• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الإمــام علــي (ع) يواجه المحنــة (أصحاب النبي (ص) يدافعون عن الإمام (ع))

الإمــام علــي (ع) يواجه المحنــة
أصحاب النبي (ص) يدافعون عن الإمام (ع) :

ولكن .. كيف دافع أصحاب النبي عن حق الإمام في الخلافة ؟.
الكتب التاريخية حفظت لنا عشرات الحوادث في ذلك . بيد أن القصة التالية تبدو جامعة حيث احتج كبار الأصحاب على تغيير السلطة بأدلة قوية . كما أنها تروي أيضاً جانباً هامّاً من تاريخ الإمام علي (ع) .. والإمام الصادق يروي تفاصيل هذه الحادثة التاريخية في حديث مفصل نُثبته هنا ليعكس لنا حالة الأمة آنذاك .
وحيث اجتمع فريق من أصحاب رسول اللـه ، فيهم سلمان الفارسي ، وأبوذر ، والمقداد بن الاسود ، وبريرة الأسلمي ، وعمار بن ياسر ، وآخرون إلى الإمام (ع) فقالوا :
يا أمير المؤمنين تركتَ حقّاً أنت أحق به وأولى منه ، لأنا سمعنا رسول اللـه (ص) يقول : عليٌّ مع الحق ، والحق مع علي ، يميل مع الحق كيف مال .
ولقد هممنا أن نصير إليه فننزله عن منبر رسول اللـه (ص) فجئناك نستشيرك ونستطلع رأيك فيما تأمرنا . فقال أمير المؤمنين (ع) :
وأيم اللـه لو فعلتم ذلك لَمَا كنتم لهم إلاّ حرباً ، ولكنكم كالملح في الزاد ، وكالكحل في العين ، وأيم اللـه لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين أسيافكم مستعدين للحرب والقتال ، إذاً لأتوني فقالوا لي بايع ، وإلاّ قتلناك ، فلابدّ من أن أدفع القوم عن نفسي . وذلك أن رسول اللـه (ص) أوعز إليَّ قبل وفاته وقال لي : يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك بعدي ، وتنقض فيك عهدي . وإنك مني بمنزلة هارون من موسى ، وإن الأمة من بعدي بمنزلة هارون ومن اتَّبعه ، والسامري ومن اتَّبعه .
فقلت يا رسول اللـه فما تعهد إليَّ إذا كان ذلك ؟. فقال :
إن وجدت أعواناً فبادر إليهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعواناً كُفَّ يدَك واحقنْ دمَك حتى تلحق بي مظلوماً .
ولما توفي رسول اللـه (ص) اشتغلتُ بغسله وتكفينه والفراغ من شأنه ، ثم آليتُ يميناً أن لا أرتدي إلاّ للصلاة حتى أجمع القرآن ، ففعلت . ثم أخذت بيد فاطمة وابْنَيَّ الحسن والحسين فدرت على أهل بدر وأهل السابقة فناشدتهم حقي ودعوتهم إلى نُصرتي ، فما أجابني منهم إلاّ أربعة رهط منهم سلمان وعمار والمقداد وأبوذر [27]. ولقد راودت في ذلك تقييد بيّنتي ، فاتقوا اللـه على السكوت لِمَا علمتم من وَغْر صدور القوم ، وبُغضهم لله ولرسوله ولأهل بيت نبيه (ص) . فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل فعرِّفوه ما سمعتم من قول رسولكم (ص) ليكون ذلك أوكد للحجة ، وأبلغ للعذر ، وأبعد لهم من رسول اللـه (ص) إذا وردوا عليه .
فسار القوم حتى أحدقوا بمنبر رسول اللـه (ص) وكان يوم الجمعة ، فلما صعد أبو بكر المنبر قال المهاجرون للأنصار تقدموا فتكلّموا ، وقال الأنصار للمهاجرين : بل تكلموا أنتم ، فإن اللـه عزَّ وجلَّ أدناكم في كتابه إذ قال اللـه :
« لَقَد تَابَ اللـه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالاَنْصَارِ » (التوبة/117)
قال ابان : فقلت له : يابن رسول اللـه ، إن العامَّة لاتقرأ كما عندك ، فقال : وكيف تقرأ يا ابان ؟ قال : إنها تقرأ .
« لَقَد تَابَ اللـه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالاَنْصَارِ » (التوبة/117)
فقال : ويلهم وأي ذنب كان لرسول اللـه (ص) حتى تـاب اللـه عليه منه ، إنما تاب اللـه به على أمته .
فأول من تكلم به خالد بن سعيد بن العاص ، ثم باقي المهاجرين ، ثم من بعدهم الأنصار . وروي أنهم كانــــوا غُيَّباً عن وفاة رسول اللـه (ص) فقدِموا وقد تولى أبو بكر وهم يومئذ أعلام مسجد رســــول اللـه (ص)
فقام خالد بن سعيد بن العاص [28]وقال :
إِتقِ اللـه يا أبا بكر ، فقد علمتَ أن رسول اللـه (ص) قال ونحن محتوشوه يوم قريظة حين فتح اللـه له وقد قَتَلَ عليٌّ يومئذ عدة من صناديد رجالهم ، وأولي البأس والنجدة منهم :
يا معاشر المهاجرين والأنصار ، إني موصيكم بوصية فاحفظوها ومودعكم أمراً فاحفظوه ، ألاَ إن علي بن أبي طالب (ع) أميركم بعدي ، وخليفتي فيكم ، بذلك أوصاني ربي ، ألاَ وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي وتوازروه وتنصروه اختلفتم في أحكامكم ، واضطرب عليكم أمرُ دينكم ، وَ وَلِيَكُمْ شِرارُكم . ألاَ إن أهل بيتي هم الوارثون لأمري ، والعالِمون بأمر أمتي من بعدي . اللـهم مَن أطاعهم من أمتي ، وحفظ فيهم وصيتي ، فاحشرهم في زُمرتي ، واجعل لهم نصيباً من مرافقتي ، يدركون به نور الآخرة . اللـهم ومَن أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض .
فقال له عمر بن الخطاب : اسكت يــا خالد فلست من اهل المشورة ، ولا ممن يقتدى برأيه . فقال خالد : اسكت يا ابن الخطاب فإنك تنطق عن لسان غيرك . وأيم اللـه لقد علمتْ قريش أنك من أَلأَمها حسباً ، وأدناها منصباً ، وأخسّها قدراً ، وأخملها ذِكْراً ، وأقلهم غَناء عن اللـه ورسلوه . وأنك لَجبان في الحروب ، بخيل بالمال ، لئيم العنصر ، مالك في قريش من فخر ، ولا في الحروب من ذِكْر ، وإنك في هذا الأمر بمنزلة الشيطان إذ قال للإنسان اكفر ، فلما كفر قال إني بريء منك ، إني أخاف اللـه رب العالمين ، فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدَينِ فيها ، وذلك جزاء الظالمين ، فأبلس عمر ، وجلس خالد بن سعيد .
2- ثم قام سلمان الفارسي [29]وقال : كرديد ونكرديد ( وندانيد جه كرديد ) أي فعلتم ولم تفعلوا ( وما علمتم ما فعلتم ) وامتنع من البيعة قبل ذلك حتى وُجِيءَ عنقه ، فقال : يا أبا بكر إلى من تسند أمرك إذا نــــزل مالا تعرفه ، وإلى من تفزع إذا سئلت عما لا تعلمه ، وما عذرك في تقدم من هو أعلم منك وأقــــرب إلــــى
رسول اللـه (ص) وأعلم بتأويل كتاب اللـه عزَّ وجلَّ وسنّة نبيه ، ومَن قدَّمه النبي (ص) في حياته ، وأوصاكم به عند وفاته ، فنبذتم قوله ، وتناسيتم وصيته ، وأخلفتم الوعد ، ونقضتم العهد ، وحللتم العقد الذي كان عقده عليكم من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد حذراً من مثل ما أتيتموه ، وتنبيهاً للأمة على عظيم ما اجترحتموه من مخالفة أمره ، فعن قليل يصفو لك الأمر وقد أثقلك الوزر ونقلت إلى قبرك ، وحملت معك ما اكتسبت يداك ، فلو راجعت الحق من قُرب وتلافيت نفسك ، وتبت إلى اللـه من عظيم ما اجترمـت ، كان ذلك أقرب إلى نجاتك يوم تفرد في حفرتك ويسلمك ذوو نصرتك ، فقد سمعت كما سمعنا، ورأيت كمــــا رأينــــا ، فلم يردعك ذلك عمـــا أنت متشبث به من هــــذا الأمــر الذي لا عذر لك في تقلُّـــده ولا حـــظَّ
للدين والمسلمين في قيامك به ، فاللـه اللـه في نفسك ، فقد أعذر من أنذر ، ولا تكن كمن أدبر واستكبر .
3- ثم قام أبو ذر فقال : يا معاشر قريش أصبتم قباحةً وتركتم قرابـــــــة ، واللـه لترتدنَّ جماعة من العــــرب [30] ولتشكن في هذا الدين ، ولو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم ما اختلف عليكم سيفان . واللـه لقد صارت لمن غلب ولتطمحنَّ إليها عين من ليس من أهلها ، وليسفكن في طلبها دماء كثيرة ، فكان كما قال أبو ذر رضوان اللـه عليه .
ثم قال لقد علمتم وعلم خياركم أن رسول اللـه (ص) قال :
الأمر بعدي لعليِّ ثم ، لإبنَيَّ الحسن والحسين ، ثم للطاهرين من ذُرِّيتي .
فأطرحتم قول نبيكم وتناسيتم ما عهد به إليكم ، فأطعتم الدنيا الفانية ، وبعتم الآخرة الباقية التي لايهرم شبابها ، ولا يزول نعيمها ، ولا يحزن أهلها ، ولا يموت سكانها ، بالحقير التافه الفاني الزائل ، وكذلك الأمم من قبلكم كفرت بعد أنبيائها ، ونكصت على أعقابها ، وغيرت وبدّلت ، واختلفت ، فساوَيْتُموهم حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة وعما قليل تذوقون وبال أمركم ، وتجزون بما قدمت أيديكم ، وما اللـه بظلام للعبيد .
4- ثم قام المقداد بن الأسود وقال : ارجع يا أبا بكر عن ظلمك ، وتب إلى ربك ، والزم بيتك ، وابكِ على خطيئتك ، وسلم الأمر لصاحبه الذي هو أولى به منك ، فقد علمت ما عقده رسول اللـه (ص) في عنقك من بيعته ، وألْزَمك من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد وهو مولاه ، ونبّه على بطلان وجوب هذا الأمر لك ولمن عضدك عليه بضمه لكما إلى علَم النفاق ومعدن الشنآن والشقاق عمرو بن العاص الذي أنزل اللـه تعالى فيه على نبيه (ص) :
« إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الاَبْتَرُ » (الكَوثَر/3)
فلا اختلاف بين أهل العلم أنها نزلت في عمرو - وهو كان أميراً عليكما وعلى سائر المنافقين في الوقت الذي انفذه رسول اللـه (ص) في غزاة ذات السلاسل [31] وإن عمراً قلدكما حرس عسكره فمن الحرس إلى الخلافة ؟ إتّقِ اللـه وبادر الاستقالة قــبل فوتها ، فإن ذلك اسلم في حياتك وبعد وفاتك ، ولا تركن إلى دنياك ، ولا تغررك قريش وغيرها ، فعن قليل تضمحل عنك دنياك ، ثم تصير إلى ربك فيجزيك بعملك . وقد علمت وتيقَّنت أن عليَّ بن أبي طالب (ع) صاحب هذا الأمر بعد رسول اللـه (ص) فسلِّمه إليه بما جعله اللـه له فإنه أتم لسترك وأخفُّ لوزرك ، فقد واللـه نصحت لك إن قبلت نُصحي ، وإلى اللـه ترجع الأمور .
5- ثم قام بريدة الأسلمي [32] فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ، ماذا لقي الحق من الباطل يا أبا بكر ؟ أنسيت أم تناسيت أم خدعتك نفسك وسوّلت لك الأباطيل ؟ أولم تذكر ما أمرنا به رسول اللـه (ص) من تسمية علي (ع) بإمره المؤمنين ، والنبي بين أظهرنا ، وقوله في عدة أوقات : هذا أمير المؤمنين ، وقاتل القاسطين ؟ فاتَّقِ اللـه وتَداركْ نفسك قبل أن لا تُدركها وأنقذها مما يهلكها ، واردد الأمر إلى من هو أحق به منك ، ولا تتمادَ في اغتصابه . وراجع وأنت تستطيع أن تراجع ، فقد محصتُك النصح ، ودللتك على طريق النجاة ، فلا تكونن ظهيراً للمجرمين .
6- ثم قام عمار بن ياسر فقال : يا معاشر قريش يا معاشر المسلمين ، إن كنتم علمتم وإلاّ فاعلموا أن أهـــــل بيت نبيكم أولى به وأحق بارثه ، وأقْوَمُ بأمور الدين وآمن على المؤمنين ، وأحفظ لملته ، وأنصح لأمته ، فمروا صاحبكم فليردَّ الحق إلى أهله قبل أن يضطرب حبلكم ، ويضعف أمركم ، ويظفر عدوكم ، ويظهر شتاتكم وتعظم الفتنة بكم ، وتختلفون فيما بينكم ، ويطمع فيكم عدوكم ، فقد علمتم أن بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم ، وعلي من بينهم وليكم بعهد اللـه وبعهد رسوله ، وفرق ظاهر قد عرفتموه في حال بعد حال عندما سدَّ النبي (ص) أبوابكم التي كانت إلى المسجد فسدها كلها غير بابه [33] وإيثاره إياه بكريمتــــه فاطمة دون سائر من خطبها إليه منكم ، وقوله (ص) : أنا مدينة العلم وعليٌّ بابهـا ، فمــــن أراد الحكمة فليأتها من بابها .

________________________________
([27]) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : ج 1 ص 131 : ومن كتاب معاوية المشهور إلى علي (ع) : وأعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلاً على حمار ويدك في يدي ابنَيك الحسن والحسين يوم بويع أبو بكر الصديق ، فلم تدع أحداً من اهل بدر والسوابق إلاّ دعوتهم إلى نفسك ومشيت إليهم يأمرانك ، وأدليت إليهم بابنيك ، واستنصرتهم على صاحب رسول اللـه ، فلم يجيبك منهم إلاّ أربعة أو خمسة .
([28]) قال ابن الأثير في أسد الغابة : خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي ، يكنى أبا سعيد ، كان من السابقين إلى الإسلام ثالثاً أو رابعاً بعثه رسول اللـه عاملاً على صدقات اليمن وقيل على صدقات مذحج وعلى صنعاء فتوفي النبيُّ (ص) وهو عليها ولم يزل خالد وأخَوَاه عمرو وأبان على أعمالهم التي استعملهم عليها رسول اللـه (ص) حتى توفي رسول اللـه فرجعوا عن أعمالهم فقـال لهم أبو بكر : مالكم رجعتم ؟ ما أحد أحق بالعمل من عمال رسول اللـه . ارجعوا إلى أعمالكم . فقالوا : نحن بنو أبي أحيحة لانعمل لأحد بعد رسول اللـه أبداً . وكان خالد على اليمن ، وأبان على البحرين، وعمرو على تيماء ، وتأخر خالد وأخوه أبانُ عن بيعة أبي بكر فقال لبني هاشم : إنكم لطوال الشجر طيِّبوا الثمر ، ونحن لكم تبع ، فلما بايع بنو هاشم أبا بكر بايعه خالد وأبان وسيجيء تمام الكلام فيه.
([29]) روى ابن أبي الحديد في شرح النهج : ج 2 ص 17 عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري بإسناده عن المغيرة أن سلمان والزبير وبعض الأنصار كان هواهم أن يبايعوا عليّاً بعد النبي فلما بويع أبو بكر قال سلمان للصحابة : أصبتم الخير ولكن أخطأتم المعدن قال : وفي رواية أخرى : أصبتم ذا السن منكم ولكنكم أخطأتم أهل بيت نبيكم . أما لو جعلتموها فيهم ما اختلف منكم اثنان ولأكلتموها رَغَداً .
قال ابن أبي الحديد : قلت هذا الخبر هو الذي رواه المتكلمون في باب الإمامة عن سلمان أنه قال : (كرديد ونكرديد ) تفسره الشيعة فتقول : أراد اسلمتم ، ويفسره اصحابنا فيقولون معناه أخطأتم واصبتم .
وقال السيد المرتضى في الشافي : ( 401 ) : فإن قيل : المروي عن سلمان أنه قال : ( كرديد ونكرديد ) وليس بمقطوع به قلنا : إن كان خبر السقيفة وشرح ما جرى فيها من الأقوال مقطوعاً به ، فقول سلمان مقطوع به ، لأن كل من روى السقيفة رواه ، وليس هذا مما يختص الشيعة بنقله فيتهم فيه ..
وليس لهم أن يقولوا كيف خاطبهم بالفارسية وهم عرب ، وذاك أن سلمان وإن تكلم بالفارسية فقد فسره بقوله : أصبتم وأخطأتم : أصبتم سنّة الأولين وأخطأتم أهل بيت نبيكم إلى آخر ما سيجيء في آخر هذا الباب ( تتميم ) نقلاً عن تلخيص الشافي .
أقول : ولفظ سلمان على ما في أنساب الأشراف (1/591) العثمانية : ( ص 172 و 179 و 187 و 237 ) ( كرداد ونا كرداد ) ، فالظاهر من قوله : ( كرداد ونا كرداد ) أن صنيعهم هذا صنيع وليس بصنيع (قال في البرهان : كرداد - وزان بغداد بالفتح البناء والأساس وقال : كردار بكسر الأول القاعدة والسيرة : (آئين - روش ) فنفي الفعل ثانياً بعد إثباته أولا يفيد أن ما صنعوه لم يكن على وفق الحق ومقتضاه حيث إن الناس وإن كان لابد لهم من أمير يطاوعون له ، يصدرون عن نهبه ويردون بأمره ، ولكن الذي يجب أن يُطاوَع ويُبايَع ليس هو أبو بكر الذي لايمكنه أن يتخطَّى خطى النبي (ص) ويحذو حذوه ، ولا له عصمة كعصمة النبي ، فلا يؤثر في أشعارهم وأبشارهم ولا ... وألف ولا .
وأما الاعتراف بأنه كيف خاطبهم بالفارسية أولاً ثم خاطبهم بالعربية - وقد أكثر في ذلك الجاحظ في العثمانية : ( ص 186 ) فعندي أن ذلك معهود من طبيعة الإنسان إذا أن في نفسه نفثة لايمكنه أن يصدرها كما هي ، أخرجها مَهَمْهِماً كخواطر النفوس . وإذا كان عارفاً بلسانين كسلمان الفارسي أصدر النفثة بلسان غير لسان المخاطبينَ ، ثم مضى في كلامه بلسانهم ، فروي تلك الكلمة من سمعها من سلمان وترجمها من كان يعرف اللغة الفارسية بعد ذلك .
([30]) وقد صدق التاريخ كلام أبي ذر هذا حيث أرتدت العرب بعدما سمعت من أن أصحاب النبي (ص) ابتزوا سلطانه من مقره ، فطمعوا أن يكون لهم في ذلك نصيب ، فطغوا على الخليفة أبي بكر واشتهر طغيانهم هذا بعنوان الردة ، نعم كانت الرِّدة ولكن على من ؟ على اللـه ورسوله ؟ أو على الخليفة من بعده ؟ سيجيء تمام الكلام في أبواب المطاعن عند خلاف بني تميم وقتل مالك بن نويرة إن شاء اللـه تعالى .
([31]) البلاذري : ( 1 / 380 ) وفي السير أن رسول اللـه بعث عمرو بن العاص أولاً ثم بعث أبا عبيدة مدداً له وفيهم أبو بكر وعمر فاجتمعوا تحت قيادة عمرو ، راجع سيرة ابن هشام : ( ج 2 ، ص 632 ) ، أسد الغابة : ( ج 4 ، ص 116 ) ترجمة عمرو بن العاص منتخب كنز العمال : ( ج 4 ص 178 ) ، تاريخ الطبري : ( ج 3 ص 32 ) ، ولعمروا بن العاص ترجمة اضافية من شتى نواحي البحث تراها في كتاب الغدير : ( ج 2 ، ص 120 - 176 ) .
([32]) بريدة بن الحصيب الأسلمي ابو ساسان أو أبو عبد اللـه كان ذا بيت كبير في قومه مر به رسول اللـه مهاجراً فأسلم هو ومن معه وكانوا ثمانين بيتاً فصلوا خلف رسول اللـه (ص) العشاء الآخرة ثم قدم عليه (ص) بعد غزوة أحد وشهد معه المشاهد كلها وولاه رسول اللـه صدقات قومه . روي أنه لما سمع بموت النبي (ص) وكان في قبيلته ، أخذ رايته فنصبها على باب بيت أمير المؤمنين فقال له عمر : الناس اتفقوا على بيعة أبي بكر ، مالك تخالفهم ؟ فقال : لا أبايع غير صاحب هذا البيت .
وأما حديث التسليم على علي بامرة المؤمنين فقد أخرجه العلاّمة المرعشي ( قدس سره ) في ذيل الإحقاق عن معاجم كثيرة من كتب أهل السنّة راجع : ( ج 4 ، ص 275 ) وما بعده .
وأما حديث خلافه فقد روى علم الهدى في الشافي ( 398 ) عن الثقفي بإسناده عن سفيان بن فروة عن أبيه قال : جاء بريدة حتى ركز رايته في وسط أسلم ثم قال : لا أبايع حتى يبايع علي بن أبي طالب . فقال علي : يا بريدة ادخل فيما دخل فيه الناس ، فإن اجتماعهم احبُّ إليَّ من اختلافهم اليوم . وبإسناده عن موسى بن عبد اللـه بن الحسن قال : أبت أسلم أن تبايع ، فقالوا : ما كنا نبايع حتى يبايع بريدة لقول النبي (ص) لبريدة ( علي وليكم من بعدي ) قال : فقال علي : إن هؤلاء خيروني أن يظلموني حقي وأبايعهم ، وارتد الناس حتى بلغت الردة أحداً فاخترت أن أظلم حقي وان فعلوا ما فعلوا .
اقول : وحديث بريدة ( يا بريدة لاتبغض عليّاً ( لا تقع في علي ) إن عليّاً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ) من المتواترات وقد أخرجه أصحاب الصحاح . راجع مسند الإمام ابن حنبل : ( ج 5 ، ص 356 ) ، خصائص النسائي : (33) شرح النهج الحديدي : ( ج 2 ، ص 430 ) مجمع الزوائد : ( ج 9 ، ص 127 ) وهكذا حديث عمــران بن الحصين ويقال إنه أخا بريدة لأمه أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده : ( 111 ) تحت الرقم ( 829 ) ، الترمذي في صحيحه : ( ج 5 ، ص 296 ) ، تحت الرقم (3796 ) و ( 3809 ) وأخرجه عنه في مشكاة المصابيح ( 564 ) جامع الأصول ( 9 / 470 ) ، ورواه النسائي في الخصائص : ( 33 و 26 ) مستدرك الصحيحين : ( ج 3 ، ص 110 ) ، إلى غير ذلك من المعاجم الحديثية راجع بسط ذلك في ذيل الإحقاق : ( ج 5 ، ص 274 - 317 ) .
([33]) حديث سد الأبواب إلا باب علي (ع) قد مر في ( ج 39 ، ص 19 - 34 ) من بحار الأنوار تاريخ مولانا أمير المؤمنين (ع) وأخرج المؤلف العلامة المجلسي من روايات الفريقين في ذلك ما فيه غناء وكفاية، وإن شئت راجع ذيل الإحقاق : ( ج 5 ، ص 540 - 586 ) فقد أخرجه عن الترمذي : ( ج 13 ، ص 173 ) ط الصاوي بمصر ، وهو في ط الإعتماد : ( ج 5 ، ص 305 ) تحت الرقم ( 3815 ) ، وعن النسائي في الخصائص ( 13 و 14 ) والحافظ أبي نعيم في الحلية ( 4 / 153 ) ، ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية ( 7 / 338 ) ، ابن حنبل في مسنده : (ج 4 ، ص 369) ، الحاكم في مستدركه (3/125) وللعلامة الأميني قدس سره في كتابه التدبر بحث ضاف ونظرة ثاقبة في حديث سد الأبواب من شاءها فليراجع : ( ج 3 ، ص 202 ) وما بعده .
ومما يناسب ذكره هنا أن الترمذي : ( ج 5 ، ص 278 ) روى بإسناده عن عروة عن عائشة ( ان النبي (ص) أمر بسد الأبواب إلاّ باب أبي بكر ) ولفظ البخاري ( 5/5 ) ( لايبقين في المسجدباب إلاّ سد ، إلاباب أبي بكر ) ولم يتفطنوا أن النبي لم يأمر بسد الأبواب إلاّ بابه للخلة ولا للقرابة ، وإنما أمر بسد الأبواب لحكم شرعي اقتضى ذلك ، وهو أنه لايحل لأحد أن يستطرق جنباً مسجد الرسول (ص) إلاّ من كان طاهراً طيباً بنص آية التطهير ، ولذلك قال (ص) : ( يا علي لايحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ) رواه الترمذي في ( ج 5 ، ص 303 ) تحت الرقم ( 3811 ) البيهقي في سننه (7 / 65) ، الخطيب التبريزي في مشكاة المصابي ( 564 ) ، العسقلاني في تهذيبه ( 9 / 387 ) إلى غير ذلك مما تجده في ذيل الاحقاق .
وأما حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) فقد مضى البحث عنه في ( ج 40 ص 200 - 207 ) من تاريخ أمير المؤمنين (ع) وإن شئت راجع ذيل الإحقاق ( ج 5 ، ص 469 - 515 ) أخرج الحديث بألفاظه عن معاجم كثيرة منها المستدرك ( 3 / 126 و 127 ) تاريخ بغداد ( 2 / 377 ) أنساب السمعاني (1182) تاريخ الخلفاء : ( 66 ) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page