طباعة

سلمان قبل إسلامه ورحلة البحث عن الحقيقة

سلمان قبل إسلامه ورحلة البحث عن الحقيقة

قال سلمان (رضي الله عنه وأرضاه):

(كنت ابن دهقان[1]  قرية جي من أصبهان، وبلغ من حب أبي لي أن حبسني في البيت كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتى صرت قطن بيت النار..)[2].

الذي يبدو من هذا النص أن سلمان اعتنق المجوسية في بادئ أمره عندما كان يعيش في ظل أبويه شأن أي إنسان يعتنق دين آبائه وأجداده حين لا يجد مندوحةً عن ذلك وحين يفتقد المرشد والموجّه ويعيش بعيداً عن آفاق المعرفة ومع هذا فإن ذلك لا يمكن جعله خدشةً في نقاء الذات التي كان يحملها سلمان ولا وصمةً في طهرها، سيما بعد أن يتضح لنا أن ارتباطه بالمجوسية كان شكلياً صورياً غير مستند إلى شيء من قناعاته كما سيأتي.

إلا أنه من المقطوع أن سلمان لم يعتنق المجوسية حتى في صباه، بل كان موحداً لله سبحانه، نعم حكمت عليه بيئته التي عاش فيها أن يرتبط بالمجوسية ارتباطاً شكلياً، كما ورد ذلك في الأحاديث المأثورة عن النبي الكريم وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.

من ذلك ما رواه الصدوق عن ابن نباتة عن علي (عليه السلام) في حديث جاء فيه: (حضرت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وسلمان بين يديه فدخل أعرابي فنحاه عن مكانه وجلس فيه. فغضب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتى در العرق بين عينيه واحمرتا عيناه ثم قال: يا أعرابي أتنحي رجلاً يحبه الله تبارك وتعالى في السماء ويحبه رسوله في الأرض.. إلى أن قال: إن سلمان ما كان مجوسياً، ولكنه كان مظهراً للشرك مبطناً للإيمان) [3].

وفي حدث الإمام الصادق (عليه السلام):

(إن سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين)[4].

قال الصدوق: إن سلمان ما سجد قط لمطلع الشمس، إنما كان يسجد لله عزّ وجلّ، وكانت القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقيّة، وكان أبواه يظنان أنه إنما يسجد للشمس كهيئتهم)[5].

أجل إن من يتتبع قصة إيمان هذا الرجل يلمس فيها شواهد على ذلك، وهو مصداق الآية الشريفة: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[6].

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] الدهقان: أمير البيدر أو أمير الفلاحين. وقطن بيت النار: سادنها والمشرف عليها.

[2] شرح النهج، ج18، ص36، ومضمون هذا النص متفق عليه لدى أغلب المؤرخين.

[3] لاحظ البحار، ج22، ص347.

[4] البحار، ج22، ص327.

[5] سلمان الفارسي، ص4.

[6] سورة الأنعام، الآية 79.