• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المحكم والمتشابه في القرآن

* ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) * ( 1 ) .
اعلم أن الكلام في المقام يقع في مراحل :
المرحلة الأولى : هو أنه جاء في بعض آيات القرآن الكريم أن القرآن كله محكم ، وذلك قوله تعالى : * ( كتاب أحكمت آياته ) * ( 2 ) فهذه الآية نص على أن آيات القرآن كلها محكمة . وجاء في بعضها أن القرآن كله متشابه ، كما جاء في قوله تعالى :
* ( كتابا متشابها مثاني ) * ( 3 ) فهذه الآية نص على أن آيات القرآن كلها متشابهة . وجاء في بعضها أن القرآن بعضه محكم وبعضه متشابه ، كهذه الآية الكريمة التي افتتحنا بها الكلام ، فهذا بظاهره تناقض يتنزه عنه مقام القرآن الكريم ، فكيف الجمع والتوفيق بين هذه الآيات ؟
وأجيب عن ذلك : بأن المراد بالمحكم في الآية التي دلت على أن آيات القرآن كلها محكمة هو كون كلامه - أعني القرآن - حقا فصيح الألفاظ ، صحيح المعاني ، وكل كلام غير القرآن هو دون كلام القرآن في الإحكام والإتقان وفصاحة اللفظ وقوة المعنى ، بحيث لا يتمكن أحد من إتيان كلام يساوي القرآن في هذه الأوصاف الفاضلة ، وهذا جرى على ما جرى عليه العرب في أوصافهم للأشياء المحكمة المتقنة ، كما تقول في البناء الوثيق والعهد الوثيق الذي لا يمكن حله : إنه محكم ، فهذا معنى وصف القرآن كله بأنه محكم .
وأما ما دل على أنه بكليته متشابه ، فالمراد منه أنه يشبه بعضه بعضا ، على حد ما أشار إليه تعالى في آية ثانية بقوله تعالى : * ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) * ( 4 ) يعني لو كان بعضه واردا على نقيض الآخر لاختلف فيه نسق الكلام ، ولتفاوت في الفصاحة والركاكة ، ومثل هذا التعبير بهذا المعنى ورد في قوله سبحانه في وصف نعيم الجنة : * ( وأتوا به متشابها ) * ( 5 ) .
وأما ما دل على أن بعضه محكم ، وبعضه متشابه - وهو هذه الآية الكريمة - ، فالمقصود منها سيوافيك إن شاء الله تعالى في بعض هذه المرحلة الآتية .
المرحلة الثانية : في بيان معنى المحكم ومعنى المتشابه .
للمحكم والمتشابه معنيان : معنى في عرف اللغة ، ومعنى في عرف الشرع أو أهل الشرع .
أما المحكم ، فهو في عرف أهل اللغة - وإن كثرت موارد استعماله في مختلف المناسبات - فإن له جهة جامعة ، تكون هي القدر المشترك بين تلك الأفراد والمصاديق من جزئيات موارد الاستعمال ، هي المنع والرد ، فإننا نرى العرب تقول :
حاكمت ، وأحكمت ، يريدون بذلك : منعت ورددت ، والحاكم يسمى حاكما ، لأنه يمنع الظالم عن الظلم ويرده عنه ، وحكمة اللجام هي التي تمنع الفرس من الاضطراب ، وقول بعضهم : احكموا سفهاءكم ، أي امنعوهم ، وبناء محكم ، أي وثيق يمنع من تعرض له ، وسميت الحكمة حكمة لأنها تمنع عما لا ينبغي ، هكذا قال بعض ، ويظهر من بعض أن المعنى الوجداني والجهة الجامعة ، هو التثقيف والإتقان ، والكل محتمل .
وأما المتشابه : فهو عند عرف أهله اللغة : أن يكون أحد الشيئين مشابها للآخر ، بحيث يعجز الذهن عن التمييز ، قال الله : * ( إن البقر تشابه علينا ) * ( 6 ) ، وقال سبحانه في وصف ثمار الجنة : * ( وأتوا به متشابها ) * ( 7 ) يعني متفق المنظر يشبه البعض البعض الآخر ، وهي على حد قوله تعالى : * ( تشابهت قلوبهم ) * ( 8 ) ، ويقال :
اشتبه علي الأمران ، إذا لم يفرق بينهما ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) : " حلال بين وحرام بين ، وما بين ذلك متشابهات " ( 9 ) أو مشتبهات ، كما في رواية أخرى .
هذا ملخص ما ذكر أو يذكر لهذين العنوانين - المحكم والمتشابه - من المعنى عند اللغة .
وأما معناهما في الاصطلاح - اصطلاح أهل الشرع - فقد قيل فيهما أقوال :
منها : ان المحكم ما علم المراد بظاهره من غير قرينة تقترن إليه ، ولا دلالة تدل على المراد به لوضوحه ، مثل قوله تعالى : * ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ) * ( 10 ) و * ( لا يظلم مثقال ذرة ) * ( 11 ) ونحو ذلك مما لا يحتاج معرفة المراد منه إلى دليل ، والمتشابه ما لا يعلم المراد بظاهره حتى يقترب به ما يدل على المراد منه لالتباسه نحو قوله تعالى : * ( وأضله الله على علم ) * ( 12 ) فإنه يفارق قوله سبحانه : * ( وأضلهم
السامري ) * ( 13 ) لأن إضلال السامري قبيح ، وإضلال الله تعالى حسن ، ومثل قوله تعالى : * ( ثم استوى على العرش ) * ( 14 ) فإن الاستواء في اللغة أن يكون الجالس على السرير ، ويحتمل أن يكون بمعنى القهر والاستيلاء ، والوجه الأول لا يجوز عليه سبحانه ننزهه عن الجسمة .
ومنها : أن المحكم هو الناسخ ، والمتشابه هو المنسوخ .
ومنها : أن المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا ، والمتشابه ما يحتمل وجهين فصاعدا .
ومنها : أن المحكم ما لم تتكرر ألفاظه ، والمتشابه ما تكررت ألفاظه ، كقصة موسى ، وغير ذلك من القصص .
ومنها : أن المحكم ما يعلم تعيين تأويله ، والمتشابه ما لا يعلم تعيين تأويله ، كقيام الساعة ، إلى غير ذلك من الأقوال المتكثرة .
وهنا وعند هذا المقام ، ذكر الفخر الرازي في تفسيره الشهير أمرا جعله مدارا للتمييز بين المحكم والمتشابه ، أو ميزانا لتحقيق حقيقة أمري المحكم والمتشابه لا بأس بنقله لمزيد الفائدة .
قال : اللفظ الذي جعل موضوعا لمعنى ، فإما أن يكون محتملا لغير ذلك المعنى ، وإما أن لا يكون ، فإذا كان اللفظ موضوعا لمعنى ولا يكون محتملا لغيره ، فهذا هو النص ، وأما إن كان محتملا لغيره فلا يخلو ، إما أن يكون احتماله لأحدهما راجحا على الآخر ، سمى ذلك اللفظ بالنسبة إلى الظاهرة راجحا ، وبالنسبة إلى المرجوح مؤولا ، وإما إن كان احتماله لهما على السوية كان اللفظ بالنسبة إليهما معا مشتركا ، وبالنسبة إلى كل واحد منهما على التعيين مجملا ، فقد خرج من التقسيم الذي ذكرناه ، ان اللفظ إما أن يكون نصا أو ظاهرا ، أو مؤولا ، أو مشتركا ، أو مجملا ، أما النص والظاهر فيشتركان في حصول الترجيح ، إلا أن النص راجح ، مانع من الغير ، والظاهر راجح غير مانع من الغير ، فهذا القدر المشترك هو المسمى بالمحكم .
وأما المجمل والمؤول ، فهما مشتركان في أن دلالة اللفظ عليه غير راجحة ، وإن لم يكن راجحا ، لكنه غير مرجوح ، والمؤول مع أنه غير راجح فهو مرجوح ، لا بحسب الدليل المنفرد ، فهذا القدر المشترك هو المسمى بالمتشابه ، لأن عدم الفهم حاصل في القسمين جميعا ، وقد بينا أن ذلك يسمى متشابها ، إما لأن الذي لا يعلم يكون النفي فيه مشابها للاثبات في الذهن ، وإما لأجل أن الذي يحصل فيه المتشابه يصير غير معلوم ، فأطلق لفظ المتشابه على ما لا يعلم إطلاقا لاسم السبب على المسبب ، فهذا هو الكلام المحصل في المحكم والمتشابه . انتهى موقع الحاجة من كلامه .
المرحلة الثالثة : في بيان الفوائد ، أو بعض الفوائد التي جعل بعض القرآن من أجلها محكما ، وجعل بعضه متشابها ، وقد طعن بعض من لا إيمان له في القرآن على هذه الناحية ، حيث اشتمل على المتشابهات ، فقال : إنكم تقولون : إن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة ، ثم إننا نراه يتمسك به كل ذي مذهب على مذهبه ، فالجبري يتمسك بآيات الجبر كقوله تعالى : * ( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ) * ( 15 ) ، والقدري يقول : هذا مذهب الكفار ، بدليل أنه تعالى حكى عن الكفار ذلك في معرض الذم لهم في قوله سبحانه : * ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ) * ( 16 ) ، وقال في موضع آخر : * ( وقالوا قلوبنا غلف ) * ( 17 ) ، وهذا أيضا من يرى ثبوت الرؤية في حق الله تعالى في الآخرة يتمسك بقوله تعالى : * ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) * ( 18 ) ، ومن ينفي ذلك يتمسك من القرآن نفسه في مثل قوله تعالى : * ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) * ( 19 ) ، وهذا من يثبت الجهة لله تعالى يتمسك به في مثل قوله تعالى : * ( يخافون ربهم من فوقهم ) * ( 20 ) ، وبمثل قوله تعالى : * ( الرحمن على العرش استوى ) * ( 21 ) ، ومن ينفي ذلك يتمسك بقوله تعالى : * ( ليس كمثله شئ ) * ( 22 ) ، ثم هو الآمر الآخر ، إن كل واحد من هؤلاء وهؤلاء ، يسمي الآيات الموافقة لمذهبه محكمة ، والآيات المخالفة لمذهبه متشابهة ، فكيف - والحال هذه - يليق بالحكيم أن ينزل الكتاب الذي هو مصدر الأحكام والتشريع ، ومرجع العقائد والآداب ، من يومه إلى يوم الدين ، بهذا الحال المضطرب ؟ وكان الواجب في الحكمة أن يجعله واضحا جليا ليحق الحق ويبطل الباطل ، فلا يكون بما له من الصراحة مستمسك للباطل بوجه من الوجوه .
أجيب عن ذلك بوجوه :
الأول : أنه متى كانت المتشابهات في القرآن كان الوصول إلى الحق أصعب وأشق ، وزيادة المشقة توجب مزيد الثواب ، قال الله تعالى : * ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) * ( 23 ) .
الوجه الثاني : أن القرآن لو كان كله محكما بالكلية لما كان مطابقا لمذهب واحد ، وكان تصريحه مبطلا لما سوى ذلك المذهب ، وكان مما ينفر أرباب المذاهب عن قبوله وعن النظر فيه ، فالانتفاع به إنما حصل حيث كان مشتملا على المحكم وعلى المتشابه ، فحينئذ ينظر فيه جميع أرباب المذاهب ، ويجتهد في التأمل فيه كل صاحب مذهب أن يجد فيه ما يقوي مذهبه ويؤيد رأيه ، فحينذاك ينظر فيها جميع أرباب المذاهب ، ويجتهد في التأمل فيه كل صاحب مذهب ، فإذا بالغوا في ذلك صارت المحكمات مفسرة للمتشابهات ، فبهذا الطريق يتخلص المبطل عن باطله ، ويصل إلى الحق والحقيقة .
الوجه الثالث : أن القرآن إذا كان مشتملا على المحكم والمتشابه ، افتقر الناظر فيه إلى الاستعانة بدليل العقل ، وحينئذ يتخلص من ظلمة التقليد ويصل إلى ضياء الاستدلال والبينة ، أما لو كان كله محكما لم يفتقر إلى التمسك بالدلائل العقلية ، فحينئذ يبقى في الجهل والتقليد .
الوجه الرابع : أنه لما كان القرآن مشتملا على المحكم افتقر إلى تعلم طرق التأويلات وترجيح بعضها على بعض ، وافتقر تعلم ذلك إلى تحصيل علوم كثيرة من علم اللغة والنحو ، وعلم أصول الفقه ، والفقه والكلام ، وعلم التفسير ، ولو لم يكن في القرآن متشابه لما احتاج الانسان إلى تحصيل هذه العلوم الكثيرة ، فحرم هذه الفوائد الوفيرة ، فكان إيراد المتشابهات لأجل تحصيل هذه العلوم الكثيرة ، وكفى بها فائدة .
الوجه الخامس : وهو عند بعض محققي المفسرين أنه هو السبب الأقوى في هذا الباب - هو أن القرآن كتاب مشتمل على دعوة الخواص والعوام - بمعنى أنه كتاب ينذر به كل من بلغه ذلك الكتاب من الناس أجمعين ، العارفين منهم وغير العارفين ، سواء في ذلك من حضر زمن الخطاب ومن لم يحضر ذلك الزمان ، كما صرح بذلك الكتاب الكريم نفسه ، ونظرا إلى أن طباع العوام تنبو في أكثر الأمور عن إدراك الحقائق ، فمن سمع منهم أول الأمر إثبات موجود ليس بجسم ، ولا بمتحيز ، ولا بمشار اليه ، ظن أن هذا عدم ونفي فيقع في التعطيل ، فكان الأصلح أن يخاطبوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب ما يتوهمونه ويتخيلونه ، ثم لا يقتصر على هذا
وحده ليكون ذلك إغراء بالجهل ، وايقاعا في ظلمات الأوهام ، بل يمزج ذلك بالكلام الصريح الدال على الحق الصحيح ، فالقسم الأول - وهو المخاطبون به بادئ ذي بدء - هو المتشابهات ، والقسم الثاني - وهو الذي يكشف لهم آخر الأمر - هو المحكمات .
ونقول بوجه أوضح : هو أن الله تعالى أنزل القرآن الكريم على رسوله العظيم ليكون قرآن الناس أجمعين ، فكما أن رسالة الرسول الأعظم هي رسالة إلى الناس كافة ، وهو ( صلى الله عليه وآله ) رسول الناس عامة ، فليس هو ( صلى الله عليه وآله ) رسول زمانه فقط ، ولا رسالته هي رسالة أهل زمانه فحسب على حد ما قال سبحانه : * ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) * ( 24 ) هكذا كان قرآنه قرآن الناس عامة ، وكتابه كتاب الخلق أجمعين اقتباسا من ضوء قوله تعالى : * ( لأنذركم به ومن بلغ ) * ( 25 ) .
ومما لا شك فيه وهو بارز للحس والعيان أن الزمن في تطور ، وأن أهليه معرض لتعاقب الثقافات المختلفة والمعارف المتعددة ، فلكل دور طور ، ولكل زمن معرفة وثقافة ، لذلك نرى كثيرا مما كان يعد في زمن سابق حقيقة من الحقائق العلمية الثابتة يعود في زمن لاحق خيالا من الخيالات ، أو حديث خرافة من الخرافات ، والعكس بالعكس ، ولو أردنا استعراض ذلك أو بعض ذلك طال الكلام ، وضاق بنا المقام ، ولعلنا نعرض أو نتعرض له في وقت آخر إن شاء الله تعالى ، فإذا كان الأمر كذلك كان لزاما على الحكيم العلام بالغيوب أن يجعل القرآن مشتملا على نوع من الكلام يلين لكل زمن ، ويتبين لكل دور ، ويستجيب في تفسيره لمختلف الثقافات في مختلف الفنون والعلوم من الإلهيات والطبيعيات والفلكيات ، إلى غير ذلك من مختلف أنواع المعرفة والحقائق العلمية الثابتة في مختلف الدهور والعصور .
المرحلة الرابعة : هو أن اشتمال القرآن الكريم على المتشابه من الكلام هل يكون مضرا بفصاحة كلماته ؟ وقد سبق عليك في بحث إعجاز القرآن أن القرآن الكريم بلغ الحد الأعلى من الإعجاز - وإن اختلفت كلمتهم في وجه إعجازه - ، فهل اشتماله على المتشابه يضر بهذه الفصاحة فتكون كلماته غير فصيحة حيث إنها مشتملة على الغرابة ، والغرابة وصف يوجب الاخلال بفصاحة الكلمة الموجب للإخلال بفصاحة الكلام ؟
نرى علماء البيان فسروا الغرابة : بأنها هي كون الكلمة وحشية غير ظاهرة المعنى ، ولا مأنوسة الاستعمال ، ونحن حيث نأتي إلى مفردات هذا التعريف نجد القرآن الكريم خليا عن هذا الوصف المعيب المخل بفصاحة الكلمة ، وذلك لأن الظاهر أن قولهم : " غير ظاهرة ، ولا مأنوسة الاستعمال " أخذ في التعريف تفسيرا للوحشية التي هي منسوبة إلى الوحش الذي يسكن القفار ، فكأن الكلمة الغريبة لعدم مأنوسيتها وعدم ظهورها في المعنى الموضوعة له ، من كلام الوحش الذي يسكن القفار .
ومما لا ريب فيه أن المتشابه في القرآن ليس كذلك .
ومما يدل على ما ذكرناه من أن الوحشية أخذت في التعريف وصفا أو تفسيرا للغرابة أنهم قالوا : إن الوحشي قسمان : غريب حسن ، وغريب قبيح . فالغريب الحسن : هو الذي لا يعاب استعماله على العرب ، لأنه لم يكن وحشيا عندهم ، وذلك مثل : شرنبث واشمخر وقمطر ، وهي في النظم أحسن منها في النثر ، قالوا : ومنه غريب القرآن والحديث ، والغريب القبيح يعاب استعماله مطلقا ويسمى الوحشي الغليظ ، وهو أن يكون مع كونه غريب الاستعمال ثقيلا على السمع ، كريها على الذوق ، ويسمى أيضا عندهم بالمتوعر ، وذلك مثل جحيش للفريد ، واطلخم الأمر بمعنى أظلم وأبهم ، وجفخث بمعنى فخرت ، وأمثال ذلك .
وإن قلنا : بأن كون الكلمة غير ظاهرة المعنى ولا مأنوسة الاستعمال ، قيد زائد على الوحشية ، فهو في نفسه عيب مستقل يخل بفصاحة الكلمة استقلالا وفي حد ذاته ، فالوحشية شئ ، والغرابة شئ آخر ، كما قد يدل عليه مقال بعضهم في هذا المقام ، حيث قال : الغرابة - كما يفهم من كتبهم - : كون الكلمة غير مشهورة الاستعمال ، وهي في مقابلة المعتادة ، وهي بحسب قوم دون آخرين ، والوحشية هي المشتملة على تركيب ينفر الطبع عنه ، وهي في مقابلة العذبة ، فالغريبة يجوز أن تكون عذبة .
نعم ، إن قلنا بذلك فالقرآن الكريم منزه عن عيب كذلك ، فإنهم يريدون بالغرابة - حيث يطلقون الغرابة - هي كون الكلمة غير ظاهرة المعنى ، ولا مأنوسة الاستعمال ، بالنسبة إلى المعنى الموضوعة له ، والمتشابه ليس كذلك ، فإنه بالنسبة إلى الموضوع له ظاهر كل الظهور ، وإنما هو غير ظاهر الدلالة على المعنى المراد ، فهو بالنسبة إلى المعنى ظاهر ، وبالنسبة إلى المراد غير ظاهر ، فالمتشابه غير داخل في الغرابة على كلا التقديرين ، فلا يضر فصاحة القرآن الكريم وجود المتشابه فيه .
__________________
( 1 ) سورة آل عمران : 7 .
( 2 ) سورة هود : 1 .
( 3 ) سورة الزمر : 23 .
( 4 ) سورة النساء : 82 .
( 5 ) سورة البقرة : 25 .
( 6 ) سورة البقرة : 70 .
( 7 ) سورة البقرة : 25 .
( 8 ) سورة البقرة : 118 .
( 9 ) الكافي : 1 / 68 ، وسائل الشيعة : 27 / 157 ح 9 .
( 10 ) سورة يونس : 44 .
( 11 ) سورة النساء : 40 .
( 12 ) سورة الجاثية : 23 .
( 13 ) سورة طه : 85 .
( 14 ) سورة الأعراف : 54 ، سورة يونس : 3 ، سورة الرعد : 2 . . . .
( 15 ) سورة الأنعام : 25 .
( 16 ) سورة فصلت : 5 .
( 17 ) سوره البقرة : 88 .
( 18 ) سورة القيامة : 22 و 23 .
( 19 ) سورة الأنعام : 103 .
( 20 ) سورة النحل : 50 .
( 21 ) سورة طه : 5 .
( 22 ) سورة الشورى : 11 .
( 23 ) سورة آل عمران : 142 .
( 24 ) سورة سبأ : 28 .
( 25 ) سورة الأنعام : 19 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

telegram ersali arinsta ar

١ ذي الحجة

تبليغ سورة براءة «التوبة»

المزید...

٥ ذي الحجة

1) غزوة سويق. 2) شهادة الامام الجواد(ع).

المزید...

٦ ذي الحجة

1) زواج علي و فاطمة (عليهما السلام). 2) هلاك المنصور الدوانيقي

المزید...

٧ ذي الحجة

1) شهادت الامام الباقر(ع). 2) الامام الكاظم(ع)‌في سجن البصرة.

المزید...

٨ ذي الحجة

1) خروج الحسين(ع) من مكّة إلى العراق. 2) خروج مسلم بن عقيل نحو العراق. ...

المزید...

٩ ذي الحجة

1) يوم عرفة. 2) في مقتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة. 3) سدّ الابواب. ...

المزید...

١٠ ذي الحجة

1) عيد الاضحى المبارك. 2) استشهاد عبدالله المحض بن الحسن المثنى مع ثلّة من أبناء الحسن المجتبى. ...

المزید...

١١ ذي الحجة

افشاء سرّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل عائشة وحفصة

المزید...

١٣ ذي الحجة

1) معجزة انشقاق القمر. 2) بيعة العقبة الثانية.

المزید...

١٤ ذي الحجة

في اليوم (14) من ذي الحجّة وقعت « قصة فدك » فدك بين النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والزهراء (عليها السلام) ...

المزید...

١٥ ذي الحجة

ولادة الامام عليّ بن محمد الهادي

المزید...

١٨ ذي الحجة

1) غدير خم. 2) يوم الدار وقتل عثمان. 3) بيعة المسلمين للامام على(عليه السلام). ...

المزید...

٢٠ ذي الحجة

قتال ابراهيم بن مالك الاشتر وعبيد الله بن زياد

المزید...

٢٢ ذي الحجة

شهادة الصحابي الجليل لأميرالمؤمنين ميثم التمّار

المزید...

٢٤ ذي الحجة

1ـ مباهلة نصارى نجران. 2ـ تصدّق أميرالمؤمنين(عليه السلام) بخاتمه وهو في الصلاة. 3ـ موت الواثق بالله العباسي....

المزید...

٢٥ ذي الحجة

1ـ نزول سورة (هل أتى) ـ‌ (الانسان) ـ (الدهر) بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) 2ـ بيعة اميرال...

المزید...

٢٦ ذي الحجة

مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب

المزید...

٢٧ ذي الحجة

1) مقتل مروان الحمار وانقراض الحكم الاموي. 2) وفاة السيد الجليل عليّ بن جعفر(عليهما السلام). ...

المزید...

٢٨ ذي الحجة

واقعة الحرَّة  

المزید...
012345678910111213141516171819
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page