المتوفى ١٣٦٨
حتامَ يا دنيا التصبر للكرب
وانت على البغضا أقمت على حربي
كأنك من أعدى العدى لابن حرة
فكيف تواخيني وما أنت من صحبي
طبعت على البلوى إلى أن ألفتها
وقلت لصحبي لا يهولنكم كربي
تجرعتُ للدنيا مرارة كأسها
إلى أن حلى عندي ولذّ به شربي
فقابلتُ في صبري جهات ثلاثة
رغبن باتلافي تشاركن في سلبي
ففرقة أوطان وفقد أحبة
وجور زمان حار منه ذوو اللب
فطرتُ على الضراء ما ريع لي حشى
ولكن يوم الطف روّع لي قلبي
فلله يوم طبق الدهر شجوه
وأجرى دماً فيه له أعين السحب
فذلك يوم قام فيه ابن أحمد
خطيباً بدرع الصبر واللدن القضب
أبوه علي لا يقاس بغيره
بحرب وهذا الندب من ذلك الندب
فلولاه قضاء الله يمسكه قضى
بحرب على كوفانها وبني حرب
فلم تره إلا على ظهر سابح
يشق غبار الحرب في صدره الرحب
إلى أن اتاه السهم من كف كافر
فخرّ به من صهوة المهر للترب
فكوّر نور الشمس حزناً لفقده
وأعولت الأملاك ندباً على ندب
وقل ليتامى المسلمين ألا اعولي
عطوفاً عليك حلؤه عن الشرب
ويا زعماء الدين لا تتفيئوا
ظِلالاً وفي الشمس الحسين بلا ثوب
الخطيب الأديب الورع التقي الشيخ محمد حسن بن عيسى بن مال الله بن طاهر بن أحمد بن محسن بن حبيب بن ياسين الأسدي البصري نال شهرة واسعة في الخطابة. ولد في النجف سنة ١٢٩٦ ه. ونشأ بها على أبيه ودرس المقدمات وأخذ الخطابة عن الشيخ علي المعروف ب ( ابن عياش ) فكان من ألمع أقرانه وتوالى عليه الطلب من البصرة والمحمرة للخطابة هناك وإحياء مآتم سيد الشهداء وعلى منبره مسحة من قبول فلا يكاد يخطب ويتخلص للمصيبة حتى تجري دمعته ، وألّف مجالس العلماء هناك كالسيد ناصر ابن السيد عبد الصمد البحراني ومن بعده السيد عدنان الغريفي ولمع نجم الشيخ دكسن وطلبه أمير المحمرة وحاكمها المرحوم الشيخ خزعل الكعبي فكانت له المنزلة السامية عنده وفي أيام التحصيل يكون النجف الأشرف مقره مهاجراً اليها بعياله وينكب على الدراسة إلى جنب الخطابة وكنت استمع اليه يقرأ القصائد الطوال في رثاء الحسين عليهالسلام واكثر ما يقرأ من المراثي للحاج هاشم الكعبي فكان يحتفظ بديوانه المخطوط الذي يحتوي على المراثي والغزل والمديح والتهاني ، أما أساتذته في الدراسة فهم كما يلي :
١ ـ العلامة السيد مهدي البحراني في النحو والمنطق.
٢ ـ العلامة السيد محمد علي الصائغ في الفقه.
٣ ـ العلامة الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء معالم الاصول.
٤ ـ العلامة الشيخ نعمة الله الدامغاني الأسفار والحكمة.
مضافاً إلى انضمامه في حوزة المجتهد الكبير الشيخ علي الشيخ باقر الجواهري. وله آثار مخطوطة منه : شرح الصحيفة السجادية ، مخطوط جمع فيه النوادر والأدب والعلم والذي طبع له ( الروضة الدكسنية ) وهو ديوانه
باللغة الدارجة وكله في مراثي أهل البيت من أرقّ الشعر وأعذبه نستشهد به في مجالسنا الحسينية فيهزّ العواطف ويثير الدمعة ، وله ديوان باللغة للفصحى ومنه قوله في النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم :
عج بالنياق ليثرب يا حادي
نبك الاولى من أهل ذاك النادي
وأذرى الدموع وخلّني ولواعج
وحشاشتي وزفيرها الوقاد
ما لي أرى الدار التي قد أشرقت
بالبشر دهراً جلببت بسواد
فأجاب بالدمع الهطول لحادث
أهل الحمى وبنفثة الأكباد
فاليك عني لا تسل عما جرى
فالأمر صعب والخطوب عوادي
وأمضّ ما لاقى الحمى يومٌ به
طرقته طارقة النوى بالهادي
ما مرّ يوم مثل يوم محمد
أشجى الأنام اسى إلى الميعاد
يوم به جبريل أعلن قائلاً
الله أكبر أكبر والدموع بوادي
ويح الزمان ويا له من غادر
أبكى الأمين وفتّ بالأعضاد
وأمض شيء في الحشي صدع الحشا
صوت البتولة من حشي وقاد
ابتاه من لي بعد فقدك سلوة
فلأبكينك يقظتي ورقادي
كيف اصطباري أن أراك مفارقي
فالعين عبرى والأسى بفؤادي
لله صبر المرتضى مما رأى
فقد النبي وفرحة الحساد
لم أدري أي رزية أبكي لها
ألغصب حقي أم لفقد الهادي
الله أكبر يا لها من فجعة
قامت نوادبها بسبع شداد
وبقبره قد أُلحدت أكبادنا
وتراجعت ثكلى بلا أكباد
توفاه الله يوم الأحد في قرية الدعيجي من لواء البصرة سنة ١٣٦٨ ه. ونقل جثمانه إلى النجف وارخ وفاته الخطيب الشيخ علي البازي بقوله :
ومنبر السبط بكى تاريخه
لما توفي الخطيب الحسن
وسبب تلقيبه با ( الدكسن ) يقول هو رحمه الله عندما سئل عن ذلك قال : لما كنتُ قصير القامة جهوري الصوت شبهني الناس بالبندقية المعروفة ب ( الدكسن ) لامتيازها بالقصر وقوة الصوت.
الشيخ محمد حسن دِكسن
- الزيارات: 2211