طباعة

حديث الإ نذار

حديث الإ نذار

 

 

بعد سنوات ثلاث من مبعث الرسول (ص) بدأت مرحلة صعبة وخطيرة، وهي مرحلة الدعوة العلنيّة، وقد بدأت على نطاق ضيّق، حيث أمر الله تعالى نبيّه (ص) أن ينذر عشيرته قائلا ً: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[1] .

فقد جاء في تاريخ ابن الاثير عن عليّ (ع) أنـّه قال ملخّصا ً: “لمّا نزلت هذه الآية دعاني النبي (ص) وأمرني أن أصنع صاعا ً من الطعام وأجعل عليه رجل شاة، وأملأ عسّا ً من لبن، وأن أجمع بني عبد المطلب. ففعلت ما أمرني, ثمّ دعوتهم وهم أربعون رجلا ً, فأكلوا من ذلك الطعام وشربوا من العس حتـّى شبعوا ورووا جميعا ً. فلمّا أراد أن يكلـّمهم الرسول (ص) بدره أبو لهب إلى الكلام، وقال: لعلـما سحركم به صاحبكم. فتفرّق القوم ولم يكلـّمهم (ص). فلمّا كان الغد أمرني الرسول (ص) بنفس ذلك ودعوتهم فلمّا أكلوا وشربوا تكلّم الرسول (ص) فقال: يا بني عبد المطلب إنّي والله ما أعلم شابّا ً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا  جئتكم به، لقد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني أن أدعوكم إليه فأيّكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم...؟ فأحجم القوم عنها جميعا ً، وإنـّي لأحدثهم سنّا ً، وأرمصهم عينا ً... فقلت: أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: هذا أخي ووصيّ وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا.

قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع...![2]  

وما انتهى هذا الاجتماع التاريخي الخطير إلا وحقـّق مكاسباً كثيرة وتحوّلاً كبيراً؛ إذ «أسلم يومئذ جعفر بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، وأسلم خلق عظيم، وظهر أمرهم وكثرت عدّتهم، وعاندوا ذوي أرحامهم من المشركين»[3] .


 

 


 

[1] الشعراء: 214.

[2] الكامل في التاريخ 2: 41. ووردت هذه القضية في تاريخ الطبري 2: 63؛ مختصر تاريخ أبي الفداء 2: 14؛ شواهد التنزيل 1: 372؛ تاريخ ابن عساكر 1: 87؛ شرح النهج للمعتزلي 13: 244؛ حياة محمّد (لهيكل): 286 الطبعة الا ُولى. وغيرهم الكثير الكثير.

[3] تاريخ اليعقوبي 2: 27