• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الديمقراطية لا تصلح في المجتمع القبلي

رابعاً: ولو سلمنا جدلاً أن الديمقراطية يمكن أن تكون طريق لاختيار الحاكم، لكنها لا تفيد مع ذلك المجتمع الجاهلي الذي لم يعرف في طول تاريخه معنى الشورى، فان الأنظمة التي كانت سائدة هي الأنظمة القبلية، والتقسيمات العشائرية، التي لا تعترف ألا بقانون القوة.
قلت: لكن النبي (صلى الله عليه وسلم) سعى سعياً حثيثاً لمحو الروح القبلية وإذابة الفوارق العشائرية، وجمع ذلك الشتات في بوتقة الإيمان الموحد.
خالي: نعم هذا صحيح، ولكن ليس من الممكن أن ينقلب النظام القبلي في مدة ثلاث وعشرين عاماً إلى نظام موحد إسلامي فقد كان لا يرى إلا الانتساب إلى القبلية فخراً له، والأدلة على ذلك كثيرة، فقد نقل البخاري في صحيحه (تنازع مهاجري مع أنصاري، فصرخ الأنصاري (يا معشر الأنصار) وصرخ المهاجري (يا معشر المهاجرين)(1)، ولما سمع النبي ذلك، قال: (دعوها فإنها دعوة ميتة). ولولا قيادته الحكيمة (صلى الله عليه واله وسلم) لخُضّب وجه الأرض بدماء المسلمين من المهاجرين والأنصار. وكم حدثت أمثال تلك الحوادث، حتى قال فيهم النبي (يا معشر المسلمين، أبد عوى الجاهلية، وأنا بينكم..)، وحتى تتأكد مما قلته لك أرجع إلى أي كتاب في التاريخ، لترى الصورة الحقيقية للمجتمع الأول، ولا تفهم من ذلك إني أشكك في مجتمع الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وكلما أقصده أن النظرة المثالية ليست واقعية.
قلت: ليس كل ما جاء في كتب التاريخ حقيقة.
خالي: عفواً لا تعتمدي على الكلمات المطلقة، ليس كل ما في التاريخ حقيقة، هذا الكلام عليكِ وليس معكِ، لأن السلف الذين تدافعين عنهم أنتِ لم تعيشي معهم، وكل ما تعرفينه عنهم هو عبر التاريخ، هذا أولاً، وثانياً: أن هنالك روايات في الصحاح التي تعترفون بصحتها تكشف أن المجتمع الأول لم يكن مثالياً كما تتخيلين، واليك هذه الحادثة التي جاءت في صحيح البخاري في قصة الإفك كمثال وليس حصراً. قال النبي (ص) وهو على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني في رجل قد بلغني عنه أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت منه إلا خيراً وما يدخل على أهلي إلا معي.
قالت عائشة: فقال سعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل فقال: أنا يا رسول الله أعذرك، فإن كان من الأوس ضربت عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا.
قالت عائشة: فقام رجل من الخزرج وهو سعد بن عبادة، وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً ولكن احتملته الحمية، فقال سعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل.
فقال أسيد بن حضير، وهو أبن عم سعد بن معاذ، لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله، لتقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين.
قالت عائشة: فصار الحيان (الأوس والخزرج) حتى هموا أن يقتتلا ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، قائم على المنبر، ولم يزل رسول الله يخفضهم (أي يهدئهم) حتى سكتوا.
فعليك أن تتدبر، هذا هو الحال ورسول الله بينهم، فكيف الحال بعد وفاته؟!
واسمحي لي أن أتجاسر قليلاً وأقول لك، أن فرض الديمقراطية في مثل هذا المجتمع هرطقة فاضحة.
وذلك لأن العمليات الانتخابية التي يفترض إجراؤها تحت مظلة الديمقراطية تستلزم وعياً ونظرا للمصالح والمفاسد وتقويماً للطرق السليمة التي تفيد المجتمع في ارتقائه وتكامله، وتجربة في الحياة السياسية.وهذا كله يستدعي أرضية ثقافية وفكرية نشطة لدى أبناء الشعب وفي غير تلك الصورة يكون فرض الديمقراطية ضرباً من اللاواقعية.
قلت: بقدر ما أنك تجد شواهد على بدوية ذلك المجتمع، فأن الشواهد على وجود نماذج طيبة كثيرة جداً في التاريخ، وليس من الأنصاف أن تتمسك بالشواهد السلبية دون الإيجابية، فمجرد وجود تلك النماذج الإيجابية كافٍ لصيرورة نظام الشورى.
خالي: أنا لا أنكر تلك النماذج الإيجابية بل أفتخر بها، ولكن ليس هذا مربط الفرس، فأن القضية تدور مدار الشرعية للشورى، والمدعى قائم على نفي الشرعية عنها، إذ لا يعقل أن تكون الشورى هي الطريق الذي حدده الشرع، في حين أنه لا توجد رواية واحدة عن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) يتحدث فيها عن الشورى، وهذا خلاف المفترض، حيث كان من اللازم أن يبين الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كيفية الشورى وحدودها وآلياتها، في حين أن الأحاديث التي تتحدث عن السواك وفوائده لا تقل عن الخمسة والثلاثين حديثاً.
____________
1 - ج5 صـ119ـ،بات غزوة بني المصطلق.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

telegram ersali arinsta ar

١ ربيع الاول

(١) هجرة الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله إلى يثرب (المدينة المنورة) (٢) ليلة المبيت (٣) وفاة زوجة النبي...

المزید...

٣ ربيع الاول

احراق الكعبة

المزید...

٤ ربيع الاول

خروج النبي صلّى الله عليه وآله وسلم من الغار

المزید...

٥ ربيع الاول

(١) الهجوم على دار الزهراء سلام الله عليها (٢) وفاة السيدة سكينة ...

المزید...

٨ ربيع الاول

استشهاد الامام الحسن العسكري عليه السلام

المزید...

٩ ربيع الاول

(١) مقتل الخليفة الثاني (٢) قتل عمر بن سعد (٣) تسلّم الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف مهامّ الامامة...

المزید...

١٠ ربيع الاول

١) زواج النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله) من خديجة الكبرى(عليها السلام). ٢) وفاة عبدالمطّلب جدّ الرسول الأعظم ...

المزید...

١٢ ربيع الأوّل

١) وفاة المعتصم العباسي. ٢) وفاة أحمد بن حنبل.

المزید...

١٣ ربيع الأوّل

تأسست الدولة العباسية على يد أبوالعبّاس السفّاح

المزید...

١٤ ربيع الأوّل

١) موت يزيد بن معاوية. ٢) موت الخليفة العباسي موسى الهادي.

المزید...

١٥ ربيع الأوّل

بناء مسجد « قبا »

المزید...

١٦ ربيع الأوّل

وصول الأسرى إلى الشام

المزید...

١٧ ربيع الأوّل

١) ولادة النبي الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله). ٢) ولادة الإمام جعفر الصادق(عليه السلام). ...

المزید...

١٨ ربيع الاول

بناء مسجد المدينة

المزید...

٢٥ ربيع الأوّل

٢٥ ربيع الأوّل غزوة دومة الجندل

المزید...

٢٦ ربيع الاول

صلح الامام الحسن بن علي المجتبى عليه السلام مع معاوية

المزید...
0123456789101112131415
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page