شبابه إلى زواجه
أجمع المؤرّخون وأهل السير أنّ النبي محمّد (ص) كان في جميع مراحل حياته، من طفولته، إلى صباه، إلى شبابه يتقدّم بخطى واسعة نحو الخصال الحميدة بنبله، ومكارم أخلاقه، علاوة على نضارة شبابه، وصحّة جسمه، وكمال عقله.
لقد أصبح محمّد (ص) في ريعان شبابه مليءَ السمع والبصر فكان عونا ً لأعمامه وللضعفاء والمظلومين، فاشترك في حلف الفضول[1] ، وكانت الغاية من هذا الحلف نصرة المظلوم، والوقوف في وجه العدوان من أي مصدرٍ كان.
وقد اشتهر (ص) بصدقه وأمانته حتـّى لقـّب بالصادق الأمين، وكان الناس يودعون أماناتهم لديه، وقد أشار إلى تلك الصفات جعفر بن أبي طالب بقوله: «بعث الله إلينا رسولا ً منّا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه»[2] .
وقد وصفه الإمام علي (ع) بقوله: «ولقد قرن الله به من لدن كان فطيما ً أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره»[3] .
هذا، وقد مدحه الله عزّوجل في كتابه حيث قال: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[4] . وكان يشارك الناس في أعمال الخير، وكان يعمل في التجارة، فقد سافر سفرة ثانية إلى الشام في تجارة إلى خديجة، وكان في الخامسة والعشرين من عمره، فربح في تجارته أضعاف ما كان يربحه غيره، وظهرت له في سفره كرامات باهرة، وبالنتيجة أسفرت هذه المشاركة التجارية عن تزويجه بها (رض).
[1] تاريخ اليعقوبي 2: 17.
[2] السيرة النبوية – لابن مقام – 1: 359.
[3] نهج البلاغة: الخطبة التاسعة: 192.
[4] القلم: 4.