• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء التاسع سورة الأنفال34 الی 40


وَ مَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبهُمُ اللَّهُ وَ هُمْ يَصدُّونَ عَنِ الْمَسجِدِ الْحَرَامِ وَ مَا كانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَ لَكِنَّ أَكثرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ(34)
الإعراب
« هو الحق » هو فصل لا محل له من الإعراب و يسميه الكوفيون عمادا و الحق منصوب بأنه خبر كان و يجوز فيه الرفع و لكن لم يقرأ به و اللام في قوله « ليعذبهم » لام الجحد و أصلها لام الإضافة و إنما دخلت في النفي و لم تدخل في الإيجاب لتعلق الخبر بحرف النفي كما دخلت الباء في خبر ما و لم تدخل في الإيجاب و موضع أن من قوله « ألا يعذبهم الله » نصب لأن تقديره و ما لهم في أن لا يعذبهم الله أي شيء لهم في ذلك لكن لما حذف الجار عمل معنى الفعل الذي هو الاستقرار و نحوه و إنما جاز الحذف مع إن و لم يجز
مجمع البيان ج : 4 ص : 828
مع المصدر لطول الكلام بالصلة اللازمة من الفعل و الفاعل و ليس كذلك المصدر .

المعنى
ثم أخبر سبحانه عن عناد هؤلاء الكفار و مباهتتهم للحق فقال « و إذا تتلى عليهم آياتنا » من القرآن « قالوا قد سمعنا » أي أدركنا ب آذاننا فإن السماع إدراك الصوت بحاسة الأذن « لو نشاء لقلنا مثل هذا » إنما قالوا ذلك مع ظهور عجزهم عن الإتيان بسورة مثله بعد التحدي عداوة و عنادا و قد تحمل الإنسان شدة العداوة على أن يقول ما لا يعلم و قيل إنما قالوا ذلك لأنه لم ينقطع طمعهم من القدرة عليه في المستقبل إذ القرآن كان مركبا من كلمات جارية على ألسنتهم فطمعوا أن يتأتى لهم في ذلك المستقبل بخلاف صيرورة العصا حية في أنه قد انقطع طمعهم عن الإتيان بمثله إذ جنس ذلك لم يكن في مقدورهم « إن هذا إلا أساطير الأولين » معناه ما هذه إلا أحاديث الأولين تتلوها علينا و كان قائل هذا النضر بن الحارث بن كلدة و أسر يوم بدر فقتله رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و عقبة بن أبي معيط قال يا علي علي بالنضر أبغيه فأخذ علي بشعره و كان رجلا جميلا له شعر فجاء به إلى النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فقال يا محمد أسألك بالرحم بيني و بينك إلا أجريتني كرجل من قريش إن قتلتهم قتلتني و إن فاديتهم فاديتني فقال (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لا رحم بيني و بينك قطع الله الرحم بالإسلام قدمه يا علي فاضرب عنقه فضرب عنقه ثم قال يا علي علي بعقبة فأحضر فقال يا محمد أ لم تقل لا تصبر قريش أي لا يقتلون صبرا فقال (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و أنت من قريش إنما أنت علج من أهل صفورية و الله لأنت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى له قال فمن للصبية قال (صلى الله عليهوآلهوسلّم) النار ثم قال حن قدح ليس منها قال سعيد بن جبير قتل رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يوم بدر ثلاثة نفر من قريش صبرا المطعم بن عدي و النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط « و إذ قالوا » أي و اذكر يا محمد إذ قالوا أي قال هؤلاء الكفار « اللهم إن كان هذا » الذي جاء به محمد « هو الحق من عندك » دون ما نحن عليه « فأمطر علينا حجارة من السماء » كما أمطرته على قوم لوط « أو ائتنا بعذاب أليم » أي شديد مؤلم و القائل لذلك النضر بن الحارث أيضا عن سعيد بن جبير و مجاهد و روي في الصحيحين أن هذا من قول أبي جهل و يسأل هاهنا فيقال لم طلبوا العذاب من الله بالحق و إنما يطلب بالحق الخير و الثواب و الأجر و الجواب أنهم كانوا يعتقدون أن ما جاء به النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ليس بحق من الله و إذا لم يكن حقا لم يصبهم شيء و يقال لم قال أمطر من السماء و الأمطار لا يكون إلا من السماء و في هذا جوابان ( أحدهما ) أنه يجوز أن يكون أمطار الحجارة من مكان عال غير السماء ( و الثاني ) أنه على طريق البيان بمن ثم قال سبحانه
مجمع البيان ج : 4 ص : 829
« و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم » ذكر سبحانه سبب إمهالهم و معناه و ما كان الله يعذب أهل مكة بعذاب الاستئصال و أنت مقيم بين أظهرهم لفضلك و حرمتك يا محمد فإن الله تعالى بعثك رحمة للعالمين فلا يعذبهم إلا بعد أن يفعلوا ما يستحقون به سلب النعمة بإخراجك عنهم قال ابن عباس إن الله سبحانه لم يعذب قومه حتى أخرجوه منها « و ما كان الله معذبهم و هم يستغفرون » معناه و ما كان الله يعذبهم و فيهم بقية من المؤمنين بعد خروجك من مكة و ذلك أن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لما خرج من مكة بقيت فيها بقية من المؤمنين لم يهاجروا بعذر و كانوا على عزم الهجرة فرفع الله العذاب عن مشركي مكة لحرمة استغفارهم فلما خرجوا أذن الله في فتح مكة عن ابن عباس و عطية و الضحاك و اختاره الجبائي و قيل معناه و ما يعذبهم الله بعذاب الاستئصال في الدنيا و هم يقولون غفرانك ربنا و إنما يعذبهم على شركهم في الآخرة عن ابن عباس في رواية أخرى و يزيد بن رومان و أبي موسى و محمد بن مبشر و في تفسير علي بن إبراهيم لما قال النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لقريش إني أقتل جميع ملوك الدنيا و أجري الملك إليكم فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه تملكون بها العرب و تدين لكم العجم فقال أبو جهل « اللهم إن كان هذا هو الحق » الآية حسدا لرسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ثم قال غفرانك اللهم ربنا فأنزل الله « و ما كان الله ليعذبهم » الآية و لما هموا بقتل رسول الله و أخرجوه من مكة أنزل الله سبحانه « و ما لهم ألا يعذبهم الله و هم يصدون عن المسجد الحرام » الآية فعذبهم الله بالسيف يوم بدر و قتلوا و قيل معناه أنهم لو استغفروا لم يعذبوا و في ذلك استدعاء إلى الاستغفار عن ابن عباس في رواية أخرى و السدي و قتادة و ابن زيد قال مجاهد و في أصلابهم من يستغفر و قال عكرمة و هم يسلمون فأراد بالاستغفار الإسلام و قد روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال كان في الأرض أمانان من عذاب الله و قد رفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به و قرأ هذه الآية و روي ذلك عن قتادة أيضا « و ما لهم ألا يعذبهم الله » معناه و لم لا يعذبهم الله و أي أمر يوجب ترك تعذيبهم « و هم يصدون عن المسجد الحرام » أي يمنعون عن المسجد الحرام أولياءه فحذف لأن ما بعده يدل عليه « و ما كانوا أولياءه » أي و ما كان المشركون أولياء المسجد الحرام و إن سعوا في عمارته « إن أولياؤه إلا المتقون و لكن أكثرهم لا يعلمون » معناه و ما أولياء المسجد الحرام إلا المتقون عن الحسن و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) و قيل معناه و ما كانوا أولياء الله إن أولياء الله إلا المتقون الذين يتركون معاصي الله و يجتنبونها و الأول أحسن و يسأل فيقال كيف يجمع بين الآيتين و في الأولى نفي تعذيبهم و في الثانية إثبات ذلك و جوابه على ثلاثة أوجه ( أحدها ) أن المراد
مجمع البيان ج : 4 ص : 830
بالأول عذاب الاصطلام و الاستئصال كما فعل بالأمم الماضية و بالثاني عذاب القتل بالسيف و الأسر و غير ذلك بعد خروج المؤمنين من بينهم ( و الآخر ) أنه أراد و ما لهم أن لا يعذبهم الله في الآخرة و يريد بالأول عذاب الدنيا عن الجبائي ( و الثالث ) أن الأول استدعاه للاستغفار يريد أنه لا يعذبهم بعذاب دنيا و لا آخرة إذا استغفروا و تابوا فإذا لم يفعلوا عذبوا ثم بين أن استحقاقهم العذاب بصدهم الناس عن المسجد الحرام .
وَ مَا كانَ صلاتهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلا مُكاءً وَ تَصدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ(35)
القراءة
يروى في الشواذ عن عاصم و ما كان صلاتهم بالنصب إلا مكاء و تصدية بالرفع و روي أيضا عن أبان بن تغلب .

الحجة
قال ابن جني لسنا ندفع أن جعل اسم كان نكرة و خبرها معرفة قبيح و إنما جاءت منه أبيات شاذة لكن من وراء ذلك ما أذكره و هو أن نكرة الجنس تفيد مفاد معرفته أ لا تراك تقول خرجت فإذا أسد بالباب فتجد معناه فإذا الأسد بالباب و لا فرق بينهما و ذلك أنك في الموضعين لا تريد أسدا واحدا معينا و إنما تريد واحدا من هذا الجنس و إذا كان كذلك جاز هنا الرفع في « مكاء و تصدية » جوازا قريبا كأنه قال و ما كان صلاتهم إلا هذا الجنس من الفعل و لا يكون مثل قولك كان قائم أخاك لأنه ليس في قائم معنى الجنسية و أيضا فإنه يجوز مع النفي ما لا يجوز مع الإيجاب أ لا تراك تقول ما كان إنسان خيرا منك و لا تجيز كان إنسان خيرا منك .

اللغة
المكاء الصفير و المكاء طائر يكون بالحجاز له صفير بالتشديد يقال مكا يمكو مكاء إذا صفر بفيه قال عنترة :
و حليل غانية تركت مجدلا
تمكو فريصته كشدق الأعلم و التصدية التصفيق و هو ضرب اليد على اليد و منه الصدى صوت الجبل و نحوه .

مجمع البيان ج : 4 ص : 831
المعنى
ثم وصف سبحانه صلاتهم فقال « و ما كان صلاتهم عند البيت » يعني هؤلاء المشركين الصادين عن المسجد الحرام « إلا مكاء و تصدية » قال ابن عباس كانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفرون و يصفقون و صلاتهم معناه دعاؤهم أي يقيمون المكاء و التصدية مكان الدعاء و التسبيح و قيل أراد ليس لهم صلاة و لا عبادة و إنما يحصل منهم ما هو ضرب من اللهو و اللعب فالمسلمون الذين يطيعون الله و يعبدونه عند هذا البيت أحق بمنع المشركين منه و روي أن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) كان إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران و رجلان عن يساره يصفقان بأيديهما فيخلطان عليه صلاته فقتلهم الله جميعا ببدر و لهم يقول و لبقية بني عبد الدار « فذوقوا العذاب » يعني عذاب السيف يوم بدر عن الحسن و الضحاك و قيل عذاب الآخرة على هذا يكون في الكلام حذف أي يقال لهم إذا عذبوا ذوقوا العذاب « بما كنتم تكفرون » بتوحيد الله .
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَلَهُمْ لِيَصدُّوا عَن سبِيلِ اللَّهِ فَسيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يحْشرُونَ(36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيث مِنَ الطيِّبِ وَ يجْعَلَ الْخَبِيث بَعْضهُ عَلى بَعْض فَيرْكمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فى جَهَنَّمَ أُولَئك هُمُ الْخَسِرُونَ(37)
اللغة
الحسرة الغم بما انكشف من فوت استدراك الخطيئة و أصله الكشف من قولهم حسر عن ذراعه يحسر حسرا و التمييز إخراج الشيء عما خالفه مما ليس منه و إلحاقه بما هو منه يقال ميزه يميزه و مازه و يميزه فامتاز و انماز الأزهري الركم جمعك شيئا فوق شيء حتى تجعله ركاما مركوما مرتكما و هو المتراكب بعضه فوق بعض .

النزول
قيل نزلت في أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش يقاتل بهم النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) سوى من استجاشهم من العرب و فيهم يقول كعب بن مالك :
فجئنا إلى موج من البحر وسطهم
أحابيش منهم حاسر و مقنع

مجمع البيان ج : 4 ص : 832

ثلاثة آلاف و نحن بقية
ثلاث مئين إن كثرنا فأربع عن سعيد بن جبير و مجاهد و قيل نزلت في المطعمين يوم بدر و كانوا اثني عشر رجلا أبو جهل بن هشام و عتبة و شيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس و نبيه و منبه ابنا الحجاج و أبو البختري بن هشام و النضر بن الحارث و حكيم بن حزام و أبي بن خلف و زمعة بن الأسود و الحرث بن عامر بن نوفل و العباس بن عبد المطلب و كلهم من قريش و كان كل يوم يطعم واحد منهم عشر جزر و كانت النوبة يوم الهزيمة للعباس عن الكلبي و الضحاك و مقاتل و قيل لما أصيبت قريش يوم بدر و رجع فلهم إلى مكة مشى صفوان بن أمية و عكرمة بن أبي جهل في رجال من قريش أصيب آباؤهم و إخوانهم ببدر فكلموا أبا سفيان بن حرب و من كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم و قتل خياركم فأعينونا بهذا المال الذي أفلت على حربه لعلنا أن ندرك منه ثارا بمن أصيب منا ففعلوا فأنزل الله فيهم هذه الآية رواه محمد بن إسحاق عن رجاله .

المعنى
ثم ذكر سبحانه إنفاق المشركين أموالهم في معصية الله تعالى فقال « إن الذين كفروا ينفقون أموالهم » في قتال الرسول و المؤمنين « ليصدوا عن سبيل الله » أي ليمنعوا بذلك الناس عن دين الله الذي أتى به محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و إنما قال ليصدوا و إن كانوا لم يقصدوا ذلك من حيث لم يعلموا أن ذلك دين الله لأن فعلهم ذلك كان صدا عن دين الله و إن لم يقصدوا ذلك « فسينفقونها » معناه فسيقع منهم الإنفاق لها « ثم تكون عليهم حسرة » معناه ثم ينكشف لهم و يظهر من ذلك الإنفاق ما يكون حسرة عليهم من حيث أنهم لا ينتفعون بذلك الإنفاق لا في الدنيا و لا في الآخرة بل يكون وبالا عليهم « ثم يغلبون » في الحرب أي يغلبهم المؤمنون و في هذا دلالة على صحة نبوة النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لأنه أخبر بالشيء قبل كونه فوجد على ما أخبر به « و الذين كفروا إلى جهنم يحشرون » أي يجمعون إلى النار بعد تحسرهم في الدنيا و وقوع الظفر بهم و قتلهم و إنما أعاد قوله « و الذين كفروا » لأن جماعة ممن أنفقوا أسلموا بعد فخص منهم من مات على كفره بوعيد الآخرة « ليميز الله الخبيث من الطيب » معناه ليميز الله نفقة الكافرين من نفقة المؤمنين « و يجعل الخبيث بعضه على بعض » أي و يجعل نفقة المشركين بعضها فوق بعض « فيركمه » أي فيجمعه « جميعا »
مجمع البيان ج : 4 ص : 833
في الآخرة « فيجعله في جهنم » فيعاقبهم به كما قال « يوم يحمى عليها في نار جهنم » الآية و قيل معناه ليميز الله الكافر من المؤمن في الدنيا بالغلبة و النصر و الأسماء الحسنة و الأحكام المخصوصة و في الآخرة بالثواب و الجنة عن أبي مسلم و قيل بأن يجعل الكافر في جهنم و المؤمن في الجنة و يجعل الخبيث بعضه على بعض في جهنم يضيقها عليهم فيركمه جميعا أي يجمع الخبيث حتى يصير كالسحاب المركوم بأن يكون بعضهم فوق بعض في النار مجتمعين فيها فيجعله في جهنم أي فيدخله جهنم « أولئك هم الخاسرون » قد خسروا أنفسهم لأنهم اشتروا بإنفاق الأموال في المعصية عذاب الله في الآخرة .
قُل لِّلَّذِينَ كفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سلَف وَ إِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضت سنَّت الأَوَّلِينَ(38) وَ قَتِلُوهُمْ حَتى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكونَ الدِّينُ كلُّهُ للَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(39) وَ إِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ(40)
اللغة
الانتهاء الإقلاع عن الشيء لأجل النهي يقال نهاه عن كذا فانتهى و السنة و الطريقة و السيرة نظائر قال :
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها
فأول راضي سنة من يسيرها و السلوف التقدم و التولي عن الدين الذهاب عنه إلى خلافه و التولي فيه هو الذهاب إلى جهة الحق و متابعته .

الإعراب
« و إن تولوا » شرط و قوله « فاعلموا أن الله مولاكم » أمر في موضع الجواب و إنما جاز ذلك لأن فيه معنى الخبر فكأنه قال فواجب عليكم العلم بأن الله مولاكم .

المعنى
ثم أمر سبحانه نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بدعائهم إلى التوبة و الإيمان فقال « قل » يا محمد « للذين كفروا إن ينتهوا » أي يتوبوا عما هم عليه من الشرك و يمتنعوا منه « يغفر لهم ما قد
مجمع البيان ج : 4 ص : 834
سلف » أي ما قد مضى من ذنوبهم و قيل معناه إن ينتهوا عن المحاربة إلى الموادعة يغفر لهم ما قد سلف من المعاقبة « و إن يعودوا فقد مضت سنة الأولين » معناه و إن يعودوا إلى القتال و أصروا على الكفر فقد مضت سنة الله في آبائكم و عادته في نصر المؤمنين و كبت أعداء الدين و الأسر و الاسترقاق و إنما ذكر ذلك تحذيرا لهم و أضاف السنة إليهم لأنها كانت تجري عليهم و قال سنة من قد أرسلنا فأضاف السنة إلى الرسل لأنها كانت تجري على أيديهم ثم قال و لا تجد لسنتنا تحويلا فأضاف إلى نفسه لأنه هو المجري لها « و قاتلوهم حتى لا تكون فتنة » هذا خطاب للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و المؤمنين بأن يقاتلوا الكفار حتى لا تكون فتنة أي شرك عن ابن عباس و الحسن و معناه حتى لا يكون كافر بغير عهد لأن الكافر إذا كان بغير عهد كان عزيزا في قومه يدعو الناس إلى دينه فتكون الفتنة في الدين و قيل حتى لا يفتن مؤمن عن دينه « و يكون الدين كله لله » أي و يجتمع أهل الحق و أهل الباطل على الدين الحق فيما يعتقدونه و يعملون به أي و يكون الدين حينئذ كله لله باجتماع الناس عليه و روى زرارة و غيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لم يجيء تأويل هذه الآية و لو قام قائمنا بعد سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية و ليبلغن دين محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ما بلغ الليل حتى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى « يعبدونني لا يشركون بي شيئا » « فإن انتهوا » عن الكفر « فإن الله بما يعملون بصير » معناه فإن رجعوا عن الكفر و انتهوا عنه فإن الله يجازيهم بأعمالهم مجازاة البصير بها باطنها و ظاهرها لا يخفى عليه منها شيء « و إن تولوا » عن دين الله و طاعته « فاعلموا » أيها المؤمنون « أن الله مولاكم » أي ناصركم و سيدكم و حافظكم « نعم المولى » أي نعم السيد و الحافظ « و نعم النصير » هو ينصر المؤمنين و يعينهم على طاعته و لا يخذل من هو ناصره .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page