ينبغي أن نتنبه إلى دين هؤلاء وتصرفاتهم القبيحة التي يحاولون من خلالها الدفاع عن أبطالهم المزعومين، فهم مستعدون بهذه الاساليب الطعن برسول الله (ص) لأجل صحابتهم وحكامهم كما يفعلون ذلك دائماً في جدالهم وردهم علينا بحيث يسيئون إلى رسول الله (ص) وإلى أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام)!
ونذكر لذلك مثالاً واحداً، قد ذكره شيخ النواصب ابن تيمية في (منهاج سنته ج5/7) حين أراد الدفاع عن أبي بكر وعمر في معرض رده على العلامة فطعن بعلي(ع) وانتقصه بلا وجه حق وهذا نص قوله: ((فلا يمكن أن يوَجَّهَ على الخلفاء الثلاثة من مطعن إلا وجّه على علي ما هو مثله أو أعظم منه)).
وها هنا قد كرروا نفس هذا الاسلوب الخبيث حينما أعيتهم الحجج والادلة أخذوا بالانتقاص من رسول الله (ص). ولكن هيهات لهم ذلك فلك الحجة البالغة.
فنحن حينما نستدل بهذا الدليل على عدم شجاعتهما نتيجة لعدم وجود دليل عليها وعدم ثبوتها وإنما هي مجرد ادعاء منهم لا أكثر، فنطلب حينئذ الدليل على الشجاعة؟
والشجاعة تعرف بأمور: منها أن يعرف مدعوها بقتل الصناديد حتى الرجال العاديين حينما يشاركون في قتال ما، أو أن هناك نصاً معتبر ومن مصدر معتد به يصرح بشجاعة الشخص وتثبتها له وهكذا، فلما لم نجد نصاً من الله تعالى ورسوله تثبت للثلاثة ذلك، بل وجدنا على العكس من ذلك في الواقع، حيث وجدنا هروبهم في المعارك كما في أحد وتركهم النبي(ص) بين سيوف الكفار جريحاً وعدم بروزهم في الخندق لعمرو بن ودّ وفرارهم في خيبر وحنين، فماذا بقي ليشهد بشجاعتهم؟!!
بقي أمر طالبنا به وهو أن يأتونا بأناس قتلوا بسيوف خلفائهم الثلاثة فلم يجدوا، فأخذوا يعكسون هذا الاستدلال علينا فنقضوه بشخصية عظيمة لم يجرأ أحد نسبة شيء من الجبن إليها ولا ينبغي له ذلك أبداً ولا يتصور في حقه (ص)، بل من ينسب ذلك له يكفر ويخرج عن دائرة الإسلام، فأين الثرى من الثريا ليستدل بذلك على شجاعتهم؟!!
فرسول الله (ص) شجاعته ثابتة، بل ضرورية ومعلومة، بل إنه (ص) أشجع الناس مطلقاً ولم نر أحداً قد شكك فيها حتى مشركي قريش فما أجرء هؤلاء على رسول الله (ص).
فعلي(ع) أشجع الناس بعد رسول الله (ص) يخبر عن شجاعة النبي (ص) بقوله: (كنا إذا أشتد الوطيس لذنا برسول الله(ص)).
والنبي(ص) ما فر يوماً في حرب كما فر أصحابه عنه في أغلب حروبه وتركوه عالقاً بين أسياف الكافرين مصاباً كما في أحد!!
وهؤلاء قد ثبت عنهم جميعاً بأنهم هربوا حتى عَرَّض بهم رسول الله (ص) بقوله لعلي(ع) يوم خيبر: (كرار غير فرار) (تاريخ دمشق لأبي عساكر 41/219، والسيرة الحلبية 2/737).
أما أبو بكر فقد روى الحاكم (3/38) وصححه ووافقه الذهبي أنه (سار بالناس وانهزم حتى رجع).
وأما عمر (فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه فجاءوا يجبنوه ويجبنهم) في نفس الصفحة من مستدرك الحاكم أيضاً.
وأما الثالث فقد قال فيه رسول الله(ص) واثنين معه: (لقد ذهبتم فيها عريضة) فنزلت فيهم: ((ان الذين تولوا..))آل عمران:155، وكان أبو بكر أول من فاء في أحد، فقال: ((لما كان يوم أحد انصرف الناس كلهم عن النبي(ص) فكنت أول من فاء إلى النبي(ص))) (الأحاديث المختارة 1/137).
وبالتالي بحثنا تنزلاً عن دليل آخر ليس هو علة تامة ولا فيه دلالة صريحة على الشجاعة، وإنما أردنا أن نثبت بأن هؤلاء قد يكون فرارهم لعذر بدليل قتلهم الصناديد أو عدد كبير من الكافرين هنا وهناك، وإلا فهذا الدليل لا يتم لو كان هنالك شجاعاً لم تتبين لنا شجاعته ولم يشارك في الحروب فلا نستطيع الاستدلال بهذا الدليل للقول بجبنه لانتفاء الابتلاء.
أما من شارك في كل الوقائع أو أكثرها وادعيت له الشجاعة الفائقة وكان قد فر وهرب والتوى في أكثر هذه الحروب! فكيف لنا أن نتأكد من شجاعته؟ فما عسانا إلا أن نطالب من يدعي شجاعتهم بأن يأتينا بأسماء من قتلوا أو شاركوا في قتلهم ولكن دون جواب!!
وبالتالي فقياس مثل هؤلاء الفارّين الذين لم تثبت شجاعتهم إلا ادعاءاً بالنبي الأعظم ورسوله الأكرم (ص) الذي أجمعت الأمة على اجتماع كل صفات الكمال فيه وأنه أفضل خلق الله في كل شيء ومنها الشجاعة قياس فاسد، لانه قياس مع الفارق، فقد ثبتت لنا شجاعته (ص) في الواقع فلم نره هرب حاشاه يوماً، ولم نره نكص أو التوى وإنما كان الصحابة بل شجعانهم كعلي(ع) وسائر الأصحاب المخلصين بل كل جيش المسلمين يلوذون به (ص) حين يحمي الوطيس يشتدّ القتالز
فروي ذلك عن علي في (مسند أحمد) وعن البراء في مسلم قال: (كنّا والله إذا أحمرّ البأس نتقي به وإن الشجاع منا للذي يحاذي به يعني النبي (ص)). وقال النووي في شرحه للحديث وفيه بيان شجاعته (ص).
بل أكثر من ذلك فقد ثبت عندهم بأن النبي (ص) قد قتل بيده الشريفة طاغية عصره أبي بن خلف وغيره, مع أن رسول الله (ص) لحكمة إلهية أرادها الله تعالى أن لا يباشر القتل بيده بشكل مباشر لعلّة ما يعلمها تعالى الحكيم الخبير مع أنه (ص) كان من يلاذ به ويتقى به من الأعداء وفي مقدمة جيشه حين اشتداد البأس وصعوبة الموقف.
ونذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض الذين قتلهم النبي (ص) :
1ـ أن النبي(ص) قتل أبي بن خلف، فقد قال أبن كثير في (البداية والنهاية 6/3 4): ان الله تعالى سلط محمداً على هذا المعاند لما بارز النبي(ص) يوم أحد فقتله بيده الكريمة طعنه بحربة فأصاب ترقوته فتردى عن فرسه مراراً.
2ـ أبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي، ضرب عنقه بيده (ع) يوم أحد وهو الذي قال له (ص): (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين)، وفي رواية (السيرة الحلبية): فقتله بيده، وفي هذا كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
زيد سليمان
موسوعة اسئلة الشیعة من اهل السنة
المأخذ : www.alsoal.com
![]() |