• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء التاسع سورة الأعراف196 الی 206


إِنَّ وَلِيِّىَ اللَّهُ الَّذِى نَزَّلَ الْكِتَب وَ هُوَ يَتَوَلى الصلِحِينَ(196) وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَستَطِيعُونَ نَصرَكمْ وَ لا أَنفُسهُمْ يَنصرُونَ(197) وَ إِن تَدْعُوهُمْ إِلى الهُْدَى لا يَسمَعُوا وَ تَرَاهُمْ يَنظرُونَ إِلَيْك وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ(198)
المعنى
ثم بين سبحانه بعد أن ناصر نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و حافظه فأمره أن يقول للمشركين « إن وليي » أي ناصري و حافظي و دافع شركم عني « الله الذي نزل الكتاب » أي القرآن يؤيدني بنصره كما أنزله علي « و هو يتولى الصالحين » أي ينصر المطيعين له المجتنبين معاصيه تارة بالدفع عنهم و أخرى بالحجة « و الذين تدعون من دونه » آلهة « لا يستطيعون نصركم » أي لا يقدرون على أن ينصروكم و لا أن يدفعوا عنكم « و لا أنفسهم ينصرون » كرر هذا لأن ما تقدم فإنه على وجه التقريع و التوبيخ و ما ذكره هنا فإنه على وجه الفرق بين صفة من يجوز له العبادة و صفة من لا يجوز له العبادة فكأنه قال أن من أعبده ينصرني و من تعبدونه لا يقدر على نصركم و لا على نصر نفسه « و إن تدعوهم » يعني إن دعوتم هؤلاء الذين تعبدونهم من الأصنام « إلى الهدى » أي إلى الرشد و المنافع عن الجبائي و الفراء و قيل معناه و إن دعوتم المشركين إلى الدين عن الحسن « لا يسمعوا » أي لا يسمعوا دعاءكم « و تراهم » فاتحة أعينهم نحوكم على ما صورتموهم عليه من الصور
مجمع البيان ج : 4 ص : 787
و قال الجبائي جعل الله انفتاح عيونهم في مقابلتهم نظرا منهم إليهم مجازا لأن النظر تقليب الحدقة الصحيحة نحو المرئي طلبا لرؤيته و ذلك لا يتأتى في الجماد و يقال تناظر الحائطان إذا تقابلا و قيل معناه لا يقبلوا و منه سمع الله لمن حمده « و تراهم ينظرون إليك و هم لا يبصرون » الحجة يعني مشركي العرب عن الحسن و مجاهد و السدي .
خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِض عَنِ الجَْهِلِينَ(199) وَ إِمَّا يَنزَغَنَّك مِنَ الشيْطنِ نَزْغٌ فَاستَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سمِيعٌ عَلِيمٌ(200)
اللغة
قد مر ما قيل في العفو عند قوله « قل العفو » في سورة البقرة و العرف ضد النكر و مثله المعروف و العارفة و هو كل خصلة حميدة تعرف صوابها العقول و تطمئن إليها النفوس قال الشاعر :
لا يذهب العرف بين الله و الناس و النزغ الإزعاج بالإغراء و أكثر ما يكون ذلك عند الغضب و أصله الإزعاج بالحركة نزغه ينزغه نزغا و قيل النزغ الفساد و منه نزغ الشيطان بيني و بين إخوتي أي أفسد قال الزجاج النزغ أدنى حركة تكون و من الشيطان أدنى وسوسة .

المعنى
لما أمر الله سبحانه نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بالدعاء إليه و تبليغ رسالته علمه محاسن الأفعال و مكارم الأخلاق و الخصال فقال « خذ العفو » أي خذ يا محمد ما عفا من أموال الناس أي ما فضل من النفقة و كان رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يأخذ الفضل من أموالهم ليس فيها شيء موقت ثم نزلت آية الزكاة فصار منسوخا بها فإن هذه السورة مكية عن ابن عباس و السدي و الضحاك و قيل معناه خذ العفو من أخلاق الناس و أقبل الميسور منها عن مجاهد و الحسن و معناه أنه أمره بالتساهل و ترك الاستقصاء في القضاء و الاقتضاء و هذا يكون في الحقوق الواجبة لله و للناس و في غيرها و هو في معنى الخبر المرفوع أحب الله عبدا سمحا بائعا و مشتريا قاضيا و مقتضيا و قيل هو العفو في قبول العذر من المعتذر و ترك المؤاخذة بالإساءة و روي أنه لما نزلت هذه الآية سأل رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) جبرائيل عن ذلك فقال لا أدري حتى أسأل العالم ثم أتاه فقال يا محمد إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك و تعطي من حرمك و تصل من قطعك « و أمر بالعرف » يعني بالمعروف و هو كل ما حسن في العقل فعله أو في الشرع و لم يكن منكرا و لا قبيحا عند العقلاء و قيل بكل خصلة
مجمع البيان ج : 4 ص : 788
حميدة « و أعرض عن الجاهلين » معناه و أعرض عنهم عند قيام الحجة عليهم و الإياس من قبولهم و لا تقابلهم بالسفه صيانة لقدرك فإن مجاوبة السفيه تضع عن القدر و لا يقال هذه الآية منسوخة ب آية القتال لأنها عامة خص عنها الكافر الذي يحب قتله بدليل .
قال ابن زيد لما نزلت هذه الآية قال النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) كيف يا رب و الغضب فنزل قوله « و إما ينزغنك من الشيطان نزغ » و معناه يا محمد إن نالك من الشيطان وسوسة و نسخة في القلب بما يسول للإنسان معناه إن عرض لك من الشيطان عارض عن ابن عباس و قيل معناه و إن منعك الشيطان عن شيء مما أمرتك من هذه الأشياء « فاستعذ بالله » أي سل الله عز اسمه أن يعيذك منه « إنه سميع » للمسموعات « عليم » بالخفيات و قيل سميع لدعائك عليم بما عرض لك و قيل أن النزغ أول الوسوسة و المس لا يكون إلا بعد التمكن و لذلك فصل الله سبحانه بين النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و غيره فقال للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) « و إما ينزغنك » و قال للناس إذا مسهم طائف من الشيطان .
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسهُمْ طئفٌ مِّنَ الشيْطنِ تَذَكرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ(201) وَ إِخْوَنُهُمْ يَمُدُّونهُمْ فى الْغَىِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ(202) وَ إِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِئَايَة قَالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلىَّ مِن رَّبى هَذَا بَصائرُ مِن رَّبِّكمْ وَ هُدًى وَ رَحْمَةٌ لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ(203)
القراءة
قرأ أهل البصرة و ابن كثير و الكسائي طيف بغير ألف و هو قراءة النخعي و الأسود بن زيد و قرأ الباقون « طائف » بالألف و قرأ أهل المدينة يمدونهم بضم الياء و كسر الميم و الباقون بفتح الياء و ضم الميم و في الشواذ عن الجحدري يمادونهم و عن عيسى بن عمر يقصرون بفتح الياء و ضم الصاد .

الحجة
الطيف مصدر طاف الخيال يطيف طيفا إذا ألم به في المنام فمعناه إذا مسهم خطرة من الشيطان و يكون الطائف بمعناه فطيف كالخطرة و طائف كالخاطر و الطيف
مجمع البيان ج : 4 ص : 789
أكثر قال :
ألا يا لقومي لطيف الخيال
أرق من نازح ذي دلال و قال الأعشى :
و تصبح عن غب السري و كأنما
ألم بها من طائف الجن أولق و قال أبو علي عامة ما جاء في التنزيل فيما يحمد و يستحب أمددت على أفعلت كقوله إنما نمدهم به من مال و بنين و أمددناهم بفاكهة و أ تمدونن بمال و ما كان بخلافه على مددت قال و يمدهم في طغيانهم فهذا يدل على أن الوجه فتح الياء كما ذهب إليه الأكثر و الوجه في قراءة من قرأ يمدونهم أنه مثل فبشرهم بعذاب أليم فسنيسره للعسرى و الله أعلم و يمادونهم يفاعلونهم منه أي يعاونونهم و قصر يقصر لغة في أقصر يقصر و يقال أقصر عنه إذا تركه عن قدرة و قصر عنه إذا ضعف عنه .

اللغة
الممسوس الذي به مس جن و الممسوس من المياه ما نالته الأيدي و الاجتباء افتعال من الجباية و نظيره الاصطفاء و هو استخلاص الشيء للنفس قال علي بن عيسى أصله الاستخراج و منه الجباية الخراج و قيل أصله الجمع من جبيت الماء في الحوض و الحوض جابية لجمعها الماء قال الفراء اجتبيت الكلام و اختلقته و ارتجلته إذا افتعلته من قبل نفسك قال أبو عبيدة و اخترعته مثل ذلك قال أبو زيد هذه الحروف تقولها العرب للكلام يبتدؤه الرجل لم يكن أعده قبل ذلك في نفسه و البصائر البراهين و الحجج جمع بصيرة و البصائر أيضا طرائق الدم قال الأشعر الجعفي :
راحوا بصائرهم على أكتافهم
و بصيرتي يعدو بها عتد و أي أو البصيرة الترس و جمعها بصائر قال الزجاج و جميع هذا معناه ظهور الشيء و تبيانه .

الإعراب
إذا الأولى ظرف زمان و يكون لها جواب بمنزلة الجزاء و إذا الثانية ظرف مكان بمعنى المفاجاة كقولك خرجت فإذا زيد .

المعنى
ثم ذكر سبحانه طريقة المتقين إذا عرضت لهم وساوس الشياطين فقال
مجمع البيان ج : 4 ص : 790
« إن الذين اتقوا » الله باجتناب معاصيه « إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا » قيل معناه إذا وسوس إليهم الشيطان و أغراهم بمعصيته تذكروا ما عليهم من العقاب بذلك فيجتنبونه و يتركونه و هو معنى قول ابن عباس و السدي و قال الحسن يعني إذا طاف عليهم الشيطان بوساوسه و قال سعيد بن جبير هو الرجل الذي يغضب الغضبة فيتذكر فيكظم غيظه و به قال مجاهد و روي عنه أيضا أنه قال هو الرجل يهم بالذنب فيذكر الله فيتركه و قيل طائف غضب و طيف جنون و قيل معناهما واحد « فإذا هم مبصرون » للرشد « و إخوانهم يمدونهم في الغي » معناه و إخوان المشركين من شياطين الجن و الإنس يمدونهم في الضلال و المعاصي أي يزيدونهم فيه و يزينون لهم ما هم فيه « ثم لا يقصرون » ثم لا يكفون يعني الشيطان عن استغوائهم و لا يرحمونهم عن مجاهد و قتادة و قيل معناه و إخوان الشياطين من الكفار يمدهم الشياطين في الغي ثم لا يقصر هؤلاء مع ذلك كما يقصر الذين اتقوا عن ابن عباس و السدي و الجبائي و قيل معناه ثم لا يقصر الشياطين عن إغوائهم و لا يقصرونهم عن ارتكاب الفواحش « و إذا لم تأتهم ب آية قالوا لو لا اجتبيتها » معناه أنك يا محمد إذا جئتهم ب آية كذبوا بها و إذا أبطأت عنهم يقترحونها و يقولون هلا جئتنا به من قبل نفسك فليس كل ما تقوله وحي من السماء عن قتادة و مجاهد و الزجاج و قيل معناه إذا لم تأتهم ب آية مقترحة قالوا هلا اخترتها من قبل نفسك فتسأل ربك أن يأتيك بها عن ابن عباس و الجبائي و أبي مسلم « قل » يا محمد لهم « إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي » أي لست آتي بالآيات من عندي و إنما يفعلها الله تعالى و يظهرها على حسب ما يعلم من المصلحة في ذلك لا بحسب اقتراح الخلق و إنما أتبع الوحي و لا أتعداه و ليس لي أن أسأله إنزال الآيات إلا بعد إذنه في السؤال « هذا بصائر من ربكم » هذا القرآن دلائل ظاهرة و حجج واضحة و براهين ساطعة من ربكم يبصر الإنسان بها أمور دينه « و هدى و رحمة » أي و دلالة تهدي إلى الرشد و نعمة في الدين و الدنيا « لقوم يؤمنون » خص المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون بها دون غيرهم من الكفار و في هذه الآية دلالة على أن أفعال النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و أقواله تابعة للوحي و أنه لا يجوز أن يعمل بالرأي و القياس .

النظم
قيل إن هذه الآية اتصلت بقوله « يسألونك عن الساعة » و تقديره و يسألونك عن الآيات فإذا لم تأتهم بها قالوا لو لا اجتبيتها عن أبي مسلم و قيل اتصلت بما قبلها من قوله « و إخوانهم يمدونهم » و معناه يبقون في الضلالة و إذا لم تأتهم ب آية يسألون عنها فقالوا كذا .

مجمع البيان ج : 4 ص : 791
وَ إِذَا قُرِىَ الْقُرْءَانُ فَاستَمِعُوا لَهُ وَ أَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(204) وَ اذْكُر رَّبَّك فى نَفْسِك تَضرُّعاً وَ خِيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الاَصالِ وَ لا تَكُن مِّنَ الْغَفِلِينَ(205) إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّك لا يَستَكْبرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَ يُسبِّحُونَهُ وَ لَهُ يَسجُدُونَ (206)
اللغة
الإنصات السكوت مع استماع قال ابن الأعرابي نصت و أنصت و انتصت استمع الحديث و سكت و أنصته و أنصت له و أنصت الرجل سكت و أنصته غيره عن الأزهري و الآصال جمع أصل و أصل جمع أصيل فالآصال جمع الجمع و تصغيره أصيلان على إبدال النون و معناه العشيات و هو ما بين العصر إلى غروب الشمس .

الإعراب
« تضرعا و خيفة » مصدران وضعا موضع الحال أي متضرعين و خائفين و « دون الجهر » عطف عليه فيجب أن يكون في موضع الحال أي و غير رافعين أصواتكم حتى يبلغ حد الجهر .

المعنى
ثم أمر سبحانه بالاستماع للقرآن عند قراءته فقال « و إذا قرىء القرآن فاستمعوا له و أنصتوا » اختلف في الوقت المأمور بالإنصات للقرآن و الاستماع له فقيل إنه في الصلاة خاصة خلف الإمام الذي يؤتم به إذا سمعت قراءته عن ابن عباس و ابن مسعود و سعيد بن جبير و سعيد بن المسيب و مجاهد و الزهري و روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام) قالوا و كان المسلمون يتكلمون في صلاتهم و يسلم بعضهم على بعض و إذا دخل داخل فقال لهم كم صليتم أجابوه فنهوا عن ذلك و أمروا بالاستماع و قيل أنه في الخطبة أمروا بالإنصات و الاستماع إلى الإمام يوم الجمعة عن عطا و عمرو بن دينار و زيد بن أسلم و قيل أنه في الخطبة و الصلاة جميعا عن الحسن و جماعة قال الشيخ أبو جعفر قدس الله روحه و أقوى الأقوال الأول لأنه لا حال يجب فيها الإنصات لقراءة القرآن إلا حالة قراءة الإمام في الصلاة فإن على المأموم الإنصات و الاستماع فأما خارج الصلاة فلا خلاف أن الإنصات و الاستماع غير واجب و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال يجب الإنصات للقرآن في الصلاة و غيرها
مجمع البيان ج : 4 ص : 792
قال و ذلك على وجه الاستحباب و في كتاب العياشي بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قرأ ابن الكوا خلف أمير المؤمنين (عليه السلام) لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين فأنصت له أمير المؤمنين (عليه السلام) و عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له الرجل يقرأ القرآن أ يجب على من سمعه الإنصات له و الاستماع قال نعم إذا قرىء عندك القرآن وجب عليك الإنصات و الاستماع قال الزجاج و يجوز أن يكون فاستمعوا له و أنصتوا أي اعملوا بما فيه و لا تجاوزوا لأن معنى قول القائل سمع الله دعاءك أجاب الله دعاءك لأن الله سميع عليم و قال الجبائي أنها نزلت في ابتداء التبليغ ليعلموا أو يتفهموا و قال أحمد بن حنبل أجمعت الأمة على أنها نزلت في الصلاة « لعلكم ترحمون » أي لترحموا بذلك و باعتباركم به و اتعاظكم بمواعظه « و اذكر ربك في نفسك » خطاب للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و المراد به عام و قيل هو خطاب لمستمع القرآن و المعنى و اذكر ربك في نفسك بالكلام من التسبيح و التهليل و التحميد و روى زرارة عن أحدهما (عليهماالسلام) قال معناه إذا كنت خلف الإمام تأتم به فأنصت و سبح في نفسك يعني فيما لا يجهر الإمام فيه بالقراءة و قيل معناه و اذكر نعمة ربك بالتفكر في نفسك و قيل أراد أذكره في نفسك بصفاته العليا و أسمائه الحسنى « تضرعا و خيفة » يعني بتضرع و خوف يعني في الدعاء فإن الدعاء بالتضرع و الخوف من الله تعالى أقرب إلى الإجابة و إنما خص الذكر بالنفس لأنه أبعد من الرياء عن الجبائي « و دون الجهر من القول » معناه ارفعوا أصواتكم قليلا و لا تجهروا بها جهارا بليغا حتى يكون عدلا بين ذلك كما قال و لا تجهر بصلاتك و لا تخافت بها و قيل أنه أمر للإمام أن يرفع صوته في الصلاة بالقراءة مقدار ما يسمع من خلفه عن ابن عباس « بالغدو و الآصال » أي بالغدوات و العشيات عن قتادة و المراد به دوام الذكر و اتصاله و قيل إنما خص هذين الوقتين لأنهما حال فراغ القلب عن طلب المعاش فيكون الذكر فيهما ألصق بالقلب « و لا تكن من الغافلين » عما أمرتك به من الدعاء و الذكر و قيل إن الآية متوجهة إلى من أمر بالاستماع للقرآن و الإنصات و كانوا إذا سمعوا القرآن رفعوا أصواتهم بالدعاء عند ذكر الجنة أو النار عن ابن زيد و مجاهد و ابن جريج قال الجبائي و في الآية دليل على أن الذين يرفعون أصواتهم عند الدعاء و يجهرون به مخطئون و على خلاف الصواب ثم ذكر سبحانه ما يبعث إلى الذكر و يدعو إليه فقال « إن الذين عند ربك » و هم الملائكة عن الحسن و غيره « لا يستكبرون عن عبادته » معناه أنهم مع جلالة قدرهم و علو أمرهم يعبدون الله و يذكرونه و فائدته أنكم إن استكبرتم عن عبادته فمن هو أعظم حالا منكم
مجمع البيان ج : 4 ص : 793
لا يستكبر عنها و إنما قال عند ربك تشريفا للملائكة بإضافتهم إلى نفسه و لم يرد به قرب المكان تعالى الله عن ذلك و تقدس و قيل معناه أنهم في المكان الذي شرفه الله تعالى و لا يملك عليهم الحكم إلا الله تعالى بخلاف البشر كما يقال عند الأمير كذا و كذا من الجند و المراد أنهم في حكمه و تحت أمره و عند فلان كذا من المال و لا يراد به أن ذلك بحضرته و قال الزجاج من قرب من رحمة الله و فضله فهو عند الله أي هو قريب من فضله و إحسانه « و يسبحونه » أي ينزهونه عما لا يليق به « و له يسجدون » أي يخضعون و قيل يصلون و قيل يسجدون في الصلاة عن الحسن و لا خلاف أن هاهنا سجدة و هي أول سجدات القرآن و اختلف في سجدة التلاوة هل هي واجبة فعند أبي حنيفة واجبة و عند الشافعي سنة مؤكدة و إليه ذهب أصحابنا .



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page