• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الباب الرابع عشر: في حال المؤمن عند موته

 

الباب الرابع عشر في حال المؤمن عند موته
قال النبي (ص) إن المؤمن إذا حضره الموت جاءت إليه ملائكة الرحمن بجريدة بيضاء فيقولون لنفسه اخرجي راضية مرضية إلى روح و ريحان و رب غير غضبان فتخرج كالطيب من المسك حتى يتناولها بعض من بعض فينتهي بها إلى باب السماء فيقول سكانها ما أطيب رائحة هذه النفس و كلما صعدوا بها من سماء إلى سماء قال أهلها مثل ذلك حتى يؤتى بها إلى الجنة مع أرواح المؤمنين فتستريح من غم الدنيا و أما الكافر فتأتيه ملائكة العذاب فيقولون لنفسه اخرجي كارهة مكروهة إلى عذاب الله و نكاله و رب عليك غضبان قال النبي (ص) أ ما ترون المحتضر يشخص ببصره قالوا بلى قال يتبع بصره نفسه .
و قال النبي ما من بيت إلا و ملك الموت يأتيه في كل يوم خمس مرات فإذا وجد الرجل قد انقطع أجله و نفد أكله ألقي عليه غم الموت فغشيته كرباته و غمرته غمراته فمن أهل بيته الناشرة شعرها و الضاربة وجهها و الباكية شجوها و الصارخة بويلها فيقول ملك الموت ويلكم فما الجزع و الفزع و الله ما أذهبت لواحد منكم رزقا و لا قربت له أجلا و لا أتيته حتى أمرت و لا قبضت روحه حتى استأمرت و إن لي فيكم عودة ثم عودة حتى لا يبقى منكم أحد ثم قال و الذي نفسي بيده لو يرون مكانه و يسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم و لبكوا على نفوسهم حتى إذا حمل الميت في نعشه رفرفت روحه فوق نعشه تنادي يا أهلي و يا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي مال جمعته من حلة و من غير حلة و خلفته لكم فالمهنأ لكم و التبعة علي فاحذروا مثل ما قد نزل بي و لقد أحسن القائل شعرا :
لقد لهوت و حد الموت في طلبي *** و إن في الموت لي شغلا عن اللعب
لو شمرت فكرتي فيما خلقت *** له ما اشتد حرصي على الدنيا و لا طلبي

و قال الوراق :
أبقيت مالك ميراثا لوارثه *** فليت شعري ما أبقى لك المال
القوم بعدك في حال يسرهم *** فكيف بعدهم حالت بك الحال
ملوا البكاء فما يبكيك من أحد *** و استحكم القيل في الميراث و القال
آنستهم العهد دنيا أقبلت لهم *** و أدبرت عنك و الأيام أحوال

و قال آخر :
هون الدنيا و ما فيها عليك *** و اجعل الهم لما بين يديك
إن هذا الدهر يدنيك إلى *** ملك الموت و يدنيه إليك
فاجعل العدة ما عشت له *** إنه يأتيك إحدى ليلتيك

و قال سلمان ره أضحكني ثلاث و أبكاني ثلاث غافل و ليس بمغفول عنه و ضاحك ملاقيه و الموت يطلبه و مؤمل الدنيا و لا يدرى أجله و أبكاني فراق الأحبة و هول المطلع و الوقوف بين يدي الله تعالى لا أدري أ ساخط هو أم راض و اعلموا رحمكم الله إنما يتوقع الصحيح سقما يرديه و موته من البلاء يدنيه فكأنه لم يكن في الدنيا ساكن و إليها راكن نزل به الموت فأصبح بين أهله و ولده لا يفهم كلاما و لا يرد سلاما قد اصفر وجهه و شخص بصره و حشرج صدره و يبس ريقه و اضطربت أوصاله و قلقت أحشاؤه و الأحبة حوله يرى و لا يعرف و يسمع فلا يرد و ينادي فلا يجيب خلف القصور و خلت منه الدور و حمل إلى أعناق الرجال يسرعون به إلى محل الأموات و دار الخسران و بيت الوحدة و الغربة و الوحشة ثم قسموا أمواله و سكنوا داره و تزوجوا أزواجه و حصل هو برمسه فرحم الله من جعل الهم هما واحدا و أكل قوته و أحسن عمله و قصر أمله و روي أنه إذا حمل عدو الله إلى قبره نادى إلى من تبعه يا إخوتاه احذروا مثل ما قد وقعت فيه إني أشكو دنيا غرتني حتى إذا اطمأننت إليها وضعتني و أشكو إليكم إخلاء الهوى إذا وافقتهم تبرءوا مني و خذلوني و أشكو إليكم أولاد آثرتهم على نفسي و أسلموني و أشكو إليكم مالا كدحت في جمعه في البر و البحر و قاسيت الأهوال فأخذه أعدائي و صار وبالا علي و عاد نفعه لغيري و أصبحت مرتهنا به و أشكو إليكم بيت الوحدة و الوحشة و الظلمة و المساءلة عن الصغيرة و الكبيرة فاحذروا مثل ما قد نزل بي فوا طول بلائي و عظيم عنائي ما لي من شفيع و لا حميم .
و كان رسول الله (ص) إذا دخل الجبانة يقول السلام عليكم أيها الأبدان البالية و العظام النخرة التي خرجت من الدنيا بحسراتها و حصلت منها برهنها اللهم أدخل عليهم روحا منك و سلاما منا و منك يا أرحم الراحمين و قال عبد الله الجرهمي و كان من المعمرين تبعت يوما جنازة فخنقتني العبرة فأنشدت شعرا :
يا قلب إنك في الدنيا لمغرور *** فاذكر و هل ينفعن اليوم تذكير
فبينما المرء في الأحياء مغتبطا *** إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه *** و ذو قرابته في الحي مسرور
فاسترزق الله خيرا ثم ارض به *** فبينما العسر إذ دارت مياسير

و قال رجل من أصحاب الجنازة تعرف لمن هذا الشعر فقلت لا و الله فقال هو لصاحب هذه الجنازة و أنت غريب و تبكي عليه و أهله مسرورون بتركته فقال أبو العتاهية شعرا :
أرى الدنيا تجهز بانطلاق *** مشمرة على قدم و ساق
فلا الدنيا بباقية لحي *** و لا حي على الدنيا بباق

و قال بعضهم محلة الأموات أبلغ العظات فزوروا القبور و اعتبروا النشور و رئي بعضهم يدخل المقبرة ليلا فينادي و يقول يا أهل القبور من أنتم ثم يجيب عن نفسه نحن الآباء و الأمهات و الإخوة و الأخوات نحن الأحباب و الجيران نحن الأصدقاء و الإخوان نحن الأحبة و الخلان طحننا البلى و أكلنا الثرى و أنشد بعضهم و قال :
خمدوا و ليس يجاب من ناداهم *** هم موتى و كيف إجابة الموت
و قال البراء بن عازب بينما نحن مع رسول الله (ص) إذ أبصر بجنازة تدفن فبادر إليها مسرعا حتى وقف عليها ثم بكى حتى بل ثوبه ثم التفت إلينا فقال يا إخوتي لمثل هذا فليعمل العاملون احذروا هذا و اعملوا له و كتب بعضهم إلى ملك يعظه أيها الملك اعدل برعيتك و ارحم من تحت يديك و لا تتجبر عليهم و لا تعل قدرك و لا تنس قبرك الذي هو منتهى أمرك فإن الموت يأتيك و إن طال عمرك و الحساب أمامك و القيامة موعدك و قد كان هذا الأمر الذي أنت فيه بيد غيرك فلو بقي له لم يصل إليك و سينتقل عنك كما انتقل عنه و أنه لا يبقى لك و لا تبقى له فقدم لنفسك خيرا تجده محضرا و تزود من دار الغرور لدار الفرح و السرور و اعتبر بمن كان قبلك ممن خزن الأموال و جدد الإقلال و جمع الرجال فلم يستطع دفع المنية و لا رد الرزية فلا تغتر بدنيا دنية لم يرضها الله جزاء لأوليائه و لا عذابا لأعدائه و اعتبر بقوله القائل شعرا :
و كيف يلذ العيش من كان موقنا *** بأن المنايا بغتة ستعاجله
و كيف يلذ النوم من كان مؤمنا *** بأن إله الخلق لا بد سائله
و كيف يلذ العيش من كان صائرا *** إلى جدث يبلي الثياب منازله
و كيف يلذ النوم من أثبتوا له *** مثاقيل أوزان الذي هو فاعله



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page