• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آداب الصلاة


(آداب الصلاة)
إذا اتيت بالطهارة في مكانك، وهو ظرفك الابعد، ثم في ثيابك، وهو غلافك الاقرب، ثم في بشرتك، وهي قشرك الادنى، فلا تغفل عن لبك وذاتك، وهو قلبك، فطهره بالتوبة والندم على ما فرط، وتصميم العزم على الترك في المستقبل، فطهر بها باطنك، فانه موضع نظر ربك. ثم إذا سترت مقابح بدنك عن ابصار الخلق باللباس، فاخطر ببالك فضائح سرك التي لا يطلع عليها إلا ربك وطالب نفسك بسترها، وتحقق أنه لا يستر عن عين الله ساتر، وإنما يكفرها الخوف والندم والحياء، فتستفيد باظهارها في قلبك انبعاث جنود الخوف والندم والحياء من مكانها، فتذل به نفسك، ويستكين تحت الخجلة قلبك، وتقوم بين يدي الله ـ تعالى ـ قيام العبد المجرم المسىء الآبق، الذي ندم فرجع إلى مولاه، ناكساً رأسه من الخوف والحياء. قال الصادق (ع): " أزين اللباس للمؤمن لباس التقوى، وانعمه الإيمان، قال الله ـ تعالى ـ:
" ولباس التقوى ذلك خيرٌ "[1].
وأما اللباس الظاهر، فنعمة من الله ـ تعالى ـ تستر بها عورات بني آدم، وهي كرامة اكرم الله بها ذرية آدم ما لم يكرم بها غيرهم وهي للمؤمنين آلة لاداء ما افترض الله عليهم. وخير لباسك مالا يشغلك عن الله ـ عز وجل ـ، بل يقربك من ذكره وشكره وطاعته، ولا يحملك على العجب والرياء والتزين والتفاخر والخيلاء، فانها من آفات الدين، ومورثة للقسوة في القلب. فإذا لبست ثوبك، فاذكر ستر الله عليك ذنوبك برحمته، والبس باطنك بالصدق كما البست ظاهرك بثوبك، وليكن باطنك من الصدق في ستر الهيبة، وظاهرك في ستر الطاعة. واعتبر بفضل الله ـ عز وجل ـ، حيث خلق أسباب اللباس ليستر بها العورات الظاهرة وفتح أبواب التوبة والانابة والاغاثة ليستر بها عورات الباطن من الذنوب وأخلاق السوء. ولا تفضح أحداً حيث ستر الله عليك ما اعظم منه. واشتغل بعيب نفسك واصفح عما لا يعنيك حاله وامره. واحذر أن يفنى عمرك بعمل غيرك، ويتجر برأس مالك غيرك، وتهلك نفسك، فان نسيان الذنوب من أعظم عقوبة الله في العاجل، واوفر أسباب العقوبة في الآجل. وما دام العبد مشتغلا بطاعة الله ـ تعالى ـ، ومعرفة عيوب نفسه، وترك ما يشين في دين الله ـ عز وجل ـ، فهو بمعزل عن الآفات، خائض في بحر رحمة الله ـ عز وجل ـ، يفوز بجواهر الفوائد من الحكمة والبيان. وما دام ناسياً لذنوبه، جاهلا بعيوبه، راجعاً إلى حوله وقوته، لا يفلح إذا أبداً "[2].


(آداب الصلاة)
إذا اتيت بالطهارة في مكانك، وهو ظرفك الابعد، ثم في ثيابك، وهو غلافك الاقرب، ثم في بشرتك، وهي قشرك الادنى، فلا تغفل عن لبك وذاتك، وهو قلبك، فطهره بالتوبة والندم على ما فرط، وتصميم العزم على الترك في المستقبل، فطهر بها باطنك، فانه موضع نظر ربك. ثم إذا سترت مقابح بدنك عن ابصار الخلق باللباس، فاخطر ببالك فضائح سرك التي لا يطلع عليها إلا ربك وطالب نفسك بسترها، وتحقق أنه لا يستر عن عين الله ساتر، وإنما يكفرها الخوف والندم والحياء، فتستفيد باظهارها في قلبك انبعاث جنود الخوف والندم والحياء من مكانها، فتذل به نفسك، ويستكين تحت الخجلة قلبك، وتقوم بين يدي الله ـ تعالى ـ قيام العبد المجرم المسىء الآبق، الذي ندم فرجع إلى مولاه، ناكساً رأسه من الخوف والحياء. قال الصادق (ع): " أزين اللباس للمؤمن لباس التقوى، وانعمه الإيمان، قال الله ـ تعالى ـ:
" ولباس التقوى ذلك خيرٌ "[1].
وأما اللباس الظاهر، فنعمة من الله ـ تعالى ـ تستر بها عورات بني آدم، وهي كرامة اكرم الله بها ذرية آدم ما لم يكرم بها غيرهم وهي للمؤمنين آلة لاداء ما افترض الله عليهم. وخير لباسك مالا يشغلك عن الله ـ عز وجل ـ، بل يقربك من ذكره وشكره وطاعته، ولا يحملك على العجب والرياء والتزين والتفاخر والخيلاء، فانها من آفات الدين، ومورثة للقسوة في القلب. فإذا لبست ثوبك، فاذكر ستر الله عليك ذنوبك برحمته، والبس باطنك بالصدق كما البست ظاهرك بثوبك، وليكن باطنك من الصدق في ستر الهيبة، وظاهرك في ستر الطاعة. واعتبر بفضل الله ـ عز وجل ـ، حيث خلق أسباب اللباس ليستر بها العورات الظاهرة وفتح أبواب التوبة والانابة والاغاثة ليستر بها عورات الباطن من الذنوب وأخلاق السوء. ولا تفضح أحداً حيث ستر الله عليك ما اعظم منه. واشتغل بعيب نفسك واصفح عما لا يعنيك حاله وامره. واحذر أن يفنى عمرك بعمل غيرك، ويتجر برأس مالك غيرك، وتهلك نفسك، فان نسيان الذنوب من أعظم عقوبة الله في العاجل، واوفر أسباب العقوبة في الآجل. وما دام العبد مشتغلا بطاعة الله ـ تعالى ـ، ومعرفة عيوب نفسه، وترك ما يشين في دين الله ـ عز وجل ـ، فهو بمعزل عن الآفات، خائض في بحر رحمة الله ـ عز وجل ـ، يفوز بجواهر الفوائد من الحكمة والبيان. وما دام ناسياً لذنوبه، جاهلا بعيوبه، راجعاً إلى حوله وقوته، لا يفلح إذا أبداً "[2].

آداب المصلي

(آداب المصلي)
إذا أتيت مصلاك، فاستحضر فيه انك كائن بين يدي ملك الملوك، تريد مناجاته، والتضرع اليه، والتماس رضاه، ونظره إليك بعين الرحمة. فاختر مكاناً يصلح، كالمساجد الشريفة، والمشاهد المطهرة، مع الامكان، فان ـ تعالى ـ جعل تلك المواضع محلا لاجابته، وموضع نزول فيوضاته ورحمته، على مثال حضرة الملوك، الذين يجعلونها وسيلة لنيل المقاصد والمطالب. فادخلها بالسكينة والوقار، ومراقباً للخضوع والانكسار. قال الصادق (ع): " إذا بلغت باب المسجد، فاعلم انك قد قصدت باب ملك عظيم، لا يطأ بساطه إلا المطهرون، ولا يؤذن لمجالسته إلا الصديقون، فهب القدوم إلى بساط هيبة الملك، فانك على خطر عظيم ان غفلت، فاعلم انه قادر على ما يشاء من العدل والفضل معك وبك. فان عطف عليك برحمته وفضله، قبل منك يسير الطاعة، وأجزل لك عليها ثواباً كثيراً. وإن طالبك باستحقاقه الصدق والإخلاص عدلا بك، حجبك ورد طاعتك وان كثرت. وهو فعال لما يريد. واعترف بعجزك وتقصيرك وانكسارك وفقرك بين يديه، فانك قد توجهت للعبادة له، والمؤانسة به، واعرض أسرارك عليه، ولتعلم انه لا تخفى عليه اسرار الخلائق أجمعين وعلانيتهم. وكن كأفقر عباده بين يديه. واخل قلبك عن كل شاغل يحجبك عن ربك، فانه لا يقبل إلا الاطهر والاخلص. وانظر من أي ديوان يخرج اسمك، فان ذقت حلاوة مناجاته ولذيذ مخاطباته، وشربت بكأس رحمته وكراماته من حسن اقباله عليك واجابته، فقد صلحت لخدمته، فادخل فلك الاذن والامان، والا فقف وقوف من قد انقطع عنه الحيل، وقصر عنه الأمل، وقضى عليه الاجل. فان علم الله ـ عز وجل ـ من قلبك صدق الالتجاء إليه نظر إليك بعين الرأفة والرحمة والعطف، ووفقك لما تحب وترضى، فانه كريم يحب الكرامة لعباده المضطرين إليه، المقيمين على بابه لطلب مرضاته. قال الله ـ عز وجل ـ:
" أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء "[3] "[4].

الاستقبال

(الاستقبال)
واما الاستقبال، فهو صرف لظاهر وجهك عن سائر الجهات إلى جهة بيت الله. وهذا إشارة إلى انه ينبغي ان يصرف وجه القلب عن سائر الأشياء إلى الله، فان الأعمال الظاهرة تحريكات للبواطن على ما يناسبها، فضبط الجوارح وتسكينها بالاثبات في جهة واحدة لاجل أَلا تبقى على القلب، لانها إذا توجهت إلى جهات متعددة يتبعها القلب في التوجه إلى اشياء متعددة، فأمر الله بصرفها إلى شطر بيته، ليتذكر القلب صاحبه، ويتوجه إليه، ويثبت على ذلك كما تثبت الاعضاء على جهة واحدة. قال رسول الله (ص): " إن الله ـ تعالى ـ مقبل على المصلي ما لم يلتفت "، وهذا الالتفات يشمل التفات القلب أيضا، فكما يجب حراسة الرأس والعين عن الالتفات إلى الجهات، فكذلك يجب حراسة السر عن الالتفات إلى غير الله وغير الصلاة، فان التفت إلى غير الله وغير الصلاة، فذكره باطلاع الله عليه، وقبح غفلة المناجي عمن يناجيه وعما يقول له حين المناجاة، لا سيما إذا كان من يناجيه ملك الملوك. والزم قلبك الخشوع، فان الخلاص عن الالتفات ظاهراً وباطناً ثمرة الخشوع، ومهما خشع الباطن خشع الظاهر، ولذا قال رسول الله (ص) ـ وقد رأى مصليا يعبث بلحيته ـ " اما هذا، لو خشع قلبه لخشعت جوارحه، فان الرعية بحكم الراعي ". وفي الدعاء: " اللهم اصلح الراعي والرعية "، وهو القلب والجوارح.
وبالجملة: ينبغي لكل مؤمن صرف وجهه إلى بيت الله للصلاة، أن يصرف وجه قلبه إلى صاحب البيت، وكما لا يتوجه الوجه إلى جهة البيت الا بالصرف عن غيرها، فكذلك لا ينصرف وجه القلب إلى الله إلا بالتفرغ عما سوى الله، وقد قال رسول الله (ص): " إذا قام العبد إلى صلاته، وكان هواه وقلبه إلى الله، انصرف كيوم ولدته أمه ". وقال (ص): " أما يخاف الذي يحول وجهه في الصلاة أن يحول الله وجهه وجه حمار؟! " قيل: هذا نهي عن الالتفات عن الله، وملاحظة عظمته في حال الصلاة، فان الملتفت يميناً وشمالا غافل عن الله وعن مطالعة أنوار كبريائه، ومن كان كذلك فيوشك ان تدوم تلك الغفلة عليه، فيتحول وجه قلبه كوجه قلب الحمار في قلة عقله للأمور العلوية وعدم فهمه للمعارف. وقال الصادق (ع): " إذا استقبلت القبلة، فآيس من الدنيا وما فيها، والخلق وما هم فيه، واستفرغ قلبك من كل شاغل يشغلك عن الله ـ تعالى ـ، وعاين بسرك عظمة الله ـ عز وجل ـ، واذكر وقوفك بين يديه، قال الله ـ تعالى ـ:
" هنالك تبلو كل نفسٍ ما أَسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق "[5].
وقف على قدم الخوف والرجاء "[6].

القيام

(القيام)
وأما القيام، فهو مثول بالشخص والقلب بين يدي الله ـ سبحانه ـ. فليكن رأسك الذي هو أرفع اعضائك مطرقاً مطأطأ متنكساً، تنبيها للقلب على لزوم التواضع والتذلل والانكسار، والتبري عن التكبر والترؤس. وينبغي أن تتذكر هاهنا خطر المقام بين يدي الله في هول المطلع عند التعرض للسؤال، وتذكر في الحال أنك قائم بين يدي الله وهو مطلع عليك، فليكن قيامك بين يديه على ما يليق بعظمته وجلاله، وإن كنت تعجز عن معرفة كنه جلاله، فلا تجعل مالك الملك والملكوت أنزل من بعض ملوك عصرك، فقم بين يديه قيامك بين يدي ملك زمانك، بل قدر في دوام قيامك في صلاتك انك ملحوظ بعين كالئة من رجل صالح من أهلك، أو ممن ترغب أن يعرفك بالصلاح، فانه تهد عند ذلك أطرافك، وتخشع جوارحك، ويسكن جميع أجزائك، خيفة أن ينسبك ذلك العاجز المسكين إلى قلة الخشوع. وبالجملة: الخضوع والخشوع والاستحياء والانفعال، يقتضيها الطبع بين يدي من يعظم من أبناء الدنيا، فكيف لا يقتضيها بين يدي ملك الملوك عند من يعرفه؟ فمن يكون بين يدي غير الله خاشعاً، ولا يكون بين يدي الله كذلك، فذلك لقصور معرفته عن جلال الله وعن اطلاعه على سره وضميره، وعدم تدبره في قوله ـ تعالى ـ:
" الذي يراك حين تقوم، وتقلبك في الساجدين "[7].
فتبا لمن يدعي معرفة الله والعلم بعظمته وجلاله وحبه والخشية منه، ومع ذلك يستحيي من أحد عبيده المساكين الذي لا يقدر على نفع ولا ضر، ولا يستحيي من الله، ويخشى الناس ولا يخشاه!.

التكبيرات

(التكبيرات)
واما التوجه بالتكبيرات، فينبغي أن تستحضر عندك عظمة الله وجلاله، وصغر نفسك وذلتها في جنب عظمته، وقصورك عن القيام بوظائف خدمته. إذا قلت: (اللهم إنك أنت الملك الحق)، فتذكر عظيم ملكه، عموم قدرته، واستيلاءه على جميع العوالم، ثم ارجع على نفسك بالذل والانكسار. وإذا قلت: (لبيك وسعديك! والخير في يديك، والشر ليس إليك)، مثل نفسك بين يديه، وتيقن أنه اقرب منك من نفسك، ويسمع نداءك، ويجيب دعاءك، وأن خير الدنيا والآخرة بيده لا بيد غيره، وأنه خير محض منزه عن الشر. وإذا قلت: (عبدك وابن عبديك، منك وبك ولك واليك)، فقد اعترفت له بالعبودية، وبأنه ربك وخالقك ومالكك، وموجدك ومخترعك، وانت أثره وفعله، ومنه وجودك، وبه قوامك، وله ملكك، واليه معادك، فأنت منه، فلا يتركك ويرحمك، فألق نفسك الضعيفة العاجزة بين يديه، ووكل امورك في الدنيا والآخرة إليه، ولا تعتمد في مقاصدك إلا عليه، فاحضر في ذهنك في هذه الفقرات وغيرها من الكلمات التي ينطق بها لسانك أمثال هذه الحقائق، وترق منها إلى ما يفتح عليك من الأسرار والدقائق، واحفظ نفسك عن الوقوع في أودية الوساوس والهوى، فتلقى الفيض من العالم الأعلى.

النية

(النية)
وأما النية، فحقيقتها القصد إلى الفعل، وامتثالا لأمر الله، وطلبا لتقربه، ورجاء لثوابه، وخوفا من عقابه. فينبغي أن تجتهد في خلوصها ألا يشوبها غرض دنيوي فتفسد، وحقيقة الإخلاص وما يتعلق بها قد تقدمت مفصلة في محلها. وينبغي أن تتذكر هاهنا عظيم لطفه ومنته عليك، حيث أذنك في المناجاة مع سوء أدبك وكثرة جنايتك، وعظم في نفسك قدر مناجاته. وانظر من تناجي، وكيف تناجي، وبماذا تناجي. وعند هذا ينبغي أن يعرق جبينك من الخجلة، وترتعد فرائصك من الهيبة، ويصفر وجهك من الخوف والخشية.

تكبيرة الاحرام

(تكبيرة الاحرام)
وإذا كبرت تكبيرة الاحرام، تذكر ان معناها: انه ـ تعالى ـ اكبر من ان يوصف، أو اكبر من كل شيء، أو اكبر من أن يدرك بالحواس، أو يقاس بالناس. فانتقل منه إلى غاية عظمته وجلاله، واستناد ما سواه إليه، بالايجاد والاختراع والاخراج من كتم العدم. وينبغي ان تكون على يقين بذلك، حتى لا يكذب لسانك قلبك، فان كان في قلبك شيء هو اكبر من الله ـ تعالى ـ عندك، فالله يشهد أنك كاذب، وان كان الكلام صدقا، كما شهد على المنافقين في قولهم: إن النبي رسول الله. وإن كان هواك اغلب عليك من أمر الله ـ تعالى ـ، وانت اطوع له منك لله ولأمره، فقد اتخذته إلهك وكبرته، فيوشك ان يكون قولك (الله اكبر) كلاما باللسان المجرد، وقد تخلف القلب عن مساعدته، وما اعظم الخطر في ذلك، لولا التوبة والاستغفار وحسن الظن بكرمه ـ تعالى ـ وعفوه. قال الصادق (ع): " فإذا كبرت، فاستصغر ما بين السماوات العلى والثرى دون كبريائه، فان الله ـ تعالى ـ إذا اطلع على قلب العبد وهو يكبر، وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره، قال: يا كذاب أتخدعني؟! وعزتي وجلالي! لأحرمنك حلاوة ذكري، ولأحجبنك عن قربي والمسرة بمناجاتي! "[8]. فاعتبر أنت قلبك حين صلاتك، فان كنت تجد حلاوتها وفي نفسك سرورها وبهجتها، وقلبك مسرور بمناجاته، وملتذ بمخاطباته، فاعلم أنه ـ تعالى ـ قد صدقك في تكبيرك، وان سلبت لذة المناجاة، وحرمت حلاوة العبادة، فاعلم انه تعالى كذبك في تكبيرك، وطردك عن بابه، وابعدك عن جنابه، فابك على نفسك بكاء الثكلى، وبادر إلى العلاج قبل ان تدركك الحسرة العظمى.

دعاء الاستفتاح

(دعاء الاستفتاح)
واما دعاء الاستفتاح، فأول كلماته: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض)، ومعلوم ان المراد بالوجه هنا هو وجه القلب دون الوجه الظاهر، لأن الله سبحانه منزه عن الامكنة والجهات حتى توجه إليه الوجه الظاهر. فأنت تدعي في هذا الكلام ان قلبك متوجه إلى فاطر السماوات والارض، فاياك ان يكون اول مفاتحتك للمناجاة بالكذب والاختلاق، إذ لو كان قلبك متوجها إلى امانيه، وهمه في البيت والسوق، أو واقعا في اودية الوساوس، أو كان غافلا، لم يكن مقبلا على الله متوجها إليه، وكنت كاذبا في اول مخاطبتك مع ربك. فاجتهد ان ينصرف قلبك عما سواه، وتقبل عليه في هذا الوقت، وان عجزت عنه على الدوام، لئلا تكون كاذبا في اول كلامك. وإذا قلت: (حنيفا مسلما)، فاخطر ببالك أن المسلم هو الذي سلم المسلمون من يده ولسانه، فان لم تكن موصوفا بهذا الوصف كنت كاذبا، فاجتهد ان تعزم عليه في الاستقبال، وان تندم على ما سبق من الأحوال. وإذا قلت. (وما انا من المشركين)، فاخطر ببالك الشرك الخفي، وكونه داخلا في الشرك، لاطلاق الشرك على القليل والكثير. فلو قصدت بجزء من عبادتك غير الله، من مدح الناس وطلب المنزلة في قلوبهم، كنت مشركا كاذبا في هذا الكلام. فانف هذا الشرك عن نفسك، واستشعر الخجلة في قلبك، بأن وصفت نفسك بوصف ليست متصفة به في الواقع. وإذا قلت: (محياي ومماتي لله رب العالمين)، فاعلم ان هذا حال عبد مفقود لنفسه، موجود لسيده، فان عن ذاته، باق بربه، بحيث لا يرى لذاته من حيث هي قدرة وقوة، بل يعلم حياته وبقاءه من الله ـ تعالى ـ، ولا تكون حركاته وسكناته إلا لله تعالى. فالقائل بهذا الكلام، إذا رأى لنفسه من حيث هي قدرة واثرا، أو صدر عنه فعل: من الرضا، أو الغضب، أو القيام، أو القعود، أو الرغبة في الحياة، أو الرهبة من الموت لامور الدنيا، كان كاذبا.

الاستعاذة

(الاستعاذة)
فإذا قلت: (اعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، ينبغي ان تعلم ان الشيطان اعدى عدوك، مترصد لصرف قلبك عن الله، حسداً لك على مناجاتك مع الله وسجودك له، مع أنه لعن وطرد عن مقام القرب بترك السجدة. وينبغي ألا تكون استعاذتك بالله منه بمجرد القول، لتكون مثل من قصده سبع أو عدو ليفترسه أو يقتله، فقال: اعوذ منك بهذا الحصن الحصين، هو ثابت على مكانه، فان ذلك لا يفيده ولا ينفعه ما لم يتحرك ويدخل الحصن. فذلك مجرد الاستعاذة لا ينفعه ما لم يترك ما يحب الشيطان، وما لم يأت بما يحبه الله. فمن اتبع الشهوات التي هي محاب الشيطان ومكاره الرحمن، لا يغنيه مجرد القول، فليقترن قوله بالعزم على التعوذ بحصن الله عن شر الشيطان، وحصنه (لا إله إلا الله)، إذ قال: " لا إله إلا الله حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي ". والدخول في حصن (لا إله إلا الله) ليس أيضاً بمجرد التكلم به، بل الاذعان القلبي واليقين القطعي بأن كل معبود سواه باطل، وكل شيء منه وله وبه واليه، ولا مؤثر في الوجود إلا هو. فالمحصن بالتوحيد من لا معبود له سوى الله، واما من اتخذ إله هواه، فهو في ميدان الشيطان لا في حصن الله. ومن مكائد اللعين أن يشغلك في الصلاة بفكر الآخرة، وتدبير فعل الخيرات، لتمنع من الحضور وفهم ما تقرأ، فاعلم أن كل ما يشغلك عن الاقبال إلى الله وعن فهم معاني القرآن والاذكار فهو وسواس، إذ حركة اللسان غير مقصودة، بل المقصود المعاني. واذا قلت : (بسم الله الرحمن الرحيم)، فانوي التبرك لابتدائك بقراءة كلام الله، والمراد بالاسم هنا المسمى، فمعناه أن كل الأشياء والأمور بالله، فيترتب عليه انحصار (الحمد لله)، إذ المراد بالحمد الشكر، والشكر إنما يكون على النعم، فاذ كانت النعم باسرها من الله فيكون منحصراً به، فمن يرى نعمة من غير الله، أو يقصد غيره سبحانه بشكر لا من حيث إنه مسخر من الله، ففي تسميته وتحميده نقصان بقدر التفاته إلى غير الله سبحانه. وإذا قلت: (الرحمن الرحيم)، فاحضر في قلبك أنواع لطفه، وضروب احسانه، لتتضح لك رحمته، فينبعث بها رجاؤك. وإذا قلت: (مالك يوم الدين)، فاستشعر من قلبك التعظيم والخوف، أما العظمة فلأنه لا ملك إلا هو، وأما الخوف فلهول يوم الجزاء والحساب الذي هو مالكه. ثم جدد الإخلاص بقولك: (إياك نعبد). وجدد العجز والافتقار والتبري من الحول والقوة بقولك: (وإياك نستعين)، وتحقق أنه ما تيسرت طاعتك إلا باعانته، وان له المنة، إذ وفقك لطاعته، واستخدمك لعبادته، وجعلك أهلا لمناجاته، ولو حرمك التوفيق لكنت من المطرودين مع الشيطان الرجيم، واستحضر ان الاعانة لا تكون إلا منه، ولا يقدر غيره ان يعين احداً، فاخرج عن قلبك الوسائل والاسباب إلا من حيث إنها مسخرة منه تعالى وإذا قلت: (اهدنا الصراط المستقيم)، فاعلم انه طلب لأهم حاجاتك، وهي الهداية إلى النهج الحق الذي يسوقك إلى جوار الله، ويفضى بك إلى مرضاته، ويوصلك إلى مجاورة من انعم الله عليهم نعمة الهداية من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، دون الذين غضب الله عليهم من الكفار والزائفين من اليهود والنصارى والصابئين. وإذا تلوت (الفاتحة) كذلك، فيشبه ان تكون ممن قال الله فيهم بما اخبر عنه النبي (ص): " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، نصفها لي، ونصفها لعبدي. ويقول العبد: الحمد لله رب العالمين، فيقول الله ـ عز وجل ـ: حمدني عبدي واثنى علي. وهو معنى قوله سمع الله لمن حمده... " إلى آخر الحديث. فان لم يكن لك من صلاتك حظ سوى التذاذك بذكر الله في جلاله وعظمته، فناهيك به غنيمة، فكيف ما ترجوه من ثواب وفضله. وكذلك ينبغي ان تفهم وتخرج الحقائق مما تقرأه من السور، فلا تغفل عن أمره ونهيه، ووعده ووعيده، ومواعظه واخبار أنبيائه، وذكر مننه واحسانه، فلكل واحد حق: فحق الأمر والنهي والعزم وحق الوعد الرجاء، وحق الوعيد الخوف، وحق الموعظة الاتعاظ وحق أخبار الأنبياء الاعتبار، وحق ذكر المنة الشكر، وتكون هذه المعاني بحسب درجات الفهم، ويكون الفهم على حسب العلم وصفاء القلب ودرجات ذلك لا تنحصر. والصلاة مفتاح القلوب، فيها تنكشف أسرار الكلمات. فهذا حق القراءة، وهو ايضاً حق الأذكار والتسبيحات. واعلم ان الناس في القراءة ثلاثة: بعضهم يتحرك لسان وقلبه غافل. وبعضهم يتحرك لسانه وقلبه يتبع اللسان، فيسمع ويفهم منه كأنه يسمعه من غيره، وهو درجة اصاحب اليمين. وبعضهم يسبق قلبه إلى المعاني أولا، ثم يخدم اللسان وقلبه فيترجمه، وفرق بين أن يكون اللسان ترجمان القلب أو يكون معلم القلب، والمقربون السنتهم ترجمان تتبع القلب. ثم ينبغي ان تراعي الهيئة في القراءة، فترتل، ولا تسرد ولا تعجل، فان ذلك أيسر للتأمل، وتفرق بين نعمائه في آية الرحمة والعذاب، والوعد والوعيد، والتمجيد والتعظيم، كان بعضهم إذ ا مر بمثل قوله:
" ما أتخذ الله من ولد وما كان معه من إله "[9].
يغض صوته، كالمستحيى عن ان يذكره بكل شيء. وروى: " انه يقال يوم القيامة لصاحب القرآن اقرأ وارق، فكلما قرأ آية صعد درجة ".

الركوع

(الركوع)
واما الركوع، فينبغي ان تجدد عنده ذكر كبرياء الله، وترفع بذلك معظماً له منبها على غاية عظمته وارتفاعه، وكونه ارفع من ان تصل إليه ايدي العقول والاوهام، ومستجيراً بعفوه من عقابه، وتستأنف بهويك للركوع ذلا وتواضعاً، وتجتهد في ترقيق قلبك وتجديد خشوعك، وتستشعر ذلك وعزه، وضعفك وقوته، وعجزك وقدرته، واتضاعك وعلوه، وتستعين على تقرير ذلك في قلبك بلسانك، فتسبحه وتشهد له بالعظمة، وانه اعظم من كل عظيم، وتكرر ذلك على قلبك لتترسخ فيه عظمته وجلاله، ثم ترفع عن ركوعك راجياً انه راحم ذلك، وتؤكد الرجاء في نفسك بقولك: (سمع الله لمن حمده) أي: اجاب الله لمن شكره، وتتبع ذلك بالشكر المتقاضى للمزيد، فتقول: (الحمد لله رب العالمين)، ثم تزيد في التذلل والخشوع وتعظيم ربك واجلاله، فتقول: (أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت)، روى (الصدوق) ـ (رض) عن أمير المؤمنين (ع): " أنه سئل عن معنى مد العنق في الركوع، فقال (ع): تأويله: آمنت بك ولو ضربت عنقي ". وقال الصادق (ع): " لا يركع عبد لله ركوعاً على الحقيقة، إلا زينه الله بنور بهائه، واظله في ظل كبريائه، وكساه كسوة اصفيائه. والركوع أول، والسجود ثان. فمن اتى بمعنى الأول صلح للثاني. وفي الركوع ادب، وفي السجود قرب، ومن لا يحسن الادب لا يصلح للقرب. فاركع ركوع خاشع لله عز وجل بقلبه، متذلل وجل تحت سلطانه، خافض له بجوارحه خفض خائف حزن على ما يفوته من فائدة الراكعين "[10]. وحكي: " أن ربيع بن خثيم، كان يسهر بالليل إلى الفجر في ركعة واحدة، فإذا اصبح، تزفر وقال: آه! سبق المخلصون وقطع بنا ". واستوف ركوعك باستواء ظهرك، وانحط عن همتك في القيام بخدمته إلا بتأييده وعونه، وفر بقلبك من وساوس الشيطان وخدائعه ومكائده، فان الله يرفع عباده بقدر تواضعهم له، ويهديهم إلى أصول التواضع والخضوع والخشوع بقدر اطلاع عظمته على سرائرهم. 

السجود

(السجود)
وإذا هويت إلى السجود، جدد على قلبك غاية الذل والعجز والانكسار، واذ السجود أعلى درجات الاستكانة، فمكن أعز أعضائك، وهو الوجه، لأذل الأشياء، وهو التراب، ولا تجعل بينهما حاجزاً، بل اسجد على الأرض، لأنه أجلب للخضوع، وأدل على الذل. فإذا وضعت نفسك موضع الذل، والقيتها على التراب، فاعلم أنك وضعتها موضعها، ورددت الفرع إلى اصله، فانك من التراب خلقت، واليه رددت. فعند هذا جدد على قلبك عظمة الله، وقل: (سبحان ربي الأعلى وبحمده)، واكده بالتكرار، إذ المرة الواحدة ضعيفة الآثار، فان رق قلبك، وطهر لبك، فليصدق رجاؤك في رحمة ربك، فان رحمته تتسارع إلى موضع الذل والضعف، لا إلى محل التكبر والبطر. فارفع رأسك مكبراً مستغفراً من ذنوبك، وسائلا حاجتك، ثم اكد التواضع بالتكرار، وعد إلى السجود ثانياً كذلك. وسئل مولانا أمير المؤمنين (ع): عن معنى السجدة الأولى، قال: " تأويلها : اللهم إنك منها خلقتنا ": يعني من الأرض، وتأويل رفع رأسك: " ومنها أخرجتنا " والسجدة الثانية: " واليها تعيدنا "، ورفع رأسك: " ومنها تخرجنا تارة اخرى ". وقال مولانا الصادق (ع): " ما خسر والله ـ تعالى ـ قط من اتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرة واحدة، وما افلح من خلا بربه في مثل ذلك الحال شبيها بمخادع نفسه، غافل لاه عما اعد الله تعالى للساجدين من انس العاجل وراحة الآجل، ولا بعد عن الله تعالى أبداً من احسن تقربه في السجود، ولا قرب إليه أبداً من أساء ادبه وضيع حرمته بتعليق قلبه بسواه في حال سجوده. فاسجد سجود متواضع لله ذليل، علم انه خلق من تراب يطأه الخلق، وانه ركب من نطفة يستقذرها كل أحد، وكون لم يكن، وقد جعل الله معنى السجود سبب التقرب إليه بالقلب والسر والروح، فمن قرب من بعد من غيره، إلا ترى في الظاهر انه لا يستوى حال السجود إلا بالتواري عن جميع الاشياء والاحتجاب عن كل ما تراه العيون؟ كذلك اراد الله تعالى أمر الباطن. فمن كان قلبه متعلقا في صلاته بشيء دون الله تعالى، فهو قريب من ذلك الشيء، بعيد عن حقيقة ما اراد الله منه في صلاته. قال الله تعالى " " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ". وقال رسول الله (ص): " قال الله عز وجل: ما اطلع على قلب عبد فاعلم فيه حبه الإخلاص لطاعتي لوجهي وابتغاء مرضاتي، إلا توليت تقويمه وسياسته، ومن اشتغل في صلاته بغيري فهو من المستهزئين بنفسه واسمه مكتوب في ديوان الخاسرين "[11].
[1]  الأعراف، الآية: 25.
[2]  صححنا الحديث على (مصباح الشريعة): الباب 7/137ـ 138.
[3]  النمل، الآية: 62.
[4]  صححنا الحديث على (مصباح الشريعة): الباب12/140 ـ 141.
[5]  يونس، الآية: 30.
[6]  صححنا الحديث على (مصباح الشريعة): الباب 13/141.
[7]  الشعراء، الآية: 218 ـ 219.
[8]  صححنا الحديث على (مصباح الشريعة): الباب 13/141.
[9]  المؤمنون، الآية: 92.
[10]  صححنا الحديث على الباب15 من (مصباح الشريعة). وعلى (بحار الأنوار): 18/356، باب الركوع وآدابه من كتاب الصلاة. وعلى (المستدرك): 1/325، باب نوادر ما يتعلق بالركوع من كتاب الصلاة أيضا.
[11]  صححنا الحديث على: الباب 16 من (مصباح الشريعة). وعلى (بحار الأنوار): 18/363، باب السجود وآدابه.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page