• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عودا إلى فدك

فلنعد لما كنا عليه من البحث والحوار، أقول: أنصفونا! هل بعد ثبوت التطهير الإلهي لفاطمة وعلي (ع)، وعلم القوم بأن الله تعالى طهرهما وابنيهما من الأرجاس والمساوئ الظاهرية والباطنية، وعصمهم من كل صغيرة وكبيرة بنص القرآن الحكيم، فهل كان يجدر بأبي بكر أم كان يحق له أن يرد فاطمة، ويرد شهادة الإمام علي (ع) في حقها!!؟ أما كان ردهما ردا على الله سبحانه وتعالى؟!
فكيف يقبل ادعاء جابر بن عبدالله الأنصاري وهو ـ مع تقديرنا لمواقفه واحترامنا له ـ ليس إلا صحابي جليل، ولم ينزل قرآن في شأنه، ولا طهره الله تعالى من الرجس؟! ولكنه يرد فاطمة وعليا (ع) ولا يقبل كلامهما في حق ثابت كثبوت الشمس في وسط النهار!!
الحافظ: لا يمكن لنا أن نقبل، بأن أبا بكر.. وهو ذلك الصحابي الجليل والمؤمن الصديق، غصب فدكا!! أو أنه أخذه من فاطمة بغير دليل!! إذ أن كل إنسان عاقل يعمل من وراء القصد، فالخليفة أبو بكر بعد أن كانت أموال بيت المال تحت تصرفه، ما كان بحاجة إلى فدك وغيرها، حتى نقول انه اخذ فدكا لحاجة إليها، فما عسانا أن نقول فيه إلا أنه أخذها ليحق الحق، ولأنه كان يعتقد بأنها فيء المسلمين.
قلت: أولا: أثبتت فاطمة (ع) في خطبها وكلامها وبإقامة الشهود ، أن فدكا لها وليست فيئا للمسلمين، وأنها نحلة من رسول الله (ص) لها. وقد مر ذلك في حوارنا وهو أمر ثابت عند كل ذي وجدان وذي إنصاف وإيمان.
ثانيا: لم يقل أحد بأن أبا بكر غصب فدكا لاحتياجه إليها، وإنما غصبها ليترك أهل البيت وهم فاطمة وبعلها وابناهما الحسن والحسين ضعفاء ماديا ليس في أيديهما شيء من المال، فأبو بكر وأعوانه كانوا يعلمون أن عليا (ع) غني بالمعنويات وكفته راجحة في الدين والإيمان والعلم والعقل والفضائل والمناقب وما إلى ذلك.
فلو ملك المال واستغنى به إلى جنب الغناء المعنوي، التف الناس حوله ولم يرضوا بغيره، فلذلك غصبوهم فدكا وحرموهم من الخمس الذي خصه الله تعالى في كتابه الحكيم لهم فقال سبحانه: ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل)(115) الخ.
وقد جعل الله تعالى ذلك ليرفع شأنهم ومقامهم بين الناس فلا يحتاجون ولا يفتقرون إليهم بل يعيشون معززين ومكرمين بالحق الذي جعل الله عز وجل لهم، ولأنه حرم عليهم الصدقات والزكوات فعوضهم بالخمس، ولكن شاء الله... وشاءوا!!
فمنعوهم الخمس بحجة أن الخمس يجب أن يصرف في شراء الأسلحة ولوازم الحرب والجهاد(116).
قال محمد بن إدريس الشافعي في كتاب الأم ص 69: وأما آل محمد الذين جعل لهم الخمس عوضا من الصدقة فلا يعطون من الصدقات المفروضات شيئا قل أو كثر ، لا يحل لهم أن يأخذوها ولا يجزي عمن يعطيهموها إذا عرفهم.
إلى أن يقول: وليس منعهم حقهم في الخمس يحل لهم ما حرم عليهم من الصدقة.
الحافظ: الإمام الشافعي رحمه الله يقول: يجب أن يقسم الخمس إلى خمسة أقسام سهم لرسول الله (ص) وهو يصرف في مصالح المسلمين، وسهم يعطى لذوي القربى وهم آل محمد (ص) وثلاثة سهام تصرف على الأيتام والمساكين وأبناء السبيل.
قلت: أجمع العلماء والمفسرون أن آية الخمس حين نزلت قال رسول الله (ص): أبشروا آل محمد بالغنى. فالآية نزلت في حق آل محمد وتخصص خمس الغنائم لآل محمد (ص).
وكان النبي يقسم خمس الغنائم على آله وأهل بيته، ولذلك فإن رأي علماء الإمامية تبعا لأئمة أهل البيت (ع) هو أن الخمس يقسم إلى ستة سهام سهم الله سبحانه وتعالى، وسهم للنبي (ص) وسهم لذوي القربى. هذه السهام الثلاثة باختيار النبي (ص) ومن بعده تكون باختيار الإمام والخليفة الذي نص عليه، وهو يصرفها في مصالح المسلمين حسب رأيه الصائب، والسهام الثلاثة الأخرى تصرف على الأيتام والمساكين وأبناء السبيل من الهاشميين لا غيرهم، ولكن بعد وفاة رسول الله (ص) منعوا سهم بني هاشم وحقهم من الخمس، كما يصرح بذلك كثير من أعلامكم ومفسريكم في تفسير آية الخمس، منهم: جلال الدين السيوطي في تفسير الدر المنثور: ج3، والطبري في تفسيره، والثعلبي في كشف البيان، وجار الله الزمخشري في تفسيره الكشاف، والقوشجي في شرح التجريد، والنسائي في كتابه الفيء وغيرهم. فكلهم يعترفون بأنه بعد وفاة النبي (ص) حرموا بين هاشم من الخمس، وقد كان رسول الله (ص) يعطيهم في حياته ويقسم الخمس عليهم.
الحافظ: أما تجيزون للمجتهد أن يعمل برأيه؟ ولقد كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما مجتهدين فعملا بنظرهما وهو انضمام فدك لبيت مال المسلمين وصرف حاصله في المصالح العامة، وكذلك الخمس!!
قلت: أولا: من أين ثبت اجتهاد الشيخين؟
هذا ادعاء يحتاج إلى دليل، إذ ليس كل الصحابة كانوا مجتهدين.
ثم إن رأي المجتهد يجزي إذا لم يكن نص بخلافة فإذا كان هناك نص في القرآن واجتهد أحد على خلاف ذلك وهو يعلم بوجود ذلك النص، فقد تبع الهوى وضل عن الحق، ومن حاول توجيه ذلك الاجتهاد مقابل النص فهو ضال أيضا، لقوله عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا)(117).
ثم لا بد للمجتهد من إقامة دليل معقول على أساس الكتاب والسنة الشريفة على رأيه، فإذا أبدى رأيا من غير دليل معقول وغير مستند إلى القرآن والسنة النبوية، فهو غير مجتهد قطعا.
والمجتهد الذي يجوز للمسلمين أن يتبعوه ويأخذوا برأيه، إنما هو المجتهد الذي يكون مطيعا لله عز وجل عاملا بكتاب الله سبحانه وآخذا بما جاء به النبي الكريم (ص)، ويكون صائنا لنفسه مخالفا لهواه ومجانبا للدنيا وزينتها، فقيها وعالما تقيا، عارفا بأحكام الدين ومصالح المسلمين.
ليت شعري، بأي دليل اجتهادي رد أبو بكر شهادة علي (ع) وهو الذي جعله الله شاهدا على ما جاء به النبي (ص) وكفى به شاهدا.
إذ قال سبحانه: ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) (118).
فالنبي (ص) على بينة من ربه والشاهد الإمام علي (ع).
الحافظ: ولكن الروايات تقول: إن رسول الله هو صاحب البينة وشاهده القرآن الكريم. فلا أدري بأي دليل قلتم: بأن الشاهد علي كرم الله وجهه؟
قلت: أعوذ بالله تعالى من أن أفسر القرآن برأيي، وإنما نقلت لكم قول أئمة أهل البيت (ع)، وهو أيضا رأي كثير من أعلامكم ومفسريكم، وهم قد نقلوا في ذلك ما يقارب من ثلاثين حديثا، منهم: أبو اسحاق الثعلبي في تفسيره روى ثلاثة أحاديث في ذلك، والسيوطي في الدر المنثور، عن ابن مردويه وابن أبي حاتم وأبي نعين الحافظ، وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين روى ذلك بثلاثة أسانيد ، والحافظ سليمان القندوزي روى ونقل في الباب 26 عن الثعلبي والحمويني والخطيب الخوارزمي وأبي نعيم والواقدي وابن المغازلي عن ابن عباس وجابر بن عبد الله وغيرهما.
والحافظ أبو نعيم روى ذلك عن ثلاث طرق، والطبري وابن المغازلي وابن أبي الحديد ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في الباب 62 من كتاب كفاية الطالب وغير هؤلاء جمع كبير كلهم ذهبوا إلى أن الشاهد في الآية الكريمة هو الإمام علي (ع) وقد قال النبي (ص): علي مني وأنا من علي، وقال الله سبحانه: (ويتلوه شاهد منه) ومع هذا كله، لا أدري بأي وجه شرعي ردوا شهادة علي في حق فاطمة (ع)؟
ردوه بحجة: أنه يجر النفع إلى نفسه!! وهو الذي طلق الدنيا ثلاثا، وكان أزهد الناس فيها، يشهد له ذلك الصديق والعدو.
ولكن الذين حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها وحرصوا على الرئاسة والملك، افتروا عليه واتهموه، وقالوا فيه ما لا يليق إلا بهم.
فتارة قالوا: إنه ثعالة شهيده ذنبه!!
وتارة قالوا: إنه يجر النفع إلى نفسه!
ولكنه كظم غيظه وصبر على مضض، حتى قال (ع) في الخطبة الشقشقية المروية في نهج البلاغة وهي الخطبة رقم 3: فطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ!! فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَذا أَحْجَى، فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً... الخ.
ويقول في الخطبة رقم 5 من نهج البلاغة:... وَ اللَّهِ لَا بْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ!! من هذا الكلام والبيان نعرف مدى انضجاره من الوضع المؤسف وهو في محراب العبادة وفي حال الصلاة نادى: فزت ورب الكعبة!
نعم بهذه الجملة القصيرة عبر عن حقائق كثيرة، وبين انه ارتاح من هموم وغموم كانت متراكمة على قلبه الشريف، من جفاء قوم آخرين وتحريف الدين وتغيير سنن سيد المرسلين!!
ارتاح من هموم وغموم تراكمت على فلبه المقدس من أعمال الناكثين ، وجنايات القاسطين، وجرائم المارقين.
وكم تحمل من الأذى والظلم من الذين كانوا يدعون صحبة رسول الله ومرافقته!!
وكم خالفوه وقاتلوه وسبوه وشتموه ولعنوه على منابر الإسلام وفي مجاميع المسلمين!!
وأنتم أيها العلماء تعرفون كل ذلك، وتعلمون علم اليقين أن عليا كان نفس رسول الله (ص) بنص القرآن الحكيم وحديث الرسول الكريم حيث قال: " من آذى عليا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله ". إن السلف سمعوا ذلك من رسول الله (ص) في حق علي (ع) إلا أنهم أخفوه عن المسلمين وألبسوا عليهم الحقائق وأضلوهم عن سبيل الله وعن الصراط المستقيم!!
وقد آل الأمر اليوم إليكم، فأنصفوا واتقوا الله واليوم الآخر، ولا تتبعوا الهوى واتركوا التعصب لدين الآباء ومذهب السلف، (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)(119)! فإن الناس من العامة ينظرون إليكم ويأخذون بأقوالكم فلا تسكنوا عن بيان الحقائق، انقلوا للناس ما رواه علماؤكم، وحدثوهم بما حدث أعلامكم وكتبوا في كتبهم في شأن الإمام علي (ع) وأهل بيته المظلومين!

_________________________
115- سورة الانفال، الآية 41.‏
116- إن هذا الموضوع وهو منع ذوي القربى حقهم من الخمس موضوع مهم، اذ نرى ‏المانعين خالفوا أمر الله سبحانه وظلموا آل محمد (صلى الله عليه وآله). وإنا لأهمية ‏الموضوع نذكر بعض ما ذكره ورواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ‏ج16/ص230 و231 / طبع دار احياء الكتب العربية / قال: واعلم أنالناس يظنون أن ‏نزاع فاطمة أبا بكر كان في أمرين في الميراث و النحلة و قد وجدت في الحديث أنها ‏نازعت ونقل عن ابي بكر الجوهري بسنده عن أبي الاسود عن عروة قال: أرادت ‏فاطمة أبا بكر على فدك وسهم ذوي القربى، فأبى عليها وجعلهما في مال الله ‏تعالى. في أمر ثالث، ومنعها أبو بكر إياها أيضا وهو سهم ذوي القربى.‏
ونقل ايضا عن الجوهري بسنده عن أبي الضحاك عن الحسن بن محمد بن علي بن ‏أبي طالب (ع): أن أبا بكر منع فاطمة وبني هاشم سهم ذوي القربى وجعله في ‏سبيل الله في السلاح والكراع.‏
أقول: وهناك روايات كثيرة في الموضوع ذكرها المحدثون في كتبهم لا مجال ‏لذكرها، ورعاية للاختصلر اكتفينا بهذا القليل. ‏
((المترجم))
117- سورة الاحزاب، الآية 36.‏
118- سورة هود، الآية 17.‏
119- سورة البقرة، الآية 42.‏


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page