• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء التاسع سورة الأعراف188 الی 195


قُل لا أَمْلِك لِنَفْسى نَفْعاً وَ لا ضراًّ إِلا مَا شاءَ اللَّهُ وَ لَوْ كُنت أَعْلَمُ الْغَيْب لاستَكثرْت مِنَ الْخَيرِ وَ مَا مَسنىَ السوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَ بَشِيرٌ لِّقَوْم يُؤْمِنُونَ(188)
النزول
قيل إن أهل مكة قالوا يا محمد أ لا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتريه فتربح فيه و بالأرض التي تريد أن تجدب فنرتحل منها إلى أرض قد أخصبت فأنزل الله هذه الآية .

المعنى
« قل » يا محمد « لا أملك لنفسي نفعا و لا ضرا إلا ما شاء الله » أن يملكني إياه فأملكه بتمليكه إياي « و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير » و هاهنا محذوف آخر و هو قوله و لا أعلم الغيب إلا ما شاء الله أن يعلمنيه و لو كنت أعلم الغيب لادخرت من السنة المخصبة للسنة المجدبة و لاشتريت وقت الرخص لأيام الغلاء و قيل معناه لاستكثرت من الأعمال الصالحة قبل اقتراب الأجل و لم أشتغل بغيرها و لاخترت الأفضل فالأفضل عن مجاهد و ابن جريج و قيل معناه لو كنت أعلم ما أسأل عنه من الغيب لاستكثرت من الخير أي لأجبت في كل ما أسأل عنه من الغيب في أمر الساعة و غيرها عن الزجاج « و ما مسني السوء » أي و ما أصابني الضر و الفقر و قيل معناه و ما بي جنون كما تزعمون فيكون ابتداء و قيل معناه و ما مسني التكذيب منكم لأني إذا كنت عالما بكل شيء أجبت عن كل ما أسأل عنه فتصدقونني و لا تكذبونني و قيل معناه و ما مسني سوء من جهة الأعداء لأني كنت أعلم ذلك فأتحرز منه « إن أنا إلا نذير » مخوف بالعذاب « و بشير » مبشر بالثواب « لقوم يؤمنون » خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بذلك كقوله « إنما تنذر من اتبع الذكر » و إن كان ينذر غيرهم أيضا و في قوله « إلا ما شاء الله » دلالة على فساد مذهب المجبرة لأن الأفعال كلها لو كانت مخلوقة لله لما صح الاستثناء منها لأن أحدا لا يملك عندهم شيئا و في قوله « و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير » دلالة على أن القدرة قبل الفعل لأنها لو كانت مع الفعل لما أمكنه الاستكثار من الخير إذا علم الغيب .

مجمع البيان ج : 4 ص : 780
النظم
وجه اتصال الآية بما قبلها أنه لما تقدم إجابة القوم بأنه لا يعلم الغيب عقبه بأن علم الغيب يختص به المالك للنفع و الضر و هو الله سبحانه عن أبي مسلم و قيل إن الآية في معنى جواب سؤالهم أيضا فكأنه قال إذا أنا لا أملك أن أسوق إلى نفسي نفعا و لا أن أدفع عنها ضرا فكيف أعلم الغيب .
* هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْس وَحِدَة وَ جَعَلَ مِنهَا زَوْجَهَا لِيَسكُنَ إِلَيهَا فَلَمَّا تَغَشاهَا حَمَلَت حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّت بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئنْ ءَاتَيْتَنَا صلِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشكِرِينَ(189) فَلَمَّا ءَاتَاهُمَا صلِحاً جَعَلا لَهُ شرَكاءَ فِيمَا ءَاتَاهُمَا فَتَعَلى اللَّهُ عَمَّا يُشرِكُونَ(190) أَ يُشرِكُونَ مَا لا يخْلُقُ شيْئاً وَ هُمْ يخْلَقُونَ(191) وَ لا يَستَطِيعُونَ لهَُمْ نَصراً وَ لا أَنفُسهُمْ يَنصرُونَ(192) وَ إِن تَدْعُوهُمْ إِلى الهُْدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سوَاءٌ عَلَيْكمْ أَ دَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صمِتُونَ(193)
القراءة
قرأ أهل المدينة و أبو بكر شركا بكسر الشين و التنوين على المصدر لا على الجمع و هو قراءة الأعرج و عكرمة و الباقون « شركاء » بضم الشين و المد على الجمع و روي في الشواذ قراءة يحيى بن يعمر فمرت به خفيفة و قرأ نافع لا يتبعوكم و في الشعراء يتبعهم بالتخفيف و الباقون « يتبعوكم » بالتشديد .

الحجة
من قرأ شركا فإنه حذف المضاف و تقديره جعلا له ذا شرك أو ذوي شرك فالقراءتان على هذا يؤولان إلى معنى واحد فإن معنى جعلا له شركاء جعلا له ذوي شرك و الضمير في له يعود إلى اسم الله و من قرأ فمرت به خفيفة فإنه ينبغي أن يكون أصله التشديد كقراءة الجماعة إلا أنه حذفه تخفيفا لثقل التضعيف قالوا مست يده أي مسستها و قال أبو زيد :
مجمع البيان ج : 4 ص : 781

خلا إن العتاق من المطايا
أحسن به فهن إليه شوس أي أحسسن به و قيل أنه من المرية أي شكت أ حملت أم لا و عن الحسن شكت أ غلام أم جارية و روي أن عبد الله بن عمر قرأ فمارت به و هو من قولهم مار يمور إذا ذهب و جاء و قرأ ابن عباس فاستمرت به و معناه مرت به مكلفة نفسها ذلك لأن استفعل يأتي في أكثر الأمر بمعنى الطلب و من قرأ لا يتبعوكم فإنه في المعنى مثل القراءة الأخرى قال أبو زيد رأيت القوم فاتبعتهم اتباعا أي ذهبت معهم و اتبعتهم اتباعا إذا سبقوك فأسرعت نحوهم و تبعتهم مثل اتبعتهم في المعنى اتبعهم تبعا .

المعنى
لما تقدم ذكر الله تعالى ذكر عقيبه ما يدل على وحدانيته فقال « هو الذي خلقكم » و الخطاب لبني آدم « من نفس واحدة » يعني آدم (عليه السلام) « و جعل » أي و خلق « منها زوجها » يعني حواء « ليسكن » آدم « إليها » و يأنس بها « فلما تغشيها » أي فلما أصابها كما يصيب الرجل زوجته يعني وطأها و جامعها « حملت حملا خفيفا » و هو الماء الذي حصل في رحمها و كان خفيفا « فمرت به » أي استمرت بالحمل على الخفة تقوم و تقعد و تجيء و تذهب كما كانت من قبل لم يمنعها ذلك الحمل عن شيء من التصرف « فلما أثقلت » أي صارت ذات ثقل كما يقال أثمرت الشجرة صارت ذات ثمر و قيل معناه دخلت في الثقل كما يقال أصاف دخل في الصيف و أشتى دخل في الشتاء المعنى لما كبر الحمل في بطنها و تحرك و صارت ثقيلة به « دعوا الله ربهما » يعني آدم و حواء سألا الله تعالى عند كبر الولد في بطنها « لئن آتيتنا صالحا » أي أعطيتنا ولدا صالحا عن أبي مسلم و قيل نسلا صالحا أي معافى سليما صحيح الخلقة عن الجبائي و قيل بشرا سويا عن ابن عباس و قيل غلاما ذكرا عن الحسن « لنكونن من الشاكرين » لنعمتك علينا قال الجبائي و إنما قالا ذلك لأنهما أرادا أن يكون لهما أولاد يؤنسونهما في الموضع الذي كانا فيه لأنهما كانا فردين مستوحشين و كان إذا غاب أحدهما عن الآخر بقي الآخر مستوحشا بلا مؤنس و يحتمل أيضا أن يكون أراد بقوله « صالحا » مطيعا فاعلا للخير مصلحا غير مفسد « فلما آتاهما » الله « صالحا » كما التمساه « جعلا له شركاء فيما آتاهما » اختلف في من يرجع
مجمع البيان ج : 4 ص : 782
الضمير الذي في جعلا إليه على وجوه ( أحدها ) أنه يرجع إلى النسل الصالح أي المعافى في الخلق و البدن لا في الدين و إنما ثني لأن حواء كانت تلد في كل بطن ذكرا و أنثى يعني أن هذا النسل الذين هم ذكر و أنثى جعلا له شركاء فيما أعطاهما من النعمة فأضافا تلك النعم إلى الذين اتخذوهم آلهة مع الله تعالى من الأصنام و الأوثان عن الجبائي - ( و ثانيها ) - أنه يرجع إلى النفس و زوجها من ولد آدم لا إلى آدم و حواء عن الحسن و قتادة و هو قول الأصم قال و يكون المعنى في قوله « خلقكم من نفس واحدة » خلق كل واحد منكم من نفس واحدة و لكل نفس زوج هو منها أي من جنسها كما قال سبحانه « و من آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها » فلما تغشى كل نفس زوجها « حملت حملا خفيفا » و هو ماء الفحل « فلما أثقلت » بمصير ذلك الماء لحما و دما و عظما ( دعا الرجل و المرأة ربهما لئن آتيتنا صالحا ) أي ذكرا سويا « لنكونن من الشاكرين » و كانت عادتهم أن يئدوا البنات فلما أتاهما يعني الأب و الأم صالحا جعلا له شركاء فيما أتاهما لأنهم كانوا يسمون عبد العزى و عبد اللات و عبد مناف ثم رجعت الكناية إلى جميعهم في قوله « فتعالى الله عما يشركون » فالكناية في جميع ذلك غير متعلقة ب آدم و حواء و لو كانت متعلقة بهما لقال عما يشركان و قال أبو مسلم تقدير الآية هو الذي خلقكم و الخطاب لجميع الخلق من نفس واحدة يعني آدم و جعل من ذلك النفس زوجها و هي حواء ثم انقضى حديث آدم و حواء و خص بالذكر المشركين من أولاد آدم الذين سألوا ما سألوا و جعلوا له شركاء فيما آتاهم قال و يجوز أن يذكر العموم ثم يخص البعض بالذكر و مثله كثير في الكلام قال تعالى « هو الذي يسيركم في البر و البحر حتى إذا كنتم في الفلك و جرين بهم بريح طيبة » فخاطب الجماعة بالتسيير ثم خص راكب البحر بالذكر و كذلك هذه الآية أخبرت عن جملة البشر بأنهم مخلوقون من آدم و حواء ثم عاد الذكر إلى الذي سأل الله تعالى ما سأل فلما أعطاه إياه ادعى له شركاء في عطيته قال و جائز أن يكون عنى بقوله « هو الذي خلقكم من نفس واحدة » المشركين خصوصا إذا كان كل واحد من بني آدم مخلوقا من نفس واحدة و زوجها و ذكر قريبا من قول الأصم قال و قد يجيء مثله في التنزيل و غيره قال سبحانه « و الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم » و المعنى فاجلدوا كل واحد منهم ( و ثالثها ) إن الضمير يرجع إلى آدم و حواء (عليهماالسلام) و يكون التقدير في قوله « جعلا له
مجمع البيان ج : 4 ص : 783
شركاء » جعل أولادهما له شركاء فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه فصار جعلا و هذا مثل قوله سبحانه « اتخذتم العجل » « و إذ قتلتم نفسا » و التقدير و إذ قتل أسلافكم نفسا و اتخذ أسلافكم العجل فحذف المضاف و على هذا الوجه تكون الكناية من أول الكلام إلى آخره راجعة إلى آدم و حواء و يقويه قوله سبحانه « فتعالى الله عما يشركون » ( و رابعها ) ما روت العامة أنه يرجع إلى آدم و حواء و أنهما جعلا لله شريكا في التسمية و ذلك أنهما أقاما زمانا لا يولد لهما فمر بهما إبليس و لم يعرفاه فشكوا إليه فقال لهما إن أصلحت حالكما حتى يولد لكما ولد أ تسميانه باسمي قالا نعم و ما اسمك قال الحرث فولد لهم فسمياه عبد الحرث ذكره ابن فضال و قيل إن حواء حملت أول ما حملت فأتاها إبليس في غير صورته فقال لها يا حواء ما يؤمنك أن تكون في بطنك بهيمة فقالت لآدم لقد أتاني آت فأخبرني أن الذي في بطني بهيمة و إني لأجد له ثقلا فلم يزالا في هم من ذلك ثم أتاها فقال إن سألت الله أن يجعله خلقا سويا مثلك و يسهل عليك خروجه أ تسميه عبد الحرث و لم يزل بها حتى غرها فسمته عبد الحرث برضاء آدم و كان اسم إبليس عند الملائكة الحارث و هذا الوجه بعيد تأباه العقول و تنكره فإن البراهين الساطعة التي لا يصح فيها الاحتمال و لا يتطرق إليها المجاز و الاتساع قد دلت على عصمة الأنبياء (عليهم السلام) فلا يجوز عليهم الشرك و المعاصي و طاعة الشيطان فلو لم نعلم تأويل الآية لعلمنا على الجملة أن لها وجها يطابق دلالة العقل فكيف و قد ذكرنا الوجوه الصحيحة الواضحة في ذلك على أن الرواية الواردة في ذلك قد طعن العلماء في سندها بما هو مذكور في مواضعه و لا نحتاج إلى إثباته فإن الآية تقتضي أنهم أشركوا الأصنام التي تخلق و لا تخلق لقوله « أ يشركون ما لا يخلق شيئا و هم يخلقون » و في خبرهم أنهما أشركا إبليس اللعين فيما ولد لهما بأن سموه عبد الحرث و ليس في ظاهر الآية لإبليس ذكر و حكى البلخي عن جماعة من العلماء أنهم قالوا لو صح الخبر لم يكن في ذلك إلا إشراكا في التسمية و ليس ذلك بكفر و لا معصية و اختاره الطبري و روي العياشي في تفسيره عنهم (عليهم السلام) أنه كان شركهما شرك طاعة و لم يكن شرك عبادة و قوله « أ يشركون ما لا يخلق شيئا و هم يخلقون » توبيخ و تعنيف للمشركين بأنهم يعبدون مع الله تعالى جمادا لا يخلق شيئا من الأجسام و لا ما يستحق به العبادة و هم مع ذلك مخلوقون محدثون و لهم خالق خلقهم و إن خرج الكلام مخرج الاستفهام و لفظة ما إنما تستعمل فيما لا يعقل فدل ذلك على أن المراد بقوله « جعلا له شركاء » أنهم أشركوا الأصنام مع الله تعالى لا ما ذكروه من إشراك إبليس و إنما قال و هم يخلقون على لفظ العقلاء و إن كانت الأصنام جمادا لأنه أراد به الأصنام
مجمع البيان ج : 4 ص : 784
و العابدين لها جميعا فغلب ما يعقل على ما لا يعقل و يجوز أن يكون على أنهم يعظمونها تعظيم من يعقل و يصورونها على صورة من يعقل فكني عنهم كما يكنى عن العقلاء كقوله و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين « و لا يستطيعون لهم نصرا و لا أنفسهم ينصرون » أي و يشركون به و يعبدون من لا يستطيع نصر عابديه و لا نصر نفسه بأن يدفع عن نفسه من أراد به الضر و من هذه صورته فهو في غاية العجز فكيف يكون إلها معبودا « و إن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم » قيل معناه و إن دعوتم الأصنام التي عبدوها إلى الهدى فإنها لا تقبل الهدى عن أبي علي الجبائي بين بذلك ضعف أمرها بأنها لا تهدي غيرها و لا تهتدي بأنفسها و إن دعيت إلى الهدى و قيل معناه إن دعوتم المشركين الذين أصروا على الكفر إلى دين الحق لم يؤمنوا و هو نظير قوله « سواء عليهم أ أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون » عن الحسن « سواء عليكم أ دعوتموهم أم أنتم صامتون » أي سواء عليكم دعاؤهم و السكوت عنهم و إنما قال « أم أنتم صامتون » و لم يقل أم صمتم فيكون في مقابل « أ دعوتموهم » ليفيد الماضي و الحال فإن المقابلة كانت تدل على الماضي فحسب و صورة اللفظ تدل على معنى الحال و مثل قول الشاعر :
سواء عليك الفقر أم بت ليلة
بأهل القباب من نمير بن عامر .
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَستَجِيبُوا لَكمْ إِن كُنتُمْ صدِقِينَ(194) أَ لَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشونَ بهَا أَمْ لهَُمْ أَيْد يَبْطِشونَ بهَا أَمْ لَهُمْ أَعْينٌ يُبْصِرُونَ بهَا أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسمَعُونَ بهَا قُلِ ادْعُوا شرَكاءَكُمْ ثمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ(195)
القراءة
قرأ أبو جعفر وحده يبطشون هاهنا و في القصص و الدخان بضم الطاء و الباقون بكسرها و قرأ هشام و يعقوب كيدوني بياء في الوقف و الوصل و وافقهما أبو جعفر و أبو
مجمع البيان ج : 4 ص : 785
عمرو و إسماعيل في الوصل و الباقون بغير ياء في الحالين و قرأ تنظروني بالياء في الحالين يعقوب .

الحجة
بطش يبطش و يبطش و الكسر أفصح و قال أبو علي الفواصل من الكلام التام تجري مجرى القوافي لاجتماعهما في أن الفاصلة آخر الآية كما أن القافية آخر البيت و قد ألزموا في القوافي حذف هذه الآيات قال الأعشى :
فهل يمنعني ارتياد البلاد
من حذر الموت أن يأتين و الياء التي هي لام كذلك نحو قوله :
يلمس الأحلاس في منزله
بيديه كاليهودي المصل و من أثبت فلأن الأصل الإثبات .

المعنى
ثم أتم سبحانه الحجة على المشركين بقوله « إن الذين تدعون من دون الله » يعني الأصنام يريد تدعونهم آلهة « عباد أمثالكم » أي مخلوقة أمثالكم عن الحسن و قيل مملوكون أمثالكم عن الكلبي و قيل أمثالكم في التسخير أي أنهم مسخرون مذللون لأمر الله عن الأخفش و لما كانت الأصنام غير ممتنعة مما يريد الله بها كانت في معنى العباد فإن التعبيد التذليل و طريق معبد موطوء مسلوك و منه قوله « و تلك نعمة تمنها علي إن عبدت بني إسرائيل » أي ذللتهم و استخدمتهم ضروبا من الخدمة « فادعوهم » هذا الدعاء ليس الدعاء الأول و المراد به فادعوهم في مهماتكم و لكشف الأسواء عنكم « فليستجيبوا لكم » هذه لام الأمر على معنى التعجيز و التهجين كما قال هاتوا برهانكم « إن كنتم صادقين » قال ابن عباس معناه فاعبدوهم هل يثيبونكم أو يجاوزونكم إن كنتم صادقين إن لكم عندها منفعة و ثوابا أو شفاعة و نصرة ثم فضل سبحانه بني آدم عليهم فقال « أ لهم أرجل يمشون بها » أي لهؤلاء الأصنام أرجل يمشون بها في مصالحكم « أم لهم أيد يبطشون بها » أي يأخذون بها في الدفع عنكم و معنى البطش التناول و الأخذ بشدة « أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها » أي ليس لهم هذه الحواس و لكم هذه الحواس فأنتم أفضل منهم فلو دعوتم و عبدتم من له الحياة و منافعها للزمكم الذم و اللوم بذلك لأنها مخلوقة مربوبة فكيف تعبدون
مجمع البيان ج : 4 ص : 786
من أنتم أفضل منه ثم زاد سبحانه في تهجينهم فقال « قل » يا محمد « ادعوا شركاءكم » أي هذه الأوثان التي تزعمون أنها آلهة و تشركونها في أموالكم و تجعلون لها حظا من المواشي و غيرها و توجهون عبادتكم إليها إشراكا بالله لها « ثم كيدون » بأجمعكم « فلا تنظرون » أي لا تؤخروني و معناه أن معبودي ينصرني و يدفع كيد الكائدين عني و معبودكم لا يقدر على نصركم فإن قدرتم على ضر فاجتمعوا أنتم مع أصنامكم و تظاهروا على كيدي و لا تمهلوني في الكيد و الإضرار فإن معبودي يدفع كيدكم عني .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page