الحمد لله على آلائه ، والصلاة والسلام على سيد أنبيائه ، محمد وعلى الطاهرين من آله وأبنائه .
وبعد :
فقد كتب سادتنا ومشايخنا الكرام العظام ، من علمائنا الأعلام في آيات الأحكام ، كتبا جمة الفوائد ، جليلة المواضيع ، جميلة البحوث ، عرضوا بها واستعرضوا الآيات الكافلة لبيان الأحكام الشرعية الفرعية العملية فجاؤوا وجادوا فأجادوا بما لا مزيد عليه لبيان أو لسان :
لكنني لم أطلع - فيما اطلعت عليه - على كتاب نستطيع أن نسميه ب " آيات العقائد " كما سميت تلك الكتب ب " آيات الأحكام " ، نظرت إلى هذا ثم فكرت ، ثم عن لي أن أطرق هذا الباب ، وأجول في هذا الميدان ، فلعلي أكون طارق خير إن لم أكن من فرسان تلك الميادين ، فاستخرت الله تعالى وشرعت - وهذا موضوع متسع المجال ، للسان يتسع له المقال ، أو كاتب طويل الباع ، غزير الاطلاع ، وباعي قصير وبضاعتي مزجاة - آملا أن يكون هذا بذرة إن لم تؤت ثمرها الآن فستثمر وتؤتي اكلها بعد حين بإذن ربها * ( والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) * ( 1 ) .
تابعت العمل وسرت في البحث - جهد المستطاع - حتى إذا بلغ الكتاب أجله ، وتم قسم وافر منه - والحمد لله رب العالمين - أحببت نشره ، وما الفائدة إذا لم ينشر ؟ ولكنه لم ينشر ، ثم ماذا ؟ ثم بقي الكتاب رهين الزوايا ، والأمور مرهونة بأوقاتها - كما يقولون - حتى متى ؟ وإلى متى ؟ حتى يقدر الله تعالى له النشور والظهور ، ولله تعالى في خلقه شؤون ، فبعث الله تعالى إلى نشر الجزء الأول منه - الذي كان قد تم طبعه سنة ألف وثلاثمائة والسادسة والسبعين هجرية على مهاجرها أفضل الصلاة وأكمل التحية - شابا سبق إلى هذه الأكرومة التي ستكون له إن شاء الله فخرا في دنياه ، وذخرا في أخراه ، ذلك هو الشاب المهذب الزكي الحاج محسن نجل الوجيه التقي الحاج حسان أحمد وفقهما الله ، ثم كان الحال هو الحال في الجزء الثاني من هذا الكتاب ( 2 ) كأنه ينتظر شابا آخر يسبق إلى هذه الأكرومة كما سبق إليها صاحبه من قبل ، فكان ذلك وكان ، فتم طبع هذا الجزء في السنة الحالية وهي سنة
ألف وثلاثمائة وثمانين هجرية على مهاجرها أفضل الصلاة وأكمل التحية بتبرع من الشاب المهذب الزكي الحاج حمود نجل الحاج الأكرم جواد آل الكواز وفقهما الله تعالى وجزاهما خير جزاء المحسنين ، وإن في عمل هذين الشابين الكريمين لعبرة عسى أن يعتبر بها بعض الشيوخ والكهول ممن يحسبون أنفسهم أيقاظا وهم رقود ، وما كلمتي هذه إلا رعاية الجميل ، وجزاء الإحسان بالإحسان ، وإن كان من ورائي الناقدون فلينقدوا ما شاءوا وشاءت لهم الأهواء .
وإن كان قد جرى عرف المؤمنين أو الكتاب بإهداء كتبهم أو مؤلفاتهم إلى شخصية من الشخصيات ، أو كبير من الكبراء ، تدعوهم إلى ذلك عوامل وأسباب ، فما هديتي هذه إلا لمن هدي الناس به سواء السبيل والصراط المستقيم ، سيد الكائنات بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بلا استثناء ، سيدي الإمام فخر المسلمين وبطل الاسلام أمير المؤمنين علي عليه السلام ، وإن المأمول هو القبول ، فإن لم أكن أهلا لذلك فإنه سلام الله عليه أهل ومحل لقبول اللاجئين المستجيرين ، فهذا الكتاب في كتاب الله الصامت يهدي إلى كتاب الله الناطق ، ومن له المنطق الفصل وفصل الخطاب ، فيا لها من مناسبة كاملة ترتاح لها القلوب والألباب .
والحمد لله على التمام في المبدأ والختام ، وصلى الله على محمد وآله سادات الأنام .
22 محرم الحرام 1380 ه
المؤلف
____________________
( 1 ) سورة البقرة : 213 ، سورة النور : 46 .
( 2 ) لقد ذكرنا في المقدمة أن هذا الكتاب في الحقيقة كان في مجلدين ، فراجع .
مقدمة المؤلف
- الزيارات: 2973