طباعة

لمحة موجزة عن تاريخ المدينة والوضع الاجتماعي السائد فيها

لمحة موجزة عن تاريخ المدينة والوضع الاجتماعي السائد فيها

 

 

كانت المدينة المنوّرة قبل الهجرة النبوية تسمّى « يثرب» وسميّت «مدينة الرسول»، وسكّانها قبل الإسلام من العرب الوثنيّين واليهود، وهي منطقة زراعية تبعد عن مكـّة بأربعمائة وخمسين كيلومترا. وكانت المدينة قبل الإسلام مسرحا ً لنزاع بين قبيلتي الأوس والخزرج، حيث كان بينهما أحقاد وحروب دامية وطويلة، وكان اليهود يغذ ّون هذا الصراع ويشعلون نار الحقد والبغضاء بينهما.

وبعد انتشار الإسلام في المدينة، وأصبحت له قوّة اجتماعية وعسكريّة وسياسية، بدأ النفاق يظهر فيها على شكل تكتــّل سياسي وفكري، وحينئذ برزت ثلاث قوى فيها:

1-   المسلمون: وهم القوّة المهمّة فكريّا ً وسياسيا ً وعسكريّا ً، وهي مكوّنة من المهاجرين والأنصار، وأهم أعمالهم الزراعة والرعي، وكانوا في خصومة فكرية وسياسية، بل عسكريّة مع اليهود والمنافقين.

2-   اليهود: وهم القوة الثانية بعد المسلمين، وكان من أبرز قبائلهم بنو قينقاع وبنو قريظة وبنو النضير وكانوا يسكنون خيبر والمدينة، وكانوا يشتغلون بالصياغة وبيع الذهب ويملكون النخيل والأراضي، وقد تآمروا على الإسلام عدّة مرّات حتـّى حاولوا قتل النبيّ (ص) بالسّم.

3-   المنافقون: وهم القوّة الثالثة في المدينة، والمنافقون هم الذين أظهروا الإسلام خوفا ً وطمعا ً وأبطنوا الكفر في نفوسهم، فكانوا يحالفون اليهود والمشركين ضد المسلمين، وكانوا يثيرون الفتن والخلافات بين المسلمين، وكانوا قوّة هدّامة في بداية الهجرة النبوية. ومن أبرز قادتهم عبد الله بن    أ ُبي بن سلول، وقد نزلت فيهم آيات كثيرة.

 

ومن أهم الأعمال التي مارسها المنافقون مع حلفائهم اليهود ضدّ الدولة الإسلاميّة الفتيّة ما يلي:

 

1-   الحرب الإعلاميّة:

فقد شنّ اليهود مع حلفائهم المنافقين حربا ً نفسيّة وأثاروا إشاعات كاذبة لإضعاف كيان الدولة الإسلاميّة الحديثة التأسيس، والنيل من قوّة المسلمين ووحدتهم، وبث الرعب والشكوك في نفوسهم، بل مارسوا عمليّة شق الصف الإسلامي وأثاروا الفتن والاختلافات وذلك بقيادة عبد الله بن ا ُبي بن سلول.

  

2-   الخذلان العسكري:

وحدث ذلك في معركتي اُحد والأحزاب، فقد خرج المسلمون من المدينة بجيش قوامه ألف مقاتل ليصدّ هجوم المشركين، وما إن خرجوا منها حتـّى تحرّك رأس النفاق عبدالله بن اُبي بن سلول، وشقّ جيش المسلمين فَخَذَل ثـُلثَ الجيش ورجعوا إلى المدينة؛ لكي يضعفوا المسلمين ويمكـّنوا المشركين منهم، فزرعوا روح الضعف والهزيمة في المسلمين.

 

3-   بناء مسجد ضرار والتنسيق مع دولة الروم:

اتـّفق المنافقون على بناء مسجد في بني عوف ليتـّخذوه مركزا ً للتجمّع والتآمر على المسلمين، وأعطوه صبغة المسجديّة وأنـّه مشروع خيري عبادي؛ ليغطـّوا على أعمالهم المعادية للإسلام، ولينسِّقوا مع دولة الروم للإغارة على المدينة وإسقاط الدولة الإسلامية التي أسّسها الرسول الأعظم (ص) . وكان الله تعالى لهم بالمرصاد؛ إذ أنزل قرآنا ً وسمّى ذلك المسجد (مسجدا ً ضرارا ً) وكشف مؤامرتهم، فأمر الرسول (ص) بحرق ذلك المسجد واستئصال تلك البؤرة الخبيثة، فاحرق المسجد وقـُضِيَ عليه. وكانت تلك الحادثة رادعا ً قوّيا ً للنفاق والمنافقين,  ودرسا ً وموعظة للإسلام والمسلمين.