سعد المنصوري
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام علي محمد وعلي آلهالطيبين الطاهرين المعصومين.
التمهيد:
تعرّض الاءسلام لحملة تحريف وتقليص لدوره في الحياة، وتسخيرمفاهيمه ومبادئه المقدّسة لغايات وأغراض متعددة، بعضها عدائية ولدتمع ولادة الاءسلام وتهديده لمصالح المترفين، وأخري لمصالح فرديّةوعائليّة.
والغريب في التاريخ الاءسلاميّ انقلاب المقاييس وقفز المجموعةالاكثر عداءً للرسالة الاءسلاميّة اءلي أعلي موقع في دنيا الاءسلام، خلافةالرسول(ص) والتصدي لقيادة العالم الاءسلاميّ، واءمرة المؤمنين؛ في حينكانوا اكثر الناس عداوة للنبي(ص) ولدينه الحنيف، وهي من المسائلالمثيرة للتساؤل والباعثة علي التعجّب.
كيف تسلل هؤلاء؟:
وما هي العوامل التي ساعدتهم للوصول؟
وكيف اطمأنّ أصحاب القرار السياسيّ لهم؟
وألم يكن في الصحابة من هو أكفا منهم لمواقع قياديّة في المجتمعالاءسلاميّ؟
وكيف قبل المجتمع الذي عاش حرباً دمويّة ضدّهم أكثر من عقدينمن الزمن؟
وفي هذا الواقع المهزوم كانت شهادة الاءمام الحسين(ع) جريمةأخري تُضاف للانتهاكات الكثيرة للاءسلام. والتي جاءت نتيجة لغيابالوعي، وغفلة الامّة والتسسامح، واللامبالاة في الموقف أمام تلك الاخطاءالكبيرة التي عقبت رحلة الرسول(ص)، وأدّت اءلي عزل واءقصاء القيادةالشرعية عن موقعها الرساليّ.
وتبعت تلك الانحرافات انهيارات وتداعيات متعمدة، يدركأسرارها الكامنة المتتبّع للاحداث التي غيبت غايات الرسالة الكبريوأهدافها العظيمة، وحرمت الانسانيّة بصورة عامّة والاءسلاميّة خاصّة منمعطياتها الثرّة.
ولعبت الاجتهادات الفرديّة دوراً رئيسيّاً في تزوير الحقيقةالاسلاميّة؛ لانّها لا تقوم علي ضابطة أو قاعدة أو علم ودراية، واءنّما مجرّدآراء ارتجاليّة، صدرت من الحكام، وردّدها وعاظ السلطان وفقهاء الدولةالاموية، وأصبحت فيما بعد البدائل عن الكتاب والسنّة.
وهكذا حقّقت السلطة تكريس المفاهيم التي من شأنها فرضسيطرة الغُرباء عن الاءسلام.
وجعلت هذه العقليّة المعاديّة للاءسلام والمتّبعة للشهوات والاهواءلنفسها القيمومة علي الاءسلام عقيدة وشريعة وأمة ، وأصبحت الميزانالوحيد في معرفة الاءسلام وفق رؤيتها، وهي التي تشخّص المصلحةالاءسلامية، وتعيين اتجاه الهدي والاءيمان والجماعة ، لتكون السلطةالسياسيّة الاموية الهادية المهديّة.
وهذه المفارقات التي أفرزتها طبيعة التركيبة النفسيّة والفكريّةالجاهليّة أصبحت فيما بعد تمثّل الجماعة، والتي ابتدأت من عام الجماعةالتي تمّ تسليم الملك لمعاوية بلا منازع، والانتماء اءلي الجماعة رهن عليطاعة الحاكم والانقياد لامره حتي بالباطل، وأحاطوا هذه الجماعة بهالةمن القدسيّة، لا تدني' اءليها بالمقام جميع أركان الاسلام؛ فاعتبروا الخارجعن الطاعة مفارقاً للجماعة والا´مر بالمعروف خارجاً من الجماعة يستحقّأشدّ العقاب، وبهذا كان قضاؤهم علي الصحابيّ الجليل حجر بن عديوعمرو بن الحمق الخزاعي والجماعة الذين كانوا معهما من شهداء مرجعذراء؛ لانّهم خالفوا الجماعة التي كانت تلعن أميرالمؤمنين عليّ بنأبيطالب؛ اءذ كتب زياد بن أبيه اءلي معاوية: «اءنّهم خالفوا الجماعة في لعنأبيتراب، وزروا علي الولاة، فخرجوا بذلك من الطاعة».
واتبعوا أقسي الاساليب وارتكبوا أكبر الجرائم ضدّ من خرج منجماعتهم؛ فارتكبوا مجازر جماعية في المدينة المنوّرة، واُبيح «حرمرسول الله(ص) حتي ولدت الابكار ولا يعرف من أولدهنّ، ثمّ أخذالناس علي أن يبايعوا علي أنّهم عبيد يزيد بن معاوية، فكان الرجل منقريش يؤتي به، فيقال: بايع بانّك عبد قنّ ليزيد، فيقول: لا! فيضربعنقه». وكان ذلك في وقعة الحرّة، واخترعوا لانفسهم حصانة شرعيةتبرر جرائمهم الماضية والقادمة، وجعلوا مقامهم فوق القانون والشرع؛لانّهم قاموا بأمر الامّة وأئمّة المسلمين. «قال عبدالرحمن بن يزيد بنأسلم: لمّا ولي يزيد بن عبدالملك قال: سيروا بسيرة عمر بن عبدالعزيز،فأتي بأربعين شيخاً فشهدوا له ما علي الخلفاء حساب ولا عذاب».
وفي رواية اُخري أنّ يزيد بن معاوية قال له أبوه: «سلني حاجتك.قال له يزيد: أعتقني من النار، أعتق الله رقبتك منها. قال: كيف؟
قال: لانّي وجدت في الا´ثار أنّه من تقلّد أمر الامة ثلاثة أيّام حرّمه اللهعلي النار، فأعهد اليّ بالامر من بعدك ففعل».
وكأنّ الرسول6 جاء ليبشّر بآل أبيسفيان وبنيأُميّة، وليعطيهمبراءة من النار جزاءً لجورهم وفجورهم وانتهاكهم للحرمات.
وفي مثل هذه الظروف قتل الحسين(ع)، وبنفس العناوين حاولواتبرير فعلهم، ولكن الحسين(ع) ابن الرسول(ص) وريحانته وسيد شبابأهل الجنّة، وهو من «الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»،وأحد الخمسة الذين خرجوا لمباهلة النصاري، من الذين «يطعمونالطعام علي حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً» والامة تعلم ذلك وترتل آياتالله فيهم بكرة وأصيلاً. فهي حتي اءذا تخاذلت عن نصرته آنذاك فقدتعلّمت من ثورته، لانّه الشخصيّة الوحيدة القادرة علي تحطيم النظريةالاموية بما يمتلك من مقام وموقع في الاءسلام.
فكانت ثورته بيان الخطّ الاصيل للاءسلام ومنهج الجهاد ضدّ الطغاةالذي فتحه، ولم ولن يُغلق حتي تُملا الارض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماًوجوراً.
وهنا نحاول من خلال هذه المقالة المختصرة تسليط الضوء عليالا´ثار الاموية في النظرية السياسيّة في الاءسلام، وشرعيّة سلاطين الجور،ودور الاءمام الحسين(ع) في تحطيمها واءعطاء الصورة الاصيلة لنظريةالاءسلام المحمديّ الاصيل.
نرجو أن نكون قد شاركنا ببيان شيء من الحركة الحسينية المباركةومن الله نستمدّ التوفيق والتسديد.
النظرية السياسية في الاءسلام:
تقوم النظرية السياسيّة في الاءسلام علي أركان رئيسيّة بلّغهاالرسول(ص) في الامة علي المستوي النظري، وثبتها القرآن الكريمبنصوصه المقدّسة، وطبّقها النبيّ(ص) علي المجتمع الاءسلامي طيلة فترةحياته في المدينة عندما استطاع أن يبني المجتمع الجديد.
وهذه الاركان قائمة ومتصلة مع بعضها لا يمكن الفصل بينها،وفقدان أحدها يؤدي اءلي ضياع جزء منها، ثمّ يساهم ذلك في تداعيالاركان الاخري وفقدان الصفة الاسلاميّة الكاملة.
فالنظام السياسي كلّ متكامل لا يمكن الفصل بين أجزائه، وبكلّيتهيمكن الحصول علي الثمار المرجوّة من تطبيقه.
فالتبعيض والانتقاء تعامل لا يرتضيه الاءسلام، وقد نهي عنه بقولهتعالي: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) وقال آمراً بالاخذبجميع الاسلام كتاباً وسنّة بقوله تعالي: (ما جاءكم به الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا)
فابدال شيء من ذلك بمثابة الاشتراك مع الله في اءدارة أمور عباده،والاعتقاد بأفضليّة الا´راء البديلة من الاصول التي أرادها الله العليم الخبير.
والحكم من المسائل المختصّة بالشأن الاءلهيّ «اءن الحكم اءلاّ لله» وهويضع ويقنّن لعباده ما يريد.
الركن الاوّل، العقيدة:
تعتبر العقيدة القاعدة المركزية للفكر الاسلاميّ والاساس للحياةالدينيّة، وتنطلق منها المفاهيم، والفهم للحياة والعلاقات المختلفة،وسلامة السلوك والنشاطات والفعاليات علي جميع المستويات.
والعقيدة الاءسلامية المرتكز الاساسيّ الذي تنطلق منه جميع الرؤيللكون والحياة، والمقياس الذي تعرض عليه الا´راء ليمنحها سلامة الهويةوالانتساب للاءسلام، أو عدم الانطباق علي المقاييس ليحكم ببعدهاوسلبها الهويّة الاءسلاميّة.
والعقيدة حاكمة علي جوانب الحياة كلها، وهي مؤثرة علي نشاطاتوفعاليات الاءنسان في المجالات المختلفة، والسلوك الاءنساني يعبّر عنمقدار هيمنتها علي فكر وعواطف واءرادة الفرد؛ لانّ السلوك يعبر عناتجاه وبواعث حركة الانسان، والاءيمان بالله وعدله واليوم الا´خر ومايترتّب علي السلوك الدنيوي.
فالعقيدة العنصر المشترك الذي يحدّد طبيعة وكيفيّة سلوك الحاكموالمحكوم، والتزام كلّ منهم لوظائفه، ويتحرّك باتجاه الاهداف الاءسلاميةالكبري.
الركن الثاني، الاءمامة:
والاءمام هو القائد الديني في الاءسلام، يتمّ تعيينه من قبل الله مباشرة.وقد بلّغ ذلك الرسول6، وهو المؤهل لاستخلاف الرسول والقيامبمهامه من بعده، فهو يقوم بتبليغ ما أنزل الله، وبيانه للناس، والقيمومةعلي قيادة الدعوة والدولة، والحكم بما أنزل الله، وهذه المهامّ الكبيرةوالمسؤوليات الثقيلة بحاجة الي اعداد اءلهي ومؤهلات فريدة للقيام بهاعلي أحسن وجه، وعبّر القرآن الكريم عن أهمّيتها في الخطاب الاءلهي:(يا أيّها النبيّ بلّغ ما اُنزل اءليك من ربّك واءن لم تفعل فما بلّغت رسالته)
ويتمتّع الاءمام بصفات وملكات شخصيّة لا يشاركه بها غيره، فهوالاعلم والافهم والاشجع والاحلم والاقرب اءلي الله ورسوله وأفضل العبادبعد النبيّ6.
وقد أوجب الشرع المقدّس علي كلّ مسلم معرفة اءمامه الشرعيّوالانقياد له، ورتّب علي هذه المعرفة أحكاماً، وقد جاء عن الباقر(ع) عنالرسول6: «من مات وليس له اءمام فموته ميتة جاهلية، ولا يعذر الناس حتييعرفوا اءمامهم»
وقال الصادق(ع): «نحن عروة الله الوثقي، من استمسك بنا نجا، ومن تخلّفعنّا هوي، لا ندخله في باب ضلال، ولا نخرجه من باب هدي، ونحن رعاة شمس الله،ونحن عترة رسول الله6، ونحن القبّة التي طالت أطنابها، واتسع فناؤها، من ضوياءلينا نجا اءلي الجنّة ومن تخلّف عنّا هوي اءلي النار».
الركن الثالث، الشريعة (القانون):
الشريعة وهي الطريقة الالهية التي يجب أن تسير عليها البشرية فيحياتها، وتجب علي الامّة صياغة حياتها علي أساسها في كلّ صغيرةوكبيرة، وتدخل في جميع نشاطاتها.
وتتصف الشريعة الاءسلاميّة بالعمومية والشمولية، وهي مجموعةالقوانين التي جاء بها الكتاب الاءلهي القرآن الكريم. وقامت السنّة النبويّةالشريفة ببيان وتفصيل البيانات الاءلهيّة وتطبيقاتها، وما صدر منالنبيّ(ص) هو بيان الوحي الالهيّ وتعبير عنه، فالكتاب البيان الاءلهيوالسنّة فرع منه: (وما ينطق عن الهوي اءن هو اءلاّ وحي يوحي) ويتميّزهذا القانون بقدرة استيعابه لكلّ زمان ومكان بما يختزن من قدرة عليالمواكبة لهما.
وأنزل الله تعالي القرآن الكريم في فترة (23) سنة، وقامالرسول6 بتبليغه اءلي الناس، وأكّد تعالي عدم قبوله العمل بما يخالفه،وشدّد علي الالتزام بما اختاره لعباده من دين كما في قوله تعالي:
(اءن الدين عند الله الاءسلام).
(ومن يبتغ غير الاءسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الا´خرة من الخاسرين)علي المستوي العقائدي والعبادي والاخلاقي والقانوني.
وأكّد أمراً آخر وهو خطابه للنبيّ6 أن يحكم بما أنزل اءليه كما فيقوله:
(وأنزلنا اءليك الكتاب بالحقّ مصدّقاً لما بين يديه من الكتاب ومُهيمناً عليهفاحكُم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحقّ ولكلّ جعلنا منكمشرعة ومنهاجاً).
وقوله تعالي: (ثمّ جعلناك علي شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لايعلمون).
ويؤكّد القرآن الكريم أنّ التشريع لله تعالي دون غيره، والرسول مبلّغلهذا التشريع، وما أعطي الرسول من صلاحيات تشريعية فهي في اءطارالتشريع الاءلهي.
(قل اءنّما أتّبع ما يوحي اءليّ من ربّي).
(قل ما يكون لي أن أبدّله من تلقاء نفسي اءن أتّبع اءلاّ ما يوحي اءليّ).
وذمّ القرآن الكريم الذين لا يحكمون بما أنزل الله، ووصفهم بالكفركما في قوله تعالي: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
وبالظلم كما في قوله تعالي: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك همالظالمون).
وبالفسق في قوله تعالي: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك همالفاسقون).
واعتبر القرآن الكريم كلّ حكم نابع عن الهوي، وكلّ انحراف عنالحكم الاءلهيّ أو اءبداله بحكم آخر حكم جاهليّ.
قال تعالي: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم وأحذرهم أنيفتنوك عن بعض ما أنزل الله اءليك فاءن تولّوا فاعلم انّما يريد الله أن يصيبهم ببعضذنوبهم، واءنّ كثيراً من الناس لفاسقون، أ فحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من اللهحكماً لقوم يوقنون).
فالحاكم الاءسلامي نبيّاً او خليفة ملزم باتباع ما أنزل الله تعالي عليجميع المستويات، والامّة ملزمة بالالتزام بالتشريع الاءلهي والاخذ به مندون تبعيض.
والحاكم الاءسلامي المحامي والمدافع عن الاءسلام عقيدة وشريعةوالمسؤول عن تطبيقها علي الحياة، ويجب ان يكون عالماً بها؛ حتي لاتقع مخالفة للشرع الاءلهي في التطبيق.
الركن الرابع، العاطفة:
وهي من أهمّ وسائل الربط لنسيج المجتمع الاءسلامي علي المستويالشخصي والرسمي، فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض، وهم اءخوة فيمابينهم ويحبّ بعضهم الا´خر: (والذين تبواوا الدار والاءيمان من قبلهم يحبّون منهاجر اءليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم)...(والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولاءخواننا الذين سبقونا بالاءيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربّنا اءنّك رؤوف رحيم) وقوله:(رحماءبينهم).
وهذا تسجيل لمستوي الولاء والاُخوة، وما فيهما من حبّ واحترامووفاء، وهو يمثل طرف الولاء من العاطفة الاءيجابيّة لوحدة الانتماءالاءيمانيّة.
وجاء في الحديث النبويّ: «لا يؤمن أحدكم حتي يحبّ لاخيه مايحبّ لنفسه»
أمّا الطرف الا´خر فهو يمثل العاطفة خارج دائرة الاءيمان والاءسلام،وتسمي بالبراءة: (يا أيّها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصاري اولياء بعضهمأولياء بعض، ومن يتولّهم منكم فاءنّه منهم اءنّ الله لا يهدي القوم الظالمين).
وقال تعالي: (ولا تركنوا اءلي الذين ظلموا فتمسّكم النار، وما لكم من دون اللهمن أولياء ثم لا تنصرون).
وقال تعالي: (براءة من الله ورسوله اءلي الذين عاهدتم من المشركين).
فالعاطفة قائمة علي تولٍّ لاولياء الله وللمؤمنين، وبراءة من أعداء اللهوالكفّار والمشركين والظالمين، وهذا الموقف العاطفي في المودةوالبغض أو الولاية والبراءة يتحرك معه المؤمن في جميع علاقاته،ويشمل التعامل مع الحكّام علي أساس انتسابهم للاءسلام والتزامهم العمليّبه، وكذلك يشمل العلاقة العاطفيّة مع الاحكام والقوانين الاءلهية، فالمؤمنيحب الخير والطاعة والصلاح، ويكره الشرّ والمعصية والفساد؛ وهكذاتكون العاطفة داخلة في الاركان الثلاثة السابقة، ومؤثّرة في طبيعةالعلاقة.
موقف الامويين من الاءسلام:
لا يمكن الفصل بين عصر الدولة الامويّة عن ماضي الامويينخصوصاً عند قياس سلوكهم وطموحاتهم اءلي ما كانوا عليها قبل اءسلامهموبعده. فأبوسفيان قائد قريش في جميع مواقفها ضدّ الاءسلام ونبيّالاءسلام محمد(ص)، فهو الذي قاد عمليات تعذيب المستضعفين،ومخطّط الحصار والمقاطعة علي بنيهاشم، وارسل وفداً للنجاشي لردّالمهاجرين، وهو المتا´مر علي الرسول(ص) ليلة الهجرة، وقد حاولشخصيّاً قتل الرسول(ص)، وهو الذي أجّج الحروب علي رسول الله(ص)،وخلق اتحاداً وتعبئة ضمّت اليهود وقريشاً وعرب الجزيرة، وهو الذي«عدا علي ذوي المهاجرين من بنيجحش بن رئاب وباعها لعمرو بنعلقمة»
وكان يقول: اءنّ أحبّ الناس اءلينا من أعاننا علي عداوة محمد»
وقال: «واءنّي لانا الموتور الثائر، قُتل اءبنيحنظلة وسادة أهلالوادي».
وقد ذكر ابنالاثير: أباسفيان بن حرب والحكم بن أبيالعاص والدمروان وغيرهما، وقال: اءنّ هؤلاء أشدّ عداوة لرسول الله6، أسلموايومالفتح».
وكان يزيد ومعاوية وعتبة، أبناء أبيسفيان وقفوا مع أبيهم 23 سنة،وقاوموا الرسول6 ودين الاءسلام بكلّ وسائل المقاومة، واشتركوا معأبيهم في كيده، وحاربوا الاسلام طيلة هذه المدّة، وهؤلاء دخلوا الاءسلاممكرهين يوم الفتح وهم الطلقاء.
أمّا حليف الموقف الامويّ وشريك معاوية في مؤامراته علي الاءسلامعمرو بن العاص: كان أبوه شانئاً لرسول الله(ص)، وله مواقف عديدةمناوئة حاول فيها النيل من الرسول(ص) ورسالته، وفي احدي المرّاتحاول خباب بن الارث صاحب الرسول(ص) أن يتقاضاه ثمن سيوفعملها له؛ فامتنع عن الدفع قائلاً: «أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذيأنت علي دينه أنّ في الجنّة ما ابتغي أهلها من ذهب وفضّة أو ثياب أوخدم؟ قال خبّاب: بلي، قال: فانظرني اءلي يوم القيامة يا خبّاب حتي أرجعاءلي تلك الدار فأقضيك هناك حقّك، فوالله لا تكون أنت وصاحبك ياخبّاب آثر عند الله منّي، ولا أعظم حظّاً في ذلك فأنزل الله تعالي فيه:(أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لاُوتينَّ مالاً وولداً، أطَّلَع الغيب أم اتّخذ عند الرحمنعهداً كلاّ سنكتب ما يقول ونمُدُّ له من العذاب مدّاً ونُرثُهُ ما يقول وياتينافرداً).
والعاص بن وائل السهمي هو الذي قال: فاءنّما هو رجل أبتر لا عقبله، لو مات لانقطع ذكره واسترحتم منه، فأنزل الله في ذلك: (اءنّا أعطيناكالكوثر...) وقد هلك ولم يسلم.
وعمرو بن العاص ورث هذا العداء من أبيه؛ ولذلك كان قاسياً عليالمسلمين في أوّل البعثة، ومتآمراً عليهم بعد ذلك. وقد قال له الاءمامالحسن يوماً بحضور معاوية: «لقد قاتلت يا عمرو رسول الله في جميعالمشاهد، وهجوته وكدته كيدك كلّه، وكنت من أشدّ الناس له تكذيباًوعداوة... ثمّ اءنّك تعلم وكلّ هؤلاء الرهط يعلمون أنّك هجوترسولالله(ص) بسبعين بيتاً من الشعر، فقال رسول الله6: اللهمّ اءنّي لاأقول الشعر ولا ينبغي لي، اللهمّ العنه بكلّ حرف ألف لعنة، فعليك اءذاً ما لايحصي من اللعن» ولعن رسول الله6 الحكم وما في صلبه؛فيكون مروان ملعوناً وهو في صلب أبيه. ولقد صرّح رسول الله6 بلعنهذه العصابة وقد تقدّم لعن ابنالعاص.
ولعن معاوية وأباه فقد لعنه رسول الله(ص) كما جاء عن البراء بنعازب قال: أقبل أبوسفيان ومعه معاوية فقال رسول الله(ص): «اللهمّ العنالتابع والمتبوع، اللهمّ عليك بالاقيص»، فقال ابنالبراء لابيه: ومنالاقيص؟ قال: معاوية»
وجاء في رسالة محمد بن أبيبكر؛ لمعاوية: «وأنت اللعين ابناللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان الغوائل لدين الله، وتجهدان علي اطفاءنور الله، وتجمعان علي ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال وتحالفان فيهالقبائل»
وقال ابنالاثير: «انّه جري بين محمد ومعاوية مكاتبات كَرهتذكرها؛ فاءنّها مما لا يحتمل سماعها العامّة».
وقد قال رسول الله6: «اءنّ أشدّ قومنا لنا بغضاً، بنوأميّة،وبنوالمغيرة، وبنومخزوم»
وصرّحت جورية بنت أبيجهل بذلك لمّا سمعت الاذان في مكةقالت: قد لعمري رفع لك ذكرك، أمّا الصلاة فسنصلّي، والله لا نحبّ منقتل الاحبّة أبداً»
هذه نماذج من الصورة الاموية في موقفها من الاسلاموأهلالبيت:، وهي لم تتغير اءلي آخر حكومتهم؛ بل تهيأت لهمفرصة للانتقام والثأر لما أصابهم في عصر الرسول6، وهم يصدّونعن سبيل الله، ولم يتغيّر المنهج الامويّ باتّجاهه وأهدافه، وبقيتطموحاته تحرّكهم نحو تحققها، وبطريقية عارية من المبادي والقيموالروح الاءنسانيّة.
شعار نحن مع من غلب:
اتّبع الاُمويون نظرية سياسيّة خاصّة بهم تسمّي: الحقّ مع الغالب،ولقنوا الامّة أن تقول: «نحن معمن غلب» وبهذه المقولة صادرواالاءسلام، وازالوه من واقع الحياة الفكرية والعمليّة ، وألغوا دور الامّة عليجميع المستويات من المشاركة.
ولهذا ابتدعوا أحاديث نسبوها لرسول الله(ص)، نذكر منها هذهالنماذج:
الاوّل: في صحيح مسلم، جاء عبدالله بن عمر اءلي عبدالله بن مطيعحين كان من أمر الحرّة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال: اطرحوالابيعبدالرحمن وسادة، فقال: اءنّي لم آتك لاجلس، أتيتك لاحدّثكحديثاً، سمعت رسول الله6 يقول: من خلع يداً من طاعة لقي الله يومالقيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية»
وعبدالله بن عمر الداعي اءلي بيعة يزيد كان من المتخلّفين عن بيعةونصرة الاءمام عليّ بن أبيطالب(ع).
الثاني: جاء في صحيح البخاري، أنّه(ص) قال: «اءنّكم سترون بعديأثرة وأموراً تنكرونها، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدّوا اءليهمحقّهم، واسألوا الله حقّكم»
وروي البخاري عنه(ص): من كره من أميره شيئاً فليصبر، فاءنّه منخرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية»
الثالث: روي عن أبيهريرة عن الرسول(ص) أنّه قال: من رأي منأميره شيئاً يكرهه فليصبر؛ فاءنّه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتتهجاهلية».
الرابع: عن أبيهريرة، عن النبيّ(ص) أنّه قال: من أطاعني فقد أطاعالله، ومن يعصني فقد عصي الله، ومن يطع الامير فقد أطاعني ومن يعصالامير فقد عصاني».
والروايات التي جاءت في طاعة أوليالامر كثيرة جدّاً، ونقلهاأصحاب الصحاح والمساند والسنن وكتب الحديث الاخري، واشتركبنقلها جميع الفرق الاءسلامية؛ فلا يمكن ردّها وهي بهذا الشكل منالكثرة والتعدد في النقل، بل هذه العوامل تؤدي اءلي الاطمئنان بصدورهامن النبيّ6 اءلاّ أنّ النبيّ(ص) لم يكن داعية لا´ل أبيسفيان وبنيأميّة،ولحكومة البغاة، وأهل الجور، ولم يبعثه الله تعالي ليبشّر بحكومتهمويدعم سلطانهم، واءنّما جاء ليخرج الناس من الظلمات اءلي النور، وليبلغهمرسالات ربّه، وليحكم بينهم بما أوحي اءليه، بالقسط والعدل وجاء بالحقليزهق به الباطل، وبالنور ليبدّد الظلام، وليقيم دولة الحقّ والعدلوالاءيمان، وليحرّر الاءنسان من العبوديّة وحكم الطغاة: (الله وليّ الذين آمنوايخرجهم من الظلمات الي النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم منالنور الي الظلمات).
فالاهداف الاءليهيّة من بعث النبوّات واءنزال الرسالات لتحرير الناسمن أمثال بنيأُميّة، وقد عرف الامويون ذلك في بداية البعثة، وكانتمواقفهم العدائية علي اساس معرفتهم، وعرف المستضعفون أنّ آمالهموأحلامهم وانتظارهم للحياة السعيدة العادلة الكريمة تتحقّق بالرسالةالاءليهية التي جاء بها محمد6، وآمنوا بها قبل غيرهم لاءدراكهم هذهالمعاني.
فلا يبقي محل لتطبيق دعوة الرسول(ص) لطاعة أولي الامر أن يكونمصداقها الامراء الاُمويون، لانّها لا تتحقق بها طاعة لله، ولا تتحقّقأهداف الرسالة، ولا يمكن استئمانهم علي الرسالة وحقوق المجتمعالاءسلامي، وقد أثبت الواقع ذلك من خلال سلوكهم وطريقة الحكم التيانتخبوها لانفسهم، ومخالفاتهم العلنيّة للاءسلام وضيق صدورهم منالالتزام حتي بظواهر الاءسلام.
تأسيساً علي ما تقدم، أنّ الروايات صحيحة ولكن حرّفت في تعيينالمصاديق لها في الخارج. وهي جاءت لدعم أولي الامر الذين ذكرهمالقرآن الكريم؛ اءذ نهي عن مخالفتهم وأمر بطاعتهم، وقرن طاعتهبطاعتهم، وبها تتحق طاعته تعالي.
والذي لا نتّفق به في روايات طاعة الامراء هو طاعة أمراء الجور،والذين ليسوا من المؤمنين، وتحريكها باتجاه التبرير او تحكيمسلطةالظالمين.
أُولوالامر في القرآن الكريم:
اءنّ لفظة أوليالامر ذكرها القرآن في موارد متعددة، وذكر مصاديقها؛ولذلك سنكتفي بذكر الا´يات تجنّباً للاءطالة.
(يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم فاءن تنازعتمفي شيء فردّوه اءلي الله والرسول اءن كنتم تؤمنون بالله واليوم الا´خر ذلك خير وأحسنتأويلاً).
وقد تنازع المسلمون في أولي الامر، ولم ينقطع نزاعهم اءلي يومناهذا، فلنرجع اءلي الله تعالي أولاً لنري من هم اُولو الامر الذين فرض اللهطاعتهم وقرنها بطاعة رسوله ثمّ بطاعته؟
يقول تعالي: (اءنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاةويؤتون الزكاة وهم راكعون).
واءذا أردنا التفصيل في تعريف أولي الامر فاءنّ الله قد فصّل لنا بقولهتعالي في سورة الاءنسان: (هل أتي علي الاءنسان حين من الدهر لم يكن شيئاًمذكوراً* اءنّ الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً * عيناً يشرب بها عباد اللهيفجرونها تفجيراً يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً. ويطعمون الطعامعلي حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً اءنّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولاشكوراً).
ثمّ تبدأ الا´يات الاخري بالتفصيل والشرح لمقامهم في الا´خرة بعدأن بيّن اءخلاصهم في عملهم وحبّهم لله تعالي، وهؤلاء هم الذين خصّهمبالتطهير بقوله: (اءنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركمتطهيراً).
وخصّهم بالسلام بقوله تعالي: (سلام علي اءل ياسين) وهم الذين(اءن مكّناهم في الارض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة...)
فبناء علي ما تقدم لا يمثل الامويون مصداقاً لاُولي الامر؛ لانّ أوليالامر بيّنهم الله تعالي بالصفات المحصورة بهم، والتي يعرفها المسلمونلهم وبيّنهم الرسول6 بأسمائهم وأسماء آبائهم.
وهؤلاء يمثّلون حزب الله بناء علي التقسيم القرآني مقابل حزبالشيطان، فتجب موالاة الاوّل والبراءة من الثاني.
قال تعالي: (ومن يتولّ الله ورسوله والّذين آمنوا فاءنّ حزب الله همالغالبون).
وجاءت هذه الا´ية مباشرة بعد (يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهمراكعون).
أمّا بنوأُميّة فاءنّهم مصداق لقوله تعالي: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك اءلاّفتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن، ونخوّفهم فما يزيدهم اءلاّ طغياناً كبيراً).
فهنا رأينا أنّ البحث لم يكن في الروايات، واءنّما في المسألةالاساسية التي تتقدم علي الروايات؛ وهي من هو الحاكم الذي تكون لهالطاعة، وطاعته مقربة اءلي الله ومعصيته مبعدة من الله تعالي؟
ومن خلال ما تقدم علمنا أنّ أولي الامر الذين تجب طاعتهم وتحرممعصيتهم هم أهل بيت النبوة:.
نظرية الغلبة عند فقهاء الجمهور:
وضع الامويون نظريتهم السياسية القائمة علي الطاعة المطلقةللسلطان في جميع الاحوال، وبغضّ النظر عن الملكات الاخلاقيّةوالخلفيّة التاريخيّة التي يرجع اءليها، والالتزام العملي والسلوكي بالاءسلام،وهذا الشرط لم يأت بمؤيّد قرآني، أو رواية أو دليل عقلي أو أخلاقيعليه، يسمح لهم بارتقاء هذا المقام، ثمّ حرّموا الخروج علي سلطان الجورومحاربته وغيرها من شروط الاءذلال والترويض التي مارسوها مع الامّة،واعتمدوا بذلك علي اءعطاء صفة شرعيّة لانفسهم من خلال هذه النظرية،بعد اءعطائها المبررات الشرعية وتقديمها اءلي المجتمع لتمثّل نظريةالاءسلام السياسية الوحيدة في الفكر السياسي الاءسلامي؛ ولهذا وضعوا لهاهيكلاً روائياً ضخماً ينسجم تماماً مع أهوائهم، قائماً علي اختلاقالروايات ونسبتها اءلي نبيّ الاءسلام محمد6، وساهم هذا التراثالمكذوب في التأثير علي الفقهاء المتأخرين عن الزمن الاُموي؛ حيثاعتمدت رؤيتهم السياسية وطبيعة الحكم الاءسلامي علي ذلك التراثالاموي المختلق.
فنتيجة لكثرة ما أنتجته الفترة الاموية من روايات عن النبيّ6،وهي الفترةالزمنيّة التي كان التدوين للحديث فيها محظوراً، تلقي الفقهاءالروايات باعتبارها من الحقائق الواقعيّة المسلّمة بالصحّة، وكأنّهم لايشكّون بعدم صدورها من الرسول6؛ فجاءت أحكامهم علي سياقالروايات الاموية المنسوبة اءلي الرسول6.
فكانت الا´راء الفقهية في هذا المجال تنطلق من الفقهاء، اعتماداً عليالاحاديث وسيرة بنيأميّة التي لم يستنكرها الصحابة والتابعونوا´خرون كذلك لا يمتلك قيمةً واقعيّة، وقد صرّح معاوية عن سببسكوت الصحابة والتابعين بعد صراع مرير مع الخطّ الاموي بقوله وهويخاطب أهل المدينة: فاءنّي والله وليت أمركم حين توليته، وأنا أعلم أنّكملا تسرّون بولايتي ولا تحبّونها، واءنّي لعالم بما في نفوسكم من ذلك،ولكنّي خالستكم بسيفي هذا مخالسة.
وقال عتبة بن أبيسفيان في خطاب عنيف: فلا تمدّوا الاعناق اءليغيرنا فاءنّها تنقطع دوننا، وربّ متمن حتفه في أمنيّته، اقبلوا العافية ماقبلناها منكم وفيكم واءيّاكم، ولو فقد أتعبت من كان قبلكم ولن تريح منبعدكم.
فالصحابة والتابعون كانوا تحت هذا المستوي من المحاصرةوالاءرهاب الاموي، لا يعبّر سكوتهم عن دليل رضا وقناعة، وهل جاءبنوأميّة اءلي الحكم ببيعة الصحابة حتّي يعطوا للصحابة قيمة ونوعاً منالاهتمام؟ اءنّهم جاءوا بالسيف، واستمرّ وجودهم بالسيف وأفتي لهمالفقهاء بجواز ذلك العمل؛ وعلي الامّة الطاعة والخروج عليهم خروجاًعلي الله، والميتة خارج طاعتهم ميتة جاهلية.
أوّلاً: الاءمام الشيخ أبوجعفر الطحاوي الحنفي (المتوفي' عام 321) فيرسالته (بيان السنّة والجماعة) ولا نري الخروج علي أئمّتنا ولا ولاة أمرناواءن جاروا، ولا ندعو علي أحد منهم ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونريطاعتهم من طاعات الله عزّوجلّ فريضة علينا ما لم يأمروا بمعصية»
ثانياً: قال الاءمام أبواليسر محمد بن عبدالكريم البزودي: الاءمام اءذاجار أو فسق لا ينعزل عند أصحاب أبيحنيفة بأجمعهم، وهو المذهبالمرضيّ... ثمّ قال: وجه قول عامّة أهل السنّة والجماعة، اءجماع الامّة ،فاءنّهم رأوا الفسّاق أئمّة، فاءنّ أكثر الصحابة كانوا يرون بنيأميّة وهمبنومروان حتي كانوا يصلّون الجمعة والجماعة خلفهم، ويرون قضاياهمنافذة، وكذا الصحابة والتابعون وكذا من بعدهم يرون خلافة بنيعباسوأكثرهم كانوا فساقاً، ولانّ القول بانعزال الائمّة بالفسق، اءيقاع الفساد فيالعالم».
ثالثاً: قال الاءمام أبوبكر محمد بن الطيب الباقلاني (المتوفي' عام 403ه): ان قال قائل: ما الذي يوجب خلع الاءمام عندكم؟ قيل له: يوجب ذلكأمور منها: كفر بعد اءيمان، ومنها تركه الصلاة والدعاء، ومنها عند كثير منالناس فسقه وظلمه بغصب الاموال وضرب الابشار وتناول النفوسالمحرّمة، وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود. وقال الجمهور من اهلالاءثبات وأصحاب الحديث: لا يخلع بهذه الامور ولا يجب الخروج عليهبل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء مما يدعو اءليه من معاصيالله، اءذ احتجّوا في ذلك بأخبار كثيرة متضافرة عن النبيّ6، وعنالصحابة في وجوب طاعة الائمّة واءن جاروا واستأثروا بالاموال، وأنّهقال(ع): واسمعوا وأطيعوا ولو لعبد أجدع، ولو لعبد حبشي، وصلّوا وراءكلّ برّ وفاجر.
وروي أنّه قال: واءن أكلوا مالك وضربوا ظهرك، وأطيعوهم ماأقامواالصلاة».
رابعاً: قال الشيخ نجمالدين أبوحفص عمر بن محمد النسفي(المتوفي' عام 537 ه): لا ينعزل الاءمام بالفسق والجور، وتجوز الصلاةخلف كلّ برّ وفاجر.
وعلّل ذلك التفتازاني بقوله: لانّه قد ظهر الفسق واشتهر الجور منالائمّة والامراء بعد الخلفاء الراشدين، والسلف كانوا ينقادون لهمويقيمون الجمع والاعياد باءذنهم ولا يرون الخروج عليهم»
لهذا المستوي أُنزل مقام القيادة في الاءسلام، وجعلوه لكلّ من هبّودبّ، ولكلّ من استطاع الغلبة بأيّ وسيلة ولايّ هدف، وبهذا أفرغالاءسلام من محتواه الفاعل والمؤثّر في الحياة، لانّ القيادة ذات موقعمتقدم في الاسلام، ومن الاسس التي تقوم عليها الرسالة، ولذلك قال تعاليمخاطباً رسوله(ص) بقوله: (يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل اءليك من ربّك واءن لمتفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس اءنّ الله لا يهدي القوم الكافرين).
فالخطاب الاءلهي جعل قضية القيادة واءهمالها يعادل عدم تبليغالرسالة، فكان الله تعالي يقول لرسول الله6: اءذا لم تجعل للامّة قائداًبعدك بمستوي الرسالة وقضاياها الفاعلية والموضوعية، وعلي مستويعالٍ من الاءخلاص للمبادي والاهداف الرساليّة، فكأنّك لم تبلغ ولم تفعلشيئاً؛ لانّ الاءمامة حركة الرسالة في الحياة، وأراد الله للرسالة أن تكونحاكمة علي الفكر والسلوك والعواطف لتقويمها وتفعيلها ضمن الدائرةالاءيجابية لحياة الاءنسان، والقيادة تحمي المسيرة من الزلل والانحراف،والقيادة الامينة هي التي تحمل فكر وهموم وقضايا الامّة، ولا يليقبرسالة العدل الالهي أن تجعل لاهل الفسوق والجور والظلم، مقام الاءمامة.
البدائل الاُمويّة:
كان يتحرّك معاوية بخطي حثيثة لوضع مثل أعلي للمسلمين مغايرللمثل الاعلي الذي دعا اليه الرسول(ص) وجسّده بسلوكه ونشاطاتهالخاصة والعامة والذي يتمثّل بالاسلام وقيمه ومبادئه، فكان يسعي بجدوفعاليّة ونشاط وساعياً من أجل أن يجعل لكلّ شيء من الاءسلام بديلاً منالجاهليّة بعد أن يخلع عليه الظاهر الاسلاميّ. وسنذكر بعض هذه النماذج:
1 ـ الشخصيّة النموذجيّة:
أبوسفيان كان الاكرم من بين جميع الشخصيّات الاسلاميّة، اءلاّ ماوصل الله لنبيّه، ولذلك كان يقول: «اءنّ لي فضائل كثيرة، وكان أبي سيّداًفي الجاهلية وصرت ملكاً في الاءسلام.
وقال معاوية مرّة أخري: «وقد عرفت قريش انّ أباسفيان كانأكرمها، وابنأكرمها، اءلاّ ما جعل الله لنبيّه(ص) فاءنّه انتخبه وأكرمه، وانّيلاظنّ أنّ أباسفيان لو ولد الناس لم يلد الاّ حازماً.
فقال له صعصعة بن صوحان: قد كذبت وقد ولدهم خيرٌ منأبيسفيان، مَنْ خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكةفسجدوا له، وكان فيهم البرُّ والفاجر والاحمق والكيّس».
2 ـ المجتمع النموذجي:
في مقابل اهتمام الرسول(ص) بأهل المدينة المنوّرة التي احتضنتالاءسلام ونبيّ الاءسلام وأصحابه المهاجرين، وكان فيها كثير من الصحابةالذين اشتركوا ببدر وأحد والمواقع الاخري، اكتسبت المدينة أهمّيةخاصّة، وللمدينة وأهلها موقع خاصّ في نفوس المسلمين لانّها وصيّةالرسول(ص)، وأهلها أنصار الرسول(ص).
الاّ أنّ معاوية لا يحمل ذكريات طيّبة عن المدينة، ولم يترك صورةحسنة في أذهان أهل المدينة، ثمّ الاهمّ انّه لا يستطيع أن يمرّر أفكارهولا يحقّق آماله من خلال الانصار الذين كان مع الامام علي(ع) أغلبهم.
وجاءت الاحاديث الكثيرة في شرف المدينة المنوّرة؛ فقد قالرسول الله(ص): «المدينة حرم ما بين عير اءلي ثور، فمن أحدث فيها حدثاً، أو آويمحدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
وقال(ص): «الصلاة في مسجدي تعادل ألف صلاة في غيره، الاّ المسجدالحرام فاءنّه أفضل منه».
«من مات في المدينة بعثه الله في الا´منين يوم القيامة».
وقال الامام عليّ(ع): «المدينة حرم الله وحرم رسوله».
مع هذه السابقة والمقام العظيم، الاّ أنّه لا يخدم ملك معاوية، بل يعتبرشتيمة له ولا´بائه وحزبه، ولذلك حاول اظهار أهل الشام علي أنّهم الصفوةالمختارة من المسلمين، وأنّهم مبعث فخر الرسول6 والمجتمعالاءسلامي النموذجي الذي يسعي الاءسلام لتحقيقه؛ ولهذا جاء عن معاويةبشأن أهل الشام: «اءنّ الله أكرم هذا الامر بأهل الشام، الذابين عن بيضتهالتاركين لمحارمه، ولم يكونوا كأمثال اهل العراق المنتهكين المحارموالمحلّلين ما حرّم الله والمحرّمين ما أحلّ الله».
وكانت بيعة أهل المدينة تتحقق بها الخلافة لمن كسبها، والامصارالاُخري تبع لهم الاّ أنّ معاوية بدلّ ذلك وقال: واءنّما كان الحجازيون همالحكّام علي الناس والحقّ فيهم، فلمّا فارقوه كان الحكّام علي الناسأهلالشام».
فكان معاوية بحاجة الي مجتمع خاضع لاءرادته قادر علي تحقيقأمنياته، وهكذا مجتمع بحاجة الي تربية خاصّة ومفاهيم خاصّة تنسجممع الاهداف الاموية؛ ولذلك كان اءسلام أهل الشام علي أيدي بنيأُميّة،وعملية التربية والتعليم كذلك، ولم يسمح لغيرهم الاءقامة في الشام اءلاّ منكان يتطابق مع الامويين فكراً وسلوكاً، فأهل الشام لا يعرفون منالمسلمين غير معاوية ومن يرتبط به، وبهذا كُوّن مجتمع يقول عنهمعاوية: «وقد كنت في أصلح جند وأطوعه» وقال: «وكنت في أطوعجند وأقلّه خلافاً».
وقد شخّص الامام علي(ع) علّة الانقياد المطلق لمعاوية بقوله: «ألا وانّمعاوية قاد لمّةً من الغواة، وعمّس عليهم الخبر حتي جعلوا نحورهم أغراضالمنيّة».
فأهل الشام نتيجة لسياسة معاوية واخفائه الحقائق عنهم وحصرمجتمعهم، وعدم السماع لغيرهم اءلي اشتراك معهم أو اختلاطهم بغيرهمبقوا مجتمعاً غير منفتح علي المعارف الاسلامية، ويجهل الشخصياتالاسلامية الاّ معاوية وأباسفيان.
وقد ذكر المسعودي: انه عندما «نزل عبدالله بن علي الشام، ووجهالي ابيالعباس السفاح أشياخاً من أهل أرباب النعم والرياسة من سائرأجناد الشام، فحلفوا لابيالعباس السفاح أنّهم ما علموا لرسول الله(ص)قرابة ولا أهل بيت يرثونه غير بنيأُميّة حتي وليتم الخلافة»
فمعاوية يريد للمجتمع أن يكون بهذا المستوي من الوعي أو أقلّ،لانّه في كلام آخر له يقول: ابلغ عليّاً أنّي أقاتله بمائة ألف ما فيهم منيفرّق بين الناقة والجمل».
وهذا المستوي لا يمكن أن يحصل في مكان آخر؛ لانّ الصحابة اينما حلّوا كانوا ينشرون الوعي الديني والاحكام الاسلامية، ويذكرونالتأريخ الاسلامي لانّهم جزء منه، ومعاوية لا يذكر ذلك لانّه جزء منالجبهة المواجهة للاسلام، ولا يسمح لاحدٍ من الصحابة الاءقامة في الشامالاّ لمن هو علي شاكلته؛ ولهذا أصج المجتمع الشامي نموذجياً في نظرمعاوية وبنيأُميّة ودعا الامصار الاُخري بالاقتداء به .
3ـ النظام السياسيّ:
يقوم التعامل السياسي في الاءسلام علي ركيزتين وهما:
أ ـ الحقّ.
ب ـ العدل.
وهما ضابطتان تحكمان علي كلّ المسائل المتعلّقة بالحكم، اءلاّ أنّهمالم يسلما من التغيير والتحريف؛ ولهذا وضعت مبادي أخري تتوافق معالاطماع الاموية:
1ـ مصلحة السلطة
ب ـ مصلحة السلطان
وقامت علي هذا الاساس الحكومة الامويّة بتغيير جذري لاصولالاءسلام:
أوّلاً: الخلافة
وهي تمثّل القيادة بعد الرسول6 والاساس في الاءسلام؛ ولذلكجعلها الله تعالي شرط قبول تبليغ الرسالة وكمالها كما في قوله تعالي: (ياأيّها الرسول بلّغ ما أنزل اءليك من ربّك واءن لم تفعل فما بلّغت رسالته).
وقوله تعالي: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكمالاسلام ديناً).
ولذلك وضعت لها شروط كثيرة وهي لا تصلح لكلّ شخص، وقدقال تعالي لابراهيم عندما جعله اءماماً: (انّي جاعلك للناس اءماماً، قال ومنذرّيتي قال لا ينال عهدي الظالمين).
أمّا معاوية فقد جعل الخلافة مجردة من أيّ شرط للصلاح والاعانوالسابقة والعلم، واكتفي بالسيطرة بالسيف، وقد خاطب أهل المدينةبقوله: «والله وليت أمركم، حين توليته، واءذ أعلم أنّكم لا تُسرّون بولايتيولا تحبّونها، واءنّي لعالم بما في نفوسكم من ذلك، ولكنّي خالستكمبسيفي هذا مخالسة»
وقام معاوية مخاطباً أهل الكوفة بعد صلح الامام الحسن(ع): «ماقاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا وقد عرفت أنّكمتفعلون ذلك، ولكن اءنّما قاتلتكم لاتأمّر عليكم، فقد أعطاني الله ذلكوأنتم كارهون»
وقال: «اءنّي لا أحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بينناوبينملكنا».
فهو بهذا ألغي الشوري وبيعة أهل الحلّ والعقد من الصحابة حتيعلي المستوي الظاهري، واستبدلها بالسيف والاضطهاد ثمّ بولاية العهدالتي لم يسبقه بها سابق في الاءسلام.
وقد انتقد هذه الطريقة في الوصول اءلي السلطة سعد بن أبيوقّاص؛فقال لمعاوية: السلام عليك أيّها الملك، فضحك معاوية وقال: ما كانعليك يا أبااءسحاق لو قلت: يا أميرالمؤمنين؟ فقال: أتقولها جذلانضاحكاً؟ والله ما أحبّ أنّي وليتُها بما وليّها به».
ثانياً: البيعة
البيعة عهد وميثاق علي الطاعة، يؤديها أشراف المجتمع عليالمسائل المهمّة والرئيسيّة التي لها أثر علي الحياة العامّة، وتؤدي عنوعي واءدراك واختيار ورضا بالامر الذي تتمّ عليه البيعة، ويشترط مؤدّوالبيعة أو المبايع له بعض الشروط، والمسلمون غالباً ما يشترطون العملبكتاب الله وسنّة رسوله(ص) وأضاف بعضهم «سيرة الشيخين» اءلاّ أنّخلفاء بنيأُميّة كانوا يريدون البيعة فقط، واءذا وضع شرط لا يفون به،وسيرة عثمان بن عفان نموذج لذلك، وقد أدّي عمله خلاف الشروط اءليقتله وفتح باب الفتنة.
ومعاوية اءضافة اءلي عدم الوفاء بالعهد كان يأخذ البيعة بالاءكراه والقوة.وذكر اليعقوبي طريقة مبايعة أهل الكوفة بالعبارات التالية:
«وأحضر الناس لبيعته، وكان الرجل يحضر فيقول: والله يا معاويةاءنّي لابايعك واءنّي لكاره لك، فيقول: بايع، فاءنّ الله قد جعل في المكروهخيراً كثيراً، ويأبي الا´خر فيقول: أعوذ بالله من شرّ نفسك».
أمّا يزيد بن معاوية فقد تقدّم أكثر من سابقيه، وطلب من أبناءالمهاجرين والانصار علي أن يبايعوا بأنّهم عبيد ليزيد عندما قتل يزيدمن أهل المدينة «خلقاً من الصحابة (رضي الله عنهم) ومن غيرهم،ونهبت المدينة واُفتضَّ فيها ألف عذراء».
«دعا مسلم الناس اءلي البيعة ليزيد علي أنّهم خول له، يحكم فيدمائهم وأموالهم وأهليهم ما شاء»
فكان الرجل من قريش يؤتي به فيقال: بايع ا´يّة أنّك عبد قنّ ليزيدفيقول: «نبايعك علي كتاب الله وسنّة رسوله، فيضرب أعناقهم»
4 ـ النظام الاقتصادي:
لم يتقيد خلفاء بنيأميّة بضابطة أو نظام اقتصاديّ سوي قاعدةواحدة وهي: الارض لله، وأنا خليفة الله، فما آخذ من مال الله فهو لي وماتركت منه كان جائزاً لي»
5 ـ المشروع الثقافي:
المشروع الاموي الثقافي يتلخص بالنقاط التالية:
أـ بغض آل البيت: وسبّهم ولعنهم علي المنابر، ومطاردة محبّيهموتصفيتهم جسدياً ومنعهم العطاء.
ب ـ فضائل الخلفاء ونشرها مقابل فضائل الائمّة من أهل البيت:.
ج ـ اءثارة عقيدة المرجئة والجبرية وتبنّيها والدعوة لها.
د ـ التزام الخلفاء خطّ الفجور والفسق وشرب الخمور ونشره فيالمجتمع، وقد ذكر ذلك ابنعبدربّه بقوله: يزيد صاحب طرب وجوارحوكلاب وقرود وفهود ومنادمة علي الشراب، وغلب علي أصحاب يزيدوعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيّامه ظهر الغناء بمكّة والمدينة،واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب»
فبناءاً علي ما تقدم فقد نقض بنوأُميّة كلّ ما يرتبط بالنظرية السياسيةفي الاءسلام.
أوّلاً: استبدل التعيين الاءلهي للاءمام بالغلبة بالسيف والسيطرة بالجوروالظلم، واءن سبقه غيره اءلاّ أنّ اءمكان اءصلاح الامور متحقق لولاهم.
ثانياً: اءحلال الهوي والرغبة والذوق الشخصي محل الشرع الاءلهيالمقدس، ولم يسبقهم أحد بالتجرؤ علي الاءسلام.
ثالثاً: عدم التعهد بالعمل بالكتاب والسنّة في اءدارة الدولة.
رابعاً: عدم الالتزام الشخصي بالقيم والقوانين الاءسلامية.
خامساً: اءلغاء فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واءرهابوقتل العاملين بها.
سادساً: جعل الحكومة الاءسلاميّة وراثيّة.
سابعاً: التجاوز علي المقدّسات الاءسلاميّة وانتهاك الحرمات.
ثامناً: اءشاعة الفحشاء والمنكر ابتداء من مؤسسات الدولة ثمّ عامةالمجتمع.
وقد تبين أنّ المنهج الاموي اءفرازات من تأريخهم العدائي للاءسلام،وأوضح دليل علي ذلك موقفهم الفكري والعملي من الاءسلام عقيدةونظاماً وعاطفة، ولقد تهيأت لهم فرصة لا يخشون فيها أحد؛ فأظهرواكوامن عقولهم ونفوسهم وعواطفهم بشكل لا يعتذرون منه ولا يستحون،وقد امتلات كتب التواريخ بأخبارهم وفجورهم.
الحكم الاموي خارج عن الاءسلام:
لم يبق الامويون عروة من الاءسلام اءلاّ نقضوها ولم يتركوا محرّماً اءلاّارتكبوه، ابتداء من معاوية وانتهاء بآخر خليفة لهم.
فعلي مستوي الخلافة الاءسلامية التي تعتبر أعلي منصب ومقام فيالدولة الاءسلامية بدّلوا الشرائط التي ينبغي أن تتوفّر في الخليفة من شرائطعلم وتقوي وعمل بالكتاب والسنّة اءلي ملك وراثي، يأتي الابناء بعدالا´باء، لا يمتلكون مؤهلاً سوي أنّهم ابناء الخليفة السابق.
ثمّ اءنّهم قدّموا نظرياتهم في الحكومة علي المستوي النظريوالعملي؛ فكانت جميعها تناقضاً مع القرآن الكريم والسنّة النبويةالشريفة.
وقد تقدم ذكر بعض الخروج عن الشريعة الاءسلامية، والتبديل الذيحصل في الحكومة الاموية.
والائمّة: كانوا يراقبون الامور بجدّية ودقّة، وينظرون اءلي ماتؤدّي اءليه وما تساهم به أفعالهم ونشاطاتهم خلق أجواء انحراف عنالاءسلام؛ ولهذا كان يقول الاءمام علي(ع) في أمر معاوية: ولقد أهمّني هذاالامر وأسهرني، وضربت أنفه وعينيه فلم أجد اءلاّ القتال أو الكفر بماأنزل الله علي محمد(ص)، اءنّ الله تبارك وتعالي لم يرض من أوليائه أنيعصي في الارض وهم سكوت، مذعنون لا يأمرون بالمعروف ولاينهون عن المنكر، فوجدت القتال أهون عليّ من معالجة الاغلال فيجهنّم.
وجاء في رسالة الامام الحسين(ع) التي كانت جواباً علي رسالة بعثهامعاوية:
«ما أردت حرباً ولا خلافاً، واءنّي لاخشي الله في ترك ذلك، منك ومن حزبكالقاسطين المحلّين، حزب الظالم وأعوان الشيطان الرجيم، ألست قاتل حجر وأصحابهالعابدين المخبتين، الذين كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عنالمنكر؟ فقتلتهم ظلماً وعدواناً، من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة، والعهودالمؤكّدة، جراءة علي الله واستخفافاً بعهده، أو لست قاتل عمرو بن الحمق، الذيأخلقت وأبلت وجهه العبادة؟ فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصمنزلت من شعف الجبال، أو لست المدّعي زياداً في الاسلام، فزعمت أنّه ابنأبيسفيان؟ وقد قضي رسول الله(ص) أنّ الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثمّ سلطتهعلي أهل الاسلام، يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويصلبهم علي جذوعالنخل، سبحان الله يا معاوية! كأنّك لست من هذه الامّة وليسوا منك، أو لست قاتلالحضرمي الذي كتب اءليك فيه زياد أنّه علي دين عليّ(ع)، ودين عليّ(ع) هو دينابنعمّه(ع) الذي أجلسك مجلسك الذي انت فيه؟ وانّي لا أعلم لها (الاُمّة) فتنةأعظم من اءمارتك عليها، وانّيوالله ما أعرف أفضل من جهادك، فاءن أفعل فاءنّه قربةاءلي ربّي، واءن لم أفعله فاستغفر الله لديني».
وقال الامام الحسين(ع) في آخر زيارة له لجدّه رسول الله(ص): «لقدخرجت من جوارك كرهاً، وفرّق بيني وبينك وأُخذت قهراً، أن أبايع يزيد شاربالخمور وراكب الفجور، واءن فعلت كفرت، وان أبيت قتلت».
الامام عليّ(ع) يحذّر من الامويّين:
أدرك الامام عليّ(ع) خطورة بنيأُميّة علي الاءسلام وذلك لتأريخهمالمعادي للاسلام أوّلاً، ولمواقفهم المخالفة للاسلام ابّان حكومة عثمانثانياً، ولوصايا الرسول(ص) المتكررة علي ابعادهم عن مراكز القوة ثالثاً،لانّهم عدوّ دخل الاءسلام وخضع للامر الواقع بخسارة المعركة؛ حيث لميسلموا الاّ بعد أن فتحت مكّة، ودخلها الرسول(ص) بقوة عسكرية لاطاقة لابيسفيان وأعوانه بها.
اضافة اءلي ذلك أنّ هذا العدو لم يكن من جنس الذي يحمل أفكاراًعلي المستوي الفرديّ، واءنّما كانت له القدرة علي تعبئة حلفائه الذينيشتركون معه في الاهداف والمنطلقات، وفعلاً تحققت التحذيرات بعدذلك.
نماذج من تحذيرات أميرالمؤمنين عليّ(ع):
1 ـ «الا واءن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بنيأميّة، فاءنّها فتنة عمياء مظلمة،عمّت خُطّتُها وخصّت بليّتُها، وأيم الله لتجدن بنيأمية لكم أرباب سوء بعدي، كالنابالضروس، تعذم بفيها، وتخيط بيدها، وتزبن برجلها، وتمنع دَرَّها، لا يزالون بكم حتيلا يتركوا منكم اءلاّ نافعاً لهم أو غير ضائر بهم، ولا يزال بلاؤهُم عنكم حتي لا يكونانتصار أحدكم منهم اءلاّ كانتصار العبد من ربّه».
2 ـ قال الامام عليّ(ع) يصف مستقبل ظلم بنيأُميّة بقوله: «والله لايزالون حتي لا يَدَعوا لله مُحرّماً الاّ استحلُّوه، ولا عقداً الاّ حلّوه، وحتي لا يبقي بيتمَدَر ولا وبر الاّ دخله ظلمُهُم، ونبابه سوء رعيهم وحتي يقوم الباكيان يبكيان، باكٍيبكي لدينه، وباكٍ يبكي لدنياه وحتي تكون نُصرة أحدِكم من أحدهم كنصرة العبدمن سيّده اءذا شَهِدَ أطاعَهُ، واءذا غاب اغتابَه حتي يكون أعظمكم فيها عناءًأحسنكمباللهظنّاً»
3 ـ الامام عليّ(ع) يصف معاوية ورايته بقوله: «راية ضلال قد قامتعلي قطبها، وتفرّقت بشُعَبها، تُكيلكُم بصاعها وتخبطكم بباعها، قائدها خارج منالملّة، قائم علي الضّلّة».
مسؤولية الامام الحسين(ع):
تحرّك الامام الحسين(ع) من موقع المسؤولية في الدفاع عن الدينعندما تعرّض اءلي التهديد، وبدأت المعاول الامويّة تضرب قواعد الاءسلاملتهدم كلّ ما بناه النبيّ محمد6، وتذهب بكلّ الجهود المؤمنة التيبُذلت بهذا الطريق.
والاءمام الحسين(ع) اءمام المسلمين ومعتمدهم، وهو يري مسيرةالانحراف الاموية ومحاولاتها لجرّ الدين اءلي اتجاهات جاهلية بعيدة عنأهداف الاسلام وغاياته الكبري.
والاءمام الحسين(ع) اضافة الي اعتقاد الاُمّة بأنّه الاصلح لمقام الخلافة؛فهو الامام الشرعي بالنص والانتخاب الاءلهي له، وقد حمّل الاسلام الاماممسؤولية كبيرة، وأوكل له مهمات خاصّة تتناسب ومؤهلاته وملكاته لايقدر علي أدائها غيره.
فأوجب عليه السهر علي مصالح المسلمين ورعاية شؤونهم الدينيّةوالدنيويّة، والدفاع ـ بشكل يتناسب مع الظروف الموضوعية ـ عنالاءسلام شريعة وعقيدة وأمة.
وأناط بالاءمام مسؤولية العمل علي تطوير وتنحية الحياة الفكريةوالمعنوية والسلوكية، واءرشادهم اءلي الخير والصلاح والاءشراف عليالتجربة الاءسلامية نظرياً وعملياً، وقيادة الحركة الاجتماعية، وهدايةالناس باتجاه الله تعالي، ومدّ المجتمع الاسلامي بالاحكام الشرعية للوقائعالجديدة التي تواجه المسلمين في حياتهم بجوانبها المختلفة وحراسةالاءسلام وحفظ الدين من التحريف والتزوير، ومن المستهترين بالقيموالاخلاق الاءسلاميّة.
والحفاظ علي أمن البلاد الاسلاميّة؛ ليعيش الناس آمنين عليأنفسهم وأموالهم. ونشر الاسلام والدعوة اليه لاخراج الناس عن الشركوالكفر اءلي التوحيد والايمان. وغيرها من المسائل المتعلّقة باءدارة الدولة
وكانت نهضة الامام الحسين(ع) وفق هذه الوظائف والمسؤولياتتتحرك وتسعي لتحقيقها، لكن المسالة الاهمّ في ذلك الوقت الحفاظ عليالشريعة الاءسلامية من التحريف، والامة الاسلامية من الضلال والاضلالالتي تعمّدت السلطة آن ذاك الي اتخاذهما هدفاً لنشاطها وحركتهاالاعلامية والثقافية.
فتحرّك الامام وأعلن عن موقفه من الاحداث، ومن الحكومة بشكلقادر علي ايقاف حركة التحريف للدين، وبعث روح الاءصلاح والمواجهةفي المجتمع، ومنع المجتمع من الحركة التراجعيّة التي رسم الحكام لهمطريقها ومنهجها. فاستهدف الوجدان الديني عند المجتمع الاءسلامي عليجميع مستوياته ومختلف طبقاته واتجاهاته، فقصد اثارته وايقاظهوتوجيهه نحو مواضع الخطر والتهديد، ليكون أمام مسؤولياته الشرعيّة،وليخلق غيرة فعّالة ومؤثرة في الواقع الاجتماعيّ.
الحسين(ع) باتّجاه الاءصلاح:
كشف الامام الحسين(ع) عن حقيقة الانحراف وطبيعته، وأظهرالمديات البعيدة بينه وبين الشريعة الاسلامية التي أرادها الله لعباده، وكوّنرؤية عن المبادي والقيم الاصيلة، والاتجاهات التي تتحرك المساراتالمنحرفة نحوها، والتي اتخذت من الاءسلام غطاءً لنشاطاتها، وبيّنمفرداتها الفكرية التي تشترك في انتمائها الي الدائرة السلبيّة من النشاطالفكري في مواقع عبادة الهوي.
فنقض الاُسس التي تقوم عليها كلّ تفاصيل النظرية التي استحدثهاوابتدعها حكّام الجور بصوت سمعته الاءنسانية، وبقي صداه يقرعمسامعها علي مدي الحياة وتعاقب القرون، وبشكل لا يمكن لقوي الظلممن كتمانه ومنع انتشاره، وزاد ذلك انتشاراً وحركة طريقة التشفي منالنبيّ(ص) وعترته: عندما داروا برأسه ورؤوس أصحابه في أغلبالامصار تنكلياً بالدين وبالاحرار من المسلمين، فبلّغ رسالته اءماماً قائماًبالقسط داعياً اءلي الله والاصلاح، مجاهداً في سبيل ذلك حتي الشهادة،وشهيداً رأسه علي الرماح يُطاف به في البلدان وهو ابن النبيّ محمد(ص)،وهو الذي قال فيه جدّه محمد(ص) : حسين منّي وأنا من حسين، أحبّ اللهمن أحبّ حسيناً، حسين سبط من الاسباط».
وهو أحد أصحاب الكساء من أهل البيت: الذين قال الله فيهم:(اءنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً).
فكان موقف الاءمام(ع) كاشفاً عن عقلية أهل الوحي، وفي المقابلكانت عقلية الجاهلية، التي هاجمها الاءمام(ع)، وكشف خطر الفكروالسلوك الاموي علي المنهج الاءسلامي؛ فكانت ثورته(ع) الاولي فيشكلها وطريقة تحديها، وأنّها أوضح وأبلغ خطاب كاشف عن مديالانحراف في الاتجاه الذي لا يمكن السكوت معه، وأظهرت ما وصلتاءليه الاُمّة من مستويات متدنيّة من جرّاء الخضوع والاستسلام للانحرافوالجبروت، لقد افتقدت الامّة الاءرادة والقدرة علي اتخاذ الموقف، ولهذااستطاع الجائرون من اءخضاعهم لاءرادتهم ودفعهم علي ارتكاب جريمةقتل أولاد نبيّها، مع ما يحفظون من وصايا وأوامر باتباعهم والتمسكبهم.
الاءمام الحسين(ع) الخليفة الشرعي:
اضافة اءلي النصوص النبويّة التي تثبت اءمامة الحسين(ع) نتعرّض اءليأحاديثه(ع) في هذا المجال ودعوة الناس لنفسه:
1 ـ قال(ع) مخاطباً للكتائب التي كانت مع الحرّ بن يزيد الرياحي:«أمّا بعد أيّها الناس فاءنّكم اءن تتّقوا الله وتعرفوا الحقّ لاهله يكن أرضي لله، ونحن أهلالبيت أولي بولاية هذا الامر من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجوروالعدوان، فاءن كرهتمونا وجهلتم حقّنا وكان رأيكم غير ما أتتني به كتبكم ورسلكمانصرفت عنكم».
2 ـ وفي خطبته الثانية بأصحاب الحرّ قال: «ألا واءنّ هؤلاء قد لزموا طاعةالشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء،وأحلّوا حرام الله، وأنا أحقّ من غيري».
3 ـ وجاء في كتابه الذي بعث به مسلم بن عقيل: «ولعمري ما الاءماماءلاّ العامل بالكتاب، القائم بالقسط، الدائن بدين الحقّ».
معطيات الثورة:
لا يمكن حصر عطاء الثورة الحسينية بنقاط معدودة؛ لانّها أكبر منالزمان والمكان اللّذين كانا ظرفاً لها، فهي تجاوزت الزمان والمكان؛فأصبحت ثورة الاءنسان للانعتاق والحرّية، وثورة الاءيمان ضدّ الكفروالوثنيّة بأشكالها المتعدّدة، فحصرها تحجيم لها، فنذكر معطياتها لا عليسبيل الحصر واءنّما علي سبيل المناسبة مع الموضوع الذي وقع عليهالاختيار.
1 ـ اءحياء فريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي عطّلهاالامويون من خلال دعوته لاءقامتها بقوله(ع): «اءنّي لم أخرج أشراً ولابطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، واءنّما خرجت لطلب الاءصلاح في أمّة جدّي،أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر».
ووقف آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر بأشكال مختلفة انتهيالامر فيها اءلي الموقف العسكري المسلّح.
2 ـ التفكيك بين الشرعية الدينية وشرعية القوة.
ليس من يمتلك القوة والغلبة، وبسط يده علي المسلمين بالمقوماتالمادية والقهر، والاءعلامية بالمكر والكذب والخداع يمتلك الشرعية،واءنّما الاءمام الشرعي هو كما يقول الاءمام الحسين(ع): «فلعمري ما الاءمام اءلاّالعامل بالكتاب والا´خذ بالقسط والدائن بالحقّ، والحابس نفسه علي ذات الله».
وقد علّم الاُمّة أنّ الغلبة لا تمنح حقاً، وأنّ الفاسق لا تصح له بيعةفنقض الاءمام الحسين(ع) محاولة تأكيد القناعات الاموية المخطوءة فيوعي ووجدان وذاكرة الامّة التي مفادها: أنّ من تسلّط علي الناس بأيمفردة من مفردات القهر يستحقّ الطاعة والانصياع وبالتالي من يخرجعليه فهو خارج علي اءمام زمانه فيكون في النتيجة خارجاً عن الدين.
وأثبت ضرورة القيام ضدّ الحاكم الظالم بقوله: «أيّها الناس، اءنّرسولالله6 قال: من رأي سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاًلسنة رسول الله(ص) يعمل في عباد الله بالاءثم والعدوان فلم يغيّر ما عليه بفعل ولاقول، كان حقّاً علي الله أن يدخله مدخله، ألا واءنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطانوتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء وأحلّواحرام الله وحرّموا حلاله» وهذه مبررات القيام ضدّ الحكّام.
3 ـ أعطي بحركته التعريف الصحيح للجماعة التي تستّر خلفها طغاةبنيأُميّة، فالجماعة هي التي يكون الحقّ والاءمام العادل محوراً لها، ولاقيمة لجماعة تتحد علي الباطل والظلم والمعصية، والاخيرة أكثر خطورةمن التفرق عن الباطل.
4 ـ بعث روح الثورة والجرأة والغيرة علي الدين في نفوس المسلمينبالدفاع ببسالة عن الاءسلام العزيز، فكانت نهضة الاءمام الحسين(ع) مدرسةلجميع الحركات التي جاءت بعدها في تأريخ الاءسلام.
5 ـ اءيجاد خطّ أصيل يتبني الحسين(ع) فكراً ومنهجاً وعاطفة يمثلالامّة الوسط، الا´مرة بالمعروف والناهية عن المنكر، تكون حجّة عليغيرها بولائها وحركتها الثوريّة، فخلقت ثورة كربلاء جمهوراً حسينياًيتحرّك في كلّ زمان ومكان؛ ليضع لنا أكثر من كربلاء وأكثر من ثورة،وكلّها وليدة النهضة الاُمّ نهضة الحسين(ع).
6 ـ كشف حقيقة المبادي التي يؤمن بها الامويّون، وأنّهم ليسوا رداءالاءسلام ليمكروا به، ولذلك فهم لا التزام ولا اءيمان ولا عهد لهم، ولايمنعهم شيء من ارتكاب أيّ جريمة وانتهاك كلّ حرمة.
7 ـ انّ النصر انتصار المبادي والقيم التي يؤمن بها المرء، لا السيطرةعلي أوسع مساحة أرضيّة؛ ولذلك انتصر الحسين(ع) لانّه انتصرت مبادئهوقيمه، واندحرت مبادي الطغاة الذين قتلوه وأصبحوا لعنة للاجيال،فكان للحسين(ع) خلود ومدرسة في المقاومة، ولاعدائه اللعنة والعذاب.
8 ـ الانصياع للطغاة لا يحقّق أي هدف اءلاّ الذلّ والهوان وانتهاكالمقدّسات، ثمّ لا يرضي الحكّام اءلاّ بالطاعة التي لا تقف عند حدود؛ فمنأطاع في المسائل الصغيرة سيروّض حتي يرتكب الجرائم الكبيرة.
المصادر
------------------------------
1. القرآن الكريم.
2ـ نهج البلاغة.
3ـ بحار الانوار، المجلسي.
4ـ مروج الذهب، المسعودي.
5ـ تأريخ اليعقوبي، ابنواضح الاخباري.
6ـ تأريخ الخلفاء، السيوطي.
7ـ البداية والنهاية، ابنكثير.
8ـ السيرة النبوية، ابنهشام.
9ـ المغازي، الواقدي.
10ـ الكامل في التأريخ، ابنأثير.
11ـ تذكرة الخواصّ، سبط بن الجوزي.
12ـ شرح النهج، المعتزلي.
13ـ أنساب الاشراف، البلاذري.
14ـ وقعة صفين، نصر بن مزاحم.
15ـ صحيح مسلم.
16ـ صحيح البخاري.
17ـ سنن الترمذي.
18ـ مسند أحمد.
19ـ مصابيح السنة.
20ـ كنز العمّال.
21ـ الكامل في اللغة والادب، المبرد.
22ـ العقد الفريد، ابنربّه.
23ـ روضة الواعظين.
24ـ الاءمامة والسياسة، ابنقتيبة.
25ـ مقتل الحسين(ع)، لابيمخنف.
26ـ مقتل الحسين(ع)، المقرم.
27ـ التأريخ الكبير، البخاري.
28ـ شرح العقيدة الطحاوية، لابيجعفر الطحاوي.
29ـ أصول الدين، الاءمام البزودي.
30ـ التمهيد، الباقلائي.
31ـ شرح العقائد النسفية، النسفي.
المجمع العالمي لاهل البيت: قم المقدسة
المناهج الاُموية وثورة التصحيح الحسينية
- الزيارات: 13110