• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفرق بين القرآن والإسلام والايمان

* ( قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) * ( 1 ) اختلفت كلمة أهل الاسلام - ولا تزال مختلفة - في تحقيق حقيقة معنيي الإيمان والإسلام ، وقد بلغت أقوال قائليهم في معناهما إلى ستة أقوال أو تزيد ، لكن هذا بعد اتفاقهم على أن الإيمان في اللغة هو التصديق على حد ما قال سبحانه : * ( وما أنت بمؤمن لنا ) * ( 2 ) يعني مصدق ، فالخلاف والاختلاف بينهم في معناهما بالمصطلح الشرعي أو المتشرعي .
فالأول من تلك الأقوال : - وهو قول الكرامية - : إن الإيمان هو الإقرار بالشهادتين فقط ، مستدلين على ذلك بقوله ( صلى الله عليه وآله ) : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " ( 3 ) .
وأجيب عن هذا الاستدلال ، بأن هذا تحديد للإسلام ، لا الإيمان ، والإسلام أعم من الإيمان مستدلين على ذلك بما افتتحنا به فاتحة الموضوع وهو الآية الكريمة من قوله تعالى : * ( قالت الاعراب ) * الآية ، متممين هذا الاستدلال بتمام هذا الحديث المذكور ، وهو قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " فإذا قالوا ذلك حقنوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقنا ، وحسابهم على الله " ( 4 ) وهذا يدل على أنه ( صلى الله عليه وآله ) حدد الاسلام لا الإيمان ، كما هو
واضح .
الثاني : - وهو قول جهم بن صفوان ، وأبي الحسن الأشعري ، وبعض الإمامية - : إنه المعرفة ، متمسكين في ذلك بما ورد من أن " أول الدين معرفته سبحانه " ( 5 ) .
وردت هذه الدعوى ودليلها بأنه لو كانت المعرفة هي الإيمان ، لم يقل سبحانه : * ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) * ( 6 ) فقد جمع تعالى المعرفة مع الكفر ، والشئ لا يجتمع مع ضده ، لأن الكفر ضد الإيمان .
وكذلك ردوها بقوله تعالى : * ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ) * ( 7 ) فقد جمع تعالى وصفهم بالجحد مع استيقان النفس .
وكذلك ردوها بقوله تعالى ، حكاية عن قول موسى ( عليه السلام ) لفرعون : * ( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض ) * ( 8 ) فأثبت لفرعون المعرفة ، بل العلم ، ولم يكن فرعون من الإيمان على شئ .
فهذه الآيات دلت دلالة واضحة على أن الإيمان شئ ، والمعرفة شئ آخر ، فلا تكون المعرفة هي الإيمان .
الثالث : - وهو مذهب أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم - : إن الإيمان هو فعل الواجبات وترك المحرمات ، متمسكين في ذلك بظواهر آيات وروايات ظنوها دالة على ما يذهبون ، وسيأتي ذكرها وذكر ما في الاستدلال بها على المقصود من الردود .
الرابع : - وهو قول قدماء المعتزلة - : إن الإيمان عمل الجوارح من أنواع الطاعات ، مستدلين على ذلك بأن فاعل الحرام وتارك الواجب مخزي ولا شئ من المؤمن بمخزي .
وهذا - كما تراه - استدلال من القائلين بهذا القول عن طريق القياس على هيئة الشكل الثاني ، فالنتيجة منه - بعد حذف المتكرر - تكون هكذا : لا شئ من فاعل المحرم وتارك الواجب بمؤمن ، وهذا هو المطلوب ، وقد مر عليك مرارا : أن كل قياس من الأقيسة - مهما كان شكله وشاكلته - لا ينتج النتيجة المطلوبة إلا حيث تتم مقدمتاه ، الأولى - وهي صغراه - ، والثانية - وهي كبراه - .
إذن كان لزاما على هؤلاء القائلين ، الاستدلال على تمامية كل من المقدمتين ، لتتم النتيجة ، وقد استدلوا على الصغرى فقالوا : إن أحد الأقسام قاطع الطريق وهو
ممن يدخل النار لقوله تعالى : * ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا
من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) * ( 9 ) .
وكل من يدخل النار فهو مخزي ، لقوله تعالى : * ( ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ) * ( 10 ) هذا دليلهم على صغرى القياس . وقد استدلوا على كبراه ، بقوله تعالى : * ( يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه ) * ( 11 ) .
وأجيب على ذلك بالمنع في انحصار العذاب العظيم في دخول النار لجواز نوع آخر من العذاب ، وإن سلمنا ذلك فلم لا يجوز أن يكون مختصا بالكفار ، حيث إن الآية وردت فيمن كان يحارب الله ورسوله ، والمؤمن لا يحارب الله ورسوله غالبا ؟
سلمنا ، ولكن لا نسلم أن نفي الخزي كان عن كل المؤمنين ، لأنه في الآية مقيد بالمصاحبين للنبي خاصة ، فلا يعم غيرهم من المؤمنين .
ثم إنهم أضافوا إلى هذا الرد ، أنهم قالوا : إن مما يدل على أن الإيمان ليس عمل الصالحات ، واجتناب المقبحات ، ولا هي داخلة فيه ، وجهان :
الأول : قوله تعالى : * ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) * ( 12 ) قيد تعالى الإيمان بنفي الظلم ، فلا يكون - على هذا - نفي الظلم نفس الإيمان ولا جزءه ، لأن قيد الشئ هو غير ذلك الشئ .
الثاني : قوله تعالى : * ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) * ( 13 ) عطف عملوا الصالحات على الإيمان ، فلو كان نفس الإيمان ، أو جزءا منه لزم عطف الشئ على نفسه ، أو عطف الجزء على الكل ، وهو غير معهود من كلام العرب ، فلا يمكن حمل كلام الله تعالى عليه ، ثم أضف إلى ذلك قوله تعالى : * ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) * ( 14 ) فإنه تعالى أثبت الإيمان مع وجود القتال ، فلو كان اجتناب المحرمات نفس الإيمان وجزءا منه ، لزم اجتماع الشئ مع ضده ، أو مع ضد جزئه ، وهذا غير ممكن ولا معهود .
الخامس : - وهو المنقول عن أكثر السلف - : إنه اعتقاد بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان ، وهذا المذهب - كما عرفت - ينسب إلى أكثر السلف ، ونسبه بعض محققي العلماء إلى شيخنا السديد الشيخ المفيد رضوان الله عليه ،
وأجيب عنه بما أجيب به عما تقدم من الأقوال ، وأنت إذا عرفت ما مضى عليك ، عرفت ما يترتب على هذا القول من الفساد .
ونقل عن بعض العلماء المحققين من أصحابنا الإمامية قدس الله أسرارهم ، أنه التصديق باللسان والقلب معا ، مستدلا على ذلك بأنه - لغة - التصديق ، فيجب أن يكون - شرعا - على حد ما هو في اللغة ، وإلا لزم النقل - يعني نقل الشارع اللفظ عن معناه اللغوي إلى معنى شرعي - والنقل خلاف الأصل ، إذ الأصل بقاء اللفظ على معناه ، حتى يأتي اليقين بدليل يدل على النقل ، وحيث لا دليل يقيني ، فلا نقل .
مضافا إلى ذلك ، أنه لو نقل في الشرع ، لكان ذلك معلوما عند المتشرعين على حد غيره من المنقولات الشرعية - إن ثبت أن هناك حقيقة شرعية - ، كما ادعى ذلك في كثير من الموضوعات ، كالصلاة ، والصيام ، والحج ، والزكاة ، وأمثالها من الموضوعات . وحيث إن هذا النقل لم يكن عند أهل الشرع معلوما فلا نقل ، وحيث إنه ثبت أن الإيمان شرعا هو التصديق - كما هو في اللغة كذلك - ، فحينئذ يقال : إن ذلك التصديق لا يجوز أن يكون هو المعرفة القلبية ، فقط لقوله تعالى : * ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) * ( 15 ) ولقوله تعالى : * ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ) * ( 16 ) ولا التصديق اللساني ، لقوله تعالى : * ( قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) * ( 17 ) فلا بد من أن يكون هذا التصديق تصديقا بكلا الجارحتين : القلب واللسان .
هذا هو القول الخامس وما له من دليل ، وقد رده بعض محققي الأصحاب ، بما لا أراه صالحا لأن يكون ردا له ، فلا نطيل الكلام بذكره ، ولعلنا نختار هذا القول ، فإنه - في نظرنا - أقرب الأقوال إلى الصواب .
السادس : - وهو المنقول المنسوب إلى بعض أصحابنا والأشعرية - : إنه التصديق القلبي فقط ، مستدلين على ذلك بأنه - لغة - هو التصديق ، ولما ورد نسبته إلى القلب ، عرفنا أن المراد بالتصديق القلبي لا أي تصديق كان ، بل تصديق الرسول في كل ما علم مجيئه به بالضرورة من الدين ، ولا يجوز حمله على غيره ، إذ يلزم ذلك أن يكون لفظ الإيمان مشتركا بين معنيين ، أو حقيقة في شئ ومجازا في الآخر ، وكلاهما خلاف للأصل ، كما هو مقرر في محله من علم الأصول . فعلى هذا يكون النطق باللسان مبينا لظهوره ، وكاشفا عن حصوله ، لا جزءا داخلا في حقيقته ، وهكذا الأعمال الصالحات ثمرات مؤكدات ، لا أنها أجزاء داخلات .
هذه هي التي ظفرنا بها من الأقوال في تحقيق حقيقة الإيمان ، وقد عرفت أن الذي اخترناه هو أن الاسلام ، هو الاعتراف اللساني فقط ، والإيمان هو الاعتراف اللساني والاعتقاد القلبي ، والله أعلم بحقيقة الحال ، وفوق كل ذي علم عليم .
بقي شيئان ، هما من توابع البحث عن الإيمان :
أولهما : أن فاعل الكبيرة ، هل هو مؤمن أو لا ؟
الذي ذهب إليه أصحابنا الإمامية ، وعليه آخرون من الفرق الإسلامية ، أنه مؤمن لصدق تعريف الإيمان عليه ، فإنه التصديق قلبا أو قلبا ولسانا ، وكلاهما حاصلان فيه ، إذ هو مصدق ، غاية الأمر أنه غير منطبق عليه :
وذهب آخرون - وينسب هذا إلى الحسن البصري المعروف - : إلى أنه منافق .
وذهب آخرون - وينسب هذا القول إلى الزيدية - : إلى أنه كافر نعمة .
وذهب آخرون - وينسب ذلك إلى الخوارج - : إلى أنه كافر بقول مطلق .
وذهب آخرون - وينسب ذلك إلى فرقة من الخوارج يقال لهم الأزارقة - : إلى أنه مشرك .
وذهب آخرون - وينسب هذا القول إلى المعتزلة - : إلى أنه لا مؤمن ولا كافر ، أما أنه غير مؤمن فلأنه ليس بفاعل للطاعات ولا تارك للمعاصي ، وأما أنه غير كافر فلإقراره ، ولإقامة الحدود عليه ، ودفنه في مقابر المسلمين ، وغسله عند موته
والصلاة عليه ، ويقال لهذا عند المعتزلة : " منزلة بين المنزلتين " يعني : منزلة بين الكفر والإيمان .
هذه هي الأقوال في تحقيق حقيقة صفة فاعل الكبيرة ، وقد عرفت أن ما ذهب إليه أصحابنا الإمامية ، هو أول هذه الأقوال المنقولة .
أما قول الحسن البصري من أنه منافق ، فيدفعه ما سيأتيك عن قريب إن شاء الله ، وأنه غير منطبق عليه ، اللهم إلا أن يكون له مصطلح خاص ، ولا مشاحة في الاصطلاح .
وأما قول الزيدية من أنه كافر نعمة ، فيدفعه أن كفر النعمة يجتمع مع الإيمان ، غاية الأمر أنه معصية ، فهم إن أرادوا ذلك فما جاءوا بشئ جديد .
وأما قول الخوارج من أنه كافر بقول مطلق ، فهو قول يرده ما مر عليك من صريح الآيات التي جمعت للمكلف صفة المعصية مع صفة الإيمان ، وهكذا قول فريق آخر منهم بأنه مشرك ، بل هو أسوأ من سابقه .
وأما قول المعتزلة ، فلأنه قد يعتبر أنه خلاف إجماع المسلمين في المسألة ، فإنك قد عرفت أن المسلمين بين قائل بكفر مرتكب الكبيرة ، وبين قائل بإيمانه مع فسقه ، فالقول بإثبات منزلة بين المنزلتين إحداث قول ثالث فهو خارق للاجماع ، مضافا إلى عدم معقوليته في نفسه .
ثانيهما : أن الإيمان هل يقبل الزيادة والنقصان ، أو لا ؟
قال بعض محققي الأصحاب : إن الإيمان حيث كان ، عندنا عبارة عن التصديق القلبي أو التصديق القلبي واللساني بكل ما جاء به الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، كان عبارة عن أمر واحد لا يقبل الزيادة والنقصان بحسب كثرة الأعمال وقلتها .
وأقول : هذا الكلام كلام على طريق المتكلمين ، أما لو حاولنا الكلام بلسان الحكماء فقد يزداد الأمر وضوحا على وضوح ، وذلك أن يقال - على سبيل الاجمال - : إن الإيمان من الكيفيات النفسانية ، والكيفيات النفسية كالكيفيات الخارجية في الأحكام سواء بسواء ، فإن قبلت الكيفيات الخارجية الزيادة والنقصان قبلتها الكيفيات النفسية .
إذن فلنبحث عن معنى الزيادة والنقصان ، والشدة والضعف ، لنعرف هل أننا نتعقلهما في هذا الموضوع ؟
يرى الحكماء أن الشدة والضعف حركة الموجود في ناحية الكيف كما أن الزيادة والنقصان في جانب الكم ، والحركة عندهم سواءا كانت في جانب الكم أم كانت في جانب الكيف ، هي أن يكون للموضوع في كل آن مفروض من زمان الحركة ، فرد من تلك المقولة يخالف الفرد الآخر الذي يكون له في آن آخر مخالفة نوعية ، أو صنفية ، أو غير ذلك . وبعبارة واضحة : هي عبارة عن ذهاب فرد من المتحرك وحصول فرد آخر مكانه .
ونحن لو آمنا بهذا التعريف للحركة فلا نستطيع معه أن نقول : إن الإيمان يقبل الزيادة والنقصان ، اللهم إلا إذا اعتقدنا - كما اعتقده فريق آخر من المتكلمين والحكماء - أن الحركة عبارة عن تغير حال تلك المقولة في نفسها وحصول صفة
زائدة على ذات المتحرك لا توجب تغييرا في ذات المتحرك نفسه ، إنما المتغير هو الصفة مع بقاء الذات ، لو آمنا بهذه الفكرة فلا نجدنا بمشكلة من اتصاف الإيمان بالزيادة والنقصان ، لكن هذا القول مردود عند محققي المتكلمين والحكماء ، بل كاد أن يكون بطلانه عندهم بمرتبة لا تقبل الجدل والمراء ، ولقد سبق لنا مثل هذا القول في تعدد مراتب اليقين عند علماء الأخلاق في موضوع نشرته مجلة الغري الغراء تباعا ، فانظره إن أحببت النظر إليه .
هذا ما يتعلق - أو بعض ما يتعلق - بالكلام على صفتي الاسلام والإيمان ، ويبقى الكلام في معرفة الكفر والنفاق ، أعاذنا الله تعالى من الكفر والنفاق .
عرف الكفر - عند بعضهم - : بأنه عدم تصديق النبي ( صلى الله عليه وآله ) في بعض ما علم مجيئه به بالضرورة .
وعرفه آخرون : بأنه إنكار ما علم ضرورة مجئ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) به .
وعرفه آخرون : بأنه فعل القبيح والإخلال بالواجب .
هذه هي تعاريف الكفر ، أو بعض تعاريفه .
وهو على التعريف الأول : أعم من التكذيب ، فيكون شاملا للكافر الخالي عن التصديق والتكذيب .
وعلى الثاني : لا يشمل إلا المنكر خاصة ، وعلى الثالث : يشمل المنكر والمعتقد الذي لا يعمل على طبق ما يعتقد .
وليعلم - قبل كل شئ - هو أن المقابلة بين الكفر والإيمان ، هل هي مقابلة العدم والملكة أو مقابلة المتضادين ، بمعنى أنهما أمران وجوديان يتعاقبان على موضوع واحد كالسواد والبياض ، وعلى تقدير كونهما ضدين فهل هما من الضدين
اللذين لا ثالث لهما ، مثل الحركة والسكون ، أو هما من الضدين اللذين يتخللهما ثالث مثل البياض والسواد ؟
فإن بنينا على أن المقابلة بينهما مقابلة العدم والملكة ، أو بنينا على أنهما ضدان ليس بينهما ثالث فحينئذ لا يعقل تخلل الواسطة بين الكفر والإسلام ، غاية الأمر أن حقيقة الكفر على الأول - وهو مقابلة العدم والملكة - هو عدم التصديق ، أعم من أن يكون هناك تكذيب أو لم يكن ، وعلى الثاني - وهو مقابلة المتضادين اللذين ليس بينهما ثالث - تكون حقيقة الكفر هو التكذيب .
أما لو بنينا على أن المقابلة بالكفر والإيمان هي مقابلة التضاد لكن على نحو الضدين اللذين يكون بينهما ثالث ، مثل تقابل البياض والسواد ، فحينذاك تتخلل الواسطة بين الكفر والإيمان ، وهذا التحقيق يثمر ثمره في مثل الشاك الذي لا تصديق عنده ولا تكذيب ، وفي مثل من لم تبلغه دعوة الاسلام ، وفي زمن الفترة ، وفي مثل الفاحص ابتداءا عن الأديان ، فهؤلاء وأمثال هؤلاء ، هم - بناء على الأول والثاني - محشورون في زمرة الكافرين لعدم التصديق ، وعلى الثالث لا من هؤلاء ولا من هؤلاء .
هذا بالنسبة إلى صدق الأسماء ، من دون نظر إلى ترتيب الآثار ، أما لو نظرنا إلى الآثار المترتبة عليهم في هذه الحياة أو الحياة الثانية ، فربما نقول : يختلف الحكم باختلاف هذه الأقسام ، فليس - مثلا - حكم الشاك وقد بلغته الدعوة حكم الشاك حيث لم تبلغه الدعوة ، وقد مر لذلك بعض البيان فيما سلف ولا نطيل الكلام في المقام .
أما الفسق : فهو في اللغة : الخروج عن الشئ ، وسميت الفارة فويسقة ، لخروجها من بيتها ، وبهذا المعنى سمي الفاسق فاسقا في اصطلاح أهل الدين ، ذلك لخروجه عن طاعة الله .
وموجب الفسق هو ارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر من الذنوب .
أما النفاق : فهو في اللغة : إبطان الشخص خلاف ما يظهر ، ومنه النفقاء ، وهو إحدى حجر اليربوع ليكتمها ويظهر غيرها ، وبهذا المعنى سمي المنافق منافقا ذلك أنه يبطن الكفر ويظهر الإيمان ، والمنافق أضر على الدين وأهل الدين من الكافر الصريح ، إذ الكافر الصريح يعرف فيجتنب ، وهذا متستر بستار الإيمان فلا يعرف ، فقد يضر الدين باسم الدين ، وهذا المعنى اقتبسناه من مشكاة حديث من الأحاديث النبوية الشريفة ، مردد في الألسن ، مسموع في الآذان ، أعاذنا الله والمؤمنين من الكفر والفسق والنفاق .
____________________
( 1 ) سورة الحجرات : 14 .
( 2 ) سورة يوسف : 17 .
( 3 ) الموطأ : 1 / 11 ، مختصر المزني : 256 .
( 4 ) المستدرك على الصحيحين : 3 / 38 ، مجمع الزوائد : 6 / 152 .
( 5 ) شرح نهج البلاغة : 1 / 72 ، عوالي اللئالئ : 4 / 126 ح 215 .
( 6 ) سورة البقرة : 89 .
( 7 ) سورة النمل : 14 .
( 8 ) سورة الإسراء : 102 .
( 9 ) سورة المائدة : 33 .
( 10 ) سورة آل عمران : 192 .
( 11 ) سورة التحريم : 8 .
( 12 ) سورة الأنعام : 82 .
( 13 ) سورة البقرة : 25 و 277 ، سورة آل عمران : 57 وغيرها .
( 14 ) سورة الحجرات : 9 .
( 15 ) سورة البقرة : 89 .
( 16 ) سورة النمل : 14 .
( 17 ) سورة الحجرات : 14 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذي الحجة

تبليغ سورة براءة «التوبة»

المزید...

٥ ذي الحجة

1) غزوة سويق. 2) شهادة الامام الجواد(ع).

المزید...

٦ ذي الحجة

1) زواج علي و فاطمة (عليهما السلام). 2) هلاك المنصور الدوانيقي

المزید...

٧ ذي الحجة

1) شهادت الامام الباقر(ع). 2) الامام الكاظم(ع)‌في سجن البصرة.

المزید...

٨ ذي الحجة

1) خروج الحسين(ع) من مكّة إلى العراق. 2) خروج مسلم بن عقيل نحو العراق. ...

المزید...

٩ ذي الحجة

1) يوم عرفة. 2) في مقتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة. 3) سدّ الابواب. ...

المزید...

١٠ ذي الحجة

1) عيد الاضحى المبارك. 2) استشهاد عبدالله المحض بن الحسن المثنى مع ثلّة من أبناء الحسن المجتبى. ...

المزید...

١١ ذي الحجة

افشاء سرّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل عائشة وحفصة

المزید...

١٣ ذي الحجة

1) معجزة انشقاق القمر. 2) بيعة العقبة الثانية.

المزید...

١٤ ذي الحجة

في اليوم (14) من ذي الحجّة وقعت « قصة فدك » فدك بين النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والزهراء (عليها السلام) ...

المزید...

١٥ ذي الحجة

ولادة الامام عليّ بن محمد الهادي

المزید...

١٨ ذي الحجة

1) غدير خم. 2) يوم الدار وقتل عثمان. 3) بيعة المسلمين للامام على(عليه السلام). ...

المزید...

٢٠ ذي الحجة

قتال ابراهيم بن مالك الاشتر وعبيد الله بن زياد

المزید...

٢٢ ذي الحجة

شهادة الصحابي الجليل لأميرالمؤمنين ميثم التمّار

المزید...

٢٤ ذي الحجة

1ـ مباهلة نصارى نجران. 2ـ تصدّق أميرالمؤمنين(عليه السلام) بخاتمه وهو في الصلاة. 3ـ موت الواثق بالله العباسي....

المزید...

٢٥ ذي الحجة

1ـ نزول سورة (هل أتى) ـ‌ (الانسان) ـ (الدهر) بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) 2ـ بيعة اميرال...

المزید...

٢٦ ذي الحجة

مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب

المزید...

٢٧ ذي الحجة

1) مقتل مروان الحمار وانقراض الحكم الاموي. 2) وفاة السيد الجليل عليّ بن جعفر(عليهما السلام). ...

المزید...

٢٨ ذي الحجة

واقعة الحرَّة  

المزید...
012345678910111213141516171819
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page