وقوف عرفات من الموضوعات التي هي بعهدة المكلف نفسه ، فهل يجوز له ـ وهو يعلم أنّ هذا اليوم هو اليوم الثامن من ذي الحجّة ـ أن يقف هذا اليوم بعرفات . .؟
يقول السيّد الحكيم : ... ومن ذلك تعرف إجزاءالحج إذاوقف تقيةً مع المخالفين ، ولم يقف في اليوم التاسع من دون فرق بين صورتي العلم بالمخالفة للواقع وعدمه(1).
هذا وأنّ مسألة ثبوت الهلال من المسائل المهمة والمختلف فيها ، فقد يثبت في بلد ولا يثبت في آخر ، وقد تسبب احراجاً ومشاكل وأذًى للحاج نفسه وأخرى لغيره وللفئة التي ينتمي اليها ، ففي هذه الحالة اتّكأ جمع من الفقهاء على قاعدة التقية ، وأفتى بمتابعة إخوانه من الفرق الاسلامية الأخرى في أداء مناسك الحج; حفظاً لوحدتهم ودرءًا لما تسببه المخالفة من آثار سيئة وعسر وحرج . . .
يقول السيد الامام الخميني(قدس سره) : لو ثبت هلال ذي الحجة عند القاضي من العامة وحكم به ولم يثبت عندنا ، فإن أمكن العمل على طبق المذهب بلاتقية وخوف وجب ، و إلاّ وجبت التبعية عنهم ، وصحّ الحج لو لم تتبين المخالفة للواقع ، بل لاتبعد الصحة مع العلم بالمخالفة ، ولاتجوز المخالفة ، بل في صحة الحج مع مخالفة التقية إشكال . . . وأضاف في موقع آخر أنّه لا يمكن العلم بالمخالفة لتباين الآفاق . . . وإن كان الاختلاف بيومين كما ورد في جوابه عن سؤال وجه لسماحته(2) .
وقد لايكون هناك خوف ، وإنما هناك أمر آخر وهو حفظ وحدة المسلمين ، والابتعاد من أي شيء يكون من شأنه ايجاد الفرقة ، أو توجيه أصابع الاتهام للامامية بشق الصف ومايستتبع هذا من إهانة . . . وهنا أيضاً تأتي التقية لحفظ الكيان الواحد . . .
يقول الشيخ اللنكراني وهو أحد كبار طلبة الإمام الخميني(قدس سره) ، ومرجع من مراجع التقليد : لابدّ وأن يعلم أنه ربما لايكون في البين خوف شخصي وخطر متوجه الى الشخص نفساً أوغيرها ، بل يكون في البين هتك حرمة الشيعة وانحطاط شأنهم ، وجعلهم في معرض التهمة ومظنة السوء ، كما إذا كانوا مجتمعين في الحج والوقوف ـ كما في هذه الأزمنة ـ فإنه لابدّ في هذه الصورة من حفظ مقامهم ، لئلا يقعوا في معرض الاتهام ، وينظر الناس إليهم بعين الابتعاد عن الاسلام والالتزام بشؤونه ، فلايجوز التخلف عنهم في الوقوف ونحوه ، وإن لم يكن تقية ولا خوف في البين أصلاً .
ثم يعقّب قائلاً : وكيف كان ، ففي صورة التقية و مثلها ، تجب المتابعة عنهم ورعاية شؤون التقية ، ولا شبهة في هذه الجهة من حيث الحكم التكليفي(3).
هذا إضافةً إلى ما ذكرنا سابقاً من روايات متواترة ، بل فوق حدّ التواتر في مشروعية التقية ولزوم رعايتها ، وعدم جواز مخالفتها .
____________________
(1) مستمسك العروة 2 : 407 .
(2) تحرير الوسيلة 1 : 441 ، واُنظر آراء المراجع في الحج : 432 ، ومناسك الحجّ المحشى .
(3) اُنظر كتاب الحجّ للشيخ اللنكراني .
يوم عرفة
- الزيارات: 1970