(ومن اظلم ممّن منع مساجد اللّه أن يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ...)([47]) .
اعتبر بعض المفسرين نزول هذه الاية مرتبطاً بحادث الحديبية ، حينما رفض المشركون دخول النبي(صلى الله عليه وآله) وأصحابه إلى مكة([48]) . وقال آخرون : ان الاية تشير إلى خراب بيت المقدس (70 سنة بعد السيد المسيح) حين دخول تيطس الروماني بيت المقدس حتى صارت المدينة تلاً من التراب ، وهدمه هيكل سليمان(عليه السلام) ، واحراقه ما كان عند اليهود من نسخ التوراة([49]) .
وايّاً كان ، فان ظاهر الاية لا يدل على حادثة محددة ، ولا توجد أية قرائن لمثل هذه الاراء ، فالاية تبين حقيقة كلية تشمل الاحداث الماضية كخراب بيت المقدس ، والحاضرة (زمان نزول الاية) كحدث الحديبية ، والتالية ، كتخريب المساجد على يد الصليبيين القرامطة ، وعليه يفهم من الاية ان أهل الشرك والنفاق عدّوا هذه المراكز خطراً حقيقياً لانها كانت على مر التاريخ قواعد للوحدة والعبودية وحصوناً للجهاد ضد الفساد والطاغوت ، ولهذا سعى اعداء اللّه دائماً وبشهادة التاريخ إلى التقليل من شأن المساجد وتحجيم اهميتها بمختلف المخططات والدسائس . وعلى هذا الاساس اعتبر القرآن الكريم الدفاع عن حرمة المساجد وقداستها احد أهم دلائل تشريع الجهاد : (ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم اللّه كثيراً ولينصرن اللّه من ينصره إن اللّه لقوي عزيز)([50]) .
____________________
([47]) البقرة : 114 .
([48]) المنار 1 : 431 .
([49]) المصدر نفسه .
([50]) الحج : 40 .
المسجد قاعدة ضد الظلم والاستغلال
- الزيارات: 3040