طباعة

النقطة الثامنة : وقفة مع ابن كثير في إيراد قضية اليمن

النقطة الثامنة : وقفة مع ابن كثير في إيراد قضية اليمن

 

سيأتي قول ابن كثير : ( أنه (عليه السلام) خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة ـ يقال له غدير خم ـ فبين فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن . . ) .

وهذه محاولة فاشلة من ابن كثير في تمييع يوم الغدير! وقد ظهر في ثوب الثعلب الماكر ; إذ يريد أن يمدح الإمام (عليه السلام) من حيث ينتقص من فضيلته الكبرى ، ويظن أن أعين الباحثين والناقدين مغضوضة الطرف عن أفعاله وأقواله ، وسوف يحاسبه الله على ما كتب حساباً عسيراً ، وليست هذه الفضيلة بدعاً من فضائل الإمام (عليه السلام) التي تناولها ابن كثير بالإنكار تارة ، والتكذيب اُخرى ، وبالتضعيف ثالثة ، فإنه يصعب على نفسه ذات النزعة الاُموية أن يكون موقف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)في غدير خم موقفاً مستقلاً عن قضية اليمن ، يحمل بين جوانبه فضيلةً للإمام (عليه السلام) ، وأي فضيلة!

والذي يبين خطأ ابن كثير في دعواه اُمور :

الأول : قال : ( فبيّن فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه ) ، ولكنا عندما نقرأ حديث الغدير لم نر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تعرض لفضائل الإمام (عليه السلام) ولا لبراءة عرضه! فلم يقل كان كذا وكان كذا . . ، أو لم يكن كذا ولم يكن كذا . . ، بل بيّن للناس ما قام به هو (صلى الله عليه وآله وسلم) من تبليغ الرسالة ، ثم جعل للإمام (عليه السلام) الولاية التي له (صلى الله عليه وآله وسلم)فقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه .

الثاني : لم يتعرض الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى قضية اليمن وما قيل فيها عن الإمام علي (عليه السلام) ، ولو كان الأمر مرتبطاً بها لكان المناسب في الخطاب وفي الموقف أن يبين ذلك ثم يردع المتكلمين ; ليتنبه من تكلم ويستبين الأمر لغيره ، فلما لم يشر إلى ذلك من قريب ولا بعيد علمنا أن هذا الموقف لا ربط له بذاك .

الثالث : أنّ ابن كثير نفسه روى في الجزء الخامس (  ص 227 ) والسابع ( ص 379 ) ما يرتبط بقضية اليمن ، وأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ردع المشتكي علياً (عليه السلام)ردعاً شديداً ، بل قام وخطب في الناس ـ كما تدل عليه رواية أبي سعيد ـ وبيّن لهم أنه ولي كل مؤمن من بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) ، واعتذر الراوي عما فعله تجاه الإمام (عليه السلام) ، فلا حاجة بعد ذلك إلى أن يقوم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مرةً اُخرى فيبين نزاهة الإمام (عليه السلام)أمام الأشهاد ، فإن كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم)في تلك القضية كان أمام طائفة من الناس وسيجري في صفوف الصحابة بأسرع ما يكون ، وينتشر انتشار الضوء في الاُفق .

الرابع : أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما دخل في الخطبة في موقف الغدير بيّن اُموراً تدل على أنه يريد تنصيب الإمام (عليه السلام) للخلافة الإلهية من بعده ، من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ألست أولى بكم من أنفسكم ، ومن نعيه لنفسه وو . . .