طباعة

النقطة الخامسة : تواتر حديث الغدير

النقطة الخامسة : تواتر حديث الغدير

 

استطاع حديث الغدير أن ينفذ من بين ظلمات التاريخ والتعتيم الإعلامي المكثف ليثبت وجوده بقوة أمام الأجيال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ; ليبقى حجةً على كلّ من لم يُدن الله بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ومن خلال العبارات المتقدمة حول الحديث ، وكثرة الطرق التي أوجبت أن يفرد له مصنف خاص لجمعها نتيقن ببلوغه درجة التواتر ، بل في أعلى منازله إن كان للتواتر منازل متعددة .

فإنّ معنى التواتر هو إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب ، أو يوجب قولهم العلم بالمخبّر به ، فهل من المعقول أن يتفق أكثر من مائة صحابي على الكذب؟! وهل من المعقول أن لا يفيد قولهم العلم؟!

ولكن مع ذلك فهناك من أعلام السنة من صرّح بتواتره ، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :

1 ـ قال الذهبي في رسالته ( طرق حديث من كنت مولاه ) :

( حديث من كنت مولاه فعلي مولاه ممّا تواتر ، وأفاد القطع بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)قاله ، رواه الجمّ الغفير والعدد الكثير من طرق صحيحة ، وحسنة ، وضعيفة ، ومُطرَحة ، وأنا أسوقها:..) ([1]) .

وسيأتي نقل ابن كثير عن الذهبي قوله : صدر الحديث متواتر ، أتيقن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قاله .

2 ـ قال المنّاوي في فيض القدير : ( حم 5 ) عن البراء بن عازب ، حم عن بريدة بن الحصيب ، ( ت ن ) والضياء المقدسي عن زيد بن أرقم ، قال الهيثمي : رجال أحمد ثقات ، وقال في موضع آخر : رجاله رجال الصحيح ، وقال المصنف : حديث متواتر : « من كنت وليه فعلي وليه يدفع عنه ما يكره » ([2]) .

3 ـ شمس الدين الجُزَري الشافعي .

قال العلامة الأميني في كتابه الغدير : روي حديث الغدير بثمانين طريقاً ، وأفرد في إثبات تواتره رسالته ( أسنى المطالب ) المطبوعة ، وقال بعد ذكر مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الرحبة :

هذا حديث حسن من هذا الوجه ، صحيح من وجوه كثيرة ، تواتر عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، وهو متواتر أيضاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، رواه الجم الغفير عن الجم الغفير ، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا اطلاع له في هذا العلم ([3]) .

وهناك الكثير من العلماء الذين عبَّروا عنه بقولهم : وطرقه كثيرة جداً ، غير أن بناءنا على الاختصار ، وأما من صرح بصحته فبلغوا من الكثرة بحيث لا يحتاج إلى ذكرهم .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] طرق حديث من كنت مولاه ، ص 11 .

[2] فيض القدير 6 / 218 .

[3] الغدير 1 / 299 .