طباعة

المؤاخاة بين المهاجرين والأ نصار وموادعة اليهود

المؤاخاة بين المهاجرين والأ نصار وموادعة اليهود

 

 

إنّ الإسلام هو دين الا ُلفة والمحبّة والتضامن والتعاون، ونبيّ الإسلام (ص) هو نبيّ الرحمة والمودّة والشفقة، فقد ورد انـّه (ص) لمّا أقام في المدينة واستتب أمره وضع خطـّة تضمّ جميع أطراف المدينة ومَن هاجر إليها من المسلمين ، وذلك لتوثيق أواصر المحبّة والتعاون بينهم، فكتب بذلك كتابا ً يكون بين المهاجرين والأنصار لتوحيد صفوفهم، ولكي يبعد أيّ اضطراب أو خيانة في مركز الدولة الإسلاميّة، ولكي يتوحّد الجميع في جميع الحالات من الشدّة والرخاء والسلم والحرب وغيرها.

فقد ورد عن أحمد بن حنبل وغيره: أنه (ص) آخى بين الناس، وترك عليّا ً حتـّى الأخير، حتـّى لا يرى له أخا ً؛ فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك وتركتني؟

فقال: إنّما تركتك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك، فإن ذكرك أحد فقل: أنا عبدالله وأخو رسوله، لا يدّعيها بعدك إلا كذّاب، والذي بعثني بالحق ما أخّرتك إلا لنفسي وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنـّه لا نبيّ بعدي، وأنت أخي ووارثي[1] .

وذكر المورّخون أنـّه (ص) بعد خمسة أشهر[2]  من إقامته في المدينة كتب كتابا ً أو وثيقة بينه وبين اليهود، أقرّهم فيها على دينهم وأموالهم، واشترط عليهم أن لا يعينوا عليه أحدا ً، وإن دهم أمرٌ فعليهم النصرة، كما أنّ على المسلمين ذلك في مقابله.

فكانت هذه الوثيقة بمثابة دستور عمل يتضمّن اُسس العلاقات في الدولة الفتيّة سواء كان في الداخل أو في الخارج.

قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله (ص) كتابا ً بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه اليهود[3]  وعاهدهم، وأقرّهم على دينهم وأموالهم، وشرط لهم، واشترط عليهم.


 

 


 

[1] انظر تذكرة الخواص: 23، عن أحمد بن حنبل.

[2] تاريخ الخميس 1: 353

[3] انظر السيرة النبوية لابن هشام 2: 147 – 150؛ البداية والنهاية 3: 224 – 226.