طباعة

حديث : تفضيل الخلفاء وتكذيب رواته

ومنها : ما أورده في باب مناقب عثمان عن ابن عمر قال : كنا في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا نفاضل بينهم (1).
والدلائل على الكذب والبطلان في هذا الهذيان والبهتان أكثر من أن تحصى وأوفر من أن تستقصى اذ قد ثبت بالادلة الساطعة والبراهين القاطعة ممّا صحت من طرقهم ورويت في صحاحهم أفضلية علي ( عليه السَّلام ) عن الشيخين فضلاً عن الثالث.
ثم ان هذا الخبر مخالف لاجماعهم حيث أنهم مجمعون على أفضليته ( عليه السَّلام ) عن غير الثلاثة من الصحابة ، ولذا بالغ علاّمتهم المحدّث ابن عبد البر في الاستيعاب في ابطال هذا الخبر ، قال :
أَخبرنا محمد بن زكريا و يحيى بن عبدالرحمن وعبدالرحمن بن يحيى قالوا حدثنا أَحمد بن سعيد بن حرم ثنا أَحمد بن خلد ثنا مروان بن عبدالملك ، قال سمعت هارون بن اسحاق يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : من قال ابو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقته وفضله فهو صاحب سنة.
فذكرت له هؤلاء والذين يقولون : أبوبكر ، وعمر ، وعثمان ثم يسكتون فتكلم فيهم بكلام غليظ.
وكان يحيى بن معين يقول : أَبو بكر وعمر وعلي وعثمان.
وقال ابو عمرو : من قال بحديث ابن عمر : كنا نقول على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ثم نسكت ، يعني فلا نفاضل وهو الذي أنكر ابن معين وتكلّم فيه بكلام غليظ ، لأن القائل بذلك قد قال بخلاف ما اجتمع عليه أَهل السنة من السلف والخلف من أَهل الفقه والأثر ، بأنّ علياً أفضل الناس بعد عثمان ، هذا مما لم يختلفوا فيه وإنّما اختلفوا في تفضيل عليّ و عثمان ، واختلف السلف أَيضاً في تفضيل عليّ وأَبي بكر.
وفي اجماع الجميع الذي وصفنا دليل على أن حديث ابن عمر وَهمٌ وغلط وأنه لا يصح معناه وان كان اسناده صحيحاً (2).
ويلزم من قال به أن يقول بحديث جابر وحديث ابن سعيد : كنّا نبيع أمّهات الاولاد على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهم لايقولون بذلك ، فقد ناقضوا وبالله التوفيق.
________________
1. صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة باب فضائل عثمان رقم 3698 وفي فضائل أبي بكر رقم 3655.
2. الاستيعاب 3 : 1116.وفي الطعن على عبدالله بن عمر لحديثه هذا ، قال القاضي أَبو يعلى في « طبقات الحنابلة » : قال أَبو يحيى أَيضاً : سمعت أَبا غسان الدوري يقول : كنت عند علي بن الجعد ، فذكروا عنده حديث ابن عمر « كنا نفاضل على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنقول : خير هذه الأَمة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أَبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، فيبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكر » ! فقال علي : انظروا إِلى هذا الصبي ، هو لم يحسن يطلق امرأَته ، يقول : كنا نفاضل على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طبقات الحنابلة 1 : 158 رقم 213 ، سير أَعلام النبلاء 10 : 463 ـ 464 .. وقد صنّفت في ذلك رسالة مختصرة وسميته : « حديث التربيع ».