طباعة

مناقشة الوجه الثاني

في هذا الوجه اعتراف وإقرار بما يدلّ عليه كلام عمر حيث يقول: وأنا أنهى، وليس فيه أيّ تمحّل وتكلّف، أخذ بظاهر عبارته الصريحة في معناها، لكن في مقام التوجيه لابدّ وأن ينتهي الأمر إلى رسول اللّه، وقد انتهى الأمر إلى رسول اللّه على ضوء الحديث المذكور.
فرسول اللّه يقول: كلّ ما سنّه الخلفاء من بعده، فتلك السنّة واجبة الإتّباع، واجبة الامتثال والتطبيق، فحينئذ يتمّ التحريم، إذ أنّه ينتهي إلى التشريع، إلى اللّه والرسول.
لكن يتوقف هذا الاستدلال على تماميّة حديث: «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» أنْ يتمّ هذا الحديث سنداً ودلالة.
أمّا سنداً، فلابدّ أن يتمّ سنده ويكون معتبراً وتوثّق رجاله على أساس كلمات علماء الجرح والتعديل من أهل السنّة على الأقل.
وأمّا دلالةً، فلابد وأن يراد من الخلفاء الراشدين المهديين في الحديث، أن يراد الأربعة من بعده، أو الخمسة من بعده الذين يسمّونهم بالخلفاء الراشدين وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز أو الحسن المجتبى على خلاف بينهم.
إذا كان المراد من هذا الحديث هؤلاء، فحينئذ يتمّ الاستدلال بعد تماميّة السند.
ولكنّي وُفّقت ـ وللّه الحمد ـ بتحرير رسالة مفردة(1) في هذا الحديث، وأثبتّ أنّه من الأحاديث الموضوعة في زمن معاوية، هذا أوّلاً.
وثانياً: هذا الحديث لو تمّ سنده على فرض التنزّل عن المناقشة سنداً، فإنّ المراد من الخلفاء في هذا الحديث هم الأئمّة الإثنا عشر في الحديث المعروف المشهور المتفق عليه بين المسلمين، وعليكم بمراجعة تلك الرسالة، ولو كان لنا وقت ومجال لوسّعت الكلام في هذا الحديث، ولكن أُحيلكم إلى تلك الرسالة.
___________
(1) مطبوعة ضمن (الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنّة).