• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

واجباتنا في الجانب الاجتماعي

واجباتنا في الجانب الاجتماعي

 

واجباتنا في الجانب الاجتماعي

أولاً: الحفاظ على الوحدة و الاُلفة بين أبناء المجتمع الشيعي

أ- بناء الاُسرة الصالحة

ب- صلة الرحم

أثر صلة الرحم في عصر الغيبة

ج- الحثّ على التراحم و التعاطف و التزاور

د- المبادرة لقضاء حوائج المؤمنين

هـ- الاهتمام باُمور المسلمين و النصيحة لهم

و- تحجيم الخلافات، و السعي لإصلاح ذات البين

ز _ إحياء أمر أهل البيت: من خلال تبادل الزيارات بين المؤمنين

ح- الامتثال لأوامر المرجعية

1- حُسن الخلق و التودد إلى الناس

2- الإحسان للمؤمنين

الإجراءات الوقائية لحفظ الالفة و الوحدة الاجتماعية

ثانياً: الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

دور وظيفة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر في عصر الغيبة

 

 

واجباتنا في الجانب الاجتماعي

لا شكّ أنّ الرسالة الإسلامية أولت عناية خاصّة للمجتمع، فقد وضعت له مجموعة من القوانين لضمان سعادته والوصول به إلى سعادة الدارين.

 

وبعبارة اُخرى: «إنّ اُصول الدين الخمسة التي تمثّل على الصعيد العقائدي جوهر الإسلام والمحتوى الأساسي للرسالة في نفس الوقت تمثّل ـ بأوجهها الاجتماعية على صعيد الثورة الاجتماعية التي قادها الأنبياء ـ الصورة المتكاملة لاُسس هذه الثورة»([1]).

وهذه العناية بالتوحيد في المجتمع نلمسها في تأكيد أهل البيت(عليهم السلام)وعنايتهم بضرورة قيام المجتمع الموحّد.

وهذه الفكرة لخّصها المنطق العلوي، وأبان حلقاتها بالنص التالي: «أوّل الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده»([2]).

حيث يكشف النصّ أنّ الدين الذي يضمن السعادة للمجتمع ـ كما هو واضح ـ لا يمكن أن يتحقق من دون المعرفة المؤدية إلى التوحيد.

إذن التوحيد هو الأساس الذي يقوّم سعادة المجتمع، ويعتبر من أهم الحقوق الإنسانية، ولذا يحقّ لنا الدفاع عن هذا الحقّ، كما قال العلاّمة الطباطبائي: «أثبت القرآن أنّ أهم حقوق الإنسانية هو التوحيد...، وأنّ الدفاع عن الحقوق الإنسانية حقّ مشروع مباح الاستيفاء للإنسان»([3]).

وحيث إنّ طبيعة الإنسان والاجتماع البشري في هذا العالم ـ عالم التزاحم ـ تتولّد فيه مجموعة من العراقيل توجب على المجتمع أن يبقى في حاجة دائمة للعلاج; لتصحيح اخطائه وتقويم مسيرته، وتتضاعف الحاجة إلى العلاج في هذا العصر، عصر الملاحم والفتن والابتلاء.

وفي ضوء ما تقّدم ـ مضافاً لما تفرضه عليها مسؤوليتنا في هذا العصر وهي بناء أنفسنا ومجتمعنا بالشكل الذي نكون قادرين ومؤهّلين للقيام بمسؤوليات اليوم الموعود الذي يسود فيه التوحيد والعدل ـ يجب علينا أن نصلح مجتمعنا، وأن نكون مجتمعين عقلا ولُبّاً عقيدةً وعاطفةً لكي نكون بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقنا. ومما لا  شكّ فيه أنّنا لا  نكون بمستوى  تحمّل هذه المسؤولية إلاّ إذا كنّا مجتمعين عقلا ولباً وسلوكاً على الوفاء بالعهد المأخوذ منّا من طاعة أوامر الإسلام ونواهيه; ذلك لأنّ الاجتماع على الطاعة يكون أوسع وأكثر انتاجاً من الطاعة الفردية بشكل غير قابل للمقايسة.

وعلى هذا الأساس تنبثق مجموعة من الواجبات في هذا المجال فنعرض ـ إجمالا ـ لأهمّها:

 

أولا : الحفاظ على الوحدة والاُلفة بين أبناء المجتمع الشيعي:

من الواضح أنّ الانسجام والوحدة بين أفراد المجتمع من أهم مقومات المجتمع الإنساني الصالح الموحّد، وهذه المسألة يمكن أن نجدها من خلال مجموعة من  الإضاءات التي نلمسها من تركيز أهل البيت(عليهم السلام) على هذه المسألة، كما سيتّضح  .                     

كما لا يخفى مقدار وحجم الآثار الإيجابية المترتبة على تحقيق هذا التلاحم والانسجام بين أفراد المجتمع، حيث نجد أنّ مسألة الوحدة بين أفراد المجتمع تُعدّ علاجاً ناجحاً لحالة تردّي وانهيار العلاقات الاجتماعية في هذا العصر، كما هو واضح لأدنى من تأمّل في هذا الجانب، حيث العلاقات الممزّقة الخاوية; لاسيّما تحت ظل الهجمة المعادية من قبل أعداء الإسلام، التي تهدف إلى طمس الروح الإسلامية في نفوسنا، وهذه الحالة هي عين ما أشارت إليه الروايات المتظافرة من أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام) التي تنبّأت بذلك.

فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في حديثه عن أهل هذا العصر قال: «تجتمع الأجساد والقلوب مختلفة، ودين أحدهم لعقة على لسانه...»([4]).

إلى غيرها من عشرات الروايات في هذا المضمون. إذن يجب علينا العمل والسعي للحفاظ على وحدة مجتمعنا الشيعي بهمة عالية وعزم مستمدٍّ من الله تعالى.

ومن أهمّ الاُمور التي ركّز عليها أهل البيت(عليهم السلام) في توجيه شيعتهم وأتباعهم لحفظ الانسجام والتلاحم بين أفراد المجتمع هي:

أ ـ بناء الاُسرة الصالحة:

حيث إنّ الاُسرة تحتلّ اللبنة الاُولى لبناء المجتمع، لذا نجد هذا الاهتمام الكبير في القرآن والسُنّة، حيث وضع أهل البيت(عليهم السلام) نظاماً دقيقاً محكماً شاملا لكل  تفاصيلها، ابتداءً من اختيار الزوجة، وكيفية المعاشرة، ومسألة الحقوق... وغيرها، كما مبيّن في محلّها  .

وعلى هذا الأساس فإنّ للاُسرة الصالحة دوراً كبيراً في تربية أبناء صالحين، مستمدّين قوّتهم من إيمانهم بالله تعالى، متحمّلين للمسؤولية الملقاة على عاتقهم، كلّ ذلك ليساهم في بناء مجتمع صالح قائم على أساس الإيمان بالله تعالى.

أمّا لو كانت الاُسرة ممزّقة غير منضبطة بضوابط الإسلام فسوف تكون مِعولا هادماً للمجتمع.

ولعلّنا لا نجانب الصواب إذا ما قلنا: إنّ واحدةً من أهم أسباب الفساد والانحلال لأبنائنا في هذا العصر هو تمزّق العلاقة الاُسرية، وعدم رعايتها لتوصيات ومقررات الشارع في هذا الشأن.

إذن الاُسرة تمثّل القاعدة التحتية التي ينهض عليها بناء المجتمع الصالح، لذا ينبغي علينا الاهتمام بهذا الجانب وعدم التغافل عنه، والعمل وفق ما رسمه لنا أهل البيت(عليهم السلام) من مناهج في هذا الصدد.

ب ـ صلة الرحم:

وهي كذلك من الاُمور الأساسية لحفظ الوحدة الاجتماعية في المجتمع الشيعي، وقد أكّدت عليها الشريعة، وأولاها أهل البيت(عليهم السلام) عناية خاصّة. فعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): اُوصي الشاهد من اُمّتي والغائب منهم، ومَن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة: أن يصل الرحم وإن كان منه على مسيرة سنة; فإنّ ذلك من الدين»([5]).

انظر إلى التعبير «إنّ ذلك من الدين» وكلّ ما كان من الدين فهو يصبّ في مصلحة المجتمع الإسلامي.

ويقع في مقدمة الأرحام: الأبوان، فيجب إكرامهما والبرّ بهما، ويكون ذلك بالتزام الطاعة لهما، وامتثال أوامرهما ضمن الحدود الشرعية، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا )([6]).

وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «نَظَرُ الولد إلى والديه حبّاً لهما عبادة»([7]).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها ولا تؤخُر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الإحسان»([8]).

أثر صلة الرحم في عصر الغيبة:

لا شكّ أنّ هذه الوظيفة ـ صلة الرحم ـ تعدّ علاجاً ناجحاً لما نراه من انهيار وتفكّك للعلاقة بين الأرحام في عصرنا الحاصر الذي تكثر فيه مثل هذه الظواهر، وخصوصاً عندما نلاحظ تشخيص هذا المرض من قبل أهل البيت(عليهم السلام) الذين أخبرونا بما يجري في هذا العصر من انتشار وتفشي لهذا المرض.

فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال ـ وهو يبيِّن لنا حال هذا العصر ومآل الناس فيه ـ  : «.. إذا انتهكت المحارم، واكتسبت المآثم، وسلّط الأشرار على الأخيار...»([9]).

وفي حديث آخر قال: «... ورأيت العقوق قد ظهر، واستخّف بالوالدين»([10]). وقال(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً: «يجفو الرجل والديه ويبرُّ صديقه»([11]).

إلى غيرها من الروايات الكثيرة في هذا المجال.

إذن فالالتزام بصلة الرحم يعتبر علاجاً مهمّاً لهذه الظاهرة في هذا العصر، مضافاً إلى دورها الكبير في حفظ وحدة المجتمع وتماسكه وانسجامه.

ولا يخفى ما في الاجتماع والوحدة من أثر في تعجيل ظهور الإمام(عليه السلام)، ففي التوقيع الصادر إلى الشيخ المفيد(رحمهم الله) من الناحية المقدّسة: لو أنّ أشياعنا ـ وفّقهم الله لطاعته ـ على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لَما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة وصدقها»([12]).

ومّما ينبغي الإشارة إليه أنّ وجوب صلة الرحم ـ التي أكّدت عليها الشريعة ـ يكون من أبرز مصاديقها صلة أهل البيت(عليهم السلام); لأنّ هذا المعنى هو الذي تسفر عن مضمونه النصوص المتظافرة بأنّ الإمام هو الوالد الشفيق لشيعته.

فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «أنا وعلي أبوا هذه الاُمّة»([13]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إنّ الله خَلقنا من علّيّين، وخلق أرواحنا من فوق ذلك، وخلق أرواح شيعتنا من علّيّين، وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم، وقلوبهم تحنُّ إلينا»([14]).

وعن الإمام الرضا(عليه السلام) قال: «الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق»([15]).

وكذا ما ورد عن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه قال: «إنّ رحم آل محمد الأئمة(عليهم السلام)لمعلّقة بالعرش تقول: اللهمّ صِلْ من وصلني، واقطع مَن قطعني، ثمّ هي جارية في أرحام المؤمنين»، ثمّ تلا هذه الآية: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالاَْرْحَامَ )([16]).

وفي ضوء ما سلف اتّضحت أهمية هذه الوظيفة في عصر الغيبة، وإنّها تساهم في حفظ وحدة المجتمع من ناحية، وترسيخ الولاية والصلة بأهل البيت(عليهم السلام) من ناحية اُخرى، ولا يخفى ما تترتّب على هذه الثمرات من آثار على الفرد والمجتمع.

ج ـ الحثّ على التراحم والتعاطف والتزاور:

تنبثق أهمية هذا السلوك نتيجة تركيز وتأكيد أهل البيت(عليهم السلام) على ضرورة التحلّي به، ولذا نجد حشداً واسعاً من رواياتهم(عليهم السلام) يحثّ شيعتهم ومواليهم على الالتزام به وجعله منهجاً في حركتهم وسلوكهم.

فعن جابر الجعفي قال: دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي(عليه السلام)ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا، فودّعناه وقلنا له: أوصنا يابن رسول الله فقال(عليه السلام): «ليعن قويّكم ضعيفكم، وليعطف غنيكم على فقيركم ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا...»([17]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «يحق على المسلمين الإجتهاد في التواصل والتعاون والتعاطف والمواساة لأهل الحاجة، وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله عزّوجل رحماء بينهم متراحمين، مغتمين لما غاب عنهم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)»([18]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «رحم الله امرءاً ألّف بين وليّين لنا، يامعشر المؤمنين، تألّفوا وتعاطفوا»([19]).

ولهذه الوظيفة تركيز في حفظ وحدة المجتمع، خصوصاً في عصر الغيبة، ولعلّ من أهمها:

1 ـ إنّ تعاون وتراحم أبناء المجتمع فيما بينهم يساهم في تأمين حاجاتهم وتقوية شوكتهم; لأنّ ارتباط الطبقات بعضها ببعض في مصالحها وفي نموّها وتطوّرها، يؤمِّن الحاجة لبعضها البعض، فالعلاقة بينهم علاقة تكامل وتعاون وليس علاقة صراع وتناحر، قال أمير المؤمنين(عليه السلام) في كتابه إلى مالك الأشتر: «واعلم أنّ الرَعية طبقات لا يصلحُ بعضها إلاّ ببعض، ولا غنى ببعضها عن بعض»([20]).

2 ـ إنّ هذا السلوك يعتبر العلاج المستطاع لما نشاهده من العلاقات الاجتماعية الممزقة، والحدّ من توسعها وانتشارها.

مضافاً إلى ما لهذه الوظيفة من دور كبير في تهذيب النفوس وتربيتها لاكتساب الملكات الطيبة; ليكون الفرد مؤهْلا لتحمل المسؤولية في اليوم الموعود.

3 ـ إنّ تعاون المؤمن مع المؤمن من الاُمور التي تُدخل السرور فيما بينهم، وهذا بنفسه يُعد إدخالا للسرور على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام)، ففي الرواية عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سروراً أنّه عليه أدخله فقط، بل والله علينا، بل والله على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)»([21]). وهذا مما يزيد صلة المؤمن بأهل البيت(عليهم السلام) وولايتهم وتمسكه بهم.

4 ـ إنّ صلة المؤمن مع أخيه وتعاونه معهم يضطلع بأهمية عالية عند أهل البيت(عليهم السلام) ففي الرواية عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «مَن لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شيعتنا يكتب له ثواب صلتنا، ومَن لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا»([22]).

5 ـ إنّ التهاون بهذه الوظيفة يعدّ استخفافاً بأهل البيت(عليهم السلام). ففي الرواية عن أبي هارون، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: قال(عليه السلام) لنفر عنده، وأنا حاضر: «ما لكم تستخفّون بنا؟»، قال: فقام إليه رجل من خراسان، فقال: معاذ لوجه الله أن نستخفّ بك، أو بشيء من أمرك، فقال(عليه السلام): «بلى، إنّك أحد مَن استخفّ بي!»، فقال: معاذ لوجه الله أن استخفّ بك، فقال(عليه السلام) له: «ويحك! أو لم تسمع فلاناً ونحن بقرب الجحفة وهو يقول لك: احملني قَدَرِ ميل فقد والله أعييت، والله ما رفعت به رأساً، ولقد استخففت به، ومَن استخفّ بمؤمن فبنا استخفّ، وضيّع حرمة الله عزّوجل»([23]).

د ـ المبادرة لقضاء حوائج المؤمنين:

يعتبر هذا السلوك من العناصر الأساسية التي تشدّ أواصر العلاقة بين أبناء المجتمع، فهو من أهمّ العلاجات المجدية والمناهج القويمة لحالات التفكّك والأوضاع القلقة التي يعيشها أبناء المجتمع الشيعي في عصر الغيبة، وهذا واضح لما نشاهده اليوم من حالات الجفاء التي يمكن أن تكون هي الحالة الغالبة على مجتمعنا.

وقد أشارت الروايات لوجود مثل هذه الحالات في عصرنا الراهن، ولو كان ما نلمسه بالوجدان كفاية في إثبات مثل هذا المرض الذي ينخر في جسم المجتمع الشيعي.

ولعلّنا لا نجانب الصواب إذا ما قلنا: إنّ السبب الرئيسي في تأكيد أهل البيت(عليهم السلام) على ضرورة السعي في قضاء حوائج المؤمنين هو لشد أواصر العلاقة فيما بينهم، وإنّها من جملة حقوق المؤمن على المؤمن.

ولا يخفى ما في هذا العمل والسلوك من ثواب عظيم، فضلا عن الآثار الوضعية الدنيوية التي يكون قضاء الحاجة سبباً في وجودها.

فعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إنّ المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده فيهتمّ بها قلبه، فيدخله الله بهمّه الجنة»([24]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلاّ ناداه الله تبارك وتعالى: عليَّ ثوابك، ولا أرضى لك بدون الجنة»([25]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «أي مؤمن سأل أخاه حاجة وهو يقدر على قضائها فردّه عنها سلّط الله عليه شجاعاً في قبره ينهش من أصابعه»([26]).

عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «مَن أتاه أخوه المؤمن في حاجة فإنّما هي رحمة من الله تعالى ساقها إليه، فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية الله، وإن ردّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلّط الله عليه شجاعاً من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة، مغفوراً له ومعذّباً، فإن عذره الطالب كان أسوأ حالا»([27]).

إذن لا ينبغي التغافل عن هذا السلوك المحبَّب لله ولرسوله ولأهل البيت(عليهم السلام); لأنّه من أهم الاُسس الكفيلة بإزالة الرواسب العالقة التي تطرأ على قلوب المؤمنين ـ لاسيّما في هذا العصر ـ وتسدّ منافذ الريب، وبالتالي تجعل من المؤمنين إخوة متحابّين متكاتفين، وهذا بدوره يشكّل عاملاً مهمّاً يؤهّلهم لأن يكونوا بمستوى المسؤولية، ومن ثمّ يساهم في تعجيل يوم الظهور.

هـ ـ الاهتمام باُمور المسلمين والنصيحة لهم:

كذلك من الركائز الأساسية لحفظ وحدة المجتمع الشيعي والوصول به إلى المجتمع الإنساني الصالح هو الاهتمام باُمور المسلمين والنصيحة لهم، وبمقدار ما يتّصف المؤمن بهذه الخصال يتعين مركز ذلك الفرد المؤمن في مجتمعه علوّاً وهبوطاً، واستطاعةً وانحرافاً، وهي سرّ نجاحه أو إخفاقه في الحياة، وهي أساس قبوله ورفضه لدى  الآخرين. فهذا هو السلوك الذي نبلغ به الغاية إن شاء الله تعالى.

فلابدّ من بثّ روح الإحساس في المجتمع، وتعوّد أفراده على الاهتمام باُمور المسلمين والنصيحة لهم; لأنّ دين الله هو النصيحة، كما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «مَن لم يهتم باُمور المسلمين فليس بمسلم»([28]).

وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «الدين النصيحة»، قيل: لمن يارسول الله؟ قال: «لله ولرسوله، ولأئمة الدين ولجماعة المسلمين»([29]).

فالنصيحة هي الإخلاص في التعامل مع المسلمين، وهي أثمن الأشياء; لأنّها تشخّص العيوب التي لا يلتفت لها نفس الشخص، فهي توقظ النفس وتُعدّها إعداداً ثابتاً مرناً.

ونشير هنا إلى بعض ممّا حثّ وأكدّه عليه أهل البيت(عليهم السلام) لأجل الالتزام به:

عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه»([30]).

وقال أبو جعفر(عليه السلام) لأبي العديس: «يا صالح، اتَّبِعْ مَن يُبكيك وهو ناصح لك، ولا تتّبع مَن يُضحِكك وهو لك غاشّ، وستردون على الله جميعاً فتعلمون»([31]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «أحبّ إخواني إليَّ مَن أهدى إليَّ عيوبي»([32]).

وقال(عليه السلام): «لا يستغني المؤمن عن خصلة، وهي الحاجة إلى ثلاث خصال: توفيق من الله عزّوجلّ، وواعظ من نفسه، وقبول مَن ينصحه»([33]).

ولا يخفى ما لهذه الوظيفة من دور كبير في حفظ وتقوية أواصر المحبة والعلاقة بين أفراد المجتمع الشيعي ليكونوا على مستوى الشعور بالمسؤولية لنيل رضا الله عزّوجل ورسوله وأهل بيته الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام.

و ـ تحجيم الخلافات، والسعي لإصلاح ذات البين:

من الاُمور الأساسية في توطيد وتقوية أواصر العلاقة بين أبناء المجتمع الشيعي هو القيام بإصلاح ذات البين بينهم، وإزالة ما يطرأ على العلاقات فيما بينهم من عوائق ومشكلات.

ومن هنا نجد ذلك الزخم الكثير من الروايات في التأكيد على ضرورة إصلاح ذات البين بين شيعتهم وأتباعهم، بالشكل الذي وصلت عملية الإصلاح بين المؤمنين إلى درجة تكون أفضل من عامة الصلاة والصيام.

فقد ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في وصيته لولديه الحسن والحسين(عليهما السلام)عندما ضربه ابن ملجم: «فإنّي سمعت جَدَّكما رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: صلاحُ ذاتِ البَينِ أفضل من عامّة الصلاة والصيام»([34]).

وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «صدقة يحبّها الله: إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقاربّ بينهم إذا تباعدوا»([35]).

وممّا يكشف عن أهمية إصلاح ذات البين هو أنّ الشارع نفسه رخّص في ارتكاب الكذب إذا كان في مقام الإصلاح، وعدم جواز الصدق في مقام الإفساد بين المؤمنين; بالرغم من أنّ الكذب من أعظم المحرمات، إلاّ أنه مع ذلك نجده جائزاً في مقام الإصلاح بين الناس وحلّ خلافاتهم.

فعن جعفر بن محمد، عن آبائه(عليهم السلام)، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): «ثلاثة يحسن فيهنّ الكذب: المكيدة في الحرب، وعدتك زوجتك، والإصلاح بين الناس. وثلاثة يقبح فيهن الصدق: النميمة، وإخبارك الرجل عن أهله بما يكرهه، وتكذيبك الرجل عن الخبر...»([36]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «الكلام ثلاثة: صدق، وكذب، وإصلاح بين الناس»، قال: فقيل له: جعلت فداك، ما الإصلاح بين الناس؟ قال: «تسمع عن الرجل كلاماً يبلغه فتخبث نفسه، فتقول: سمعت من فلان قال فيك من الخير كذا وكذا، خلاف ما سمعته منه»([37]).

ولا يخفى دور هذا السلوك في عصر الغيبة الذي تكثر فيه الفتن والابتلاءات التي من شأنها أن تُباعد بين الناس، وتقسو قلوبهم، وتمزّق أواصر العلاقة فيما بينهم، لذا ينبغي الالتفات لهذا الأمر جيداً وأن نضعه نصب أعيننا; لنكون متوكّلين على الله تعالى مستمدّين العزم من قوّته تعالى.

ولعلّ من أهم ثمرات هذا السلوك (إصلاح ذات البين) في عصر الغيبة: أنّه إذا عمل بهذه الوظيفة فقد تسود علاقات الودّ والمحبّة، ويكثر التزاور والتواصل بين المؤمنين، وهذا بنفسه هو إحياء لأمر أهل البيت(عليهم السلام)وحفظ للدين الذي هو أمانة في أعناقنا.

فعن شعيب العقرقوفي قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول لأصحابه: «اتّقوا الله وكونوا إخوةً بررةً، متحابّين في الله، متواصلين، متراحمين، تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه»([38]).

ز ـ إحياء أمر أهل البيت(عليهم السلام) من خلال تبادل الزيارات بين المؤمنين:

إنّ التزاور بين المؤمنين لَهوَ من الاُمور المهمة في بناء المجتمع الشيعي وحفظ وحدته; لكي يكونوا ذوي عقيدة راسخة لا تتزعزع، مهما واجهوا من المآزق والمضائق في عصر الحيرة والابتلاء هو: التزاور بين المؤمنين.

ومن هنا نجد تأكيد أهل البيت(عليهم السلام) على هذا البعد; لما يتضمن من إحياء لأمر أهل البيت(عليهم السلام) وتدارس اُمور الدين والدنيا، فضلا عمّا له من الآثارالاُخرى دينية وروحية وأخلاقية وكونها من الأسباب المقربة لله تعالى.

عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «تزاوروا فإنّ في زيارتكم إحياءً لقلوبكم، وذكراً لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم»([39]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «أيُّما ثلاثة مؤمنين اجتمعوا عند أخ لهم، يأمنون بوائقه ولا يخافون غوائله، ويرجون ما عنده، إن دَعَوا الله أجابهم، وإن سألوه أعطاهم وإن استزادوا، زادهم وإن سكتوا ابتدأهم»([40]).

وعن ميسر، عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قال لي «أتخلون وتتحدثون وتقولون ما شئتم؟»، فقلت: إنّا نخلو ونتحدّث ونقول ما شئنا، فقال: «أما واللهِ لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن، أما والله إنّي لاُحبَ ريحكم وأرواحكم، وإنّكم على دين الله ودين ملائكته، فاعينوا بورع واجتهاد»([41]).

وعن معتب مولى أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سمعته يقول لداود سرحان: «ياداود، أبلغ مواليّ عنّي السلام، وإنّي أقول: رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكروا أمرنا، فإنّ ثالثهما ملك يستغفر لهما، وما اجتمع اثنان على ذكرنا إلاّ باهى الله تعالى بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإنّ في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءَنا، وخير الناس بعدنا مَن ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا»([42]).

وعن خيثمة، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «أبلغ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم أن يعود غنيّهم على فقيرهم، وقويّهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيّهم جنازة ميّتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، فإنّ لقاء بعضهم بعضاً حياة لأمرنا»، ثمّ قال: «رحم الله عبداً أحيا أمرنا»([43]).

إذن من خلال التزاور بين المؤمنين يحصل إحياء لأمر أهل البيت(عليهم السلام)، وهو من أهم مقومات بناء المجتمع الشيعي وحفظ وحدته، مضافاً إلى ما يترتب على التزاور واحياء الأمر من نشر للمعرفة، بل إنّ نفس احياء أمرهم(عليهم السلام) إنّما يتمّ ويتحقّق من خلال نشر علومهم(عليهم السلام).

فعن الإمام الرضا(عليه السلام) قال: «رحم الله عبداً أحيا أمرنا»، فقال الراوي: وكيف يُحيي أمركم؟ قال: «يتعلّم علومنا وينشرها بين الناس، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا»([44]).

ح ـ الامتثال لأوامر المرجعية:

تتمتع العلاقة بين أبناء المجتمع الشيعي مع العلماء والمراجع بأهمية خاصّة، على  صعيد حفظ الوحدة الاجتماعية للمجتمع الشيعي، فممّا لاريب فيه أنّ العلاقة بين أبناء المجتمع الشيعي مع المراجع العظام تتصف بصفة الوجوب، ولها ضوابط وحدود تتعلق بالتكاليف الشرعية لكلٍّ من المرجع والإنسان المؤمن،  ولا  تقتصر على شكلها التقليدي المتمثّل بأخذ الحكم الشرعي فقط، بل نجدها تتمتّع بحالة من الودّ والحبّ والتقديس والاحترام والتعظيم، وهذا ما نلمسه في كلّ تاريخ علمائنا ومراجعنا ـ  رضوان الله عليهم  ـ مع أبناء المجتمع الشيعي.

وهذا النوع من العلاقة بين أبناء المجتمع الشيعي مع العلماء المراجع لا نجده مع  غير عالم الدين، ولعلّ من أهم الأسباب التي تقف وراء تنظيم مثل هذه العلاقة الحميمة هو ما يتّصف به هؤلاء العلماء من حالة الولاء لأهل البيت(عليهم السلام)، والتضحية من أجل حفظ الدين واستمراره.

إلاّ أنّ ممّا يؤسف عليه في عصرنا الحاضر هو وجود حالة من الجفاء والبرود والركود في هذه العلاقة بين أبناء المجتمع والمراجع العظام; نتيجة لمحاولات الأعداء عزل الاُمّة عن قادتها وعلمائها.

وفي غضون هذا الوضع يتحتم علينا لأجل المحافظة على وحدتنا وانسجامنا، ولإجهاض مخطّطات الأعداء الالتفاف حول علمائنا ومراجعنا الصالحين، لأنّهم امتداد لخطّ الإمامة وخطّ أهل البيت(عليهم السلام)، فهم نوّاب الإمام، كما ورد عن الإمام صاحب الزمان(عليه السلام) في التوقيع المعروف: «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله»([45]).

فيجب طاعتهم، حيث إنّ طاعتهم طاعة للإمام صاحب الزمان(عليه السلام)، وإنّ الردّ عليهم يعتبر ردّاً على الإمام، والرادّ على الإمام رادّ على الله تعالى([46]).

إذن لابدّ علينا من الالتفاف حول علمائنا الصالحين لأجل حفظ وحدتنا وهويتنا، وإلاّ فسوف تمزّقنا مخطّطات الأعداء ونكون فريسةً سهلةً لكلّ الدعوات الضالّة.

فعن الإمام الباقر(عليه السلام) قال:«قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): لا تصلح الإمامة إلاّ لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك فيه غضبه، وحسن الولاية على مَن يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم»([47]).

أمّا مَن هم العلماء الذين يجب الالتفاف حولهم، فهذا ما تكفّلت به الكتب الفقهية من الشروط والمواصفات والمسؤوليات.

هذه أهمّ الاُمور التي يجب الاهتمام بها لحفظ وحدة المجتمع الشيعي. وهنالك جملة اُخرى من الوظائف لا تقلّ أهميةً عمّا ذكر تساهم في حفظ وحدة المجتمع الشيعي، منها:

1 ـ حُسن الخلق والتودد إلى الناس:

فلابدّ للمؤمن أن يكون حسن الأخلاق، ليِّن الطبع، كما جاء في الحديث: «صنائع المعروف وحسن البشر يكسبان المحبة، ويدخلان الجنّة. والبخل وعبوس الوجه يبعدان من الله، ويدخلان النار»([48]).

وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل فقال: يارسول الله أوصني، فكان فيما أوصاه أن قال :ألقِ أخاك بوجه منبسط»([49]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «البِرّ وحسن الخلق يُعمران الديار، ويَزيدان في الأعمار»([50]).

2 ـ الإحسان للمؤمنين:

وهو أيضاً من السبل التي تساهم في حفظ وحدة المجتمع وتقوية أواصر العلاقة بين أبنائه وتجعلهم إخوة أشقّاء تجمعهم عقيدة واحدة. وقد كانت حياة أهل  البيت(عليهم السلام) مليئة بالمفردات والشواهد التي تؤكّد اهتمامهم بالإحسان للمؤمنين والتعاطي معهم بالمعروف.

وكذا وردت نصوص كثيرة تحثّ المؤمنين على المبادرة للإحسان للمؤمنين وتعاملهم بالمعروف، فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «كلّ معروف صدقة»([51]).

وعن أبي بصير قال: ذكرنا عند أبي عبدالله(عليه السلام) الأغنياء من الشيعة فكأنّه كره ما سمع منّا فيهم، فقال: «يا أبا محمد: إذا كان المؤمن غنياً وصولا رحيماً له معروف إلى أصحابه، أعطاه الله أجر ما ينفق في البرّ مرّتين ضعفين; لأنّ الله يقول في كتابه: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولئِك لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ )»([52]).

وعنه(عليه السلام) قال: «أيّما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفاً فقد أوصل ذلك إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)»([53]).

وتدخل تحت مفهوم الإحسان عدّة مفردات يمكن عدّها مصاديق له، منها:

1 ـ البِرّ بالمؤمنين وإدخال السرور عليهم. فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «مَن سرّ مؤمناً فقد سرّني ومن سرّني، فقد سرّ الله عزّوجل»([54]).

2 ـ إقراض المؤمنين، لأجل سدّ حاجاتهم ولحفظ ماء وجه المؤمن، وقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر وصلة، الإخوان بعشرين، وصلة الرحم بأربعة وعشرين»([55]).

3 ـ ردّ الإساءة بالإحسان، وهذه لها شواهد كثيرة في حياة أهل البيت(عليهم السلام) جرّاء تعرّضهم لبعض المضايقات من قبل بعض الجهلة، وهو من أعلى درجات الإحسان، وقد أشار القرآن الكريم إلى مستوى ودرجة هذا الإحسان في وصف بعض المؤمنين (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ )([56]).

وقد ورد عنهم(عليهم السلام) روايات عديدة تؤكّد على ضرورة الالتزام بهذا الخلق، فعن علي بن الحسين(عليه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأوّلين والآخرين على صعيد واحد، ثمّ ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس فتتلقّاهم الملائكة، فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنّا نَصِل مَن قطعنا ونعطي من حَرمنا، ونعفو عمّن ظلمنا، قال: فيُقال لهم: صدقتم ادخلوا الجنة»([57]).

4 ـ إطعام الطعام وبذله ودعوة الناس إليه، وقد وردت روايات عديدة عن أهل البيت(عليهم السلام) في فضل هذا العمل وأهميته.

فعن أبي عبدالله(عليه السلام)، عن أبيه(عليه السلام)، عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «الرزق أسرع إلى مَن يطعم الطعام من السِكِّين في السنام»([58]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «من المنجيات: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام»([59]).

5 ـ التنازل عن الحقوق المستحقّة، من قبيل: العفو والصفح والمغفرة للمسيء; خصوصاً عند القدرة على العقاب وأخذ الحق، وقبول عذر المعتذر، وتجليل الميّت والحي من الدين، وانتظار المعسر وإبرأه، وقد ورد حثّ من قبل القرآن الكريم على التحلّي بهذا الخلق، مضافاً إلى ما ورد عن أهل البيت(عليهم السلام) أيضاً.

قال تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ )([60]).

وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «عليكم بالعفو فإنّ العفو لا يزيد العبد إلاّ عزّاً، فتعافوا يعزّكم الله»([61]).

وروي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في وصيّته لولده محمد بن الحنفية، قال: «لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب، لعلّ له عذراً وأنت تلوم به، اقبَل من متنصل عذراً، صادقاً كان أو كاذباً فتنالك الشفاعة»([62]).

وعن الحسن بن خنيس قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إنّ لعبدالرحمن بن سيابة ديناً على رجل قد مات، وكلّمناه أن يحلّله فأبى، فقال: «ويحه! أما يعلم أنّ له بكل درهم عشرة إذا حلّله، فإذا لم يحلِّله فإنّما له درهم بدل درهم»([63]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «صعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أيُّها الناس، ليبلّغ الشاهد منكم الغائب، ألا ومَن أنظر معسراً كان له على الله عزّوجلّ في كلّ يوم صدقة بمثل ما له حتى يستوفيه»، ثمّ قال أبو عبدالله(عليه السلام): (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَة فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)([64])، إنّه معسر فتصدّقوا عليه بما لكم عليه فهو خير لكم»([65]).

ولا يخفى أنّ انعكاسات ومعطيات هذه الاُمور ودورها في الحياة الاجتماعية أكثر إشباعاً لكلّ الطموحات التي اتّجهت نحو تحقيق هذا الهدف، وهو وحدة المجتمع الإسلامي الشيعي.

وفي هذا المسار جاءت بيانات أهل البيت(عليهم السلام) مشفوعة بتحديد وبيان معالم هذه الوظائف الاجتماعية بصورة تفصيلية دقيقة، مما يؤكّد أهمية هذه الوظائف وضرورة التحلي بها، لا سيّما في هذا العصر الذي نحن بأمسّ الحاجة فيه للاتصاف بمثل هذه الأخلاق الفاضلة التي رسمها لنا أهل بيت العصمة والطهارة(عليهم السلام).

هذا العصر الذي عُطّلت فيه الحدود وذلّ فيه المؤمنون واُمر بالمنكر ونُهي عن المعروف، وتواخى الناس على الفجور، وتهاجروا على الدين، وتحابّوا على الكذب، وغار الصِدق، وفاض الكذب، واستعملت المودّة باللسان، وتشاجر الناس بالقلوب وصار الفسوق نسباً، والعفاف عجباً، ولبس الإسلام لبس الفر ومقلوباً...([66]).

إذن ينبغي علينا أن نتكاتف فيما بيننا لإصلاح مجتمعنا والحفاظ على وحدته; لكي نكون قادرين على الصمود مواجهة الأعداء. فما علينا إلاّ أن نعدّ القوّة: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَااستَطَعْتُم مِن قُوَّة...)([67]) وما هو السبيل لذلك إلاّ بالالتزام بما أمرنا به ديننا وأهل بيت النبوّة(عليهم السلام) الذين شخّصوا لنا هذا العلاج المجدي; لكي نكون مرضِيِّين عند ربّنا وعند إمام زماننا(عليه السلام)، وأن نكون في مستوى تحمّل المسؤولية، وعلى اُهبة الاستعداد لليوم الذي أوعدنا به الله عزّوجل بظهور إمامنا(عليه السلام) لنشر العدل وقمع الظلم والظالمين.

وممّا ينبغي الإشارة الى وجود وظائف اُخرى مهمة لها دور أيضاً في حفظ الإلفة والوحدة الاجتماعية للشيعة، نكتفي بالإشارة المفهمة السريعة لها، وعدم التعرّض إلى تفاصيلها; مراعاةً للإختصار، من قبيل: الالتزام بأداء الواجبات والابتعاد عن المحرّمات والإرتباط بالله تعالى، والتوكّل عليه عزّوجلّ، وحسن الظنّ به، والخوف والرجاء منه تعالى.

فعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «وَجَدنا في كتاب عليٍّ(عليه السلام) أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قال على منبره: «والذي لا إله إلاّ هو ما اُعطي مؤمن قطّ خير الدنيا والآخرة إلاّ بحسن ظنّه بالله، ورجائه له، وحسن خلقه، والكفّ عن اغتياب المؤمنين. والذي لا إله إلاّ هو لا يعذِّب الله مؤمناً بعد التوبة والاستغفار إلاّ بسوء ظنّه بالله وتقصير من رجائه له، وسوء خلقه، واغتياب المؤمنين. والذي لا إله إلاّ هو لا يحسن ظنّ عبد مؤمن بالله إلاّ كان الله عند ظنّ عبده المؤمن; لأنّ الله كريم بيده الخير يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظنّ ثمّ يخلف ظنّه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظنّ وارغبوا إليه»([68]).

وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «كان فيما أوصى به لقمان لابنه أن قال: يابُنيَّ، خِفِ الله خوفاً لو جئته ببرّ الثقلين خِفت أن يعذبك الله، وارجُ الله رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر الله لك»([69]).

وكذلك من الصفات والمميزات التي لها دور في حفظ الإلفة والمحبّة والوحدة الاجتماعية لأبناء المجتمع الشيعي: أن يكونوا على درجة عالية من التواضع والعفّة والحلم والعفو والرفق وكظم الغيظ والصبر والزهد والقناعة والورع عن المحارم والحياء والصدق وأداء الأمانة والاستقامة، إلى غيرها من الصفات التي لها آثار مهمة وكبيرة على المجتمع وحفظ إلفته ووحدته.

فعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة، وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكّون أموالهم، ويحجّون البيت، ويجتنبون كلّ محرّم»([70]).

 

 

 

الإجراءات الوقائية لحفظ الالفة والوحدة الاجتماعية:

هنالك مجموعة من الإجراءات والتدابير الوقائية ينبغي الالتفات إليها; لأنّها لو تركت سوف تمزّق الإلفة والمحبة والوحدة الاجتماعية للمجتمع، لاسيّما في عصر الغيبة الذي تتضاعف فيه المشكلات والفتن; لأنّه عصر التمحيص والبلاء; ولذا لابدّ من الوقوف بوجه هذه المخاطر واستقبالها بوجه مشرق وبروح مطمئنّة هادئة وفق المنهج القويم الذي رسمه لنا أهل البيت(عليهم السلام); لعلاج هذه الأمراض التي تفتك بالمجتمع، لذا لابدّ من الابتعاد عنها والحدّ من تأثيراتها، وسوف نشير إلى جملة منها بنحو الاختصار مُراعاةً لعدم الإطالة:

1 ـ الغيبة والبهت: قال تعالى : (ولاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ)([71]).

وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: «مَن روى على مؤمن رواية يريد بها شَينه وهدم مروءته، ليسقط من أعين الناس، أخرجه الله عزّوجل من ولايته إلى ولاية الشيطان»([72]).

ولا يخفى أثرها على المجتمع، لأنّها تفكك العلاقات بين أبناء المجتمع، وتبذر سموم الفِرقة والبغض في صفوف المؤمنين، وتعكّر جوّ المحبّة; لأنّه باغتياب المؤمن يعني أنّ المُغتاب يريد عزل هذا المؤمن من المجتمع وابتعاده عنه، هذا مضافاً إلى ما لها من الآثار والمساوئ الروحية والوضعية.

2 ـ السباب: عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا تسبّوا الناس فتكتسبوا العداوة بينهم»([73]).

3 ـ خُلف الوعد: عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: «عِدَة المؤمن أخاهُ نَذْرٌ لا كفارة له، فمن أخلف فبخُلف الله بدأ، ولمِقته تعرّض، وذلك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ)([74])»([75]).

4 ـ الكذب: قال تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ )([76])، وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إنّ الله عزّوجل جعل للشر أقفالا وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، والكذب شر من الشراب»([77]).

5 ـ الحسد: وهو من أبشع الرذائل، وأسوأ الانحرافات الخلقية، ويكفي فيه أنّ الله تعالى أمر بالاستعاذة من الحاسد بعد الاستعاذة من شرّ ما خلق، حيث قال: (وَمِنْ   شَرِّ حَاسِد إِذَا حَسَدَ )([78]).

وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم لأصحابه:  «ألا إنّه قد   دبَّ إليكم داء الاُمم من قبلكم وهو الحسد، ليس بحالق الشعر، لكنّه حالق الدين»([79]).

6 ـ الحَمية والعصبية: حيث نهى الشارع ـ في العلاقات الاجتماعية  ـ عن التأثّر بالعصبية لغير الحقّ.

فعن الإمام الصادق(عليه السلام)، عن جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «مَن تعصّب أو تُعصِّبَ له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه»([80]).

7 ـ المِراء والخصومة ومعاداة الرجال: فقد نهى الشارع عنها; لأنّها تُثير الشحناء والتباغض، وتُفسد العلاقات الاجتماعية.

فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ما كاد جبرائيل يأتيني إلاّ قال: يامحمد اتّقِ شحناء الرجال وعداواتهم»([81]).

8 ـ الغضب: كذلك حذّر الشارع المقّدس وأهل البيت(عليهم السلام) من الغضب; وما يترتّب عليه من آثار سيئة على العلاقات الاجتماعية.

فعن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «الحِدّة ضرب من الجنون; لأنّ صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم»([82]).

9 ـ حبّ الرئاسة: كما حذّر أهل البيت(عليهم السلام) من هذا الاتجاه; لأنّه يمثّل انعكاساً لهوى الإنسان وأحاسيسه، لما لها من آثار سلبية على المجتمع، لا سيّما مع عدم الوثوق بالعدل بين الناس.

وعن عبدالله بن مسكان قال: سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: «إيّاكم وهؤلاء الرؤساء الذين يترأّسون، فوالله ما خفقت النعال خلف الرجل إلاّ هلك وأهلك»([83]).

10 ـ المكر والخديعة والغدر: كما حذّر أهل البيت(عليهم السلام) من المكر والخديعة والغدر بين المسلمين; لما له الأثر السيِّئ في تفكّك العلاقات الاجتماعية وإثارة الشحناء والبغضاء بينهم.

فعن أمير المؤمنين(عليه السلام) وهو يخطب على المنبر بالكوفة: «ياأيّها الناس، لولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس، ألا إنّ لكل غدرة فجرةً، ولكلّ فجرة كَفرةً، ألا وإنّ الغدر والفجور والخيانة في النار»([84]).

وعن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): ليس منّا مَن ماكر مسلماً»([85]).

11 ـ الطمع والكسل والسفه: كذلك حذّر أهل البيت(عليهم السلام) من الطمع والكسل والسفه; لما فيه من الآثار السيّئة على المجتمع، لأنّه يضيّع حقوق الآخرين، أو يوقع الإنسان المؤمن ذليلا في المجتمع، وهذا بدوره يساهم في عزله عن المجتمع وإفساد علاقة الجميع به.

فقد ورد عن أبي جعفر(عليه السلام) أنّه قال: «بئس العبد عبد يكون له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذلّه»([86]).

وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) قال: «رأيت الخير كلّه قد اجتمع في قَطع الطمع عمّا في أيدي الناس»([87]).

وفي ذمّ الكسل، فقد ورد عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لعلي(عليه السلام): «وإن كسلت لم تؤدِّ حقاً»([88]).

وكذا قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): «لأنّه إذا كسل فقد ضيّع الحقوق»([89]).

وقد ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) ـ في ذمّه للسفه ـ قوله: «إنّ السفه خلق لئيم، يستطيل على مَن هو دونه، ويخضع لمن هو فوقه»([90]).

وكذا ورد عنه(عليه السلام) قوله: «إنّ أبغض خلق الله عبدٌ اتّقى الناس لسانه».

وكذا قوله(عليه السلام): «مَن كافأ السفيه بالسفه فقد رضي بما أتى إليه، حيث احتذى مثاله»([91]).

مضافاً إلى وجود صفات اُخرى ينبغي الاجتناب عنها، كسوء الظنّ، وسوء الخلق وغيرها.

ولا يخفى أثر ودور هذه الإجراءات الوقائية للتخلّص من هذه الأمراض التي تؤدي إلى فصم الروابط والعلاقات بين أفراد المجتمع، وتبعثر طاقاته، وتفرّق شملهم، وتوهن أواصر الإخاء بينهم، فيصبحوا بالتالي مثالا للتخلّف والهوان والعنف.

ولا يخفى أيضاً أنّ أهمية التجنب عن هذه الأمراض ـ التي تُثير الأحقاد والضغائن بين المؤمنين ـ تكون مضاعفة في هذا العصر الذي نرى ما نرى فيه من المصائب والويلات التي حلّت في ديار الإسلام; من جفاء الإخوان، وعقوق الوالدين، وهجر الدين، وكثرة التباغض بين المؤمنين.

وينبغي أن يعلم أن التمحيص والبلاء من حكمة الله تعالى، لأنّه من خلال ذلك سيظهر المخلصون الذين ينصرون إمامنا صاحب الزمان(عليه السلام)، وعليه فينبغي علينا أن نتكاتف ونتعاون على بناء مجتمعنا وإصلاحه بعد إصلاح أنفسنا; لكي نكون أقوياء الإرادة والعزم على مواجهة كلّ المخاطر، ونكون مؤهّلين لنصرة إمامنا صاحب الأمر(عليه السلام).

 

ثانياً ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

تعتبر وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهمّ التكاليف الإلهية، التي  لها تداعيات وآثار اجتماعية عظيمة، ]وقد عدّها الله سبحانه من مشخصات هذا الدين واُسسه التي بُني عليها، (قُلْ هذِهِ سَبِيلي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ  عَلَى بَصِيرَة أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي )([92])، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة أُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )([93])... فعلى المؤمن أن يدعو الله على بصيرة وأن يأمر بالمعرف وينهى عن المنكر على سبيل أداء الفرائض الإلهية....

وعلى هذا الأساس نجد أنّ أهل البيت(عليهم السلام) قد أكّدوا على هذه الوظيفة العظيمة من خلال توجيه شيعتهم وأتباعهم، وضرورة الالتزام بها.

ولذا نجد أنّ أهم شعار من شعارات ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث قال(عليه السلام) في خروجه متوجّهاً الى العراق: «إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر...»([94]).

وقد ذكر الفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ شروطاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أهمّها: معرفة المعروف والمنكر، واحتمال التأثير، وأن لايكون  الفاعل مصرّاً على ترك المعروف، وارتكاب المنكر، وأن لا يلزم العزّ في النفس والمال وفي العرض على الآمر وعلى غيره من المسلمين([95]).

إذن فوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي، ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية.

 

دور وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عصر الغيبة:

لوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دور أساسي في عصر الغيبة، الذي تكثر فيه الفتن وادّعاءات الضلال والفساد في المجتمع، وعلى هذا الأساس تنبثق أهمية هذه الوظيفة باعتبارها علاجاً مجدياً لتلك الأمراض المتفشية في المجتمع، ويمكن الإشارة إلى أهم آثار هذه الوظيفة من خلال النقاط التالية :

1 ـ من خلال وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمكن حفظ المجتمع من الإنحراف والسقوط في الظلال، أما إذا تركت هذه الوظيفة فيبدأ المجتمع بالانحدار حتى ينتهي حال يُغزى وهو في عقر داره ويكون فريسة سهلة لكلّ طامع وغاصب، كما ورد عنه الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه قال: «لَتَأمُرنّ بالمعروف ولَتَنهُنَّ عن المنكر، أو ليستعلمنّ عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم»([96]).

2 ـ من خلال وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تكتمل النفوس وتهذيبها; لأنّه من خلال ممارسة هذه الوظيفة تتزيّن النفس بالفضائل والكمالات، وتكون ملكة راسخة في شخصية ونفس المؤمن وهذا بدوره ساهم في حصول درجات أعلى من الإخلاص من خلال التجارب والثبات والصبر على الابتلاء وبذلك يكون المؤمن والمجتمع مهيئاً للمشاركة في مسؤوليات اليوم الموعود، فضلا عن مساهمته في تعجيل الظهور.

3 ـ تساهم هذه الوظيفة العظيمة على تقوية أواصر العلاقة بين أفراد المجتمع الشيعي.

4 ـ إنّ الإخلال بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُخلّ النظام في المجتمع ويصل إلى درجة أنّه يُرى المعروف منكراً والمُنكر معروفاً.

فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟!»، فقيل له: ويكون ذلك يارسول الله؟ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «نعم، فقال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف؟»، فقيل له: يارسول الله ويكون ذلك؟ فقال: «نعم، وشرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً»([97]).

5 ـ بالعمل بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُنال الثواب العظيم والرضوان الإلهي، ويتحقق رضا رسوله الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته(عليهم السلام).

6 ـ من خلال العمل بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتّضح ملامح الظلم بشكل أوسع، ومن ثمّ يتم تناقله بين أفراد المجتمع، ومِن ثمّ يحصل اليقين والقطع لدى كلّ أبناء المجتمع بزيفِ مُدّعِ العدل وكفّ فضائحهم، ويحصل اعتقاد لدى المجتمع بأنّ العدل لا يتحقق إلاّ بقيادة الإمام المهدي(عليه السلام).

إذن فوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم وأهم الواجبات الاجتماعية في عصر الغيبة، ولا غرابة في ذلك بعد اتّضاح كونها من وظائف الأنبياء والصالحين.

فعن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: «إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة بها تُقام الفرائض، وتؤمّن المذاهب، وتُحلّ المكاسب، وتُرد المظالم، وتعمّر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الأمر»([98]).

فلا ينبغي لنا ترك هذه الوظيفة في الوقت الذي نحن فيه بأمسّ الحاجة لذلك، فلنتعاون ونتعاضد ونبدأ من إصلاح أنفسنا، ثمّ عوائلنا وأبنائنا الذين هم أمانة في أعناقنا، فلا نتغافل عنهم ليقعوا لقمة سائغة بيد اُولئك الظالمين الذين يتربّصون بنا الدوائر.

ولا يخفى أنّ هذه الوظيفة لا يمكن أن تتحقق في المجتمع وتؤتي ثمارها من دون تعاون وتعاضد، ولعلّه من هنا أمر القرآن الكريم بأن تكون اُمة قائمة بهذا العمل، وحيث إنّ الاُمّة معناها الجماعة لذا لا يمكن ترك المتصدّي وحده وسط هذه الغابة من المصاعب والمفاسد.

فليضع أحدنا يده بيد الآخر لبناء مجتمعنا والمحافظة عليه من شياطين الجنّ والإنس; لنكون مؤدّين لمسؤوليتنا ووظيفتنا أمام الله سبحانه وتعالى، مناصرين وعاملين على خطّ إمامنا صاحب الأمر والزمان الذي يطّلع علينا في كلّ شاردة وواردة قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )([99]).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ الإسلام يقود الحياة، تأليف السيد الشهيد محمد باقر الصدر : ص38، طبعة وزارة الإرشاد .

[2] ـ نهج البلاغة: 13، الخطبة الاُولى.

[3] ـ الميزان في تفسير القرآن : 2/71 .

[4] ـ تاريخ مدينة دمشق: 39/354، (صدره) إلاّ انه ذكر (متفرقة) بدل (مختلفة)، دراسات في نهج البلاغة: 240، (ذيله).

[5] ـ الكافي: 2/151 ح5، عنه البحار: 71/114 ح73، وص105 ح68، عن عدة الداعي: 111.

[6] ـ الاسراء: 23 .

[7] ـ الجعفريات: 187، عنه المستدرك: 9/152 ح1 .

[8] ـ أمالي المفيد: 237 ح1، أمالي الطوسي: 14 ح17، عنهما البحار: 70/373 ح7.

[9] ـ تفسير القمي: 2/281، عنه البحار: 6/308 ضمن ح6، والوسائل: 15/349 ضمن ح22.

[10] ـ الكافي: 8/41 ضمن ح7، عنه البحار: 52/259 ضمن 147.

[11] ـ تفسير القمي: 2/280، عنه البحار: 6/306 ضمن ح6، والوسائل: 15/348 ضمن ح22.

[12] ـ الاحتجاج: 2/602 ضمن ح360، عنه، بحار الأنوار: 53/177 ح8 .

[13] ـ أمالي الصدوق: 65 ذيل ح30، عنه البحار: 38/91 ح4، مائة منقبة: 46 منقبة: 22.

[14] ـ الكافي : 1/389/1 .

[15] ـ الكافي: 1/198، عنه البحار: 25/131.

[16] ـ الكافي: 2/151 ح7، والآية: 1 في سورة النساء .

[17] ـ أمالي الطوسي: 232 ح410، عنه بحار الأنوار : 52/122/5 .

[18] ـ الكافي: 2/175 ح4، عنه الوسائل: 12/215 ح2، أبواب العشرة ب124.

[19] ـ الكافي: 2/175 ح3، عنه الوسائل: 12/216 ح5، أبواب العشرة ب124.

[20] ـ تحف العقول : 131.

[21] ـ الكافي :  2/189/ 6 .

[22] ـ من لايحضره الفقيه : 2/73/ 1767 .

[23] ـ روضة الكافي : 8/102 /73 .

[24] ـ الكافي: 2/196/14، عنه وسائل الشيعة : 16/357، أبواب فعل المعروف، ب25، ح3 .

[25] ـ الكافي: 2/194/7، عنه، وسائل الشيعة : 16/358، أبواب فعل المعروف ب25 ح4.

[26] ـ الكافي: 2/193/5، عنه وسائل الشيعة 16/358، أبواب فعل المعروف ب25، ح 5 .

[27] ـ الكافي : 2/196 ح13، عنه وسائل الشيعة: 16/360 ، أبواب فعل المعروف ب25 ح9 .

[28] ـ الكافي : 2/164/4 .

[29] ـ أمالي الطوسي: 84/125، عنه وسائل الشيعة 16/382، أبواب فعل المعروف، ب25، ح7.

[30] ـ الكافي: 2/208/1، عنه وسائل الشيعة 16/381، أبواب فعل المعروف، ب25، ح1.

[31] ـ الكافي: 2/638/2، عنه وسائل الشيعة : 12/24، أبواب أحكام العشرة، ب12، ح1.

[32] ـ الكافي: 2/639/5، عنه وسائل الشيعة: 12/25، أبواب أحكام العشرة، ب12، ح2.

[33] ـ المحاسن: 2/440 ح2527، عنه وسائل الشيعة: 12/25، أبواب أحكام العشرة، ب12، ح3.

[34] ـ نهج البلاغة: 581، القسم الثاني الرقم 47 .

[35] ـ الكافي: 2/209/1، عنه وسائل الشيعة: 18/439، أبواب الصلح، ب1 ح2.

[36] ـ الخصال: 1/113/20، عنه وسائل الشيعة: 12/252، أبواب أحكام العشرة، ب141، ح2.

[37] ـ الكافي: 2/341/16، عنه وسائل الشيعة: 12/254، أبواب أحكام العشرة، ب1، ح6.

[38] ـ الكافي: 2/175/1، عنه وسائل الشيعة: 12/215، أبواب أحكام العشرة، ب124، ح1.

[39] ـ الكافي: 2/186/2، عنه وسائل الشيعة: 16/346، أبواب فعل المعروف، ب23، ح3.

[40] ـ الكافي: 2/178/14 .

[41] ـ الكافي: 2/187/5، عنه وسائل الشيعة: 16/347، أبواب فعل المعروف ب23 ح5.

[42] ـ أمالي الطوسي: 224/390، عنه وسائل الشيعة: 16/348، أبواب فعل المعروف ب23 ح10.

[43] ـ الكافي: 2/175/2 .

[44] ـ عيون أخبار الرضا(عليه السلام): 1/275، ح69.

[45] ـ كمال الدين: 484/4، عنه وسائل الشيعة: 27/140، أبواب صفات القاضي، ب11، ح9.

[46] ـ الكافي: 1/67/10، وج7/412 ح5، من لا  يحضره الفقيه: 3/8 ح3233، التهذيب: 6/218 ح6، وص301 ح52، الاحتجاج: 2/261، عنه البحار: 2/106.

[47] ـ الكافي: 1/407 ، ح8 .

[48] ـ الكافي: 2/103/5 .

[49] ـ الكافي: 2/103/4 .

[50] ـ الكافي: 2/100/8.

[51] ـ الكافي: 4/26/1، عنه وسائل الشيعة: 16/285 أبواب فعل المعروف، ب1 ح 2 .

[52] ـ علل الشرائع: 2/330/73، عنه وسائل الشيعة: 16/289، أبواب فعل المعروف، ب1، ح13.

[53] ـ ثواب الأعمال: 204، عنه وسائل الشيعة: 16/290، أبواب فعل المعروف، ب1، ح15.

[54] ـ الكافي: 2/188/1، عنه وسائل الشيعة16/349، أبواب فعل المعروف، ب24، ح1.

[55] ـ الكافي: 4/10/3، عنه وسائل الشيعة: 16/319، أبواب فعل المعروف، ب11، ح5.

[56] ـ الرعد: 21 .

[57] ـ الكافي: 2/108/4، عنه وسائل الشيعة: 12/173، أبواب أحكام العشرة، ب113، ح2.

[58] ـ الكافي: 4/51/10، عنه وسائل الشيعة: 16/331، أبواب فعل المعروف، ب16، ح8.

[59] ـ الكافي: 4/51/5، عنه وسائل الشيعة: 16/330، أبواب فعل المعروف، ب16، ح5.

[60] ـ الشورى: 40 .

[61] ـ الكافي: 2/108/5، عنه وسائل الشيعة: 12/170، أبواب أحكام العشرة، ب112، ح2.

[62] ـ من لا  يحضره الفقيه: 4/391/5834، عنه وسائل الشيعة: 12/217، أبواب أحكام العشرة، ب125، ح2.

[63] ـ الكافي: 4/36/1، عنه وسائل الشيعة16/321، أبواب فعل المعروف، ب13، ح1.

[64] ـ البقرة: 280.

[65] ـ الكافي: 4/35/4، عنه وسائل الشيعة: 16/320، أبواب فعل المعروف، ب12، ح4.

[66] ـ شرح نهج البلاغة: 7/130.

[67] ـ الانفال: 60.

[68] ـ الكافي: 2/72/2، عنه وسائل الشيعة: 15/230، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب16، ح3.

[69] ـ أمالي الصدوق: 766/1031، عنه وسائل الشيعة: 15/217، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب13، ح6.

[70] ـ صفات الشيعة: 163، عنه، بحار الأنوار: 65/167/23 .

[71] ـ الحجرات: 12 .

[72] ـ الكافي: 2/358/1، عنه بحار الأنوار: 72/168/40.

[73] ـ الكافي: 2/360/3.

[74] ـ الصفّ: 2 ـ 3.

[75] ـ الكافي: 2/363/1.

[76] ـ النحل: 105 .

[77] ـ الكافي: 2/338/3 .

[78] ـ الفلق: 5.

[79] ـ أمالي المفيد: 344 ح8، وأمالي الطوسي: 117 ح182، عنهما البحار: 70/253 ح20.

[80] ـ الكافي: 2/308 ح2 .

[81] ـ الكافي: 2/301/5، عنه وسائل الشيعة: 12/238، أبواب أحكام العشرة، ب136، ح1.

[82] ـ  نهج البلاغة: 705 ح255، عنه البحار: 70/266 ح20 .

[83] ـ الكافي: 2/297 ح2، عنه وسائل الشيعة: 15/351، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، ب50، ح5.

[84] ـ الكافي: 2/338/6، باب المكر والغدر والخديعة.

[85] ـ الكافي: 2/337/3.

[86] ـ الكافي: 2/320/2، عنه وسائل الشيعة: 16/24، أبواب جهاد النفس، ب67، ح2.

[87] ـ الكافي: 2/148/3، عنه وسائل الشيعة: 16/24، أبواب جهاد النفس، ب67، ح3.

[88] ـ الكافي: 2/85/5، عنه وسائل الشيعة: 16/22، أبواب جهاد النفس، ب66، ح2.

[89] ـ علل الشرائع: 2/211/1، عنه وسائل الشيعة: 16/23 أبواب جهاد النفس، ب66، ح3.

[90] ـ الكافي: 2/322/1.

[91] ـ الكافي: 2/322/2.

[92] ـ يوسف : 108 .

[93] ـ آل عمران : 110 .

[94] ـ البحار: 44/329، وعوالم العلوم: 17/179، المجالس السنيّة: 1/57 .

[95] ـ راجع منهاج الصالحين للسيد الخوئي(قدس سره): 1/351 .

[96] ـ الكافي: 5/56/3، عنه وسائل الشيعة: 16/118، أبواب الأمر والنهي، ب1، ح4.

[97] ـ تحف العقول: 49، عنه بحار الأنوار: 74/153 ح121.

[98] ـ الكافي: 5/55 ضمن ح1، عنه وسائل الشيعة: 16/119، أبواب الأمر والنهي، ب1، ح6.

[99] ـ الأنعام: 153 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page