• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

موقف للإمام (عليه السلام) إزاء الأحداث السياسية

موقف للإمام (عليه السلام) إزاء الأحداث السياسية

ويمكن تلخيص الموقف السياسي الذي خطّه الإمام (عليه السلام) إزاء الأحداث وإزاء العروض التي تقدّمت بها جماعات موالية واُخرى متعاطفة في نقطتين :
الاُولى : موقفه من العروض التي تقدّمت بها فئات مختلفة من الاُمة.
الثانية : تأكيده على الموقف المبدئي وتحذير الشيعة من الموقف الانفعالي والانجراف وراء الأحداث .
1 ـ موقف الإمام(عليه السلام) من العروض التي قدمت له:
1 ـ موقف الإمام(عليه السلام) من العروض التي قدمت له:
العرض الأوّل : روي عن عبد الحميد بن أبي الديلم أنه قال: كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام) فأتاه كتاب عبد السلام بن عبد الرحمن بن نعيم، وكتاب الفيض بن المختار وسليمان بن خالد يخبرونه أنّ الكوفة شاغرة [1]
برجلها وأنه إن أمَرَهُم أن يأخذوها أخذوها. فلمّا قرأ (عليه السلام) كتابهم رمى به، ثمّ قال: ما أنا لهؤلاء بإمام، أما علموا أنّ صاحبهم السفياني؟ [2]
.
العرض الثاني:هو الذي تقدّم به جماعة من منطقة خراسان إلى الإمام الصادق(عليه السلام) ولم يكن في الحقيقة عرضاً من أجل الثورة ودعوة الناس لمبايعة الإمام (عليه السلام) وإنّما كان استفساراً حول الدعوة التي قد أشاعها شخص كان قد جاء من الكوفة وادّعى أنّه يمثّل الإمام وهو رسوله إليهم.
لنستمع الى كلام راوي الحدث ـ الحارث بن حصيرة الازدي ـ حيث قال : قدم رجل من أهل الكوفة الى خراسان فدعا الناس إلى ولاية جعفر بن محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ففرقة أطاعته وأجابت، وفرقة جحدت وأنكرت، وفرقة ورعت ووقفت. قال: فخرج من كلّ فرقة رجل فدخلوا على أبي عبدالله(عليه السلام) ـوقد كان في بعض القوم جارية فخلا بها الرجل الذي كان يعرف بالورع ووقع عليها ـ فلما دخلنا على أبي عبدالله (عليه السلام) وكان الرجل الذي خلا بالجارية هو المتكلم فقال لأبي عبدالله(عليه السلام): أصلحك الله قدم علينا رجل من أهل الكوفة فدعا الناس إلى طاعتك وولايتك فأجاب قوم، وأنكر قوم ، وورع قوم ووقفوا. قال: فمن أيّ الثلاث أنت؟ قال: أنا من الفرقة التي ورعت ووقفت قال: فأين كان ورعك ليلة كذا وكذا ؟ قال: فارتاب الرجل [3]
.
العرض الثالث : أوضح الإمام الصادق (عليه السلام) سياسته في هذه المرحلة أمام حشد من معارضي الاُمويين واشار بشكل غير مباشر إلى الخلل العقائدي والفكري والأهداف التي كان يسعى لها بعض عناصر المعارضة . نلاحظ ذلك فيما روي أن عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وغيرهم من كبار المعتزلة التقوا بالإمام الصادق (عليه السلام) وطرحوا عليه فكرة القيام بالثورة والاستيلاء على الحكم وطلبوا منه التأييد لهم والانضمام معهم .
هنا لم يجب الإمام على نفس السؤال ولم يلبّ طلبهم وإنّما عالج مسألة اُخرى هي أهمّ من الاستجابة لطلبهم مستخدماً نفس الطريقة السابقة; فإنّ العمل المسلّح لا ينفع إذا كانت نوازع الثائرين لا تختلف عن مباني نوازع الاُمويين في الحكم ولهذا شخّص الإمام (عليه السلام) لهؤلاء الداء الذي سبّب تلك العواقب المظلمة والانحرافات التي ألمّت بالمجتمع الاسلامي .
والحدث كما يرويه لنا عبد الكريم بن عتبة الهاشمي هو كما يلي :
قال: كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) بمكة إذ دخل عليه اُناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وحفص بن سالم واُناس من رؤسائهم، وذلك حين قتل الوليد بن يزيد واختلف أهل الشام بينهم، فتكلّموا فأكثروا، وخطبوا فأطالوا، فقال لهم أبو عبدالله جعفر بن محمد (عليه السلام) : إنّكم قد أكثرتم عليَّ فأطلتم ، فأسندوا أمركم إلى رجل منكم، فليتكلّم بحجتكم وليوجز. فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد، فأبلغ وأطال فكان فيما قال: قتل أهل الشام خليفتهم ، وضرب الله بعضهم ببعض وتشتّت أمرهم، فنظرنا فوجدنا رجلاً له دين وعقل ومروة ، ومعدن للخلافة ، وهو محمد بن عبدالله بن الحسن، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه، ثم نظهر أمرنا معه، وندعوا الناس اليه، فمن بايعه كنّا معه، وكان منّا، ومن اعتزلناكففنا عنه، ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه، ونرده إلى الحق وأهله، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فإنّه لا غنى بنا عن مثلك، لفضلك وكثرة شيعتك.
فلمّا فرغ ، قال أبو عبدالله (عليه السلام): أكلّكم على مثل ما قال عمرو ؟ قالوا : نعم .
فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) واحتج عليهم بحجج ثم أقبل على عمرو ، وقال: إتّق الله يا عمرو ، وأنتم أيها الرهط ، فاتّقوا الله فإنّ أبي حدّثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنّة رسوله : أنّ رسول الله (6) قال: « من ضرب الناس بسفه ودعاهم إلى نفسه، وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلّف» [4]
.
فهؤلاء مع اعترافهم بفضل الإمام (عليه السلام) وتقدّمه على من سواه كيف كانوا يفكّرون في مبايعة غيره ويتوقّعون تأييد الإمام (عليه السلام) لهم؟! وقد دعاهم إلى أمر معقول ومشروع فلا بدّ لهم من إعادة النظر فيما يريدون الإقدام عليه .
النقطة الثانية : التأكيد على الموقف المبدئي وتحذير الشيعة من المواقف الانفعالية .
2 ـ الإمام(عليه السلام) يحذّر الشيعة من المواقف الانفعالية
ولايضاح هذه النقطة نطالع النماذج التالية:
النموذج الأوّل : ويتضمن تأكيد الإمام (عليه السلام) على التثبت والتحقيق وعدم التسرّع في الاستجابة لكل من يرفع شعار الثورة حتى ولو كان هذا الشعار هو شعار أهل البيت (عليهم السلام); لأن الانسان إن لم يتثبّت لكان هو الخاسر ولكانت الخسارة عظيمة جداً; لانه سوف يخسر الحياة التي سيحاسب على صغيرها وكبيرها وسوف لا ينفعه الندم والتوبة إن قتل ; لاعلى بيّنة أو دليل قوي.
وفي هذا خير تحذير من الاختراقات السياسية التي كانت تحاول توظيف الوجود الشيعي لصالحها وتدّعي بأن لها صلة بالإمام لكنها في الحقيقة كانت تريد الاستغفال .
لنقرأ ما جاء عن عيص بن القاسم حين قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له ، اُنظروا لأنفسكم فوالله إنّ الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي ، فإذا وجد رجلاً هو أعلم بغنمه من الّذي هو فيها، يخرجه ويجي بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها، والله لو كانت لأحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرّب بها ثم كانت الاُخرى باقية فعمل على ما قد استبان لها. ولكن له نفس واحدة إذا ذهبت، فقد والله ذهبت التوبة، فأنتم أحق أن تختاروا لأنفسكم. إن أتاكم آت منّا فانظروا على أي شيء تخرجون [5]
.
النموذج الثاني : وفيه يشير الإمام (عليه السلام) الى أن المرحلة أحوج ما تكون الى النماذج الصالحة والقدوة الحسنة لترفد المجتمع بسلوكها الصالح وفكرها الصائب .
فعن عمر بن أبان قال: سمعت أبا عبدالله يقول: «يا معشر الشيعة إنكم نُسِبْتُم إلينا ، كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً، ما يمنعكم أن تكونوا مثل أصحاب علي رضوان الله عليه في الناس ؟ ! إن كان الرجل منهم ليكون في القبيلة ، فيكون إمامهم ومؤذّنهم، وصاحب أماناتهم وودائعهم . عُودوا مَرضاهم، واشهَدوا جنائزهم وصَلّوا في مساجِدِهم ولا يسبقوكم إلى خير، فأنتم ـ والله ـ أحقّ منهم به » [6]
.
2 ـ الوضع الفكري
2 ـ الوضع الفكري
إنّ الظواهر الفكرية والعقائدية السائدة في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) ـمثل الزندقة ، الغلّو ، والاعتزال ، والجبر ، والرأي ، وما نتج عنها من ظهور صيغ جديدة لفهم الرسالة في مجال الفقه وتفسير الحديث والقرآن الكريمـ . لم تكن وليدة الظرف الّذي عاصره الإمام ولم تجيي بالمصادفة ، وإنما يعود وجودها الى ذلك المنهج الّذي خطه الأمويون ومن سبقهم من الخلفاء الذين اجتنبوا منهج أهل البيت (عليهم السلام) وسلكوا طريقاً آخر طيلة عشرة عقود أو اكثر ، فعكس للأجيال صورة مزيّفة عن الدين لا يتجاوز كونه أداة موجهة بيد الحكّام يحمون به سلطانهم ويوظّفونه حسب ما تتطلبه سياستهم، ضد المستضعفين حين أصبح المسلم آنذاك لا يرى إلاّ الصورة المقيتة عن الدين، ولهذا كانت الزندقة ردّة فعل لهذا الانحراف بعد تلاعب الحكام بالدين وقد لقيت رواجاً في هذا الوسط الديني المضطرب والملي بالمفاهيم الخاطئة.
إنّ اضطراب الموازين والقيم قد أدى الى التشكيك حتى في السُنّة النبوية بل في فهم الكتاب الإلهي العظيم والركون الى الرأي والاستحسان والتجاوز عن مداليل النصوص المأثورة بلا قانون علمي قويم.
فاذا أردنا أن نحاكم الأفكار المنحرفة التي انتشرت في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) كان علينا أن نعرف الخلفيات التي انتهت بالاُمة الى هذا الاضطراب .
من هنا نتناول مفردات من المنهج الاُموي التحريفي ودوره التخريبي في فهم القرآن والسنة وحوادث التاريخ، مقتصرين على ذكر بعض النماذج في كل مجال .

_________________________________
[1]
شاغرة: شغر البلد شغوراً: إذا خلى من حافظ يمنعه.
[2]
اختيار معرفة الرجال : 2 / 641 / ح662، بحار الأنوار : 47 / 351.
[3]
بصائر الدرجات : 264 / ح 5 ، وبحار الأنوار : 47 / 72 .
[4]
الكافي : 2 / 118 ، و 5 / 23 ، بحار الأنوار: 47 / 213 ـ 216 ح2 و 3 .
[5]
الكافي : 8 / 264 .
[6]
مشكاة الانوار : 67 ، والكافي : 2 / 293 ، ووسائل الشيعة: 1 / 52 .

 

سؤال النصراني منه عن تعداد عظام الانسان

مفاهيم إسلامية في فكر الإمام الصادق

الإمام الصادق (عليه السلام) والفن

رجال صنعهم الإمام الصادق

معرفته باللغات


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page