• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء التاسع سورة الأنفال9 الی 16


مجمع البيان ج : 4 ص : 805
إِذْ تَستَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاستَجَاب لَكمْ أَنى مُمِدُّكُم بِأَلْف مِّنَ الْمَلَئكَةِ مُرْدِفِينَ(9) وَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشرَى وَ لِتَطمَئنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا النَّصرُ إِلا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(10) إِذْ يُغَشيكُمُ النُّعَاس أَمَنَةً مِّنْهُ وَ يُنزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السمَاءِ مَاءً لِّيُطهِّرَكُم بِهِ وَ يُذْهِب عَنكمْ رِجْزَ الشيْطنِ وَ لِيرْبِط عَلى قُلُوبِكمْ وَ يُثَبِّت بِهِ الأَقْدَامَ(11) إِذْ يُوحِى رَبُّك إِلى الْمَلَئكَةِ أَنى مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا سأُلْقِى فى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْب فَاضرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَ اضرِبُوا مِنهُمْ كلَّ بَنَان(12) ذَلِك بِأَنَّهُمْ شاقُّوا اللَّهَ وَ رَسولَهُ وَ مَن يُشاقِقِ اللَّهَ وَ رَسولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شدِيدُ الْعِقَابِ(13) ذَلِكمْ فَذُوقُوهُ وَ أَنَّ لِلْكَفِرِينَ عَذَاب النَّارِ(14)
القراءة
قرأ أهل المدينة و يعقوب مردفين بفتح الدال و الباقون « مردفين » بكسر الدال و قرأ أهل المدينة يغشيكم بضم الياء و سكون الغين « النعاس » بالنصب و قرأ ابن كثير و أبو عمرو يغشاكم بالألف و فتح الياء النعاس بالرفع و الباقون « يغشيكم » بضم الياء و فتح الغين و التشديد « النعاس » بالنصب و في الشواذ قراءة الشعبي ما ليطهركم به ما بمعنى الذي .

الحجة
قال أبو علي مردفين يحتمل وجهين ( أحدهما ) أن يكون مردفين مثلهم كما قالوا أردفت زيدا خلفي فيكون في الآية المفعول الثاني محذوفا ( و الآخر ) أن يكونوا جاءوا خلفهم تقول العرب بنو فلان يردفوننا أي يجيؤون بعدنا و قال أبو عبيدة مردفين جاءوا بعد ، و ردفني و أردفني واحد قال الشاعر :
إذا الجوزاء أردفت الثريا
ظننت ب آل فاطمة الظنونا و هذا الوجه كأنه أبين لقوله « إذ تستغيثون ربكم » إلى قوله « مردفين » أي جائين بعد استغاثتكم ربكم و إمداده إياكم بهم فمردفين على هذا صفة لألف و قال الزجاج معناه يأتون فرقة بعد فرقة و مردفين على أردفوا الناس أي أنزلوا بعدهم فيجوز على هذا أن يكون حالا من الضمير المنصوب في ممدكم مردفين بألف من الملائكة و قرأ في الشواذ مردفين
مجمع البيان ج : 4 ص : 806
و مردفين و الأصل فيهما مرتدفين فأدغم التاء في الدال فلما التقى ساكنان حرك الراء لالتقاء الساكنين فضمت تارة اتباعا لضمة الميم و كسرت تارة لأن الساكن يحرك بالكسر و من قرأ يغشيكم و « يغشيكم » فلأنه أشبه بما بعده من قوله « و ينزل عليكم » فكما أنه مسند إلى اسم الله فكذلك يغشى و يغشى و من قرأ يغشاكم فإنه أسند الفعل إلى النعاس كما في قوله أمنة نعاسا يغشى ، و أغشى و غشى معناهما واحد و قد جاء بهما التنزيل قال سبحانه « فأغشيناهم » و قال فغشاها ما غشى و من قرأ ما ليطهركم به فإن ما هاهنا موصولة و صلتها حرف الجر بما بعده فكأنه قال ما للطهور كقولك كسوت الثوب الذي لدفع البرد و هذه اللام في قراءة الجماعة « ماء ليطهركم به » هي لام المفعول له و هي كقوله « إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله » و يتعلق بنفس الفعل و اللام التي في قراءة من قرأ ما ليطهركم به أي الذي للطهارة به فمتعلقة بمحذوف و فيها ضمير لتعلقها بالمحذوف .

اللغة
الرعب الخوف يقال رعبته أرعبته رعبا و رعبا و الرعب انزعاج النفس بتوقع المكروه و أصله التقطيع من قولهم رعبت السنام ترعيبا إذا قطعته مستطيلا فالرعب تقطع حال السرور بضده من انزعاج النفس بتوقع المكروه و رعب السيل فهو راعب إذا امتلأ منه الوادي لأنه انقطع إليه من كل جهة و البنان الأطراف من اليدين و الرجلين و الواحد بنانة و يقال للإصبع بنانة و أصله اللزوم و أصله من أبنت السحابة إبنانا إذا لزمت قال الشاعر :
ألا ليتني قطعت منه بنانه
و لاقيته في البيت يقظان خادرا الشقاق العصيان و أصله الانفصال يقال شقه فانشق و شاقه شقاقا إذا صار في شق عدوه عليه و منه اشتقاق الكلام لأنه انفصال الكلمة عما تحتمل في الأصل .

الإعراب
العامل في إذ من قوله « إذ تستغيثون » قوله و يبطل الباطل و قيل محذوف و تقديره و اذكروا إذ فعلى الوجه الأول يكون متصلا بما قبله و على الوجه الثاني يكون مستأنفا و الهاء في جعله عائدة إلى الأمداد لأنه معتمد الكلام و قيل عائدة إلى الخبر بالمدد لأن تقديم ذلك إليهم بشارة على الحقيقة و قيل عائدة إلى الإرداف و « أمنة » انتصب بأنه مفعول له و العامل فيه يغشى « إذ يوحي » في موضع نصب على معنى و ما جعله الله إلا بشرى في ذلك الوقت و يجوز أن يكون ذلك على تقدير و اذكروا إذ يغشيكم النعاس و إذ يوحي ، « ذلكم فذوقوه » تقديره
مجمع البيان ج : 4 ص : 807
لأمر ذلكم فيكون خبر مبتدإ محذوف فيكون كما قال الشاعر :
و قائلة خولان فانكح فتاتهم
و أكرومة الحيين خلو كما هيأ أي هذه خولان و يجوز أن يكون ذلكم منصوب الموضع فيكون مثل قولهم زيدا فاضربه منصوبا بفعل مضمر يفسره الظاهر و كم في ذلكم لا موضع له من الإعراب لأنه حرف الخطاب و « أن للكافرين » يحتمل أن يكون موضعه نصبا و جرا و رفعا فالرفع بالعطف على ذلكم فكأنه قال الأمر ذلكم و أن للكافرين عذاب النار مع ذا و النصب بالعطف على قوله إني معكم و معناه إذ يوحي ربكم أن للكافرين و الجر على أن يكون معطوفا على قوله بأنهم شاقوا الله و الرفع أليق بالظاهر و يشاقق بإظهار التضعيف مع الجزم لغة أهل الحجاز و غيرهم يدغم .

النزول
قال ابن عباس لما كان يوم بدر و اصطف القوم للقتال قال أبو جهل اللهم أولانا بالنصر فانصره و استغاث المسلمون فنزلت الملائكة و نزل قوله « إذ تستغيثون ربكم » إلى آخره و قيل إن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لما نظر إلى كثرة عدد المشركين و قلة عدد المسلمين استقبل القبلة و قال اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض فما زال يهتف ربه مادا يديه حتى سقط رداؤه من منكبيه فأنزل الله تعالى « إذ تستغيثون ربكم » الآية عن عمر بن الخطاب و السدي و أبي صالح و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال و لما أمسى رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و جنه الليل ألقى الله على أصحابه النعاس و كانوا قد نزلوا في موضع كثير الرمل لا يثبت فيه قدم فأنزل الله عليهم المطر رذاذا حتى لبد الأرض و ثبت أقدامهم و كان المطر على قريش مثل العزالي و ألقى الله في قلوبهم الرعب كما قال الله تعالى « سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب » .

المعنى
ثم ذكر سبحانه ما آتى المسلمين من النصر فقال « إذ تستغيثون ربكم » أي تستجيرون بربكم يوم بدر من أعدائكم و تسألونه النصر عليهم لقلتكم و كثرتهم فلم يكن لكم مفزع إلا التضرع إليه و الدعاء له في كشف الضر عنكم و الاستغاثة طلب المعونة و الغوث و قيل معناه تستنصرونه و الفرق بين المستنصر و المستجير أن المستنصر طالب الظفر
مجمع البيان ج : 4 ص : 808
و المستجير طالب الخلاص « فاستجاب لكم » و الاستجابة هي العطية على موافقة المسألة فمعناه فأغاثكم و أجاب دعاءكم « أني ممدكم » أي مرسل إليكم مددا لكم « بألف من الملائكة مردفين » أي متبعين ألفا آخر من الملائكة لأن مع كل واحد منهم ردفا له عن الجبائي و قيل معناه مترادفين متتابعين و كانوا ألفا بعضهم في إثر بعض عن ابن عباس و قتادة و السدي و قيل معناه بألف من الملائكة جاءوا على إثر المسلمين عن أبي حاتم « إلا بشرى و لتطمئن به قلوبكم » معناه و ما جعله الله الأمداد بالملائكة إلا بشرى لكم بالنصر و لتسكن به قلوبكم و تزول الوسوسة عنها و إلا فملك واحد كاف للتدمير عليهم كما فعل جبريل (عليه السلام) بقوم لوط فأهلكهم بريشة واحدة و اختلف في أن الملائكة هل قاتلت يوم بدر أم لا فقيل ما قاتلت و لكن شجعت و كثرت سواد المسلمين و بشرت بالنصر عن الجبائي و قيل إنها قاتلت قال مجاهد إنما أمدهم بألف مقاتل من الملائكة فأما ما قاله سبحانه في آل عمران بثلاثة آلاف و بخمسة آلاف فإنه للبشارة و قد ذكرنا هناك ما قيل فيه و روي عن ابن مسعود أنه سأله أبو جهل من أين كان يأتينا الضرب و لا نرى الشخص قال من قبل الملائكة فقال هم غلبونا لا أنتم و عن ابن عباس أن الملائكة قاتلت يوم بدر و قتلت « و ما النصر إلا من عند الله » معناه أنه لم يكن النصر من قبل الملائكة و إنما كان من قبل الله لأنهم عباده ينصر بهم من يشاء كما ينصر بغيرهم و يحتمل أن يكون المعنى ما النصر بكثرة العدد و لكن النصر من عند الله ينصر من يشاء قل العدد أم كثر « إن الله عزيز » لا يمنع عن مراده « حكيم » في أفعاله يجريها على ما تقتضيه الحكمة « إذ يغشيكم النعاس » قد ذكرنا تفسيره عند قوله ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا و النعاس أول النوم قبل أن يثقل « أمنة » أي أمانا « منه » أي من العدو و قيل من الله فإن الإنسان لا يأخذه النوم في حال الخوف ف آمنهم الله تعالى بزوال الرعب عن قلوبهم كما يقال الخوف مسهر و الأمن منيم و الأمنة الدعة التي تنافي المخافة و أيضا فإنه قواهم بالاستراحة على القتال من العدو « و ينزل عليكم من السماء ماء » أي مطرا « ليطهركم به » و ذلك لأن المسلمين قد سبقهم الكفار إلى الماء فنزلوا على كثيب رمل و أصبحوا محدثين و مجنبين و أصابهم الظمأ و وسوس إليهم الشيطان فقال إن عدوكم قد سبقكم إلى الماء و أنتم تصلون مع الجنابة و الحدث و تسوخ أقدامكم في الرمل فمطرهم الله حتى اغتسلوا به من الجنابة و تطهروا به من الحدث و تلبدت به أرضهم و أوحلت أرض عدوهم « و يذهب عنكم رجز الشيطان » أي وسوسته بما مضى ذكره عن ابن عباس و قيل معناه و يذهب عنكم وسوسته بقوله ليس لكم بهؤلاء طاقة عن ابن زيد و قيل معناه و يذهب عنكم
مجمع البيان ج : 4 ص : 809
الجنابة التي أصابتكم بالاحتلام « و ليربط على قلوبكم » أي و ليشد على قلوبكم و معناه يشجع قلوبكم و يزيدكم قوة قلب و سكون نفس و ثقة بالنصر « و يثبت به الأقدام » أي أقدامكم في الحرب بتلبد الرمل عن ابن عباس و مجاهد و جماعة و قيل بالصبر و قوة القلب عن أبي عبيدة و الهاء في به ترجع إلى الماء المنزل و قيل إلى ما تقدم من الربط على القلوب « إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم » يعني الملائكة الذين أمد بهم المسلمين أي أني معكم بالمعونة و النصرة كما يقال فلان مع فلان على فلان و الإيحاء إلقاء المعنى على النفس من وجه يخفى و قد يكون بنصب دليل يخفى إلا على من ألقى إليه من الملائكة « فثبتوا الذين آمنوا » يعني بشروهم بالنصر و كان الملك يسير أمام الصف في صورة الرجل و يقول أبشروا فإن الله ناصركم عن مقاتل و قيل معناه قاتلوا معهم المشركين عن الحسن و قبل ثبتوهم بأشياء تلقونها في قلوبهم يقوون بها عن الزجاج « سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب » أي الخوف من أوليائي « فاضربوا فوق الأعناق » يعني الرؤوس لأنها فوق الأعناق قال عطا يريد كل هامة و جمجمة و جائز أن يكون هذا أمرا للمؤمنين و جائز أن يكون أمرا للملائكة و هو الظاهر قال ابن الأنباري إن الملائكة حين أمرت بالقتال لم تعلم أين تقصد بالضرب من الناس فعلمهم الله تعالى « و اضربوا منهم كل بنان » يعني الأطراف من اليدين و الرجلين عن ابن عباس و ابن جريج و السدي و قيل يعني أطراف الأصابع اكتفى الله به عن جملة اليد و الرجل عن ابن الأنباري « ذلك بأنهم شاقوا الله و رسوله » معناه ذلك العذاب لهم و الأمر بضرب الأعناق و الأطراف و تمكين المسلمين منهم بسبب أنهم خالفوا الله و رسوله قال ابن عباس معناه حاربوا الله و رسوله ثم أوعد المخالف فقال « و من يشاقق الله و رسوله فإن الله شديد العقاب » في الدنيا بالإهلاك و في الآخرة بالتخليد في النار « ذلكم فذوقوه » أي هذا الذي أعددت لكم من الأمر و القتل في الدنيا فذوقوه عاجلا « و أن للكافرين » آجلا في المعاد « عذاب النار » قال الحسن ذلكم حكم الله فذوقوه في الدنيا و أن لكم و لسائر الكافرين في الآخرة عذاب النار و معناه كونوا للعذاب كالذائق للطعام و هو طالب إدراك الطعم بتناول السير بالفم لأن معظم العذاب بعده .

] تمام القصة [
و لما أصبح رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يوم بدر عبا أصحابه فكان في عسكره فرسان فرس للزبير بن
مجمع البيان ج : 4 ص : 810
العوام و فرس للمقداد بن الأسود و كان في عسكره سبعون جملا كانوا يتعاقبون عليها و كان رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و علي بن أبي طالب (عليه السلام) و مرثد بن أبي مرثد الغنوي يتعاقبون على جمل لمرثد بن أبي مرثد و كان في عسكر قريش أربعمائة فرس و قيل مائتا فرس فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال أبو جهل ما هم إلا أكلة رأس لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد فقال عتبة بن ربيعة أ ترى لهم كمينا أو مددا فبعثوا عمير بن وهب الجمحي و كان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ثم رجع فقال ليس لهم كمين و لا مدد و لكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع أ ما ترونهم خرسا لا يتكلمون و يتلمظون تلمظ الأفاعي ما لهم ملجأ إلا سيوفهم و ما أراهم يولون حتى يقتلوا و لا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتئوا رأيكم فقال له أبو جهل كذبت و جنبت فأنزل الله تعالى « و إن جنحوا للسلم فاجنح لها » فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فقال يا معشر قريش إني أكره أن أبدأ بكم فخلوني و العرب و ارجعوا فقال عتبة ما رد هذا قوم قط فأفلحوا ثم ركب جملا له أحمر فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و هو يجول بين العسكرين و ينهى عن القتال فقال (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إن يك عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر و إن يطيعوه يرشدوا و خطب عتبة فقال في خطبته يا معشر قريش أطيعوني اليوم و اعصوني الدهر إن محمدا له إل و ذمة و هو ابن عمكم فخلوه و العرب فإن يك صادقا فأنتم أعلى عينا به و إن يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره فغاظ أبا جهل قوله و قال له جنبت و انتفخ سحرك فقال يا مصفر استه مثلي يجبن و ستعلم قريش أينا ألأم و أجبن و أينا المفسد لقومه و لبس درعه و تقدم هو و أخوه شيبة و ابنه الوليد و قال يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش فبرز إليهم ثلاثة نفر من الأنصار و انتسبوا لهم فقالوا ارجعوا إنما نريد الأكفاء من قريش فنظر رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إلى عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب و كان له يومئذ سبعون سنة فقال قم يا عبيدة و نظر إلى حمزة فقال قم يا عم ثم نظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال قم يا علي و كان أصغر القوم فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد أن تطفىء نور الله و يأبى الله إلا أن يتم نوره ثم قال يا عبيدة عليك بعتبة بن ربيعة و قال لحمزة عليك بشيبة و قال لعلي (عليه السلام) عليك بالوليد فمروا حتى انتهوا إلى القوم فقالوا أكفاء كرام فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته و ضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنها فسقطا جميعا و حمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما
مجمع البيان ج : 4 ص : 811
و حمل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على الوليد فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه قال علي لقد أخذ الوليد يمينه بيساره فضرب بها هامتي فظننت أن السماء وقعت على الأرض ثم اعتنق حمزة و شيبة فقال المسلمون يا علي أ ما ترى أن الكلب قد نهز عمك فحمل عليه علي (عليه السلام) ثم قال يا عم طأطىء رأسك و كان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه علي فطرح نصفه ثم جاء إلى عتبة و به رمق فأجهز عليه و في رواية أخرى أنه برز حمزة لعتبة و برز عبيدة لشيبة و برز علي (عليه السلام) للوليد فقتل حمزة عتبة و قتل عبيدة شيبة و قتل علي (عليه السلام) الوليد فضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنفذه حمزة و علي و حمل عبيدة حمزة و علي حتى أتيا به رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فاستعبر فقال يا رسول الله أ لست شهيدا قال بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي و قال أبو جهل لقريش لا تعجلوا و لا تبطروا كما بطر أبناء ربيعة عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا و عليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة فنعرفهم ضلالتهم التي هم عليها و جاء إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جشعم فقال لهم أنا جار لكم ادفعوا إلي رايتكم فدفعوا إليه راية الميسرة و كانت الراية مع بني عبد الدار فنظر إليه رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فقال لأصحابه غضوا أبصاركم و عضوا على النواجذ و رفع يده فقال يا رب إن تهلك هذه العصابة لا تعبد ثم أصابه الغشي فسري عنه و هو يسلت العرق عن وجهه فقال هذا جبرائيل قد أتاكم بألف من الملائكة مردفين و روى أبو أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال لقد رأينا يوم بدر أن أحدنا يشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه من جسده قبل أن يصل إليه السيف قال ابن عباس حدثني رجل من بني غفار قال أقبلت أنا و ابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف بنا على بدر و نحن مشركان ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة فبينا نحن هناك إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها جمجمة الخيل فسمعت قائلا يقول أقدم حيزوم ثم قال فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه و أما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت و روى عكرمة عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال يوم بدر هذا جبرائيل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب أورده البخاري في الصحيح قال عكرمة قال أبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب و كان الإسلام قد دخلنا أهل البيت و أسلمت أم الفضل و أسلمت و كان العباس يهاب قومه و يكره أن يخالفهم و كان يكتم إسلامه و كان ذا مال كثير متفرق في قومه و كان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر و بعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة و كذلك صنعوا لم
مجمع البيان ج : 4 ص : 812
يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كتبه الله و أخزاه و وجدنا في أنفسنا قوة و عزا قال و كنت رجلا ضعيفا و كنت أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم فو الله إني لجالس فيها أنحت القداح و عندي أم الفضل جالسة و قد سرنا ما جاءنا من الخبر إذا أقبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه حتى جلس على طنب الحجرة فكان ظهره إلى ظهري فبينا هو جالس إذ قال الناس هذا أبو سفيان بن حرث بن عبد المطلب و قد قدم فقال أبو لهب هلم إلي يا ابن أخي فعندك الخبر فجلس إليه و الناس قيام عليه فقال يا ابن أخي أخبرني كيف كان أمر الناس قال لا شيء و لله إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا و يأسروننا كيف شاءوا و أيم الله مع ذلك ما لمت الناس لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء و الأرض ما تليق شيئا و لا يقوم لها شيء قال أبو رافع فرفعت طرف الحجرة بيدي ثم قلت تلك الملائكة قال فرفع أبو لهب يده و ضرب وجهي ضربة شديدة فثاورته و احتملني فضرب بي الأرض ثم برك علي يضربني و كنت رجلا ضعيفا فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربته ضربة فلقت رأسه شجة منكرة و قالت تستضعفه إن غاب عنه سيده فقام موليا ذليلا فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتله و لقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثا ما يدفنانه حتى أنتن في بيته و كانت قريش تتقي العدسة كما يتقي الناس الطاعون حتى قال لهما رجل من قريش ويحكما أ لا تستحيان أن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه فقالا إنا نخشى هذه القرحة قال فانطلقا فإنا معكما فما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار و قذفوا عليه بالحجارة حتى واروه و روى مقسم عن ابن عباس قال كان الذي أسر العباس أبا اليسر كعب بن عمرو أخا بني سلمة و كان أبو اليسر رجلا مجموعا و كان العباس رجلا جسيما فقال رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لأبي اليسر كيف أسرت العباس يا أبا اليسر فقال يا رسول الله لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك و لا بعده هيأته كذا و كذا فقال (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لقد أعانك عليه ملك كريم .

مجمع البيان ج : 4 ص : 813
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ(15) وَ مَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئذ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفاً لِّقِتَال أَوْ مُتَحَيزاً إِلى فِئَة فَقَدْ بَاءَ بِغَضب مِّنَ اللَّهِ وَ مَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْس المَْصِيرُ(16)


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page