طباعة

غزوة بني النضير

غزوة بني النضير

 

 

لقد تآمر اليهود على النبيّ (ص) ورسالته منذ دخوله المدينة، ولم ينفكّوا عن تآمرهم، بل خطّطوا لقتله والتخلّص منه أكثر من مرّة، ولكنّ الله حاميه وحافظه من كيدهم، فقد كان سبب هذه الغزوة مؤامرة غدر من يهود بني النضير، إذ توجّه (ص) ومعه نفر من أصحابه إلى قريتهم للمطالبة بمشاركة المسلمين في دفع ديّةٍ لقتيلين تحمّل أحد المسلمين دفعها طبقا ً للإتـّفاق بين النبيّ (ص) واليهود في دفع الديّات. فاستجابوا له ظاهرا ً، ولكن لمّا خلا بعضهم إلى بعض دبّروا مؤامرة لاغتياله (ص)، وكان جالسا ً إلى جنب جدار دار لهم، وكانت المؤامرة أن يلقى حجر على الرسول (ص) من سطح تلك الدار، فأخبر الله نبيّه (ص) بالمؤامرة، فعاد إلى بيته ليوجّه لهم إنذارا ً بالخروج من المدينة، وقال لهم: «اخرجوا من بلدي... وقد أجّلتكم عشرا ً من الأيّام...».

فخاف اليهود وأرادوا الخروج، ولكن أرسل إليهم رأس المنافقين عبد الله بن   أ ُبي بن سلول أن لا تخرجوا، ووعدهم بالنصرة، وأنّ معه ألفين من قومه ومن غيرهم، فانخدع اليهود بوعد المنافقين وصدّقوهم، فرفضوا الخروج وأرسلوا إلى الرسول: إنّنا لا نخرج، إِفعل ما بدا لك. ولمّا وقف النبيّ (ص) على إصرارهم أمر أصحابه بالتوجّه إليهم عصرا ً وحاصر حصونهم، وكانت رايته مع الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، وقد قتلوا عددا ً من اليهود، واستمر الحصار خمسة عشر يوما ً، وبعدها طلبوا الصلح من رسول الله (ص) فصالحهم على أن يتركوا ما يملكون من أرض وذهب وفضّة وسلاح للمسلمين، ولهم ما حملت الإبل من متاع، فرضوا بذلك وخرجوا مدحورين مذمومين إلى بلاد الشام، وكانت تلك الواقعة بعد معركة اُحد بأربعة أشهر[1].

 


 

[1] انظر تاريخ اليعقوبي 2: 49.