• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثامن سورة الأعراف44 الی51


وَ نَادَى أَصحَب الجَْنَّةِ أَصحَب النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ بَيْنهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلى الظلِمِينَ(44) الَّذِينَ يَصدُّونَ عَن سبِيلِ اللَّهِ وَ يَبْغُونهَا عِوَجاً وَ هُم بِالاَخِرَةِ كَفِرُونَ(45)
القراءة
قال الكسائي وحده نعم بكسر العين كل القرآن و الباقون بالفتح و قرأ أهل المدينة و البصرة « أن » مخففة « لعنة الله » بالرفع و الباقون أن مشددة لعنة الله بالنصب .

الحجة
قال الأخفش نعم و نعم لغتان فالكسر لغة كنانة و هذيل و الفتح لغة باقي العرب و أن التي تقع بعد العلم إنما هي المشددة و المخففة عنها و « أذن مؤذن » معناه أعلم معلم
مجمع البيان ج : 4 ص : 650
« أن لعنة الله » و من خفف أن فعلى إرادة إضمار القصة و الحديث و تقديره أنه لعنة الله و مثله آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين التقدير أنه و لا تخفف أن هذه إلا و إضمار القصة و الحديث يراد معها و المكسورة إذا خففت لا يكون كذلك و الفصل بينهما أن المفتوحة موصولة و الموصولة تقتضي صلتها فصارت لاقتضائها أشد اتصالا بما بعدها من المكسورة فقدر بعدها الضمير الذي هو من جملة صلتها و ليست المكسورة كذلك .

الإعراب و اللغة
قال سيبويه نعم عدة و تصديق فإذا استفهمت أجبت بنعم قال أبو علي و الذي يريده بقوله عدة و تصديق أنه يستعمل عدة و يستعمل تصديقا و ليس يريد أنه يجتمع التصديق مع العدة أ لا ترى أنه إذا قال أ تعطيني فقلت نعم كان عدة و لا تصديق في هذا و إذا قال قد كان كذا فقلت نعم فقد صدقته و لا عدة في هذا فليس هذا القول من سيبويه كقوله في إذا أنها جواب و جزاء لأن إذا يكون جوابا في الموضع الذي يكون فيه جزاء و قوله إذا استفهمت أجبت بنعم يريد إذا استفهمت عن موجب أجبت بنعم و لو كان مكان الإيجاب النفي لقلت بلى و لم تقل نعم كما لا تقول في جواب الموجب بلى قال أ لست بربكم قالوا بلى و « الذين يصدون » في موضع جر بأنه صفة للظالمين و « عوجا » يجوز أن يكون منصوبا بأنه مفعول به بمعنى يبغون لها العوج و يجوز أن يكون منصوبا على المصدر بمعنى يطلبون لها هذا الضرب من الطلب كما تقول رجع القهقرى أي رجع هذا الضرب من الرجوع و كذلك عدا البشكي و اشتمل الصما و العوج بالكسر يكون في الطريق و في الدين و بالفتح يكون في الخلقة تقول في ساقه عوج بفتح العين و في دينه عوج بالكسر .

المعنى
ثم حكى سبحانه ما يجري بين أهل الجنة و النار بعد استقرارهم في الدارين فقال « و نادى » أي و سينادي « أصحاب الجنة أصحاب النار » أي أهل الجنة أهل النار و إنما ذكره بلفظ الماضي لتحقيق المعنى جعل ما سيكون كأنه قد كان لأنه كائن لا محالة و ذلك أبلغ في الردع « إن قد وجدنا ما وعدنا ربنا » من الثواب في كتبه و على ألسنة رسله « حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم » من العقاب « حقا » و إنما أضافوا الوعد بالجنة إلى نفوسهم لأن الكفار ما وعدهم الله بالجنة إلا بشرط أن يؤمنوا فلما لم يؤمنوا فكأنهم لم يوعدوا بالجنة و إنما سألوهم هذا السؤال لأن الكفار كانوا يكذبون المؤمنين فيما يدعون لأنفسهم من
مجمع البيان ج : 4 ص : 651
الثواب و لهم من العقاب فهو سؤال توبيخ و شماتة يريد به سرور أهل الجنة و حسرة أهل النار « قالوا نعم » أي قال أهل النار وجدنا ما وعدنا ربنا من العقاب حقا و صدقا « فأذن مؤذن بينهم » أي نادى مناد بينهم أسمع الفريقين « أن لعنة الله على الظالمين » أي غضب الله و سخطه و أليم عقابه على الكافرين لأنه وصف الظالمين بقوله « الذين يصدون عن سبيل الله » أي يعرضون عن الطريق الذي دل الله سبحانه على أنه يؤدي إلى الجنة و قيل معناه يصرفون غيرهم عن سبيل الله أي دينه و الحق الذي دعا إليه « و يبغونها عوجا » قال ابن عباس معناه يصلون لغير الله و يعظمون ما لم يعظمه الله و قيل معناه يطلبون لها العوج بالشبه التي يلتبسون بها و يوهمون أنه يقدح فيها و هي معوجة عن الحق بتناقضها « و هم بالآخرة » أي بالدار الآخرة يعني القيامة و البعث و الجزاء « كافرون » جاحدون و قيل في المؤذن أنه مالك خازن النار و روي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه قال المؤذن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره قال حدثني أبي عن محمد بن فضيل عن الرضا (عليه السلام) و رواه الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن محمد بن الحنفية عن علي (عليه السلام) أنه قال أنا ذلك المؤذن و بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس أن لعلي (عليه السلام) في كتاب الله أسماء لا يعرفها الناس قوله « فأذن مؤذن بينهم » فهو المؤذن بينهم يقول ألا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتي و استخفوا بحقي .
وَ بَيْنهُمَا حِجَابٌ وَ عَلى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلا بِسِيمَاهُمْ وَ نَادَوْا أَصحَب الجَْنَّةِ أَن سلَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَ هُمْ يَطمَعُونَ(46) * وَ إِذَا صرِفَت أَبْصرُهُمْ تِلْقَاءَ أَصحَبِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظلِمِينَ(47)
اللغة
الحجاب الحاجز المانع من الإدراك و منه قيل للضرير محجوب و حاجب الأمير و حاجب العير و الأعراف الأمكنة المرتفعة أخذ من عرف الفرس و منه عرف الديك و كل مرتفع من الأرض عرف لأنه بظهوره أعرف مما انخفض قال الشماخ :
مجمع البيان ج : 4 ص : 652

و ظلت بأعراف تعالى كأنها
رماح نحاها وجهة الريح راكز و قال آخر :
كل كناز لحمه نياف
كالعلم الموفي على الأعراف يعني نشوزا من الأرض و السيماء العلامة و هي فعلى من سام إبله يسومها إذا أرسلها في المرعى معلمة و هي السائمة و قيل إن وزنه عفلى من وسمت فقلبت كما قالوا له جاه في الناس و أصله وجه و كما قالوا اضمحل و امضحل و أرض خامة أي وخمة و فيه ثلاث لغات سيما و سيماء بالقصر و المد و سيمياء على زنة كبرياء قال الشاعر :
له سيمياء ما يشق على البصر و التلقاء جهة اللقاء و هي جهة المقابلة و لذلك كان ظرفا من ظروف المكان تقول هو تلقاءك نحو هو حذاءك و الأبصار جمع بصر و هو الحاسة التي يدرك بها المبصر و قد يستعمل بمعنى المصدر و يقال له بصر بالأشياء أي علم بها و هو بصير بالأمور أي عالم .

المعنى
ثم ذكر سبحانه الفريقين في الجزاء فقال « و بينهما حجاب » أي بين الفريقين أهل الجنة و أهل النار ستر و هو الأعراف و الأعراف سور بين الجنة و النار عن ابن عباس و مجاهد و السدي و في التنزيل فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و قيل الأعراف شرف ذلك السور عن الجبائي و قيل الأعراف الصراط عن الحسن بن الفضل « و على الأعراف رجال » اختلف في المراد بالرجال هنا على أقوال فقيل إنهم قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم فحالت حسناتهم بينهم و بين النار و حالت سيئاتهم بينهم و بين الجنة فجعلوا هناك حتى يقضي الله فيهم ما شاء ثم يدخلهم الجنة عن ابن عباس و ابن مسعود و ذكر أن بكر بن عبد الله المزني قال للحسن بلغني أنهم قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم فضرب الحسن يده على فخذه ثم قال هؤلاء قوم جعلهم الله على تعريف أهل الجنة و النار يميزون بعضهم من بعض و الله لا أدري لعل بعضهم معنا في هذا البيت و قيل إن الأعراف موضع عال على الصراط عليه حمزة و العباس و علي و جعفر يعرفون محبيهم ببياض الوجوه و مبغضيهم بسواد الوجوه عن الضحاك عن ابن عباس رواه الثعلبي بالإسناد في تفسيره و قيل إنهم الملائكة في صورة الرجال يعرفون أهل الجنة و النار و يكونون خزنة الجنة و النار
مجمع البيان ج : 4 ص : 653
جميعا أو يكونون حفظة الأعمال الشاهدين بها في الآخرة عن أبي مجلز و قيل إنهم فضلاء المؤمنين عن الحسن و مجاهد و قيل إنهم الشهداء و هم عدول الآخرة عن الجبائي و قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) هم آل محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه و قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهماالسلام) الأعراف كثبان بين الجنة و النار فيقف عليها كل نبي و كل خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده و قد سيق المحسنون إلى الجنة فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سيقوا إلى الجنة فيسلم المذنبون عليهم و ذلك قوله « و نادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم » ثم أخبر سبحانه أنهم لم يدخلوها و هم يطمعون يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنة و هم يطمعون أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي و الإمام و ينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار فيقولون « ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين » ثم ينادي أصحاب الأعراف و هم الأنبياء و الخلفاء أهل النار مقرعين لهم ما أغنى عنكم جمعكم و ما كنتم تستكبرون أ هؤلاء الذين أقسمتم يعني أ هؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقرونهم تستطيلون بدنياكم عليهم ثم يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك ادخلوا الجنة لا خوف عليكم و لا أنتم تحزنون و يؤيده ما رواه عمر بن شيبة و غيره أن عليا (عليه السلام) قسيم النار و الجنة و رواه أيضا بإسناده عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قال يا علي كأني بك يوم القيامة و بيدك عصا عوسج تسوق قوما إلى الجنة و آخرين إلى النار و روى أبو القاسم الحسكاني بإسناده رفعه إلى الأصبغ بن نباتة قال كنت جالسا عند علي (عليه السلام) فأتاه ابن الكوا فسأله عن هذه الآية فقال ويحك يا ابن الكوا نحن نقف يوم القيامة بين الجنة و النار فمن ينصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة و من أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار و قوله « يعرفون كلا بسيماهم » يعني هؤلاء الرجال الذين هم على الأعراف يعرفون جميع الخلق بسيماهم يعرفون أهل الجنة بسيماء المطيعين و أهل النار بسيماء العصاة « و نادوا أصحاب الجنة » يعني هؤلاء الذين على الأعراف ينادون بأصحاب الجنة « أن سلام عليكم » و هذا تسليم و تهنئة و سرور بما وهب الله لهم « لم يدخلوها » أي لم يدخلوا الجنة بعد عن ابن عباس و ابن مسعود و الحسن و قتادة « و هم يطمعون » أن يدخلوها و قيل إن الطمع هاهنا طمع يقين مثل قول إبراهيم و الذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي و هو قول الحسن و أبي علي الجبائي « و إذا
مجمع البيان ج : 4 ص : 654
صرفت أبصارهم » يعني أبصار الذين على الأعراف « تلقاء أصحاب النار » إلى جهنم فنظروا إليهم و إنما قال صرفت أبصارهم لأن نظرهم نظر عداوة فلا ينظرون إليهم إلا إذا صرفت وجوههم إليهم « قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين » أي لا تجمعنا و إياهم في النار و روي أن في قراءة عبد الله بن مسعود و سالم و إذا قلبت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا عائذا بك أن تجعلنا مع القوم الظالمين و روي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) .
وَ نَادَى أَصحَب الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونهُم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنى عَنكُمْ جَمْعُكمْ وَ مَا كُنتُمْ تَستَكْبرُونَ(48) أَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَة ادْخُلُوا الجَْنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكمْ وَ لا أَنتُمْ تحْزَنُونَ(49)
اللغة
النداء امتداد الصوت و رفعه و نادى نظير دعا إلا أن الدعاء قد يكون بعلامة من غير صوت و لا كلام و لكن بإشارة تنبىء عن معنى تعال و لا يكون النداء إلا برفع الصوت و هو مشتق من الندى و الخوف توقع المكروه و هو ضد الأمن و هو الثقة بانتفاء المكروه .

الإعراب
« هؤلاء » مبتدأ و خبره « الذين أقسمتم » و الأولى أن يكون « الذين أقسمتم » خبر مبتدإ محذوف التقدير أ هؤلاء هم الذين أقسمتم و قوله « لا ينالهم الله برحمة » جواب أقسمتم و هذا داخل في صلة الذين لأن الذين هنا وصل بالقسم و جوابه و لا يجوز أن يكون الذين صفة لهؤلاء من وجهين ( أحدهما ) أن المبهم لا يوصف إلا بالجنس ( و الآخر ) أنه يبقى المبتدأ بلا خبر .

المعنى
ثم بين سبحانه خطاب أصحاب الأعراف لأصحاب النار فقال « و نادى » أي و سينادي « أصحاب الأعراف رجالا » من أصحاب النار « يعرفونهم بسيماهم » أي بصفاتهم يدعونهم بأساميهم و كناهم و يسمون رؤساء المشركين عن ابن عباس و قيل بعلاماتهم التي جعلها الله تعالى لهم من سواد الوجوه و تشويه الخلق و زرقة العين عن الجبائي و قيل بصورهم التي كانوا يعرفونهم بها في الدنيا « قالوا ما أغنى عنكم جمعكم » الأموال
مجمع البيان ج : 4 ص : 655
و العدد في الدنيا « و ما كنتم تستكبرون » أي و استكباركم عن عبادة الله و عن قبول الحق و قد كنا نصحناكم فاشتغلتم بجمع المال و تكبرتم فلم تقبلوا منا فأين ذلك المال و أين ذلك التكبر و قيل معناه ما نفعكم جماعتكم التي استندتم إليها و تجبركم عن الانقياد لأنبياء الله في الدنيا عن الجبائي « أ هؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة » أي حلفتم أنهم لا يصيبهم الله برحمة و خير و لا يدخلون الجنة كذبتم ثم يقولون لهؤلاء « ادخلوا الجنة لا خوف عليكم و لا أنتم تحزنون » أي لا خائفين و لا محزونين على أكمل سرور و أتم كرامة و المراد بهذا تقريع الذين زروا على ضعفاء المؤمنين حتى حلفوا أنهم لا خير لهم عند الله و قد اضطربت أقوال المفسرين في القائل لهذا القول فقال الأكثرون إنه كلام أصحاب الأعراف و قيل هو كلام الله تعالى و قيل كلام الملائكة و الصحيح ما ذكرناه لأنه المروي عن الصادق (عليه السلام) .
وَ نَادَى أَصحَب النَّارِ أَصحَب الجَْنَّةِ أَنْ أَفِيضوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلى الْكَفِرِينَ(50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنساهُمْ كمَا نَسوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَ مَا كانُوا بِئَايَتِنَا يجْحَدُونَ(51)
اللغة
الإفاضة إجراء المائع من علو و منه قولهم أفاضوا في الحديث أي أخذوا فيه من أوله لأنه بمنزلة أعلاه و أفاضوا من عرفات إلى المزدلفة صاروا إليها و اللهو طلب صرف الهم بما لا يحسن أن يطلب به و اللعب طلب المرح بما لا يحسن أن يطلب به و اشتقاقه من اللعاب و هو المرور على غير استواء .

الإعراب
قال « أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله » ثم قال « حرمهما » و لم يقل حرمه و إن كان التقدير أفيضوا أحد هذين لأنه جاء على قولهم جالس الحسن أو ابن سيرين فيجوز مجالستهما جميعا و قوله « الذين اتخذوا » يجوز أن يكون في موضع جر صفة للكافرين و يحتمل أن يكون رفعا بالابتداء فيكون إخبارا من الله تعالى على وجه الذم لهم .

مجمع البيان ج : 4 ص : 656
المعنى
ثم ذكر سبحانه كلام أهل النار و ما أظهروه من الافتقار بدلا مما كانوا عليه من الاستكبار فقال « و نادى » أي و سينادي « أصحاب النار » و هم المخلدون في النار و في عذابها « أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء » أي صبوا علينا من الماء نسكن به العطش أو ندفع به حر النار « أو مما رزقكم الله » أي أعطاكم الله من الطعام عن السدي و ابن زيد « قالوا » يعني أهل الجنة جوابا لهم « أن الله حرمهما على الكافرين » و يسأل فيقال كيف ينادي أهل الجنة و أهل النار و أهل الجنة في السماء على ما جاءت به الرواية و أهل النار في الأرض و بينهما أبعد الغايات من البعد و أجيب عن ذلك بأنه يجوز أن يزيل الله تعالى عنهم ما يمنع من السماع و يجوز أن يقوي الله أصواتهم فيسمع بعضهم كلام بعض « الذين اتخذوا دينهم لهوا و لعبا » أي أعدوا دينهم الذي أمرهم الله تعالى به للهو و اللعب دون التدين به و قيل معناه اتخذوا دينهم الذي كان يلزمهم التدين به و التجنب من محظوراته لعبا و لهوا فحرموا ما شاءوا و استحلوا ما شاءوا بشهواتهم « و غرتهم الحياة الدنيا » أي اغتروا بها و بطول البقاء فيها فكأن الدنيا غرتهم « فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا » أي نتركهم في العذاب كما تركوا التأهب و العمل للقاء هذا اليوم عن ابن عباس و الحسن و مجاهد و قيل معناه نعاملهم معاملة المنسي في النار فلا نجيب لهم دعوة و لا نرحم لهم عبرة كما تركوا الاستدلال حتى نسوا العلم و تعرضوا للنسيان عن الجبائي « و ما كانوا ب آياتنا يجحدون » ما في الموضوعين بمعنى المصدر و تقديره كنسيانهم لقاء يومهم هذا و كونهم جاحدين لآياتنا و اختلف في هذه الآية فقيل إن الجميع كلام الله تعالى على غير وجه الحكاية عن أهل الجنة و تم كلام أهل الجنة عند قوله « حرمهما على الكافرين » و قيل إنه من كلام أهل الجنة إلى قوله « الحياة الدنيا » ثم استأنف تعالى الكلام بقوله « فاليوم ننساهم » .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page