طباعة

السيد جابر الجابري

الشاعر السيد جابر الجابري ينظم في مدح الإمام علي ( عليه السلام )
يا أبا ذي الفقار حسبك سيفاً ** حدّه يحصد الأسنّة حصدا
كم قميص ملطّخ بدماء ** كذب أخرجوا لنهجك سدّا
وادّعى سيفهم يطالب ثاراً ** لقتيل مضى وعاد يفدى
وسعت تحمل السلاح نساء ** كنت أفريت من حشاهن كبدا
وجباه من السجود غلاظ ** رفعت راية لتحشد جندا
واستشاطت من الشام قلوب ** كأسها علقم وقد كان شهدا
كلّها أجمعت عليك ولكن ** جعلتها يد المنافع فردا
لا لشيء سوى العداء لحقّ ** فاض أخذاً على يديك وردا
طالق عندك الحياة إذا ما ** صغت فيها من العدالة عقدا
فمضى سيفك الهصور يلاقي ** كلّ من صار للرسالة ندّا
فلديك القوّي قزم صغير ** حينما يحمل المطامع قصدا
ولديك الضعيف ركن متين ** عندما ينهل الرسالة وردا
لم تبت متخماً وحولك غرثى ** تتلوّى وليست تحصل قدّا
عجب العدل كيف تملأ كفّ ** راحتيه بما يحاول جهدا
أن يرى نصف ما يريد مجاباً ** ويرى بعض ما يراد مردا
كذب الدهر لن يكرّر كفّاً ** هي أمضى من القواطع حدّا
يا أبا ذي الفقار عندي عتاب ** حزّ في أضلعي وأصبح بندا
أنّ سيفاً لديك جزّ رقاباً ** سمنت من دم الضعيف وأردى
كلّ داع يرى من الظلم لهوا ** واشتهاء لدى الغرائز رفدا
أنت يا من أجبت صوتاً لطفل ** أرعبته يد لوغد تعدى
وتحاملت حين يسلب قرط ** لفتاة وإن تعفر خدّا
يستبيح الأنبار وغد فتضرى ** حسرة مرّة وتفتل زندا
وترى الموت من حياتك خيراً ** حينما تستبى الحريم وتبدى
هل سمعت الصراخ حولك يدمي ** من صداه القلوب حين تصدى
هل بصرت القلوب تطحن جرحاً ** نز من أضلع الصدور وندى
هل رأيت العيون تملأ دمعاً ** يشتكي خفية ويأمل ردّا
هل عرفت السجون حولك ملاى ** بأكفّ كانت لنهجك جندا
هل نظرت النساء وهي عرايا ** تتمنّى لو يصبح السجن لحدا
هل سمعت الأيتام عندك ضجّت ** حرقة ترتجي لسيفك حدّا
ألف قرط هوى بكفّ لئيم ** صار في غابة الجريمة قردا
ألف طفل لديك يصرخ ظلماً ** وله صارت المجاهل مهدا
يا أبا ذي الفقار أينك عنها ** وهي ترنو لحدّ سيفك وعدا
كيف تغفو جفون سيفك صبرا ** وهي قد أتعبت عداتك سهدا
مزق القبر واخترقه فأنا ** كلّ كفّ لنا لكفّك تفدى


الشاعر السيد جابر الجابري ينظم في مدح الإمام علي ( عليه السلام )
افض في يدي من كلّ قافية بحرا ** لعلّ بحور الشعر تلهمني شعرا
وردّ إلى عيني رؤاها فأنّها ** بحبّك لا زالت مغيّبة سكرى
وفكّ يدي من أسرها فيك ساعة ** فما رغبت إلاّ على يدك الأسرا
ولم تر أندى منك للحبّ منبتاً ** ولم تلق وجداً من ضرامته أضرى
لأنّك ملء الروح تهتزّ كالرؤى ** إذا جنحت يوماً تعود بها دهرا
سددت عليّ القول لا أنت مانع ** وحاشا يديك البحر أن تمنع القطرا
ولكن أرى للحبّ سلطان كافر ** إذا آمنت روح يطيش بها كفرا
فهات الرؤى محرورة الطيف تنحني ** على نبعك المعهود يلهمها سحرا
لارسم وجدي فيك عذراً مجملا ** وآخر همّي فيك أن أبلغ العذرا
أمير بيوت الوحي لست مغالياً ** ولا ناطقاً زهواً ولا قائلاً هجرا
أغالب فيك الوجد ليلاً منوّراً ** وصبحاً مندى أعشب الجدب والقفرا
لأنّي وجدت الله فيك فشدّني ** لطلعته غيب وكشف لي سترا
فما بين روح أيقظت في رفيفها ** هواك وقلب أذهل الروح والفكرا
وقفت أجيل الفكر حولك معجزاً ** وسحراً تداعى فيك كي يبطل السحرا
فلوح لي في كلّ أُفق غمرته ** بنورك أعجاز وغيب لي غمرا
واسرح في معناك فيضاً مطهّراً ** وأبحر في المعنى فيأخذني المجرى
وأقرأ في دنياك سفراً كتبته ** بحدّ حسام صار في حدّه سفرا
وقاربت فيك الخلد اكشف سرّه ** فنازعني في كلّ مكتومة سرّا
توحّدت في ذات الرسول فكنتها ** لتملأ من صدر الرسول بك الصدرا
وكنت كمثل الظلّ ترعاه يافعاً ** وتحرسه شبلاً وتحمي له قدرا
إلى أن دعا داعي الخطوب وكبرت ** مأذنه واغتاظ شانئه كبرا
حملت بكفّ ذو الفقار مجلّياً ** به كرباً محمومة الملتقى نكرا
وفي يدك الأُخرى بلاغاً ومصحفاً ** به شارحاً من كلّ ذي عنت صدرا
ومالت لزنديك القلوب تحوطها ** ذراعاك تفري دونها مهجة حرى
ففي يوم بدر اظلم الكون حولها ** فكان لها ليلاً وكنت به بدرا
وفي يوم أُحد ماجت الأرض تحتها ** ودارت رحاها كي تكون لها قطرا
ويوم حنين والرجال تناهبت ** خطاها رمال البيد واجمة حيرى
وقفت لها طوداً تباعد همّه ** ويمناه عند الروع تسبقها البشرى
وغائلة الأحزاب فاضت بخندق ** إلى اليوم لم تدرك لخندقها القعرا
لقد صوّبت فيك السماء سهامها ** وكنت لمرماها كنانتها البكرا
فكنت كتاب الله يحكي رسالة ** ينوء بها صمتاً وتنطقها جهرا
لتفخر بالقرآن نهجاً وثورة ** ويحملك القرآن في يده فخرا
وأسري في علياك مجداً مخلّداً ** إلى آخر الدنيا فسبحان من أسرى


الشاعر السيد جابر الجابري ينظم في مدح الإمام علي ( عليه السلام )
تجلّى لنا يوم الغدير رسالة ** مكتمة لم ترو حرفاً ولا سطرا
تكالبت الدنيا عليه مغيظة ** تضيق به خوفاً وتطعنه غدرا
كما الشمس تعطيها السحائب هالة ** لتنشرها نوراً وتمنحها طهرا
تجمّلت الصحراء تلبس عريها ** وليس من الصحراء أنقى إذا تعرى
لتحضر عرس الوحي يحمل صوته ** بلاغ رسول تمّم النعمة الكبرى
ومرّت بك الأيدي تصافيك ودّها ** وأضلاعها تغلي وأعينها عبرى
لأنّك ما أبقيت عيناً ظميئة ** إلى عمّه إلاّ ورويتها خسرا
والسنة أفضت بما تحت طرفها ** ليغدو رماد الغدر في يدها جمرا
فربّ يد تسقي من الشهد اكؤساً ** وفي زندها الواري تأبطت الشرّا
إذا لم تكن كفّ سرى الوحي حولها ** طوافاً كما يسري بكعبته الغرا
أحقّ بأمر الله تؤتيه حقّه ** لتمضي به في كلّ مانعة أمرا
فمن ذا يقيل الركب غير امامة ** مسدّدة لم تخش مسلكها الوعرا
ومن ذا يرويها قلوباً وأكبدا ** إذا لفظت بعد الظمأ صابها المرا
سوى راحة تقضي مع الله ليلها ** وقبل طلوع الفجر تبسطها فجرا
تجاذب فيك الحقّ أطراف عمره ** فكنت له في كلّ نازلة عمرا
أطلّت بك الأُخرى بريقاً مطهّراً ** تفيض على الدنيا كان لها نذرا
فامسك سيف يرهب الدهر حدّه ** ويومك حدّ زاد عن امسه بترا
وما بين يوميك العصيين جنّة ** من الخلق الوهّاج يغمرها عطرا
تجمّلت الدنيا تريك نعيمها ** ومرّت على عينيك يانعة خضرا
وأرخت على كفّيك وافر درّها ** لتحلبها ضرعاً وتركبها ظهرا
فطلّقتها لم تدنها منك زينة ** تجمّلها البيضا وتفتنها الصفرا
وغيرك يهواها قياناً ودلّة ** تهزّ له في كلّ سانحة خصرا
فبين اكف نازلتك سقيمة ** تدير كؤوس الليل مترعة خمرا
وبين يد تؤوي من الجوع أهله ** لتغمرهم ودّاً وتوسعهم برا
وعينين عين تحرس اليتم ليلها ** وأُخرى بقصر الشام غافية سكرا
أرى أُمّة ضاعت وتاهت دروبها ** تضيق بها صحرا وتلفظها صحرا
إليك أمير المؤمنين أفيضه ** ولاء صفا لم يبغ حمداً ولا شكرا
وهبت له عشراً عجافاً ولم أزل ** أرى فيه بعض الأجر لم يكمل الأجرا
مزجت به في غربتي ألف ليلة ** مخضبة للان لم تطلع الفجرا
ومازلت ادعوها نعيماً وجنّة ** وفيها مخاض العسر احسبه يسرا
ولاؤك لي عرس يزفّ مع النهى ** ثريا هوى يزهو بها الليل والمسرى
وأن طلبت مهرا ثرياك غاليا ** وكان دمي مهراً فما ارخص المهرا


الشاعر السيد جابر الجابري ينظم في مدح الإمام علي ( عليه السلام )
هاك قلبي بعد القطيعة عهدا ** واتخذه لنصل حبّك غمدا
وافترش أضلعي لروحك مأوى ** إنّ في أضلعي لوجدك مهدا
بدمي خضت تستبيح كياني ** فدمي قد غدا لنهجك وردا
يا أمير الندى وحسبك مجدا ** أن يكون الندى لكفّك مجدا
أنت ألهمتني هواك فراحت ** أعيني من هدى مسارك تندى
كلّما زادني هداك اقترابا ** زادني عن يد الصغائر بعدا
يا سمي الإله حسبك مجداً ** أن يكون العلى إليك مجدا
أنت مولى لكلّ قلب أبي ** صاغ أوراده لنهجك عقدا
وأنا عدت من رحابك أجلو ** عن عيون الدجى لنورك بردا
أيّ عيد بك أستهل وجدا ** كنت أعطيته على الدهر خلدا
أحمل الجمر في هواك نعيما ** وأرى الذمّ في ولائك حمدا
حينما بلغ الرسول وأفشى ** سرّ ما شاءت السماء وأبدى
قال هذا أبو الحسين وصيّ ** وإمام له الصحائف تهدى
وهو مولى للمؤمنين وكهف ** يكمل الشوط والمسار المندى
وهو عندي كما لهارون موسى ** حاملاً حجّتي ليحفظ عهدا
فاستجاشت نفوس قوم وهاجت ** نار حقد بها تبيت ردا
وسعت السن تبايع جهرا ** وهي تغلي من الكراهة حقدا
ولك امتدت الأكف بوعد ** أضمرت سرّها لتخلف وعدا
بداوها من السقيفة حرباً ** تتوارى بها الضغائن حشدا
ثمّ قادوك بالحمائل عدوا ** نحو نار غدت سلاماً وبردا
واستراحت لهم أكف لئام ** عرسها أن ترى بكفّك قيدا
لعبة الدهر إذ تقودك كفّ ** أنت أطلقتها من القيد عمدا
ويد تستبي يديك وقبلا ** تحتمي منهما لتسلم جلدا
يوم قادوك بالحمائل فرداً ** ليتهم أدركوا ستخلد فردا
ليتهم أدركوا بصمتك سرّاً ** أنّه في غد سيصبح رعدا
ربّ صمت يكون فيه صراخ ** يملا الدهر أن تغافل رشدا
ولقد كنت كالجبال وكانوا ** كسحاء سعوا لسفحك صعدا
دفنوا مجدهم وعدت علياً ** تتعالى مع الكواكب مجدا