طباعة

معركة الأحزاب "الخندق"

معركة الأحزاب "الخندق"

 

 

لقد ضيّق النبيّ (ص) على اليهود وبعض قبائل العرب، وغزا يهود بني قينقاع وبني النضير وأجلاهم من المدينة وشرّدهم في الآفاق، فهابته العرب والأطراف المجاورة للمدينة، حتـّى صار كثير الأعوان قويّا ً عزيزا ً، وصار الإسلام قوّة ضاربة مهابة.

فما الذي تصنعه قريش الذي أعياها أمر النبيّ (ص)؟ انـّها مدّت يدها إلى اليهود الذين أجلاهم النبيّ (ص) من المدينة، وأخذ أموالهم وممتلكاتهم، واستعانت بالأعراب الموجودين في مختلف أنحاء الجزيرة، فقد اتّصلت قريش باليهود وغطفان واتفقوا على مهاجمة المدينة، والقضاء على الإسلام، ولكن تسرّبت أنباء هذه المؤامرة إلى النبيّ (ص) فشاور أصحابه، فأشار عليه سلمان الفارسي (رض) بتحصين المدينة بخندق يحفر حولها، واستحسن الرسول (ص) ذلك الرأي، واستنفر المسلمين لحفر الخندق، واشترك (ص) معهم بعمليّة الحفر.

وأقبل المشركون من قريش ومَن تابعها من كنانة وأهل تهامة بعدّتهم وعددهم البالغ نحوا ً من عشرة آلاف مقاتل بين فارس وراجل حتـّى نزلوا بالجانب الآخر من الخندق. وسمّى القرآن هذا التجمّع بـ «الأحزاب». وجمع النبيّ (ص) أصحابه واستنفرهم للقتال وكان عددهم ثلاثة آلاف مقاتل، تعبّؤوا خلف الخندق بقوّة وشجاعة.

وكانت النتيجة أن نصر الله دينه، وأظهر نبيّه وهزم أحزاب الكفر، بعد أن طال الحصار، واشتد الخوف والبلاء على المسلمين حتى زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر. وكان سبب هذا الانتصار يعود إلى القيادة الحكيمة، والتخطيط العسكري المتمثل بحفر الخندق،  وضربة علي (ع) لأقوى رجلٍ من المشركين، ألا وهو عمرو بن عبد ودّ العامري، حتى قال (ص) «برز الإيمان كلـّه إلى الشرك كلـّه»، فجندله عليّ (ع) صريعا ً، ورجع برأسه إلى رسول الله (ص)، وقد وصف ذلك الرسول (ص) بقوله: « لَمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال اُمّتي إلى يوم القيامة»[1].

وبهذا انهارت قوّة قريش ويئسوا، وشعروا بالضعف والهزيمة.

هذا، مضافا ً إلى ما قام به نُعَيمُ بن مسعود الغطفاني الذي أسلم لتوّه من تخذيله المشركين، بأمر النبيّ (ص)، فخلق جوّا ً إعلاميّا ً واستخباريّا ً أثـّر في نفوس الكثير منهم.

كلّ هذه الأسباب أدّت إلى انتصار المسلمين وهزيمة المشركين.

 


 

[1] تاريخ بغداد 13: 19؛ مستدرك الصحيحين 3: 32.