طباعة

القول بعدالة الصحابة يخالف صريح السنة

إذا نظرنا إلي أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم و أقواله تجاه الصحابة نجده قد أعطى كل ذي حق حقه، فهو يغضب لله و يرضي لرضاه و كل صحابي خالف أمر الله سبحانه تبرأ منه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما تبرأ مما صنع خالد بن الوليد في قتله بني جذيمة، و كما غضب علي أسامة عندما جاءه ليشفع للمرأة الشريفة التي سرقت، فقال قولته المشهورة: "و يلك أتشفع في حد من حدود الله؟ و الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها، إنما أهلك من كان قبلكم لأنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه و إذا سرق الوضيع أقاموا عليه الحد."
و نجدهصلى الله عليه وآله وسلم أحياناً يبارك و يترضى على بعض أصحابه المخلصين و يدعو لهم و يستغفر لهم، كما نجده يلعن البعض منهم الذين يعصون أوامره و لا يقيمون لها و زناً أحياناً أخرى، مثل قوله "لعن الله من تخلف عن جيش أسامة" و ذلك عندما طعنوا في تأميره و رفضوا الالتحاق بجيشه بحجة أنه صغير السن.
كما نجده صلى الله عليه وآله وسلم يوضح للناس ولا يتركهم يغتروا ببعض الصحابة المزيفين، فيقول في أحد المنافقين: "إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من المرمية". و قد يتوقف فلا يصلي علي أحد الصحابة الذين استشهدوا في غزوة خيبر ضمن جيش المسلمين، و يكشف على حقيقته و يقول. "إنه غل في سبيل الله" و لما فتشوا متاعه وجدوا فيه خرزاً من خرز اليهود.
و يحدثنا الماوردي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عطش في غزوة تبول فقال المنافقون: إن محمداً يخبر بأخبار السماء، و لا يعلم الطريق إلى الماء، فنزل جبريل و أخبره بأسمائهم، و أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم سعد بن عبادة، فقال له سعد" إن شئت ضربت أعناقهم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، و لكن نحسن صحبتهم ما أقاموا معنا" (1)
و قد سار فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما أشار به القرآن الكريم في حقهم، فقد رضي الله عن الصادقين منهم و غضب على المنافقين و المرتدين و الناكثين منهم، و لعنهم في العديد من الآيات المحكمات، و قد وافينا البحث لهذا الموضوع في كتاب "فاسألوا أهل الذكر" في فصل "القرآن الكريم يكشف حقائق بعض الصحابة" فمن أراد التحقيق فعليه بالرجوع إلى الكتاب المذكور.
و يكفينا مثل واحد من أعمال بعض الصحابة المنافقين التي كشفها الله سبحانه و فضح أصحابها و كانوا أثني عشر رجلاً من الصحابة تذرعوا ببعد المسافة و أن الوقت لا يسعهم للحضور مع النبي، فبنوا مسجداً لأداء الصلاة في وقتها، فهل ترى إخلاصاً و رفاء أكبر من هذا؟ أن يصرف العبد أموالاً طائلة لبناء مسجد حرصاً منه على أداء فريضة الصلاة في وقتها و في جماعة يجمعهم مسجد واحد؟
ولكن الله سبحانه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، والذي يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور، علم سرائرهم و ما تخفي صدورهم، فأوحي إلى رسوله بأمرهم و أطلعه على نفاقهم بقوله: «والذين اتخذوا مسجداً ضراراً و كفراً و تفريقاً بين المؤمنين و إرصاداً لمن حارب الله و رسوله من قبل و ليحلفن إن أردنا إلا الحسنى و الله يشهد إنهم لكاذبون» (التوبة: 107)
و كما أن الله لا يستحي من الحق فكذلك رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول لأصحابه صراحة بأنهم سيتقاتلون على الدنيا و أنهم سيتبعون قي الضلالة سنن اليهود و النصارى شبراً بشبر و ذراعا بذراع، و أنهم سينقلبون بعده علي أدبارهم و يرتدون، و أنهم يوم القيامة سيدخلون إلي النار ولا ينجو منهم إلا القليل الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهمل النعم، و أنهم و أنهم …
فكيف يحاول "أهل السنة و الجماعة" إقناعنا بعد كب هذا بأن الصحابة كلهم عدول و أنهم في الجنة جميعاً، و أن أحكامهم ملزمة لنا، و أن أراءهم و بدعهم واجبة الاتباع، و أن الطعن على أي واحد منهم مروق عن الدين يوجب القتل؟؟!
إنه قول لا يقبله المجانين فضلاً عن العقلاء، إنه قول زور و بهتان لفقه الأمراء و السلاطين و الذين ساروا في ركابهم من علماء السوء المتطفلين على العلم و نحن لا يمكن لنا قبول هذا القول أبداً مادامت لنا عقول لأنه رد علي الله و رسوله و من رد قول الله و قول الرسول فقد كفر، و لأنه يصادم العقل والوجدان.
و نحن لا نلزم "أهل السنة و الجماعة" بالعدول همه أو برفضه، فهم أحرار فيما يعتقدونه و هم وحدهم المسؤولون عن نتائجه و عواقبه الوخيمة.
ولكن عليهم أن لا يكفروا من يتبع القرآن و السنة في عدالة الصحابة فيقول للمحسن منهم: أحسنت و يقول للمسيء منهم: أخطأت و أسأت، و يتولى أولياء الله و رسوله منهم و يتبرأ من أعداء الله و رسوله منهم أيضاً.
و بهذا يتبين لنا أيضاً بأن "أهل السنة و الجماعة" خالفوا صريح القرآن و صريح من سب صحابياً، إذا قلت له: كيف لا تكفر معاوية و كل الصحابة الذين اتبعوه على سب و لعن علي من فوق المنابر؟ فسيجيبك حتماً كما هو معروف: «تلك أمة قد خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم و لا تسألون عما كانوا يعملون» (البقرة: 134).


______________________
(1) قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، و لكن نحسن صحبتهم .." فيه دليل واضح علي أن المنافقين هم من الصحابة، فقول "أهل السنة و الجماعة" بأن المنافقين ليسوا من الصحابة مردود عليهم، لأنه رد على رسول الله الذي يسميهم أصحابه.