• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء السابع سورة الأنعام 69 الی 73


وَ مَا عَلى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِم مِّن شىْء وَ لَكن ذِكرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(69)
القراءة
قرأ ابن عامر وحده ينسينك بالتشديد و الباقون « ينسينك » بالتخفيف .

الحجة
حجة من خفف قوله و ما أنسانيه إلا الشيطان و حجة ابن عامر أنه يجوز نقل الفعل بتضعيف العين كما يجوز نقله بالهمزة كما يقال عزمته و أعزمته .

الإعراب
ذكرى يجوز أن يكون في موضع نصب على معنى و لكن ذكروهم ذكرى و يجوز أن يكون في موضع رفع على أحد وجهين إما أن يكون على معنى و لكن الذي تأمرونهم به ذكري فيكون خبر المبتدأ و إما أن يكون عليكم ذكرى أي عليكم أن تذكروهم كما قال إن عليك إلا البلاغ و على هذا فيكون ذكرى مبتدأ .

النزول
قال أبو جعفر (عليه السلام) لما نزلت « فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين » قال المسلمون كيف نصنع إن كان كلما استهزأ المشركون بالقرآن قمنا و تركناهم فلا ندخل إذا المسجد الحرام و لا نطوف بالبيت الحرام فأنزل الله سبحانه « و ما على الذين يتقون من حسابهم من شيء » أمرهم بتذكيرهم و تبصيرهم ما استطاعوا .

المعنى
ثم أمر سبحانه بترك مجالستهم عند استهزائهم بالقرآن فقال « و إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا » خاطب النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أي إذا رأيت هؤلاء الكفار و قيل الخطاب له و المراد غيره و معنى يخوضون يكذبون ب آياتنا و ديننا عن الحسن و سعيد بن جبير و الخوض التخليط في المفاوضة على سبيل العبث و اللعب و ترك التفهم و التبيين « فأعرض عنهم » أي فاتركهم و لا تجالسهم « حتى يخوضوا في حديث غيره » أي يدخلوا في حديث غير الاستهزاء بالقرآن و إنما أمره (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بالإعراض عنهم لأن من حاج من هذه حاله فقد وضع الشيء غير موضعه و حط من قدر البيان و الحجاج « و إما ينسينك الشيطان » المعنى و إن أنساك الشيطان نهينا إياك عن الجلوس معهم و يسأل على هذا فيقال كيف أضاف النسيان إلى الشيطان و هو فعل الله تعالى و الجواب إنما أضافه إلى الشيطان لأنه تعالى أجرى العادة بفعل النسيان عند الإعراض عن الفكر و تراكم الخواطر الردية و الوساوس الفاسدة من الشيطان فجاز إضافة النسيان إليه لما حصل عند فعله كما أن من ألقى غيره في البرد حتى مات فإنه يضاف الموت إليه لأنه عرضه لذلك و كان كالسبب فيه « فلا تقعد بعد الذكرى » أي بعد
مجمع البيان ج : 4 ص : 490
ذكرك نهينا و ما يجب عليك من الإعراض عن الجبائي و قيل معناه بعد أن تذكرهم بدعائك إياهم إلى الدين عن أبي مسلم فكأنه قال أعرض في حال اليأس و ذكر في حال الطمع « مع القوم الظالمين » يعني في مجالس الكفار و الفساق الذي يظهرون التكذيب بالقرآن و الآيات و الاستهزاء بذلك و به قال سعيد بن جبير و السدي و اختاره البلخي و قال كان ذلك في أول الإسلام و كان يختص النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و رخص للمؤمنين في ذلك لما عز الإسلام و كثر المسلمون نهوا عن مجالستهم و نسخت هذه الآية بقوله فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم قال الجبائي و في هذه الآية دلالة على بطلان قول الإمامية في جواز التقية على الأنبياء و الأئمة و أن النسيان لا يجوز على الأنبياء و هذا القول غير صحيح و لا مستقيم لأن الإمامية إنما تجوز التقية على الإمام فيما تكون عليه دلالة قاطعة توصل إلى العلم و يكون المكلف مزاح العلة في تكليفه ذلك فأما ما لا يعرف إلا بقول الإمام من الأحكام و لا يكون على ذلك دليل إلا من جهته فلا يجوز عليه التقية فيه و هذا كما إذا تقدم من النبي بيان في شيء من الأشياء الشرعية فإنه يجوز منه أن لا يبين في حال أخرى لأمته ذلك الشيء إذا اقتضته المصلحة أ لا ترى إلى ما روي أن عمر بن الخطاب سأله عن الكلالة فقال يكفيك آية السيف و أما النسيان و السهو فلم يجوزوهما عليهم فيما يؤدونه عن الله تعالى فأما ما سواه فقد جوزوا عليهم أن ينسوه أو يسهوا عنه ما لم يؤد ذلك إلى إخلال بالعقل و كيف لا يكون كذلك و قد جوزوا عليهم النوم و الإغماء و هما من قبيل السهو فهذا ظن منه فاسد و إن بعض الظن إثم « و ما على الذين يتقون من حسابهم من شيء » أي ليس على المؤمنين الذين اتقوا معاصي الله سبحانه من حساب الكفرة شيء بحضورهم مجلس الخوض « و لكن ذكرى لعلهم يتقون » أي نهوا عن مجالستهم ليزدادوا تقى و أمروا أن يذكروهم و ينبهوهم على خطاياهم لكي يتقي المشركون إذا رأوا إعراض هؤلاء المؤمنين عنهم و تركهم مجالستهم فلا يعودون لذلك عن أكثر المفسرين و قيل معناه ليس على المتقين من الحساب يوم القيامة مكروه و لا تبعة و لكنه أعلمهم أنهم محاسبون و حكم بذلك عليهم لكي يعلموا أن الله يحاسبهم فيتقوا عن البلخي فالهاء و الميم على الوجه الأول يعود إلى الكفار و في الثاني إلى المؤمنين .

مجمع البيان ج : 4 ص : 491
وَ ذَرِ الَّذِينَ اتخَذُوا دِينهُمْ لَعِباً وَ لَهْواً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا وَ ذَكرْ بِهِ أَن تُبْسلَ نَفْس بِمَا كَسبَت لَيْس لهََا مِن دُونِ اللَّهِ وَلىُّ وَ لا شفِيعٌ وَ إِن تَعْدِلْ كلَّ عَدْل لا يُؤْخَذْ مِنهَا أُولَئك الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسبُوا لَهُمْ شرَابٌ مِّنْ حَمِيم وَ عَذَابٌ أَلِيمُ بِمَا كانُوا يَكْفُرُونَ(70)
اللغة
يقال أبسلته بجريرته أي أسلمته بها و المستبسل المستسلم الذي يعلم أنه لا يقدر على التخلص قال الشاعر :
و إبسالي بني بغير جرم
بعوناه و لا بدم مراق أي إسلامي إياهم و البعو الجناية قال الأخفش تبسل أي تجازى و قيل تبسل أي ترهن و المعاني متقاربة و هذا بسل عليك أي حرام عليك و جائز أن يكون أسد باسل من هذا أي إنه لا يقدر عليه و جائز أن يكون من الأول بمعنى أن معه من الإقدام ما يستبسل له قرنه و يقال أعط الراقي بسلته أي أجرته و تأويله أنه عمل في الشيء الذي قد استبسل صاحبه معه و العدل الفداء و أصله المثل و الحميم الماء الحار أحم حتى انتهى غليانه و منه الحمام .

الأعراب
« أن تبسل » في موضع نصب بأنه مفعول و هو من باب حذف المضاف تقديره كراهية أن تبسل و قوله « ليس لها من دون الله » صفة لنفس و التقدير نفس عادمة وليا و شفيعا يكسبها أولئك الذين أبسلوا مبتدأ و خبر و قوله « لهم شراب من حميم » يجوز أن يكون خبرا ثانيا لأولئك و يجوز أن يكون كلاما مستأنفا .

المعنى
ثم عاد تعالى إلى وصف من تقدم ذكرهم من الكفار فقال « و ذر الذين اتخذوا دينهم لعبا و لهوا » أي دعهم و أعرض عنهم و إنما أراد به إعراض إنكار لأنه قال بعد ذلك « و ذكر » يريد دع ملاطفتهم و مجالستهم و لا تدع مذاكرتهم و دعوتهم و نظيره في سورة النساء فأعرض عنهم و عظهم « و غرتهم الحياة الدنيا » يعني به اغتروا بحياتهم « و ذكر به » أي عظ بالقرآن و قيل بيوم الدين و قيل بالحساب « أن تبسل نفس بما كسبت » أي لكي لا تسلم نفس للهلكة بما كسبت أي بما عملت عن الحسن و مجاهد و السدي و اختاره الجبائي و الفراء و قيل
مجمع البيان ج : 4 ص : 492
إن معنى تبسل تهلك عن ابن عباس و قيل تحبس عن قتادة و قيل تؤخذ عن ابن زيد و قيل تسلم إلى خزنة جهنم عن عطية العوفي و قيل تجازى عن الأخفش « ليس لها من دون الله ولي » أي ناصر ينجيها من العذاب « و لا شفيع » يشفع لها « و إن تعدل كل عدل » و إن تفد كل فداء « لا يؤخذ منها » و قيل معناه و أن تقسط كل قسط في ذلك اليوم لا يقبل منها لأن التوبة هناك غير مقبولة و إنما تقبل في الدنيا « أولئك الذين أبسلوا » أي أهلكوا و قيل أسلموا للهلكة فلا مخلص لهم و قيل ارتهنوا و قيل جوزوا « بما كسبوا » أي بكسبهم و عملهم « لهم شراب من حميم » أي ماء مغلي حار « و عذاب أليم » مؤلم « بما كانوا يكفرون » أي بكفرهم يريد جزاء على كفرهم و اختلف في الآية فقيل هي منسوخة ب آية السيف عن قتادة و قيل ليست بمنسوخة و إنما هي تهديد و وعيد عن مجاهد و غيره و فيها دلالة على الوعيد العظيم لمن كانت هذه سبيله من الاستهزاء بالقرآن و ب آيات الله و تحذير عن سلوك طريقتهم و قال الفراء ما من أمة إلا و لهم عيد يلعبون فيه و يلهون إلا أمة محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فإن أعيادهم صلاة و دعاء و عبادة .
قُلْ أَ نَدْعُوا مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُنَا وَ لا يَضرُّنَا وَ نُرَدُّ عَلى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كالَّذِى استَهْوَتْهُ الشيَطِينُ فى الأَرْضِ حَيرَانَ لَهُ أَصحَبٌ يَدْعُونَهُ إِلى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَ أُمِرْنَا لِنُسلِمَ لِرَب الْعَلَمِينَ(71)
القراءة
قرأ حمزة وحده استهويه بألف ممالة و الباقون « استهوته » بالتاء المعجمة من فوق .

الحجة
قال أبو علي كلا المذهبين حسن قال الشاعر :
و كنا ورثناه على عهد تبع
طويلا سواريه شديدا دعائمه .

اللغة
استهواه من قولهم هوى من حالق إذا تردى منه و يشبه به الذي زل عن
مجمع البيان ج : 4 ص : 493
الطريق المستقيم كما أن قوله زل إنما هو في المكان قال :
قام على منزعة زلخ فزل ) ثم يشبه به المخطىء في طريقته في مثل قوله فأزلهما الشيطان فكذلك هوى و أهواه غيره فيقال أهويته و استهويته بمعنى كما يقال أزله الشيطان و استزله بمعنى و كذلك استجابة بمعنى أجابه قال :
فلم يستجبه عند ذاك مجيب ) و الحيران المتردد في أمر لا يهتدي إلى المخرج منه و الفعل منه حار يحار حيرة و رجل حائر و حيران و قوم حيارى .

الإعراب
« كالذي استهوته » في موضع نصب صفة لمصدر محذوف تقديره أ ندعو من دون الله دعاء مثل دعاء الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران ، و حيران نصب على الحال من مفعول استهوته ، « له أصحاب » وصف لحيران و يدعونه صفة لأصحاب أي أصحاب داعون له إلى الهدي قائلون له ائتنا و هاهنا منتهى الكلام و قوله « أمرنا لنسلم » تقول العرب أمرتك لتفعل و أمرتك أن تفعل و أمرتك بأن تفعل فمن قال أمرتك بأن تفعل فالباء للإلصاق و المعنى وقع الأمر بهذا الفعل و من قال أمرتك أن تفعل حذف الجار و من قال أمرتك لتفعل المعنى أمرتك للفعل و قال الزجاج التقدير أمرنا كي نسلم قال الشاعر :
أريد لأنسى ذكرها فكأنما
تمثل لي ليلى بكل سبيل أي كي أنسى .

المعنى
ثم أمر سبحانه نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و المؤمنين بخطاب الكفار فقال « قل » يا محمد لهؤلاء الكفار الذين يدعون إلى عبادة الأصنام أو قل أيها الإنسان أو أيها السامع « أ ندعوا من دون الله ما لا ينفعنا » إن عبدناه « و لا يضرنا » إن تركنا عبادته « و نرد على أعقابنا » هذا مثل يقولون لكل خائب لم يظفر بحاجته رد على عقبيه و نكص على عقبيه و تقديره أ نرجع القهقرى في مشيتنا و المعنى أ نرجع عن ديننا الذي هو خير الأديان « بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران » لا يهتدي إلى طريق و قيل معناه استغوته الغيلان في المهامة عن ابن عباس و قيل معناه دعته الشياطين إلى اتباع الهوى و قيل أهلكته و قيل ذهبت به عن نفطويه و قيل أضلته عن أبي مسلم « له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا » أي إلى الطريق الواضح يقولون له ائتنا و لا يقبل منهم و لا يصير إليهم لأنه قد تحير لاستيلاء الشيطان عليه
مجمع البيان ج : 4 ص : 494
يهوى و لا يهتدي ثم أمره الله سبحانه فقال « قل » لهؤلاء الكفار « إن هدى الله هو الهدى » أي دلالة الله لنا على توحيده و أمر دينه هو الهدى الذي يؤدي المستدل به إلى الصلاح و الرشاد في دينه و هو الذي يجب أن نعمل عليه و نستدل به فلا نترك ذلك إلى ما تدعون إليه « و أمرنا لنسلم لرب العالمين » معناه و أمرنا أن نسلم و قيل معناه أن نسلم أمورنا و نفوضها إلى الله و نتوكل عليه فيها .
وَ أَنْ أَقِيمُوا الصلَوةَ وَ اتَّقُوهُ وَ هُوَ الَّذِى إِلَيْهِ تحْشرُونَ(72) وَ هُوَ الَّذِى خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض بِالْحَقِّ وَ يَوْمَ يَقُولُ كن فَيَكونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَ لَهُ الْمُلْك يَوْمَ يُنفَخُ فى الصورِ عَلِمُ الْغَيْبِ وَ الشهَدَةِ وَ هُوَ الحَْكيمُ الْخَبِيرُ(73)
الإعراب
يحتمل أول الآية وجهين ( أحدهما ) أن يكون التقدير أمرنا لأن نسلم و لأن نقيم الصلاة ( و الثاني ) أن يكون محمولا على المعنى لأن معناه أمرنا بالإسلام و بإقامة الصلاة و موضع أن نصب لأن الباء لما سقطت أفضى الفعل فنصب عالم الغيب رفع لأنه نعت الذي في قوله « و هو الذي خلق السماوات و الأرض » و يحتمل أن يكون فاعل فعل يدل عليه الفعل المبني للمفعول به و هو قوله « ينفخ في الصور » و هذا كما يقولون أكل طعامك عبد الله و التقدير أكله عبد الله قال الشاعر :
ليبك يزيد ضارع لخصومة
و مختبط مما تطيح الطوانح كأن قيل من يبكيه قال يبكيه ضارع و الأول أجود .

المعنى
« و أن أقيموا الصلاة » هذا موصول بما قبله أي و قيل لنا أقيموا الصلاة « و اتقوه » أي و اتقوا رب العالمين أي تجنبوا معاصيه فتتقوا عقابه « و هو الذي إليه
مجمع البيان ج : 4 ص : 495
تحشرون » أي تجمعون إليه يوم القيامة فيجازي كل عامل منكم بعمله « و هو الذي خلق السماوات و الأرض بالحق » فيه قولان ( أحدهما ) أن معناه خلقهما للحق لا للباطل عن الحسن و الزجاج و غيرهما و معناه خلقهما حقا و صوابا لا باطلا و خطأ كما قال و ما خلقنا السماء و الأرض و ما بينهما باطلا و أدخلت الباء و الألف و اللام كما أدخلت في نظائرها يقولون فلان يقول بالحق بمعنى أنه يقول حقا لا أن الحق معنى غير القول بل تقديره إن خلقهما حكمة و صواب من حكم الله و هو موصوف بالحكمة في خلقهما و خلق ما سواهما من جميع خلقه لا أن هناك حقا سوى خلقهما خلقهما به و القول الآخر ما قاله قوم أن معناه خلق السماوات و الأرض بكلامه الحق و هو قوله ائتيا طوعا أو كرها فالحق صفة قوله و كلامه و الأول هو الصحيح « و يوم يقول كن فيكون » ذكر في نصب يوم وجوه ( أحدها ) أن يكون عطفا على الهاء في قوله « و اتقوه » أي و اتقوا يوم يقول كن فيكون كما قال سبحانه و اتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ( و الثاني ) أن يكون على معنى و اذكر يوم يقول كن فيكون لأن بعده و إذ قال إبراهيم لأبيه آزر عطفا على ذلك قال الزجاج و هو الأجود ( الثالث ) أن يكون معطوفا على السماوات و المعنى و هو الذي خلق السماوات و الأرض بالحق و خلق يوم يقول كن فيكون فإن يوم القيامة لم يأت بعد فجوابه أن ما أنبأ الله بكونه فحقيقة واقع لا محالة و أما قوله « كن فيكون » فقد قيل فيه إنه خطاب للصور و المعنى يوم يقول للصور كن فيكون و ما ذكر من الصور يدل عليه و قيل إن قوله « كن فيكون » فيه إضمار جميع ما يخلق في ذلك الوقت ، المعنى و يوم يقول للشيء كن فيكون و هذا إنما ذكر ليدل على سرعة أمر البعث و الساعة فكأنه يقول و يوم يقول للخلق موتوا فيموتون و انتشروا فينتشرون أي لا يتعذر عليه ذلك و لا يتأخر عن وقت إرادته و قيل معناه و يوم يقول كن فيكون « قوله الحق » أي يأمر فيقع أمره أي ما وعدوا به من الثواب و حذروا به من العقاب و الحق من صفة قوله و قوله فاعل يكون كما تقول قد قلت فكان قولك و ليس المعنى إنك قلت فكان الكلام إنما المعنى إنه كان ما دل عليه القول و أما على القول المتقدم فيكون قوله مبتدأ و الحق خبره و قد ذكرنا تفسير قوله « كن فيكون » في سورة البقرة مستقصى « و له الملك يوم ينفخ في الصور » قيل في نصب يوم هنا وجوه ( أحدها ) أن يكون متعلقا بله الملك و تقديره أن الملك قد وجب له في ذلك اليوم الذي فيه ينفخ في الصور فقد خص ذلك اليوم بأن الملك له فيه كما خصه في قوله لمن الملك اليوم لله الواحد القهار و الوجه فيه أنه لا يبقى ملك من ملكه الله في الدنيا أو تغلب عليه بل يتفرد سبحانه بالملك
مجمع البيان ج : 4 ص : 496
( و الثاني ) أن يكون « يوم ينفخ في الصور » مبنيا عن قوله « يوم يقول كن فيكون » ( و الثالث ) أن يكون منصوبا بقوله « الحق » و المعنى قوله الحق يوم ينفخ في الصور و الوجه في اختصاصه بذلك اليوم و إن كان قوله حقا في كل وقت ما بيناه في الوجه الأول و هو مثل قوله و الأمر يومئذ لله و لا شك أن الأمر في كل وقت لله تعالى و المراد أن ذلك اليوم يوم لا يخالف الله في أوامره لأنها محتومة ليس فيها تخيير و لا يقدر أحد على معصيته و أما الصور فقيل فيه قرن ينفخ فيه إسرافيل (عليه السلام) نفختين فتفنى الخلائق كلهم بالنفخة الأولى و يحيون بالنفخة الثانية فتكون النفخة الأولى لانتهاء الدنيا و الثانية لابتداء الآخرة و قال الحسن هو جمع صورة كما أن السور جمع سورة و على هذا فيكون معناه يوم ينفخ الروح في الصور و يؤيد القول الأول ما رواه أبو سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قال كيف أنعم و قد التقم صاحب القرن القرن و حنا جبينه و أصغى سمعه ينتظر أن يؤمر فينفخ قالوا فكيف نقول يا رسول الله قال قولوا حسبنا الله و نعم الوكيل و العرب تقول نفخ الصور و نفخ في الصور قال الشاعر :
لو لا ابن جعدة لم يفتح قهندزكم
و لا خراسان حتى ينفخ الصور « عالم الغيب و الشهادة » أي يعلم ما لا يشاهده الخلق و ما يشاهدونه و ما لا يعلمه الخلق و ما يعلمونه لا يخفى عليه شيء من ذلك « و هو الحكيم » في أفعاله « الخبير » العالم بعباده و أفعالهم .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page