• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المدرسة.. المؤسسة (التلمذة)

المدرسة.. المؤسسة (التلمذة)

لم يكتفِ الإمام الباقر (عليه السلام) بنقل الرواية والحديث بل لجأ إلى التأسيس، تأسيس مدرسة، تأسيس منهج وطريقة جديدة بل متجددة، محياة بعد محاولة إماتة وطمس.. واعتمد لتحقيق ذلك أساليب لعلّ أهمها في التأسيس تربية (كادر) مؤهل لحفظ أمانة المؤسسة والمنهج والطريقة.
ولقد خرّج الإمام (عليه السلام) فضلاً عن المئات بل الآلاف ممن تتلمذ على يديه وسمع روايته وعلمه، خرّج تلامذة فحولاً في العلم والمعرفة والرواية.
خطّ لهم الدرب وسيرهم برعاية الله وأسُسُ أنوار المذهب والولاية.
ومن الذين تخرّجوا من مدرسته وحملوا آثارها إلى مختلف الأقطار:
 أبان بن تغلب.. الذي عاصر ثلاثة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وأخذ عنهم (السجاد والباقر والصادق).. وأخذ عنه (عن الباقر) أكثر مما أخذ عنهما... كان مقدماً في كل فن من العلوم.. منها الفقه والحديث والأدب واللغة والنحو.
ألّف كتباً كثيرة منها كتاب في تفسير غريب القرآن.
وقال له الإمام الباقر(عليه السلام): ((اجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك)).
ولقد بلغ من علم أبان هذا وفضله أنه قد وثّقه علماء السنّة ومحدثوهم مع اعترافهم بتشيعه، ووصفه الذهبي في ميزان الاعتدال (بالصلابة في تشيعه وصدق الحديث...) (9).
ومن أعيان مدرسة الإمام الباقر(عليه السلام) زرارة بن أعين وكان مرجعاً في الفقه والرواية على مذهب أهل البيت (عليهم السلام).
قال الإمام الصادق (عليه السلام) فيه وفي جماعة من أصحابه:((لولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا الفقه، هؤلاء حفّاظ الدين وأمناء أبي الباقر (عليه السلام) على حلاله وحرامه وهم السابقون إلينا في الدنيا والآخرة)).
وعن الإمام الكاظم (عليه السلام): ((إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمد (عليهما السلام) فيقوم عبد الله بن شريك العامري، وزرارة بن أعين، وبريد بن معاوية العجلي، ومحمد بن مسلم الثقفي، وليث بن البختري المراديّ، وعبد الله ابن أبي يعفور، وعامر بن عبد الله بن جذاعة، وحجر بن زائدة، وحمران بن أعين)) (البحار / ج46 / ص344).
وقال الصادق(عليه السلام): ((لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي الباقر(عليه السلام))) (10).
فلقد اهتم الإمام زين العابدين (عليه السلام) ومن ثم الإمامان الباقر والصادق (عليهما السلام) بالخصوص ـ لمناسبة مرحلتهما أكثر لذلك ـ اهتموا بتأسيس المدرسة والتفرغ للتدريس والتعليم، والاهتمام بتخريج أمناء ثقاة عدول صلحاء علماء يعتمدون عليهم في العلم والرواية ويرجع شيعتهم إليهم في مسائلهم في سائر الأمصار... ولقد بلغ من شدة اهتمام الباقر (عليه السلام) بذلك العلم وتعليمه وتأصيله في نفوس تلامذته بالخصوص أن فرغ وقتاً يخاله المرء مبالغاً فيه لكثرة ما علّم وأجاب على المسائل.
يقول محمد بن مسلم: (ما شجر في رأيي شيء إلاّ سألت عنه أبا جعفر الباقر حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث، وسألت ولده أبا عبد الله عن ستة عشر ألف حديث).
وجابر الجعفي روى عن الإمام الباقر(عليه السلام) نحواً من خمسين ألف حديث في مختلف المواضيع كما نصت على ذلك المؤلفات في أحوال الرواة(11).
ويقول السيد هاشم معروف الحسني بعد نقل ذلك: (ولو افترضنا وليس ببعيد أن هذا العدد مبالغ فيه، فمما لا ريب فيه في أنه (جابر) كان قد أكثر من الرواية عنه (عن الباقر(عليه السلام))، وقلما يجد المتتبع باباً من أبواب الفقه وغيره من المواضيع الإسلامية إلاّ ويجد له (لجابر) رواية أو أكثر فيه).
ولعلّ أهم وأبرز تلامذة وحواريي الإمام الباقر(عليه السلام) مع هؤلاء:
الفضيل بن يسار وأبو بصير الأسدي، وجرير بن عبد الله، وعبد الله بن جندب، وعلي بن النعمان، وصفوان الجمال، وعبد الله بن شريك العامري، وبريد أو (يزيد) بن معاوية العجلي، ومحمد بن مسلم الثقفي، وعبد الله بن أبي يعفور وعامر بن عبد الله بن جذاعة، وحجر بن زائدة، وحمران بن أعين وغيرهم.
ولم يكن دور الإمام الباقر(عليه السلام) مقتصراً على الفقه والحديث، بل كان هو وأصحابه يناظرون في أصول الإسلام ويحاولون تركيزها في النفوس حتى لا تتعرض لما أثير في ذلك العصر من الجدل والنزاع في أصول العقائد(12).
هذه إطلالة على بعض جهود الإمام الباقر(عليه السلام) رغم المآسي والمحن والابتلاءات التي عايشها مع جده وأبيه(عليهما السلام) ومع شيعته وأهل بيته... جهود لإعادة إحياء ما طمس من فكر الإسلام، ولتوضيح ما أبلس وأشكل على الأمّة... ولضخ النبع الصافي لعلوم أهل البيت (عليهم السلام) وتشييد أعمدة الفقه والعلم لمذهب التوحيد والولاية.
سعى جاهداً بنفسه، وربّى جيلاً عالماً (فلقد أدرك الحسن بن علي الوشّاء تسعمائة شيخ في مسجد الكوفة يتدارسون ويروون الحديث عن جعفر بن محمد وأبيه(عليهما السلام)).
ولقد كانت له مناظرات مع المخالفين لرأيه ومع الخوارج وحتى مع أهل البدع يوضح فيها الإسلام ويبين كيف السبيل والمنهج إلى الله والهدى.
وخير ما نختم به ما جاء في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق حيث روي أنه:
 (جاءه أحد الخوارج وقال له: يا أبا جعفر أي شيء تعبد؟ قال له:((أعبد الله))، فقال: هل رأيته؟ قال:
((لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يعرف بالقياس، ولا يدرك بالحواس، ولا يشبه الناس، موصوف بالآيات، لا يجور في حكم، ذلك هو الله لا إله إلاّ هو))، فخرج الرجل وهو يقول:
(اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ))(14).
وما جاء في كتاب سيرة الأئمة الاثني عشر ص229: حيث يرسم الإمام(عليه السلام) الصورة المثالية ويحدد النموذج الراقي والحضاري والمتمدن لخطّ التشيع:
((والله ما شيعتنا إلاّ من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون إلاّ بالتواضع والتخشع، وأداء الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبرّ بالوالدين، وتعهّد الجيران من الفقراء وذوي المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلاّ من خير)).
((إنما شيعة علي(عليه السلام) المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، المتزاورون لاحياء الدين، إذا غضبوا لم يظلموا، وإذا رضوا لم يسرفوا، بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا)).

______________________

(9) سيرة الأئمة / ص205.

(10) م. ن. ص206.

(11) م. ن. ص207 و209.

(12) م. ن. ص211.

(13) م. ن. ص201.

(14) م. ن. ص212.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page