وهذا المعنى مروي بغير الطريقين من طرق أهل السنة لكن المروي من طرق أئمة أهل البيت خلاف ذلك والكتاب يساعده. وفي الدر المنثور أخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطحاوي وابن حيان والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث يوم حنين جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله في ذلك والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يقول - إلا ما أفاء الله عليكم فاستحللنا بذلك فروجهن. أقول وروي ذلك عن الطبراني عن ابن عباس. وفيه أخرج عبد بن حميد عن عكرمة: أن هذه الآية التي في سورة النساء والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم - نزلت في امرأة يقال لها معاذة وكانت تحت شيخ من بني سدوس - يقال له شجاع بن الحارث وكان معها ضرة لها قد ولدت لشجاع أولادا رجالا - وإن شجاعا انطلق يمير أهله من هجر - فمر بمعاذة ابن عم لها فقالت له - احملني إلى اهلي فإنه ليس عند هذا الشيخ خير فاحتملها فانطلق بها فوافق ذلك جيئة الشيخ - فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال - يا رسول الله وأفضل العرب إني خرجت أبغيها الطعام في رجب - فتولت وألطت بالذنب وهي شر غالب لمن غلب رأت غلاما واركا على قتب لها وله أرب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي علي فإن كان الرجل كشف بها ثوبا فارجموها - وإلا فردوا إلى الشيخ امرأته - فانطلق مالك بن شجاع وابن ضرتها فطلبها فجاء بها - ونزلت بيتها. اقول وقد مر مرارا أن أمثال هذه الاسباب المروية للنزول وخاصة فيما كانت متعلقة بأبعاض الآيات وأجزائها تطبيقات من الرواة وليست بأسباب حقيقية. في الفقيه سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل والمحصنات من النساء قال هن ذوات الازواج فقيل: والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم - قال هن العفائف.
________________________________________
[ 288 ]
أقول ورواه العياشي أيضا عنه عليه السلام. وفي المجمع في قوله تعالى ومن لم يستطع منكم طولا أي من لم يجد منكم غنى قال: وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وفي الكافي عن الصادق عليه السلام قال: لا ينبغي أن يتزوج الحر المملوكة اليوم إنما كان ذلك حيث قال الله عز وجل ومن لم يستطع منكم طولا - والطول المهر - ومهر الحرة اليوم مهر الامة أو أقل. اقول الغنى أحد مصاديق الطول كما تقدم والرواية لا تدل على أزيد من الكراهة. وفي التهذيب بإسناده عن أبي العباس البقباق قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: يتزوج الرجل الامة بغير علم أهلها ؟ قال هو زنا - إن الله تعالى يقول فانكحوهن بإذن أهلهن. وفيه بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام يتمتع بالامة بإذن أهلها ؟ قال نعم إن الله عز وجل يقول: فانكحوهن بإذن أهلهن. وفي تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن قول الله في الاماء - فإذا أحصن ما إحصانهن قال يدخل بهن - قلت فإن لم يدخل بهن ما عليهن حد ؟ قال بلى. وفيه عن حريز قال: سألته عن المحصن فقال الذي عنده ما يغنيه. وفي الكافي بإسناده عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في العبيد والاماء - إذا زنا أحدهم أن يجلد خمسين جلده - إن كان مسلما أو كافرا أو نصرانيا - ولا يرجم ولا ينفى. وفيه بإسناده عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام: عن عبد مملوك قذف حرا - قال يجلد ثمانين هذا من حقوق الناس - فأما ما كان من حقوق الله عز وجل - فإنه يضرب نصف الحد. قلت الذي من حقوق الله عز وجل ما هو ؟ قال إذا زنا أو شرب خمرا
________________________________________
[ 289 ]
فهذا من الحقوق التي يضرب عليها نصف الحد. وفي التهذيب بإسناده عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام: في الامة تزني قال: تجلد نصف الحد كان لها زوج أو لم يكن. وفي الدر المنثور أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: المسافحات المعلنات بالزنا المتخذات أخدان ذات الخليل الواحد قال كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا - ويستحلون ما خفي يقولون أما ما ظهر منه فهو لؤم - وأما ما خفي فلا بأس بذلك - فأنزل الله ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن. أقول والروايات فيما تقدم من المعاني كثيرة اقتصرنا منها على انموذج يسير. (بحث آخر روائي) في الكافي بإسناده عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المتعة - فقال: نزلت في القرآن - فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة. وفيه بإسناده عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنما نزلت فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى - فآتوهن اجورهن فريضة. أقول وروى هذه القراءة العياشي عن أبي جعفر عليه السلام ورواها الجمهور بطرق عديدة عن أبي بن كعب وعبد الله بن عباس كما سيأتي ولعل المراد بأمثال هذه الروايات الدلالة على المعنى المراد من الآية دون النزول اللفظي. وفيه بإسناده عن زرارة قال: جاء عبد الله بن عمير الليثى إلى أبي جعفر عليه السلام فقال له: ما تقول في متعة النساء ؟ فقال أحلها الله في كتابه وعلى لسان نبيه - فهي حلال إلى يوم القيامة - فقال يا أبا جعفر مثلك يقول هذا - وقد حرمها عمر ونهى عنها ؟ فقال وإن كان فعل - فقال إني اعيذك بالله من ذلك أن تحل شيئا حرمه عمر. قال فقال له فأنت على قول صاحبك - وأنا على قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
________________________________________
[ 290 ]
فهلم ألاعنك أن القول ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وان الباطل ما قال صاحبك فأقبل عبد الله بن عمير فقال: أيسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن ؟ قال فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حين ذكر نساءه وبنات عمه. وفيه بإسناده عن أبي مريم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المتعة نزل بها القرآن وجرت بها السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وفيه بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة فقال أي المتعتين تسأل - قال سألتك عن متعة الحج فأنبئني عن متعة النساء أحق هي ؟ فقال سبحان الله أما قرأت كتاب الله عز وجل فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة فقال والله كأنها آية لم أقراها قط. وفي تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنهم غزوا معه فأحل لهم المتعة ولم يحرمها وكان علي يقول - لو لا ما سبقني به ابن الخطاب يعني عمر ما زنى إلا شقي (1) وكان ابن عباس يقول - فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن اجورهن فريضة وهؤلاء يكفرون بها ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحلها ولم يحرمها. وفيه عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه عليه السلام في المتعة قال نزلت هذه الآية - فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة قال: لا بأس بأن تزيدها وتزيدك إذا انقطع الاجل فيما بينكما - يقول استحللتك بأجل آخر برضى منها - ولا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها وعدتها حيضتان. وعن الشيباني في قوله تعالى ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما والسلام أنهما قالا: هو أن يزيدها في الاجرة وتزيده في الاجل.
________________________________________
(1) وفي نسخة: الا الاشقى. (*)
________________________________________
[ 291 ]
أقول والروايات في المعاني السابقة مستفيضة أو متواترة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام وإنما أوردنا طرفا منها وعلى من يريد الاطلاع عليها جميعا أن يراجع جوامع الحديث. * وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان متعة النساء في أول الاسلام - كان الرجل يقدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته - ولا يحفظ متاعه فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته فتنظر له متاعه وتصلح له ضيعته وكان يقرأ - فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى نسختها محصنين غير مسافحين وكان الاحصان بيد الرجل يمسك متى شاء - ويطلق متى شاء. وفي مستدرك الحاكم بإسناده عن أبي نضرة قال ": قرات على ابن عباس - فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة - قال ابن عباس فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فقلت ما نقرؤها كذلك فقال ابن عباس - والله لانزلها الله كذلك. أقول ورواه في الدر المنثور عنه وعن عبد بن حميد وابن جرير وابن الانباري في المصاحف. وفي الدر المنثور أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال ": في قراءة أبي ابن كعب فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى. وفي صحيح الترمذي عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال ": إنما كانت المتعة في أول الاسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فيحفظ له متاعه ويصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية - إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم - قال ابن عباس فكل فرج سوى هذين فهو حرام. أقول ولازم الخبر أنها نسخت بمكة لان الآية مكية. وفي مستدرك الحاكم عن عبد الله بن أبي مليكة: سألت عائشة رضي الله عنها عن متعه النساء - فقالت بيني وبينكم كتاب الله قال وقرأت هذه الآية - والذين
________________________________________
(*) أخبار في قراءة: إلى أجل مسمى. (*)
________________________________________
[ 292 ]
هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم - أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين - فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا. وفي الدر المنثور (1) أخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر والنحاس من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة قال نسختها يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء - واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر. وفيه أخرج اأو داود في ناسخه وابن المنذر والنحاس والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال ": نسخت آية الميراث المتعة. وفيه أخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال: المتعة منسوخة نسخها الطلاق والصدقة والعدة والميراث. وفيه أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن علي قال: نسخ رمضان كل صوم - ونسخت الزكاة كل صدقة - ونسخ المتعة الطلاق والعدة والميراث - ونسخت الضحية كل ذبيحة. وفيه أخرج عبد الرزاق وأحمد ومسلم عن سبرة الجهني (2) قال: أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام فتح مكة في متعة النساء - فخرجت أنا ورجل من قومي ولي عليه فضل في الجمال وهو قريب من الدمامة مع كل واحد منا برد - أما بردي فخلق وأما برد ابن عمي فبرد جديد غض حتى إذا كنا بأعلى مكة تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فقلنا هل لك أن يستمتع منك أحدنا ؟ قالت وما تبذلان ؟ فنشر كل واحد منا برده فجعلت تنظر إلى الرجلين - فإذا رآها صاحبي قال إن برد هذا خلق - وبردي جديد غض فتقول وبرد هذا لا بأس به - ثم استمتعت منها - فلم نخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وفيه أخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي
________________________________________
(1) جملة من الاخبار الدالة على نسخ آية المتعة بالكتاب. (2) جملة من الاخبار الدالة على نسخ المتعة بالسنة. (*)
________________________________________
[ 293 ]
والنسائي وابن ماجة عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر - وعن أكل لحوم الحمر الانسية وفيه أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن سلمة بن الاكوع قال رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام - ثم نهى عنها بعدها. وفي شرح ابن العربي لصحيح الترمذي عن إسماعيل عن أبيه عن الزهري: أن سبرة روى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها في حجة الوداع خرجه أبو داود قال وقد رواه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة عن أبيه فذكر فيه أنه كان في حجة الوداع بعد الاحلال وأنه كان بأجل معلوم وقد قال الحسن إنها في عمرة القضاء. وفيه عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع المتعة في غزوة تبوك. أقول والروايات كما ترى تختلف في تشخيص زمان نهيه صلى الله عليه وآله وسلم بين قائلة أنه كان قبل الهجرة وقائلة بأنه بعد الهجرة بنزول آيات النكاح والطلاق والعدد والميراث أو بنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عام خيبر أو زمن عمرة القضاء أو عام أوطاس أو عام الفتح أو عام تبوك أو بعد حجة الوداع ولذا حمل على تكرر النهي عنها مرات عديدة وأن كلا من الروايات تحدث عن مرة منها لكن جلالة بعض رواتها كعلي وجابر وابن مسعود مع ملازمتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وخبرتهم بالخطير واليسير من سيرته تأبى أن يخفى عليهم نواهيه صلى الله عليه وآله وسلم. وفي الدر المنثور أخرج البيهقي عن علي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المتعة وإنما كانت لمن لم يجد فلما نزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت. وفيه أخرج النحاس عن علي بن أبي طالب: أنه قال لابن عباس - إنك رجل تائه إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المتعة. وفيه أخرج البيهقي عن أبي ذر قال ": إنما أحلت لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتعة ثلاثة أيام - ثم نهى عنه رسول الله صلى اللله عليه وآله وسلم. وفي صحيح البخاري عن أبي جمرة قال: سئل ابن عباس عن متعة النساء فرخص فيها - فقال له مولى له إنما كان ذلك وفي النساء قلة والحال شديد - فقال ابن عباس نعم
________________________________________
[ 294 ]
وفي الدر المنثور أخرج البيهقي عن عمر أنه خطب فقال ما بال رجال ينكحون هذه المتعة وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عنها لا أوتى بأحد نكحها إلا رجمته. وفيه أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن سبرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائما بين الركن والباب وهو يقول - يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع ألا وإن الله حرمها إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شي فليخل سبيلها - ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا. وفيه أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: والله ما كانت المتعة إلا ثلاثة أيام أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وآ له وسلم فيها - ما كانت قبل ذلك ولا بعد. * وفي تفسير الطبري عن مجاهد ": فما استمتعتم به منهن قال يعني نكاح المتعة. وفيه عن السدي في الآية قال هذه المتعة الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل وهي منه بريئة وعليها أن تستبرئ ما في رحمها وليس بينهما ميراث ليس يرث واحد منهما صاحبه. وفي صحيحي البخاري ومسلم ورواه في الدر المنثور عن عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال ": كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس معنا نساؤنا - فقلنا ألا نستخصي ؟ فنهانا عن ذلك - ورخص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد الله يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم. وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي شيبة عن نافع أن ابن عمر سئل عن المتعة فقال حرام - فقيل له إن ابن عباس يفتي بها قال فهلا ترمرم بها في زمان عمر. وفي الدر المنثور أخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي من طريق سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ماذا صنعت ؟ ذهب الركاب بفتياك - وقالت فيه الشعراء قال وما قالوا قلت قالوا - أقول للشيخ لما طال مجلسه * * يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس ؟ هل لك في رخصة الاطراف آنسة * * تكون مثواك حتى مصدر الناس ؟
________________________________________
(*) جملة من الاخبار الدالة على قول بعض الصحابة والتابعين عن المفسرين بجواز المتعة. (*)
________________________________________
[ 295 ]
فقال إنا لله وإنا إليه راجعون لا والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت - ولا أحللتها إلا للمضطر - ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير. وفيه أخرج ابن المنذر من طريق عمار مولى الشريد قال: سألت ابن عباس عن المتعة أسفاح هي أم نكاح ؟ فقال لا سفاح ولا نكاح قلت فما هي ؟ قال هي المتعة كما قال الله - قلت هل لها من عدة ؟ قال عدتها حيضة قلت هل يتوارثان قال لا. وفيه أخرج عبد الرزاق وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال ": يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها امة محمد - ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي - قال وهي التي في سورة النساء - فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا من الاجل على كذا وكذا - قال وليس بينهما وراثة فإن بدا لهما أن يتراضيا ؟ ؟ بعد الاجل فنعم - وإن تفرقا فنعم وليس بينهما نكاح - وأخبر أنه سمع ابن عباس أنه يراها الآن حلالا. وفي تفسير الطبري ورواه في الدر المنثور عن عبد الرزاق وأبي داود في ناسخه عن الحكم أنه سئل عن هذه الآية أمنسوخة ؟ قال لا - وقال علي لو لا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي. * وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام - على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر - حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث أقول ونقل عن جامع الاصول لابن الاثير وزاد المعاد لابن القيم وفتح الباري لابن حجر وكنز العمال. وفي الدر المنثور أخرج مالك وعبد الرزاق عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت إن ربيعة بن امية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه - فخرج عمر بن الخطاب يجر رداءه فزعا - فقال هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت. أقول ونقل عن الشافعي في كتاب الام والبيهقي في السنن الكبرى.
________________________________________
(*) جملة من الاخبار الدالة على نهى عمر عن المتعة. (*)
________________________________________
[ 296 ]
وعن كنز العمال عن سليمان بن يسار عن ام عبد الله ابنه أبي خيثمة أن رجلا قدم من الشام فنزل عليها - فقال إن العزبة قد اشتدت علي فابغيني امرأة أتمتع معها قالت فدللته على امرأة فشارطها وأشهدوا على ذلك عدولا - فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ثم إنه خرج فاخبر عن ذلك عمر بن الخطاب - فارسل إلي فسألني أحق ما حدثت ؟ قلت نعم قال فإذا قدم فآذنيني فلما قدم أخبرته فأرسل إليه فقال ما حملك على الذي فعلته ؟ قال فعلته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم لم ينهنا عنه حتى قبضه الله ثم مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه الله - ثم معك فلم تحدث لنا فيه نهيا فقال عمر أما والذي نفسي بيده - لو كنت تقدمت في نهي لرجمتك - بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح. وفي صحيح مسلم ومسند أحمد عن عطاء: قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله - فسأله القوم عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر - وفي لفظ أحمد حتى إذا كان في آخر خلافة عمر رضي الله عنه. وعن سنن البيهقي عن نافع عن عبد الله بن عمر ": أنه سئل عن متعة النساء فقال: حرام أما إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لو أخذ فيها أحدا لرجمه بالحجارة. وعن مرآة الزمان لابن الجوزي: كان عمر رضي الله عنه يقول - والله لا اوتى برجل أباح المتعة إلا رجمته. وفي بداية المجتهد لابن رشد عن جابر بن عبد الله ": تمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ونصفا من خلافة عمر ثم نهى عنها عمر الناس. وفي الاصابة أخرج ابن الكلبي: أن سلمة بن امية بن خلف الجمحي استمتع من سلمى مولاة حكيم بن امية بن الاوقص الاسلمي فولدت له فجحد ولدها - فبلغ ذلك عمر فنهى المتعة. وعن زاد المعاد عن أيوب ": قال عروة لابن عباس ألا تتقي الله ترخص في المتعة ؟ فقال ابن عباس سل امك يا عرية فقال عروة أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا - فقال ابن عباس - والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله - نحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وتحدثونا عن أبي بكر وعمر.
________________________________________
[ 297 ]
اقول وام عروة أسماء بنت أبي بكر تمتع منها الزبير بن العوام فولدت له عبد الله بن الزبير وعروة. وفي المحاضرات للراغب ": عير عبد الله بن الزبير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة فقال له سل امك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك ؟ فسألها فقالت ما ولدتك إلا في المتعة. وفي صحيح مسلم عن مسلم القري قال ": سألت ابن عباس عن المتعة فرخص فيها وكان ابن الزبير ينهى عنها فقال هذه ام ابن الزبير تحدث أن رسول الله رخص فيها - فادخلوا عليها فاسألوها - قال فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء فقالت قد رخص رسول الله فيها. اقول وشاهد الحال المحكي يشهد أن السؤال عنها كان في متعة النساء وتفسره الروايات الاخر أيضا. وفي صحيح مسلم عن أبي نضرة قال كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما. اقول ورواه البيهقي في السنن على ما نقل وروي هذا المعنى في صحيح مسلم في مواضع ثلاث بألفاظ مختلفة وفي بعضها قال جابر: فلما قام عمر قال - إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء - فأتموا الحج والعمرة كما أمر الله وانتهوا عن نكاح هذه النساء لا اوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته. وروى هذا المعنى البيهقي في سننه وفي أحكام القرآن للجصاص وفي كنز العمال وفي الدر المنثور وفي تفسير الرازي ومسند الطيالسي. وفي تفسير القرطبي عن عمر: أنه قال في خطبة متعتان كانتا على عهد رسول الله عليه السلام وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما متعة الحج ومتعة النساء. اقول: وخطبته هذه مما تسالم عليه أهل النقل وأرسلوه إرسال المسلمات كما عن تفسير الرازي والبيان والتبيين وزاد المعاد وأحكام القرآن والطبري وابن عساكر وغيرهم.
________________________________________
[ 298 ]
وعن المستبين للطبري عن عمر أنه قال ": ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا محرمهن ومعاقب عليهن متعة الحج ومتعة النساء وحي على خير العمل في الاذان. وفي تاريخ الطبري عن عمران بن سوادة قال ": صليت الصبح مع عمر فقرأ سبحان وسورة معها - ثم انصرف وقمت معه - فقال أحاجة ؟ قلت حاجة قال فالحق قال فلحقت فلما دخل أذن لي فإذا هو على سرير ليس فوقه شئ فقلت نصيحة فقال مرحبا بالناصح غدوا وعشيا - قلت عابت أمتك أربعا - قال فوضع رأس درته في ذقنه - ووضع أسفلها في فخذه ثم قال هات - قلت ذكروا أنك حرمت العمرة في أشهر الحج ولم يفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر رضي الله عنه وهي حلال قال هي حلال ؟ لو أنهم اعتمروا في أشهر الحج رأوها مجزية من حجهم فكانت قائبة قوب عامها فقرع حجهم - وهو بهاء من بهاء الله وقد أصبت. قلت وذكروا أنك حرمت متعة النساء - وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى السعة ثم لم أعلم أحدا من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت. قال قلت واعتقت الامة إن وضعت ذا بطنها بغير عتاقة سيدها - قال ألحقت حرمة بحرمة وما أردت إلا الخير - واستغفر الله قلت وتشكو منك نهر الرعية وعنف السياق قال فشرع الدرة ثم مسحها حتى أتى على آخرها - ثم قال أنا زميل محمد - وكان زامله في غزوة قرقرة الكدر - فوالله إني لارتع فاشبع وأسقي فاروي - وأنهز اللفوث وأزجر العروض - وأذب قدري وأسوق خطوي وأضم العنود وألحق القطوف - وأكثر الزجر وأقل الضرب وأشهر العصا وأدفع باليد لولا ذلك لاعذرت. قال فبلغ ذلك معاوية فقال كان والله عالما برعيتهم. أقول ونقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن ابن قتيبة. هذه عدة من الروايات الواردة في أمر متعة النساء والناظر المتأمل الباحث يرى ما فيها من التباين والتضارب ولا يتحصل للباحث في مضامينها غير أن عمر بن
________________________________________
[ 299 ]
الخطاب أيام خلافته حرمها ونهى عنها لرأي رآه في قصص عمرو بن حريث وربيعة ابن امية بن خلف الجمحي وأما حديث النسخ بالكتاب أو السنة فقد عرفت عدم رجوعه إلى محصل على أن بعض الروايات يدفع البعض في جميع مضامينها إلا في أن عمر بن الخطاب هو الناهي عنها المجري للمنع المقرر حرمة العمل وحد الرجم لمن فعل هذا أولا. وأنها كانت سنة معمولا بها في زمن النبي في الجملة بتجويز منه صلى الله عليه وآله وسلم إما إمضاء وإما تأسيسا وقد عمل بها من أصحابه من لا يتوهم في حقه السفاح كجابر بن عبد الله وعبد الله بن مسعود والزبير بن العوام وأسماء بنت أبي بكر وقد ولدت بها عبد الله بن الزبير وهذا ثانيا. وأن في الصحابة والتابعين من كان يرى إباحتها كابن مسعود وجابر وعمرو بن حريث وغيرهم ومجاهد والسدي وسعيد بن جبير وغيرهم وهذا ثالثا. وهذا الاختلاف الفاحش بين الروايات هو المفضي للعلماء من الجمهور بعد الخلاف فيها من حيث أصل الجواز والحرمة أولا إلى الخلاف في نحو حرمتها وكيفية منعها ثانيا وذهابهم فيها إلى أقوال مختلفة عجيبة ربما أنهي إلى خمسة عشر قولا. وإن للمسألة جهات من البحث لا يهمنا إلا الورود من بعضها فهناك بحث كلامي دائر بين الطائفتين أهل السنة والشيعة وبحث آخر فقهي فرعي ينظر فيها إلى حكم المسألة من حيث الجواز والحرمة وبحث آخر تفسيري من حيث النظر في قوله تعالى فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فريضة الآية هل مفاده تشريع نكاح المتعة ؟ وهل هو بعد الفراغ عن دلالته على ذلك منسوخ بشئ من الآيات كآية المؤمنون أو آيات النكاح والتحريم والطلاق والعدة والميراث ؟ وهل هو منسوخ بسنة نبوية ؟ وهل هو على تقدير تشريعه يشرع حكما ابتدائيا أو حكما إمضائيا إلى غير ذلك. وهذا النحو الثالث من البحث هو الذي نعقبه في هذا الكتاب وقد تقدم خلاصة القول في ذلك فيما تقدم من البيان ونزيده الآن توضيحا بإلفات النظر إلى بعض ما قيل في المقام على دلالة الآية على نكاح المتعة وتسنينها ذلك بما ينافي ما مر في البيان المتقدم.
________________________________________
[ 300 ]
قال بعضهم بعد إصراره على أن الآية إنما سيقت لبيان إيفاء المهر في النكاح الدائم وذهبت الشيعة إلى أن المراد بالآية نكاح المتعة وهو نكاح المرأة إلى أجل معين كيوم أو اسبوع أو شهر مثلا واستدلوا على ذلك بقراءة شاذة رويت عن أبى وابن مسعود وابن عباس رضى الله عنهم وبالاخبار والآثار التى رويت في المتعة قال فأما القراءة فهى شاذة لم تثبت قرآنا وقد تقدم أن ما صحت فيه الرواية من مثل هذا آحادا فالزيادة فيه من قبيل التفسير وهو فهم لصاحبه وفهم الصحابي ليس حجة في الدين لا سيما إذا كان النظم والاسلوب يأباه كما هنا فإن المتمتع بالنكاح الموقت لا يقصد الاحصان دون المسافحة بل يكون قصده الاول المسافحة فإن كان هناك نوع ما من إحصان نفسه ومنعها من التنقل في زمن الزنا فإنه لا يكون فيه شئ ما من إحصان المرأة التى توجر نفسها كل طائفة من الزمن لرجل فتكون كما قيل كرة حذفت بصوالجة * فتلقاها رجل رجل أقول أما قوله إنهم استدلوا على ذلك بقراءة ابن مسعود وغيره فكل مراجع يراجع كلامهم يرى أنهم لم يستدلوا بها استدلالهم بحجة معتبرة قاطعة كيف وهم لا يرون حجية القراءات الشاذة حتى الشواذ المنقولة عن أئمتهم فكيف يمكن أن يستدلوا بما لا يرونه حجة على من لا يراه حجة ؟ فهل هذا إلا اضحوكة ؟ ! بل إنما هو استدلال بقول من قرأ بها من الصحابة بما أنه قول منهم بكون المراد بالآية ذلك سواء كان ذلك منهم قراءة مصطلحة أو تفسيرا دالا على أنهم فهموا من لفظ الآية ذلك. وذلك ينفعهم من جهتين إحديهما أن عدة من الصحابة قالوا بما قال به هؤلاء المستدلون وقد قال به على ما نقل جم غفير من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين ويمكن المراجع في الحصول على صحة ذلك أن يراجع مظانه. والثانية أن الآية دالة على ذلك ويدل على ذلك قراءة هؤلاء من الصحابة كما يدل ما ورد عنهم في نسخ الآية أيضا أنهم تسلموا دلالتها على نكاح المتعة حتى رأوا نسخها أو رووا نسخها وهى روايات كثيرة تقدمت عدة منها فالشيعة يستفيدون من روايات النسخ كما يستفيدون من القراءة الشاذة المذكورة على حد سواء من دون أن


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page