• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

التواضع ومدحه


(التواضع ومدحه)
قد اشير إلى ان ضد الكبر (التواضع)، وهو انكسار للنفس يمنعها من ان يرى لذاتها مزية على الغير، وتلزمه افعال واقوال موجبة لاستعظام الغير وإكرامه، والمواظبة عليها اقوى معالجة لازالة الكبر. ولا بد من الاشارة إلى الأخبار الواردة في مدح التواضع وفوائده، تحريكا للطالبين إلى السعي في تحصيله الموجب لازالة ضده، وهذه الأخبار كثيرة خارجة عن حد الاحصاء، فنكتفي بايراد بعض منها:
قال رسول الله (ص): " ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ". وقال (ص): " طوبى لمن تواضع في غير مسكنة، وانفق مالاً جمعه من غير معصية، ورحم أهل الذلة والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة ". وروى: " ان الله سبحانه اوحى إلى موسى: إنما اقبل صلاة من تواضع لعظمتي ولم يتعاظم على خلقي وألزم قلبه خوفى وقطع نهاره بذكرى وكف نفسه عن الشهوات من اجلى ". وقال رسول الله (ص) لاصحابه: " مالي لا ارى عليكم حلاوة العبادة! قالوا: وما حلاوة العبادة؟ قال: التواضع ". وقال (ص): " إذا تواضع العبد رفعه الله إلى السماء السابعة". وقال (ص): " إذا هدى الله عبداً الاسلام وحسن صورته وجعله في موضع غير شائن له ورزقه مع ذلك تواضعاً، فذلك من صفوة الله ". وقال (ص): " اربع لا يعطيهن الله إلا من يحبه: الصمت وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع، والزهد في الدنيا ". وقال (ص): " ليعجبني ان يحمل الرجل الشيء في يده يكون مهنة لأهله يدفع به الكبر عن نفسه ". وقال (ص): " من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشة رزقه الله، ومن بذر حرمه الله، ومن اكثر ذكر الموت احبه الله، ومن اكثر ذكر الله اظله الله في جنته ". وروي: " انه أتى رسول الله (ص) ملك، فقال: ان الله تعالى يخيرك ان تكون عبداً رسولا متواضعاً أو ملكا رسولا. فنظر إلى جبرئيل (ع) وأومى بيده ان تواضع، فقال: عبداً متواضعاً رسولا، فقال الرسول ـ يعني الملك ـ: مع انه لا ينقصك مما عند ربك شيئاً ". وقال عيسى بن مريم (ع): " طوبى للمتواضعين في الدنيا! هم اصحاب المنابر يوم القيامة، طوبى للمصلحين بين الناس في الدنيا! هم الذين يرثون الفردوس يوم القيامة: طوبى للمطهرة قلوبهم في الدنيا هم الذين ينظرون إلى الله تعالى يوم القيامة ". وقال (ص): " إن التواضع لايزيد العبد إلا رفعة، فتواضعوا يرحمكم الله ". واوحى الله تعالى إلى داود (ع): " ياداود! كما ان اقرب الناس إلى الله المتواضعون كذلك ابعد الناس من الله المتكبرون ". وروي: " ان سليمان بن داود إذا اصبح تصفح وجوه الاعنياء والاشراف حتى يجىء إلى المساكين فيقعد معهم، ويقول مسكين مع المساكين ". وروي: " انه ورد على أمير المؤمنين (ع) اخوان له مؤمنان، أب وابن، فقام اليهما واكرمهما واجلسهما في صدر مجلسه وجلس بين ايديهما، ثم امر بطعام فأحضر فأكلا منه، ثم جاء قنبر بطست وابريق خشب ومنديل، وجاء ليصب على يد الرجل، فوثب أمير المؤمنين وأخذ الابريق ليصب على يد الرجل، فتمرغ الرجل في التراب، وقال يا أمير المؤمنين! الله يراني وانت تصب على يدي! قال: اقعد واغسل، فان الله ـ عز وجل ـ يراك واخوك الذي لا يتميز منك ولا ينفصل عنك يخدمك، يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة اضعاف عدد أهل الدنيا. فقعد الرجل. وقال له علي (ع): أقسمت عليك بعظيم حقي الذي عرفته لما غسلت مطمئناً كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبر، ففعل الرجل ذلك، فلما فرغ ناول الابريق محمد بن الحنفية، وقال: يا بني! لو كان هذا لابن حضرني دون ابيه لصببت على يده ولكن الله ـ عز وجل ـ يأبى ان يسوى بين ابن وابيه إذا جمعهما مكان، لكن قد صب الاب على الاب فليصب الابن على الابن، فصب محمد بن الحنفية على الابن"[1].
وقال الصادق (ع): " التواضع اصل كل شرف نفيس ومرتبة رفيعة، ولو كان للتواضع لغة يفهمها الخلق لنطق عن حقائق ما في مخفيات العواقب. والتواضع ما يكون لله وفي الله، وما سواه فكبر. ومن تواضع لله شرفه الله على كثير من عباده. ولاهل التواضع سيماء يعرفها أهل السماوات من الملائكة واهل الارض من العارفين. قال الله عز وجل،
" وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم "[2].
واصل التواضع من اجلال الله وهيبته وعظمته. وليس لله عز وجل عبادة يقبلها ويرضاها إلا وبابها التواضع. ولا يعرف ما في معنى حقيقة التواضع إلا المقربون من عباده المستقلين بوحدانيته، قال الله عز وجل:
" وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً "[3].
وقد امر الله ـ عز وجل ـ اعز خلقه وسيد بريته محمداً (ص) بالتواضع، فقال عز وجل:
" واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين "[4].
والتواضع مزرعة الخضوع والخشوع والخشية والحياء، وإنهن لا يأتين إلا منها وفيها، ولا يسلم الشرف التام الحقيقي إلا للمتواضع في ذات الله تعالى[5]. وقال الإمام ابو محمد الحسن بن علي العسكري (ع): " اعرف الناس بحقوق اخوانهم واشدهم قضاء لهم اعظمهم عند الله شأناً، ومن تواضع في الدنيا لاخوانه فهو عند الله من الصديقين ومن شيعة على بن أبى طالب (ع) حقاً "[6].


(التواضع ومدحه)
قد اشير إلى ان ضد الكبر (التواضع)، وهو انكسار للنفس يمنعها من ان يرى لذاتها مزية على الغير، وتلزمه افعال واقوال موجبة لاستعظام الغير وإكرامه، والمواظبة عليها اقوى معالجة لازالة الكبر. ولا بد من الاشارة إلى الأخبار الواردة في مدح التواضع وفوائده، تحريكا للطالبين إلى السعي في تحصيله الموجب لازالة ضده، وهذه الأخبار كثيرة خارجة عن حد الاحصاء، فنكتفي بايراد بعض منها:
قال رسول الله (ص): " ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ". وقال (ص): " طوبى لمن تواضع في غير مسكنة، وانفق مالاً جمعه من غير معصية، ورحم أهل الذلة والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة ". وروى: " ان الله سبحانه اوحى إلى موسى: إنما اقبل صلاة من تواضع لعظمتي ولم يتعاظم على خلقي وألزم قلبه خوفى وقطع نهاره بذكرى وكف نفسه عن الشهوات من اجلى ". وقال رسول الله (ص) لاصحابه: " مالي لا ارى عليكم حلاوة العبادة! قالوا: وما حلاوة العبادة؟ قال: التواضع ". وقال (ص): " إذا تواضع العبد رفعه الله إلى السماء السابعة". وقال (ص): " إذا هدى الله عبداً الاسلام وحسن صورته وجعله في موضع غير شائن له ورزقه مع ذلك تواضعاً، فذلك من صفوة الله ". وقال (ص): " اربع لا يعطيهن الله إلا من يحبه: الصمت وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع، والزهد في الدنيا ". وقال (ص): " ليعجبني ان يحمل الرجل الشيء في يده يكون مهنة لأهله يدفع به الكبر عن نفسه ". وقال (ص): " من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر خفضه الله، ومن اقتصد في معيشة رزقه الله، ومن بذر حرمه الله، ومن اكثر ذكر الموت احبه الله، ومن اكثر ذكر الله اظله الله في جنته ". وروي: " انه أتى رسول الله (ص) ملك، فقال: ان الله تعالى يخيرك ان تكون عبداً رسولا متواضعاً أو ملكا رسولا. فنظر إلى جبرئيل (ع) وأومى بيده ان تواضع، فقال: عبداً متواضعاً رسولا، فقال الرسول ـ يعني الملك ـ: مع انه لا ينقصك مما عند ربك شيئاً ". وقال عيسى بن مريم (ع): " طوبى للمتواضعين في الدنيا! هم اصحاب المنابر يوم القيامة، طوبى للمصلحين بين الناس في الدنيا! هم الذين يرثون الفردوس يوم القيامة: طوبى للمطهرة قلوبهم في الدنيا هم الذين ينظرون إلى الله تعالى يوم القيامة ". وقال (ص): " إن التواضع لايزيد العبد إلا رفعة، فتواضعوا يرحمكم الله ". واوحى الله تعالى إلى داود (ع): " ياداود! كما ان اقرب الناس إلى الله المتواضعون كذلك ابعد الناس من الله المتكبرون ". وروي: " ان سليمان بن داود إذا اصبح تصفح وجوه الاعنياء والاشراف حتى يجىء إلى المساكين فيقعد معهم، ويقول مسكين مع المساكين ". وروي: " انه ورد على أمير المؤمنين (ع) اخوان له مؤمنان، أب وابن، فقام اليهما واكرمهما واجلسهما في صدر مجلسه وجلس بين ايديهما، ثم امر بطعام فأحضر فأكلا منه، ثم جاء قنبر بطست وابريق خشب ومنديل، وجاء ليصب على يد الرجل، فوثب أمير المؤمنين وأخذ الابريق ليصب على يد الرجل، فتمرغ الرجل في التراب، وقال يا أمير المؤمنين! الله يراني وانت تصب على يدي! قال: اقعد واغسل، فان الله ـ عز وجل ـ يراك واخوك الذي لا يتميز منك ولا ينفصل عنك يخدمك، يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة اضعاف عدد أهل الدنيا. فقعد الرجل. وقال له علي (ع): أقسمت عليك بعظيم حقي الذي عرفته لما غسلت مطمئناً كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبر، ففعل الرجل ذلك، فلما فرغ ناول الابريق محمد بن الحنفية، وقال: يا بني! لو كان هذا لابن حضرني دون ابيه لصببت على يده ولكن الله ـ عز وجل ـ يأبى ان يسوى بين ابن وابيه إذا جمعهما مكان، لكن قد صب الاب على الاب فليصب الابن على الابن، فصب محمد بن الحنفية على الابن"[1].
وقال الصادق (ع): " التواضع اصل كل شرف نفيس ومرتبة رفيعة، ولو كان للتواضع لغة يفهمها الخلق لنطق عن حقائق ما في مخفيات العواقب. والتواضع ما يكون لله وفي الله، وما سواه فكبر. ومن تواضع لله شرفه الله على كثير من عباده. ولاهل التواضع سيماء يعرفها أهل السماوات من الملائكة واهل الارض من العارفين. قال الله عز وجل،
" وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم "[2].
واصل التواضع من اجلال الله وهيبته وعظمته. وليس لله عز وجل عبادة يقبلها ويرضاها إلا وبابها التواضع. ولا يعرف ما في معنى حقيقة التواضع إلا المقربون من عباده المستقلين بوحدانيته، قال الله عز وجل:
" وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً "[3].
وقد امر الله ـ عز وجل ـ اعز خلقه وسيد بريته محمداً (ص) بالتواضع، فقال عز وجل:
" واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين "[4].
والتواضع مزرعة الخضوع والخشوع والخشية والحياء، وإنهن لا يأتين إلا منها وفيها، ولا يسلم الشرف التام الحقيقي إلا للمتواضع في ذات الله تعالى[5]. وقال الإمام ابو محمد الحسن بن علي العسكري (ع): " اعرف الناس بحقوق اخوانهم واشدهم قضاء لهم اعظمهم عند الله شأناً، ومن تواضع في الدنيا لاخوانه فهو عند الله من الصديقين ومن شيعة على بن أبى طالب (ع) حقاً "[6].

الذلة

(الذلة)
لما عرفت ان كل فضيلة وسط له طرفان مذمومان، فأحد طرفي التواضع (الكبر) ـ كما عرفت ـ وهو من طرف الافراط، وآخرهما (الذلة) والتخاسس وهو من طرف التفريط. فكما ان الكبر مذموم، فكذلك المذلة والتخاسس أيضاًً مذموم، إذ كلا طرفي الامور ذميم، والمحمود: هو التواضع من دون الخروج إلى شيء من الطرفين، إذ أحب الامور إلى الله اوسطها، وهو ان يعطي كل ذي حق حقه، وهو العدل، فلو وقع في طرف النقصان فليرفع نفسه إذ ليس للمؤمن ان يذل نفسه، فالعالم إذا دخل عليه اسكاف فخلى له مجلسه واجلسه فيه، وترك تعليمه وافادته، وإذا قام عدا إلى الباب خلفه، فقد تخاسس وتذلل، وهو غير محمود، بل هو رذيلة في طرف التفريط. فاللازم إذا وقع فيه ان يرفع نفسه إلى ان يعود إلى الوسط الذي هو الصراط المستقيم فان العدل ان يتواضع بمثل ماذكر لأمثاله ولمن يقرب درجته. فاما تواضعه للسوقي، فبالبشر في الكلام، والرفق في السؤال، واجابة دعوته، والسعي في حاجته، وامثال ذلك، وألا يرى نفسه خيراً منه، نظراً إلى خطر الخاتمة.
ثم ينبغي ألا يتواضع للمتكبرين، إذ الانكسار والتذلل لمن يتكبر ويتعزز مع كونه من التخاسس والمذله المذمومة يوجب اضلال هذا المتكبر، وتقريره على تكبره، وإذا لم يتواضع له الناس وتكبروا عليه ربما تنبه وترك التكبر، إذ المتكبر لا يرضى بتحمل المذلة والاهانة من الناس، ولذا قال رسول الله (ص): " إذا رأيتم المتواضعين من امتي فتواضعوا لهم، وإذا رأيتم المتكبرين فتكبروا عليهم، فان ذلك لهم مذلة وصغار".

الافتخار

الافتخار
أي المباهاة باللسان بما توهمه كمالا، والغالب كون المباهاة بالامور الخارجة عن ذاته، وهو بعض اصناف التكبر ـ كما اشير إليه ـ فكل ما ورد في ذمه يدل على ذمه، والاسباب الباعثة عليه هي اسباب التكبر. وقد تقدم ان شيئاً منها لا يصلح لان يكون منشأ للافتخار، فهو ناش من محض الجهل والسفاهة. قال سيد الساجدين (ع): " عجباً للمتكبر الفخور الذي كان بالامس نطفة ثم (هو)[7] غداً جيفة ". وقال الباقر (ع): " عجباً للمختال الفخور، وانما خلق من نطفة ثم يعود جيفة، وهو فيما بين ذلك لا يدري ما يصنع به ". وقال (ع): " صعد رسول الله (ص): المنبر يوم فتح مكة، فقال: ايها الناس! ان الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إنكم من آدم وآدم من طين، ألا ان خير عباد الله عبد اتقاه ". وقال له (ع) عقبة بن بشير الاسدي: انا في الحسب الضخم عزيز في قومي، فقال له: " تمن علينا بحسبك! إن الله تعالى رفع بالايمان من كان الناس يسمونه وضيعاً إذا كان مؤمناً، ووضع بالكفر من كان الناس يسمونه شريفاً إذا كان كافراً. فليس لأحد فضل على احد إلا بتقوى الله ". وقال الصادق (ع): " قال رسول الله (ص) آفة الحسب الافتخار والعجب " وقال (ع): " اتى رسول الله (ص) رجل فقال يا رسول الله! انا فلان بن فلان... حتى عد تسعة، فقال رسول الله: اما انك عاشرهم في النار! ". ونقل: ان قريشاً تفاخروا عند سلمان، فقال: " لكني خلقت من نطفة قذرة ثم اعود جيفة منتنة ثم إلى الميزان، فان ثقل فانا كريم وان خف فأنا لئيم ". ثم ضده استحقار نفسه وترجيح غيره عليها بالقول.

البغي

البغي
ويسمى البذخ ايصا، وهو صعوبة الانقياد والتابعية لمن يجب ان ينقاد (له)، وقد فسر بمطلق العلو والاستطالة، سواء تحقق في ضمن عدم الانقياد لمن يجب ان ينقاد (له)، أو في ضمن احد أفعال الكبر، أو في ضمن الظلم والتعدي على الغير. وعلى أي تقدير هو افحش انواع الكبر إذ عدم الانقياد لمن يجب ان ينقاد (له) ـ كالانبياء وأوصيائهم ـ يؤدي إلى الكفر الموجب للهلاك الابدي. ولقد هلك بذلك أكثر طوائف الكفار، كاليهود والنصارى وكفار قريش وغيرهم. وكذا الظلم والتعدي على المسلم وإذلاله بالمقهورية والمغلوبية من المهلكات العظيمة، ولذا ورد في ذمه ما ورد، قال رسول الله (ص): " ان أعجل الشر عقوبة البغي ". وقال (ص): " حق على الله عز وجل ألا يبغي شيء على شيء إلا أذله الله، ولو ان جبلاً بغى على جبل لهد الله الباغي منهما ". وقال أمير المؤمنين (ع): " ايها الناس! ان البغي يقود اصحابه إلى النار. وان اول من بغى على الله عناق بنت آدم، واول قتيل قتله الله عناق، وكان مجلسها جريبا في جريب، وكان لها عشرون اصبعاً في كل اصبع ظفران مثل المنجلين، فسلط الله عليها اسداً كالفيل، وذئباً كالبعير، ونسراً كالبغل، فقتلنها. وقد قتل الله تعالى الجبابرة على أفضل احوالهم وآمن ما كانوا ". وقال الصادق (ع): " يقول ابليس لجنوده: القوا بينهم الحسد والبغي فانهما يعدلان عند الله الشرك ". وكتب (ع) إلى بعض اصحابه: " انظر ألا تكلمن بكلمة بغي أبداًً، وان اعجبتك نفسك وعشيرتك ".
وعلاجه: ان يتذكر ـ اولا ـ هذه الأخبار الواردة في ذمه، و ـ ثانياً ـ ماورد في مدح ضده ـ اعني التسليم والانقياد لمن يلزم اطاعته وتابعيته ـ كقولهم (ع): " شيعتنا المسلمون ". والآيات والاخبار الواردة في وجوب اطاعة الله واطاعة النبي (ص) واولي الامر، وغيرهم من العلماء والفقهاء الذين هم نواب الائمة في زمن الغيبة. وبعد ذلك يكلف نفسه التابعية والاطاعة لمن يجب ان يطاع، ويتخضع له قولاً وفعلا، حتى يصير ذلك له ملكة.

تزكية النفس

تزكية النفس
أي نفي النقائص عنها، واثبات الكمالات لها. وهو من نتائج العجب. وقبحه اظهر من ان يخفى. إذ من عرف حقيقة الامكان، ثم اطلع على خلق الإنسان، يعلم انه عين القصور والنقصان، فلا يطلق بمدح نفسه اللسان. على انه يتضمن بخصوصه قبحاً يشهد به الذوق والوجدان، ولذا قال أمير المؤمنين (ع): " تزكية المرء لنفسه قبيحة ". وقد تقدم مايكفيك لمعرفة حقارة الإنسان وخساسته.
ثم ضد التزكية عدم تبرئة نفسه من العيوب والاقرار بها واثبات النقائص لها، فإذا كلف نفسه عليه وفعل ذلك مرات متوالية، يصير معتاداً له، ويزول عنه ما اعتاده من مدح نفسه.

العصبية

العصبية
وهي السعي في حماية نفسه أو ماله إليه نسبة: من الدين، والاقارب، والعشائر، واهل البلد، قولا أو فعلا: فان كان ما يحميه ويدفع عنه السوء مما يلزم حفظه وحمايته، وكانت حمايته بالحق من دون خروج من الانصاف والوقوع في مالا يجوز شرعاً، فهو الغيرة الممدوحة التي هي من فضائل قوة الغضب ـ كما مر ـ. وان كان مما يلزم حمايته، أو كانت حمايته بالباطل، بأن يخرج عن الانصاف وارتكب ما يحرم شرعاً، فهو التعصب المذموم، وهو من رداءة قوة الغضب. والى ذلك يشير كلام سيد الساجدين (ع) حيث سئل عن العصبية، فقال: " العصبية التي يأثم عليها صاحبها: ان يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية ان يحب الرجل قومه، ولكن من العصبية ان يعين قومه على الظلم ".
والغالب اطلاق العصبية في الأخبار على التعصب المذموم، لذا ورد بها الذم، كقول النبي (ص): " من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربق الإيمان من عنقه ". وقوله (ص): " من كان في قلبه حبة من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع اعراب الجاهلية ". وقال السجاد (ع): " لم يدخل الجنة حمية عير حمية حمزة بن عبد المطلب، وذلك حين أسلم عصباً للنبي (ص) في حديث السلى الذي ألقي على النبي (ص) ". وقال الصادق (ع): " ان الملائكة كانوا يحسبون ان ابليس منهم، وكان في علم الله انه ليس منهم، فاستخرج ما في نفسه بالحمية والعصب، فقال:
" خلقتني من نار وخلقته من طين "[8]

كتمان الحق

كتمان الحق
والانحراف عنه. وباعثه إما العصبية أو الجبن، فهو من نتائج واحدة منهما، فعلى (الاول) يكون من رذائل قوة الغضب من جانب الافراط، وعلى (الثاني) يكون من رذائلها من جانب التفريط، وربما كان الباعث في بعض افراده الطمع المالي، إلا ان الظاهر كون الفاعل المباشر النفس مع رداءة قوة الغضب، كما في نفس الغضب وغيره، إذ ما لم يحصل في النفس ضعف وفي القوة الغضبية خمود لم يتحقق كتمان الحق. ويندرج تحته الميل في الحكم، وكتمان الشهادة، وشهادة الزور، ووتصديق المبطل، وتكذيب المحق، وغير ذلك.
والظواهر الدالة على ذمه مطلقاً، وعلى كل واحد من الاصناف المندرجة تحته كثيرة، ولا حاجة إلى ذكرها لا شتهارها. وعلاج العصبية وكتمان الحق: أن يتذكر ـ أولاً ـ ايجابهما لسخط الله ومقته، وربما تأديا إلى الكفر، وـ ثانياً ـ فوائد ضدهما، أعني الانصاف والاستقامة على الحق. وبعد ذلك يكلف نفسه على اظهار ما هو الحق والعمل به، ولو بالمشقة الشديدة، إلى ان يصير ذلك عادة له، فيزول عن نفسه ما صار لها ملكة من التعصب وكتمان الحق.

الانصاف والاستقامة على الحق

(الانصاف والاستقامة على الحق)
لما كان ضدهما الانصاف والاستقامة على الحق، فلنشر إلى بعض ماورد في مدحهما تحريكا للطالبين إلى الاخذ بهما، قال رسول (ص): " لايستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال: الانفاق من الاقتار، والانصاف من نفسه، وبذل السلام ". وكان (ص) يقول في آخر خطبته: " طوبى لمن طاب خلقه، وطهرت سجيته، وصلحت سريرته، وحسنت علانيته، وانفق الفضل من ماله، وامسك الفضل من قوله، وانصف الناس من نفسه ". وقال (ص): " سيد الاعمال انصاف الناس من نفسك... " إلى آخره. وقال (ص): من واسى الفقير من ماله وانصف الناس من نفسه، فذلك المؤمن حقاً ". وقال (ص): " ثلاث خصال من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: رجل اعطى الناس عن نفسه ماهو سائلهم... " الحديث. وقال أمير المؤمنين (ع) في كلام له: " ألا إنه من ينصف من نفسه لم يزده الله إلا عزاً ". وقال الصادق (ع): " من يضمن لي أربعة باربعة ابيات في الجنة: انفق ولا تخف فقراً، وافش السلام في العالم، واترك المراء وان كنت محقاً، وانصف الناس من نفسك ". وقال (ع): " ألا اخبركم بأشد ما فرض الله على خلقه؟ ". فذكر ثلاثة اشياء أولها: " إنصاف الناس من نفسك ". وقال (ع): " من انصف الناس من نفسه رضى به حكماً لغيره ". وقال (ع): " ما تدارى اثنان في امر قط فاعطى أحد النصف صاحبه فلم يقبل منه إلا أديل منه ". وقال (ع): " ثلاث هم أقرب الخلق إلى الله تعالى يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه على ان يحيف على من تحت يده، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع احدهما على الآخر بعشيرة، ورجل قال بالحق فيما له وعليه ". وقال (ع): " ان لله جنة لا يدخلها إلا ثلاثة،احدهم من حكم في نفسه بالحق "[9].

القساوة

القساوة
وهي ملكة عدم التأثر عن تألم أبناء النوع. ولاريب في كونه ناشئا من غلبة السبعية، واكثر ذمائم الصفات: من الظلم والايذاء، وعدم اغاثة المظلومين، وعدم مواساة الفقراء والمحتاجين وغير ذلك يترتب عليه. وضده الرحمة والرقة، وهو التأثر عن مشاهدة تألم ابناء نوعه، ويترتب عليه من الصفات المرضية اضداد ما ذكر. وقد ورد به المدح والترغيب في الأخبار الكثيرة، كقول النبي (ص): " يقول الله تعالى: اطلبوا الفضل من الرحماء من عبادي تعيشوا في اكنافهم، فاني جعلت فيهم رحمتي. ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم، فاني جعلت فيهم سخطى". وكقول الصادق (ع): " اتقوا الله وكونوا اخوة بررة متحابين في الله متواصلين متراحمين... الخ ". وقوله (ع): " تواصلوا وتباروا وتراحموا وكونوا اخوة بررة كما امركم الله ". وقوله (ع): " يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض، حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل: رحماء بينهم متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الانصار على عهد رسول الله (ص) ". وقد ورد: ان من ترحم على العباد يرحمه الله. الأخبار الواردة في فضيلة مطلق الرحمة وفي فضيلة خصوص كل واحد واحد فيما يندرج تحته: من اعانة المحتاج، واغاثة المظلوم، ومواساة الفقير، والاغتمام بمصائب المؤمنين، وأمثال ذلك، اكثر من ان تحصى.
ثم ان ازالة القساوة واكتساب الرحمة في غاية الاشكال، إذ القساوة صفة راسخة في القلب لا يقدر على تركها بسهولة، فطريق العلاج ان يترك لوازمها وآثارها من الافعال الظاهرة، ويواظب على ما يترتب على الرحمة من الصفات الاختيارية، ويكلف نفسه على ذلك حتى يرتفع على التدريج مبدأ الأولى ويحصل مبدأ الثانية.

[1]  روي هذا الحديث في البحار ـ في الجزء الرابع من المجلد الخامس عشر ص149 باب التواضع ـ عن الاحتجاج والتفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (ع).
[2]  الاعراف، الآية: 46.
[3]  الفرقان، الآية: 63.
[4]  الشعراء، الآية: 215.
[5]  روى هذا الحديث في البحار أيضاًً في الموضع المتقدم عن مصباع الشريعة.
[6]  هذا الحديث من نفس الحديث المتقدم عن الاحتجاج والتفسير المنسوب إلى الإمام.
[7]  في بعض نسخ الكافي في باب الفخر والكبر زيادة كلمة (هو).
[8]  الاعراف، الآية: 12. ص، الآية: 76.
[9]  هذا الحديث رواه في الكافي في باب الانصاف والعدل عن الباقر (ع).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page